رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حصان طروادة الإخواني!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يزال الناس مختلفين إلى الساعة حول قصة حصار الإغريق لطروادة هل كانت حقيقة أم أسطورة، ولكن الذي يعنينا نحن هو مغزى الواقعة أيًا كان الأمر حقيقة أم خيالًا .
وتبدأ القصة بمشهد الحصار الشديد من قِبَل الإغريق لمدينة طروادة العريقة، ويستمر الحصار عشر سنوات كاملة وتستمر معه طروادة في الصمود .
ولما أحس الإغريق بفشلهم و أن هذه المدينة عصية على الفتح ، تفتقت أذهانهم عن حيلة خبيثة ، كانت بعدُ هي الحيلة الأكبر في تاريخ البشرية، و التي يستلهم منها كل أصحاب الشرور شرهم إلى يوم الناس هذا .
أظهر الإغريق انهزامهم أمام عظمة و صمود المدينة، و بدأوا في الانسحاب التدريجي، ليبدو الأمر في الظاهر أن الجيش قد استسلم و انهزم و لكن الحقيقة أنه كان مختبئًا يرقب كل شيء من مكان قريب .
ثم صنعوا حصانًا خشبيًا ضخمًا، و جعلوه مجوفًا، ثم أدخلوا مجموعة من الجنود الأشداء داخل تجويف الحصان الخشبي حتى امتلأ عن آخره .
ومن ثَمَّ قدم الإغريق للطرواديين الحصان كأنه اعتذار عن الحصار، و هدية لإظهار حسن النوايا في بداية عصر جديد من السلام و الأمان .
تردد بعض الطرواديين في تصديقهم ، فقام جاسوس إغريقي بإقناعهم بأن الحصان هدية لا ينبغي أن ترد و إلا كان إعلانًا للحرب، و أنه لا نية لدى الإغريق للغدر.
وعلى الرغم من تحذيرات المخلصين الشديدة من غدر الإغريق و مكرهم و أن هذا الحصان محض خدعة خبيثة ، إلا أن الملك و بسذاجة كبيرة ابتلع الطعم و قَبِل الهدية و أمر بإدخال الحصان إلى داخل المدينة .
وأمر الملك بإقامة الاحتفالات بالنصر و فك الحصار، و احتفل أهل طروادة و أمضوا الليل بطوله في المرح و الرقص و شرب الخمر !
وأما من في داخل الحصان فقد كانوا في أعلى درجات اليقظة، ينتظرون اشتداد غفلة المغفلين لينقضوا عليهم ، فلما كان عند منتصف الليل، والجميع في حالة من السكر، خرج جنود الإغريق على حين غفلة من أهل طروادة جميعهم، و فتحوا أبواب المدينة، للجيش المختبئ ليدخلوا المدينة، فيحرقوها بلا رحمة و ينهبوا ثرواتها و يقتلوا رجالها و يستحيوا نسائها و أطفالها .
كانت هذه هي ملخص حكاية طروادة و حصار الإغريق ، و مع أني لا أومن بالأساطير و لا أحبها ، إلا أن تلك الحكاية الأسطورية و مغزاها العميق يكاد ينطبق على واقعنا المعاصر حذو النعل على النعل ! إن لم يكن هو هو بلا فارق .
فبعد إزاحة حكم الإخوان الاستعماري عن مصر، ظهر مندوب "حصان طروادة الإخواني" و أعني مندوب "حزب النور الإرهابي" في المشهد الأخلد في تاريخ مصر المعاصر -وربما في تاريخها كله- ، مشهد الثالث من يوليو، ليمارس عمله الخبيث في تكرار أكبر حيلة عرفتها البشرية و هي حيلة حصان طروادة ، و لكن هذه المرة في عالم الحقيقة لا في عالم الأساطير، و ظل منذ ذلك اليوم المشهود و إلى يوم الناس هذا يمارس تنفيذ تلك الخطة الخبيثة بكل مكرٍ و خبث و بأعلى درجات الخداع ، و ينتظر ساعة الصفر حتى يفتح الباب للإغريق ليعودوا مرة أخرى و يدخلوا المدينة العظيمة من أوسع أبوابها (باب البرلمان) فيذبحوا رجالها و يسبوا نساءها و أطفالها !
لم يعد مجال –عندي على الأقل- للشك إذن أيها القارئ المكرم أن "حزب النور الإرهابي هو "حصان طروادة الإخواني" ، و أنه يمارس أكبر خدعة في تاريخ مصر المعاصر بادعاء التخلي عن الإخوان و معاداتها و بادعاء السلمية و الوطنية و نبذ العنف و محاربة الإرهاب .
نعم ... أقول و بكل قوة و ثقة و يقين –و أجري على الله- : إن حزب النور و حاضنته الفكرية "الدعوة الداعشية بالإسكندرية" يمثلان أكبر خطر تواجهه مصر في الفترة الحالية و ربما هو أكبر خطرٍ تواجهه في تاريخها الحديث كله و ربما –أيضًا- في تاريخها القديم .
فهذا الحزب و حاضنته الفكرية أخطر في حقيقة الأمر من الإخوان الإرهابية و التنظيمات الإرهابية معًا ، و هو أشبه ما يكون بقنبلةٍ موقوتةٍ سيكون انفجارها شديدًا و مُريعًا جدًا يَهُزُ أنحاء المعمورة إنْ لم يتم إبطال مفعولها و حظر الحزب و الدعوة من الحياة السياسية و العامة و الحجر عليهما في أسرع و أقرب وقت ممكن و قبل فوات الأوان .
فالحزب يعمل بتوجيهٍ و إرشادٍ من الدعوة و التي تعمل –بدورها- بإرشادٍ و توجيهٍ من الإخوان الإرهابية ، على القيام بدور حصان طروادة و الذي يعود الإخوان من خلاله مرة أخرى من خلال سيطرته (مع شركائه في الخيانة للوطن من أعضاء الحلف الشيطاني الجديد) على البرلمان و منْ ثَمَّ تشكيل الحكومة على حسب ما ينص الدستور الجديد .
ومن خلال "الحكومة السلفية- الشيطانية" تعود الإخوان مرة أخرى لتعمل مباشرة على تفكيك الجيش و تفتيت الدولة وتقسيمها ، و الانتقام من المصريين بأبشع ما يكون الانتقام .
ولهذا لم تكن أخبار التحالف الشيطاني الجديد بين السلفيين و أعضاء الطابور الخامس الأمريكي في مصر و المتمثل في بعض الخونة من القوى السياسية و رجال الأعمال مفاجأة بالنسبة لي على الأقل .
بل لم تكن اللقاءات المتكررة بين السلفيين و القنصل الأمريكي بالإسكندرية مفاجأة .
بل لم تكن اللقاءات التي عقدها قادة السلفيين في مصر في قبرص و غيرها مع عناصر الاستخبارات الأمريكية و البريطانية و غيرهما مفاجأة .
ولم يكن الدعم المادي و اللوجستي بغير حدود الذي تقدمه السفارة الأمريكية و غيرها للسلفيين في مصر مفاجأة بالنسبة لي على الأقل .
لم تكن العلاقات السرية مع قطر و تركيا و الاتحاد الأوروبي و كل أعداء مصر مفاجأة .
لم يكن شيء مما مر و غيره الكثير و الكثير مما نعلمه، مفاجأة على الإطلاق، فكل شيء مكشوف سلفًا، في إطار الخطة الخبيثة و الحيلة الكبرى في تاريخ مصر المعاصر .. خطة "حصان طروادة الإخواني" ... و الذي هو "حزب النور الإرهابي" .