الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حزب الرئيس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما لا يدركه الرئيس عبدالفتاح السيسي، هو أن كتلة صلبة تشكلت في 30 يونية.. لا تنتمي لفلول مبارك ولا تعرف للإخوان سبيلاً، نعم هذا ما لا يدركه الرئيس حتى هذه اللحظة، والعجيب في الأمر أن رجال أعمال مبارك فطنوا لذلك مبكراً وبدأوا في لعبة الإزاحة والهرولة، فأينما نظر السيسي كانوا هناك يعدون العدة ويجهزون العتاد.
أعرف أن اللحظة السياسية أرقى من التصنيف، ولكن اختلاط الحابل بالنابل يؤدي لنتائج خطيرة، فالبرلمان على الأبواب، وحاملو الأختام الذين يدعون أنهم مرشحون من جهات عليا يبرزون على السطح بإمكانيات مالية ودعائية مرعبة، وفي حال نجاح هذه الخطة لن تجد مؤسسة الرئاسة حلفاءها الحقيقيين وستجد نفسها أسيرة للماضي التعيس، وتحذيرنا هذا ليس سباقاً على مكاسب أو صفقات سياسية ولكنه تنبيه إلى حتمية تحديد وبلورة الشكل السياسي والمضمون الاجتماعي الذي قامت عليه 30 يونية.
إن غض الطرف عن هذا الأمر يجعل من الواقع خريطة مرتبكة ويجعل من المستقبل خليط أفكار ومشاريع متناقضة، وهو ما ينعكس بالسلب على أحلام وطموحات 30 يونية، التي طالبت بدولة مدنية ديمقراطية حديثة وعدالة اجتماعية.
والكلام عن الاصطفاف الواضح هو المطلوب بجدية الآن، لأن ضرب الكتلة الصلبة التي وضعت ثقتها في الرئيس عبدالفتاح السيسي؛ تلك الكتلة التي آمنت بالقطيعة مع الماضي وبالتحديد مع جماعات التأسلم السياسي، تلك الكتلة التي أسماها البعض ذات يوم حزب الكنبة وهي الحالمة بالشفافية ومواجهة الفساد لن يستقيم الأمر معها في حال صعود رجال أعمال مبارك، وهو ما قد يلطخ وجه الثورة ويفكك القلب الصلب ويدعو للإحباط سنوات قادمة بل ويفتح الباب واسعاً أمام حنجورية ثورية متمولة.
إذن ما العمل والإرهاب يضرب في سيناء وعلى النواصي في المدن؟ هل من الكياسة تحديد الخنادق في تلك اللحظة، بصراحة أقولها: نعم .. لقد تعلمنا من تجربة ثلاثين عاما من الفساد المتواصل أن الطبقة الطفيلية ليست إلا عبئاَ على القائد السياسي، ولو كان لها فائدة أو ذات أثر لكانت نفعت مبارك الذي حماها ورعاها، ولذا فإن قطع الأواصر مع تلك التجربة الرديئة أمر مهم ويعتبر التأسيس الجديد لواقع تنظيمي وفكري يعبر عن مصر الجديدة ومصر ما بعد 30 يونية واحدا من أولويات البناء.
ليس من المنطقي أن نتحدث عن عاصمة جديدة وعن قناة السويس الجديدة طالما لا يوجد من يحرسها من الشعب في إطار تنظيمي، وحكاية أن الشعب بأسره هو الحارس والضامن رهان رومانسي لا يمكن الاعتماد عليه كثيراً، لأنه قد ثبت علمياً أن الجماهير لا قيمة لها طالما هي غير منظمة.
ليعلن الرئيس السيسي الآن حزبه السياسي، وليدافع عن برنامجه ويفرز أنصاره، ليعلن الرئيس هو مع من وضد من؟ فالقضية الاجتماعية والسياسية ما زالت موضع جدل بين الناس، وليعمل الخبراء والمتخصصين لبلورة فكرة متماسكة يتبعها تنظيم قوي، ولعل الدافع الرئيسي لذلك هو ما نراه من فراغ وخواء ناتج عن إحباط لدى قطاع ليس قليل من الشباب، فترى تعليقاتهم عبثية ورأيهم سطحي حول كل شيء.. يعيشون في حالة تشرذم رغم اجتماعهم تحت سقف الفضاء الإلكتروني، ومن هنا تبرز فكرة إحياء منظمة الشباب التي أدت دوراً طليعياً نهاية ستينيات القرن الماضي، وأن لا نترك أبناءنا أسرى للكيبورد والكومنت الخاطف الذي يتشبهون فيه بالببغاوات فيرددون كلاما لا يعقلونه.
بلادنا في مفترق طرق، والخصوم متربصون من كل اتجاه ونحن نساعدهم كلما ابتعدنا عن قلب يونية الصلب وكلما تشظينا وكلما تركنا الروح تدب في عظام الماضي وهي رميم، نحن شركاء في الأزمة ما لم ننتبه ونصطف لنتقدم بدون أن تكبلنا هلوسات المهرولين وأصحاب المصالح.