هناك فرق كبير بين تحليل شخصية الإنسان وتحليل موقفه، فالدراسات الحديثة في علم النفس تقول، إن هناك عوامل عديدة تتداخل في تكوين شخصية الإنسان مثل التربية والنشأة والتعليم والبيئة والعوامل البيولوجية مثل الوراثة والإصابة بأمراض مثل الحصبة والتيفود والجودري المائي أثناء الطفولة والإنفلونزا.
وهناك فرق كبير جدا بين تشخيص مريض نفسي وعلاجه، وبين فضحه وكشف سره على العلن، فتلك جريمة يعاقب عليها القانون، لأن هناك قوانين تتعلق بخصوصية المرضي، لا يمكن لأحد أن يتجاوزها أو يتجنى عليها.
والسؤال الذي يواجه الكثيرين الآن هو: هل ما قامت به ياسمين النرش التي تعرف بسيدة المطار، كان بسبب مرض نفسي أم تم تحت تأثير عوامل خارجة عن إرادتها؟
معظم الذين تحدثوا عما فعلته ياسمين عبر وسائل الإعلام المختلفة يرونها سيدة سيئة السلوك ومنحرفة ومستهترة، وهؤلاء يتبعون مدرسة تحليل الأشخاص من خلال سلوكهم في مواقف معينة، ويعتمدون على نظرية الانطباع الأول والتعميم، فإذا وجدوا أنك عنيف وعصبي في موقف سوف يحكمون عليك مباشرة أنك شخص عصبي وحاد المزاج، وتعتبر هذه المدرسة من أقدم مدارس التحليل النفسي، ولأنها مدرسة سهلة وسطحية لا تجعلك تفكر كثيرا فهي منتشرة وحاكمة.
لكن هل تستطيع أن تحكم على شخص من خلال فيديو لا تزيد مدته على عشر دقائق؟
بالتأكيد صعب.
وإن كان من الممكن أن نرصد بعض الملامح النفسية لياسمين الهرش من واقع بعض التصرفات والأفعال التي قامت بها مثل الاندفاعية الشديدة والجرأة في التصرفات وعدم وجود خجل أو حياء في الكلام والفعل مثل «هاقلع لكم ملط» وخلع ملابسها بالفعل، وعدم ترابط كلامها رغم أنها تكلمت كثيرا جدا، والعدوانية الشديدة رغم هدوء الضابط أمامها و«انتوا متعرفوش أنا مين» والإحساس الشديد بالعظمة.
كل هذه الأفعال تتشابه مع أعراض مرض الاضطرب الوجدانى الثنائى القطب أو ما يطلق عليه «الهوس».
والاضطراب الوجدانى ثنائى القطب أو الهوس الاكتئابى أحد الأمراض النفسية التي تتميز بتناوب فترات من الكآبة مع فترات من الابتهاج غير الطبيعى التي تختلف عن الشعور بالابتهاج الطبيعي، كونها تؤدى بالشخص للقيام بأعمال طائشة وغير مسئولة في بعض الأحيان، وتتشابه أعراض هذا المرض مع إدمان من الكحول والحشيش.
وهناك أمراض نفسية ناتجة عن تعاطى المخدرات، فالحشيش يسبب الفصام البارانودى والهلاوس وضلالات الشك والاضطهاد مما يجعل رد فعلك عنيفا، وأيضا يزيد من حدة الهوس، وتشير التحقيقات وبيانات الداخلية حتى الآن أنه تم ضبط ٢٠٠ جم من الحشيش مع ياسمين، وهو ما يفسر الحالة التي كانت عليها ياسمين، فمن الممكن جدا أن تكون من متعاطى الحشيش.
أكرر هذا ليس تشخيصا نهائيا لحالة ياسمين النرش، إنما هي بعض الملاحظات التي رصدتها أنا والعديد من زملائى الأطباء النفسيين وفلا يجوز لى مهنيا أن أشخص المريض في الإعلام.
من النسخة الورقية
