الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الخروج الثانى "1".. بالصور.. معبد يهودي يتحول لحضانة.. السكان يشيدون على بابه مسجدًا.. والبلطجية يسرقون محتوياته.. والحكومة تحوله لمكاتب شئون إدارية

الخروج التانى1
الخروج التانى"1"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الصليبيون.. إسرائيل.. داعش"، هم ثلاثة أوجه من التطرف الديني الذي دفع ثمنه «مسلمو أوروبا»، و«مسيحيوا الشرق» ويهود العرب، فدائما من يدفع الثمن هم المظلومون، والسؤال الذي سيظل باقيا "لماذا لم يتم طرد مسيحي الشرق حين جاء الغرب غازيا معتديا على أراضينا تحت راية الصليب؟"، فدائما ما تكون الإجابة حينها "تحيا الوحدة العربية"، وهو ما يجعلنا نعود لنتساءل مرة أخرى "هل من حق الغرب طرد كل المسلمين وحرمانهم من وطنهم لمجرد هجرة القلة القليلة منهم لداعش؟، وليس ذلك فقط بل هدم تاريخهم وأماكن عبادتهم التي تأصلت وأصبحت تراث معمارى وحضارى في دول الغرب؟، ستكون الإجابة "لا يجوز فنحن لسنا إرهابين" وستخرج أفواجا وقتها لتقول تسقط دول الديكتاتورية المعادية للدين، ولكن تلك الأصوات تم القضاء عليها حين ضاع حق الكثير من اليهود المصريين إبان قيام دولة إسرائيل، ليدفعوا ثمن ما اقترفه غيرهم في اغتصاب أرض ليست من حقهم، وتم القضاء عليهم تاريخيا وإنسانيا، بل والتقصير في حق أبطال فضلوا العيش في وطنهم وخدمته حتى الممات لتكون تهمتهم الوحيدة التي بسببها تم نساينهم هي "اليهودية"، وهو ما سنعرضه بالتفصيل في الحلقات القادمة

يوم الأربعاء 22/4/2015 في شارع ولى العهد بحدائق القبة، وعلى بعد خطوات من السراى مول كنت أبحث عن المعبد اليهودى، ولكن لم أجده على الإطلاق، حاولت تكرار المشي في الشارع أكثر من مرة على أمل أن أجد المعبد، ولمدة لا تقل عن ربع ساعة لم أستطع التوصل لأى شيء، حتى اعتقدت أنه لا وجود له من الأساس، وحين استدرت لمغادرة المكان لمحت من بعيد حائط جانبى لمبنى ضخم يحمل نجمة داود وهى العلامة البارزه دائما في الديانه اليهودية، وحين نظرت لباب هذا المبنى لم أجد سوى مصليتين يتوسطهم باب حديدى صغير بجانبه شجرة كبيرة تخفى معظم ما خلفها، زاد فضولى ودخلت لأتفقد المبنى من الداخل، وبعد خطوات قليلة وجدت المعبد اليهودى المفقود في مبناه الضخم، وهناك بعض العاملات اللاتى تقمن بتنظيفه من الداخل.

توجهت ناحية الباب وطلبت أن أتحدث مع من بالداخل، خرجت لي إحدى عاملات النظافة وتحدثت معها عن حقيقة هذا المعبد، قالت لي "أنا والله شغاله هنا بنضف وكده زى ما إنت شايف، والموظفين مش هنا النهاردة"، لم تكن تملك معلومات كثيرة عن المكان التي تعمل به، ولكن كانت بداية الخيط الذي سرت على خطاه، فقد أخبرتنى أن هذا المعبد تم تحويله لحضانة لفترة طويلة، ومن بعدها أخذته الحكومة وجعلته مكتبا للشئون الإدارية، وعندما حاولت الدخول قالت: "أنا ماقدرش والله بس تعالى بكرة الساعة 10 قابل المديرة وهى تخليك تدخل تصور".
كانت هناك سيدة كبيرة في السن تجلس على باب المعبد من الداخل، وحين سألت تلك السيدة عنها قالت لي نصا "دى جوزها كان غفير هنا من زمان من أيام الحضانة، ومات هنا، ومش عاوزة تمشي غير لما تموت مكانه، وهتلاقيها عارفة كل حاجة عن المكان، أصلهم قاعدين هنا من زمان".
حاولت التحدث مع هذه السيدة ولكن للأسف التواصل كان صعبا جدا بسبب كبر سنها، الذي جعلها تتحدث بصعوبة وكانت كثيرة البكاء على زوجها، تلك السيدة تسكن في غرفتين تم بناؤهم خلف المعبد باعتبار زوجها غفيرا لهذا المكان، وما زالت تجلس فيهم حتى يومنا هذا.
لم يكن أمامى حل سوى أن أنتظر لليوم التالى، وفى صباح يوم الخميس، دخلت من البوابة الحديدية الرئيسية وعلى بعد ثلاث خطوات، وجدت نفسى أمام مبنى المعبد، صعدت 4 درجات سلم ضخمة، ثم مررت بثلاثة أبواب ضخمة، وباب جانبى به سلم للدور الثانى.
كان أحد الموظفين يجلس أمام الباب، في البداية سألته عن تاريخ تلك السيدة العجوز، ومن ثم بدأنا نتحدث عن المعبد، وكيف تم تحويله، كان على دراية بأمور عديدة عن تاريخ تحويل هذا المبنى وكيف تمت سرقة معظم محتوياته، وتم تفكيك نجمة داود من الأبواب الرئيسية وبيعها لأنها كانت من النحاس.
ولعل سؤالى الأبرز كان عن المسجد الصغير المتواجد على باب المعبد، فقال لي "احنا كنا بنصلى يا أستاذ في الجنينة هنا، وطبعا في البرد والمطرة كنا بنتبهدل، فالسكان خدوا بالهم وتبرعوا وبنينا المصليتين دول واحدة للستات وواحدة للرجالة علشان ما ينفعش نصلى جوة المعبد".


لم يتوقف الأمر على هذا الحد بل تم بناء حمامات للطهارة والوضوء قبل الصلاة في الباحة الجانبية للمعبد ليكون باب الحمام مطل على أحد الشبابيك المرسوم عليها نجمة داود.
طلبت منه أن أرى هذا المعبد من الداخل، فكانت إجابته "خبط وادخل على طول ما حدش هايكلمك"، توجهت ناحية المعبد وسألنى أحد الموظفين عن ماهيتى فأشرت له ناحية الخارج وبكلمات تعبيرية بسيطة دخلت ورأيت كم الدمار الذي حدث في الداخل، فالهيكل تم تدميره بالكامل، وكل شيء بات منتهيا، ولم يتبق سوى جدران وفي المنتصف وضعت بعد الأخشاب والكراتين لتكون أمامها مكاتب الموظفين وتخفى ما خلفها من الدمار الذي تحدثت عنه.
خرجت وعدت لأكمل حديثي معه مرة ثانية ولكن استوقفتنى جملة في منتصف حديثنا، حيث قال "انت ناوى تكتب؟.. بلاش أحسن اليهود ييجوا ياخدوا المعبد ويقولوا إنه بتاعهم، ساعتها احنا هانروح فين بمكاتبنا دى؟، هكذا كان حديثنا والذي انتهى بعدما ساعدنى بكثير من المعلومات.

بدأت أفكر في سر بقاء هذا المعبد الذي مر على عدة مراحل على حد قول الموظف منذ الثمانينات ما دامت الطائفة اليهودية كما نعرف لم يتبق منها سوى حوالي ثمانية أشخاص، ومن هنا بدأت أبحث عن تاريخ اليهود ما السبب الرئيسي للإبقاء على تلك المعابد.
لعل ما يثير السخرية أننى حين بدأت أبحث عن المعبد على شبكة الإنترنت توصلت لتقرير تمت كتابته في عام 2013 في جريدة من المفترض أنها عريقة تحدث فيه الصحفى عن حالة سرقة من مجهولين للمعبد ولكن الأهالي نجحوا في التصدى لهم كان من الواضح أن صاحب التقرير كان يحاول إرساء مبدأ الإخاء بالرغم من ذكره أن الأهالي لا يعرفون ماهية هذا المبنى الذي تم بالفعل تدمير ملامحه من الخارج، كما أكد أن الأهالي استطاعوا تحديد لكنتهم العبرية لمعرفة أنهم يهود.
ومن المفارقات الطريفة في هذا التقرير هو قول الصحفى: إن هناك مسجدا صغيرا بجوار للمعبد وهو ما أثار حفيظته ولم يسمح لنفسه أن يسأل عن حقيقة هذا المسجد ليذكرها في تقريره أنه اغتصاب لحق الغير.

الخروج الثاني (1)

الخروج الثاني (2)

الخروج الثاني (3)

الخروج الثاني (4)

الخروج الثاني (5)

الخروج الثاني (6)

الخروج الثاني (7)

الخروج الثاني (8)

الخروج الثاني (9)