الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ما زال "الولس" يهزم المصريين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم أهتم أن الوقت ما زال مبكرًا على الاتصال بزوجة أخي، فقد كنت ممتلئة من أظافر قدمي حتى منابت شعري بالرعب والخوف عليهم، فقد كان الخبر الأول في نشرات الصباح المبكر هو خبر حالات التسمم في محافظة الشرقية، ووفاة أحد المصابين بالتسمم، لم أفكر أن حالات التسمم انتشرت في مركز الإبراهيمية، بينما عائلتي من مركز كفر صقر، ولكنه الخوف المرضي الذي يعشش في صدور المصريين.
سكن الخوف الصدور ليس لأن البلاد محاطة ومحاصرة بخطر الإرهاب فحسب، ولكن لأنها مصابة منذ عقود بسرطان الإهمال والفساد، سرطان تواجهه الحكومات المتعاقبة برخاوة ممجوجة وصلت إلى حد من السخف والبلادة والاستهانة بأرواح المواطنين، ففي أيام لم يصل عددها لأصابع اليد الواحدة وقع من حوادث أو جرائم الإهمال والفساد ما يستدعي إقالة الحكومة وتقديم المسئولين فيها للمحاكمة.
فما حكم القانون في سقوط مقطورة محملة بأحجار الدبش في حفرة في طريق بنها - المنصورة، والسبب حدوث هبوط أرضي للمرة الثانية خلال أسبوع وكان قد تم إصلاحه في المرة الأولى، فمن الذي عالج الهبوط في المرة الأولى، وما هي المواد والقواعد العلمية التي تم اتباعها في العلاج الذي فشل بعد أسبوع، ولم نسمع حتى الآن عن محاكمة أو محاسبة أحد، وكالعادة سوف يطوي الحادث النسيان وفقًا للقاعدة الأساسية التي نطلق عليها في لهجتنا العامية "الطرمخة" ومن التاريخ سوف نستدعي ما قاله المصريون عن هزيمة عرابي "الولس هزم عرابي" وبعد أكثر من قرن على هزيمة عرابي فها نحن نعيش حقيقة أن "الولس" أي الفساد والخيانة ما زال يهزم المصريين.
ومن هبوط الأرض لحادث المترو في محطة العباسية، وقد أقر واعترف رئيس الهيئة القومية للأنفاق أن فرامل القطار لا تعمل والطوارئ معطلة، وقد أبلغ الوزير المسئول بعدم صلاحية القطار فنيًا، وبعد هذه الكوارث نصل إلى كارثة انهيار كوبري على طريق جمصة، وصرح مسئول ببرود أن الحمولات الزائدة التي تعبر فوق الكوبري هي السبب في انهياره، ورجح أن يكون هناك خطأ في تنفيذ الجزء الحديدي للكوبري، ولم يقل المسئول مَن إذن الذي سمح بمرور الحمولات الزائدة ومن تسلم الكوبري رغم وجود خطأ في التنفيذ وفقًا لكلام سيادة المسئول.
أما قصة سقوط مركب الفوسفات في نهر النيل في قنا، فهي واقعة يصعب التعليق عليها فليس هناك مفردات لغة تصف الخلل الذي أدى إلى حادث من هذا النوع وبهذه الخطورة، لنصل إلى فضيحة ضياع القمر الصناعي في فضاء الكون.
إن هذه الحوادث وما سبقها وما سوف يلحق بها كفيل بأن يصيب المصريين بأمراض منها الاكتئاب والخوف المرضي واليأس، وأصبح واضحًا أنها حالات أصابت الشعب المصري، وهو ما نراه من سلوك في الشارع وفي حالات الانتحار وفي حالات اللامبالاة، كلها أمراض تصيب مواطنين يعيشون في بلد نخره سوس الفساد والإهمال.. فمتي يدرك رئيس وزراء مصر وهو مهندس وله تاريخه في أكبر شركات المقاولات، متى يدرك أن مصر تحتاج للصيانة، ومتى يدرك أنه إذا ما كان صيانتها صعبة عليه فليترك المهمة لمن يستطيع.