الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إهدار الدم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كنت أتابع ما يجري في المناظرات بين إسلام بحيري ورجال الأزهر، وتابعت من قبل برنامج إسلام بحيري في أكثر من حلقة، كنت أعرف وأشعر أن الأمور ستصل إلى ما وصلت إليه، قضايا ترفع على إسلام بحيري وإهدار دمه من بعض الناس.. إهدار الدم صار أسهل كلمة تقال من بعض الفقهاء أو الأساتذة في الأزهر أو خارجه أو بعض رجال الصوفية أيضا كما يقال عنهم.. إهدار الدم رغم أن هناك يومًا للحساب سيحاسب فيه الله كل من أساء إليه أو إلى دينه، بل يستطيع الله أن يفعل هذا في الدنيا أيضا لو أراد لكن هكذا صارت حياتنا، كنت أحب ألا ترتفع هذه الصيحة خاصة ونحن نرى ما يحدث حولنا من إهدار دم المسلمين في العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها طبعا من ذوي الملل الأخرى أو الأديان الأخرى، إهدار الدم هو أسهل طريق للعاجز للأسف، ما فعله إسلام بحيري تشوبه شائبة واحدة هي طريقة كلامه واستخدامه لألفاظ أقرب إلى الشتائم في تعليقه على ما كتبه بعض الكتاب أو الفقهاء أو جامعي الحديث السابقين، كان يمكن ألا يستخدم هذه الألفاظ ويكون الكلام في دائرة النقاش العلمي والعقلي، وكان يمكن أن تتسع رقعة محبيه لأنه وهو يواجه تراثا استقر أكثر من ألف وأربعمائة عام كان عليه أن يعرف أن محو الأخطاء في هذا التراث سيواجه بمن عاشوا عليه واستفادوا منه ولم يتعلموا غير قداسته وصاروا يرددون على طول التاريخ ما ردده السابقون.. ومن ثم كان عليه أن يكون أكثر هدوءًا لأنه يطرح قضايا هامة وأفكارا هامة يمكن أن يقبلها العقل دون شتائم تضيع مجهوده، لكن بعيدًا عنه كان إهدار الدم متعة وراحة رغم أن الموضوع يخص العقل، ورغم أن الموضوع ليس جديدًا، فتجديد الخطاب الديني أمر قديم والغائب في تاريخ علم الكلام قد يكون له قيمة أكثر من الحاضر كما نعرف في أفكار المعتزلة أهل الاختيار وليس الجبر ولا البين بين. تاريخ الإسلام هو تاريخ الاختلاف أكثر منه تاريخ الاتفاق وإلا لماذا مذاهب أربعة؟ وهناك مذاهب أخرى لم تجد لها مكانا كبيرا، تاريخ الإسلام هو تاريخ اختلاف الفرق بين سنة وشيعة وخوارج وبين السنة مذاهب وبين الشيعة اثنا عشر مذهبا "فالإثنى عشرية" كلمة على المذهب الأخير الذي لم يجدوا له اسما إلا رقمه من كثرة الفرق الشيعية إسماعيلية وقرامطة وزيدية وأباضية وغيرها، كيف يكون تاريخ الإسلام هو تاريخ الاختلاف وتريدون ألا يختلف أحد مع من مضى؟ وكما حدث بين الفرق التي أهدرت فيها القريبة من السلطة أو الأقوى دم البعيدة عن السلطة أو الأضعف يحدث مع إسلام بحيري الذي فاته ذلك كله وكان عليه وهو يمارس الاختلاف ألا يعطي أحدا الفرصة بما يخرج منه من أحكام بلغة عامية أقرب الى الشتيمة.. لكن ما علينا من هذا كله.. هؤلاء الذين أهدروا دمه ألا يكفيهم إهدار الدم على طول التاريخ؟ وهل إهدار الدم انتهى إلى إسلام واحد؟ كيف لا ترون تاريخ الإسلام أو بمعنى آخر تاريخ الخلاف والاختلاف في الإسلام.. ان عدد المفكرين والعلماء والمبدعين الذين قتلوا في تاريخ الحضارة العربية بالمئات أذكر منهم فقط السهروردي المتكلم والصوفي.. هل انتهى قتله بضياع كتبه؟ أم تطبع الآن ويقرأها من يريد وهل صار قتله حسنة أم سبة في جبين من قتلوه؟ الأمر نفسه مع الحلاج الصوفي ومع الجعد بن درهم والجهم بن صفوان وغيلان الدمشقي وغيرهم ممن جعلوا الاختيار قبل الجبر أساس الحياة لأن هناك في الآخرة ثوابًا وعقابًا بل أدباء قتلوا مثل بشار بن برد وابن المقفع هل لا يقرأ أحد شعر بشار وهل لا يقرأ أحد كليلة ودمنة والأدب الكبير لابن المقفع؟ وغير ذلك كثير.
أيها الناس إهدار الدم لم يتقدم بالمسلمين بل تأخر بهم وإهدار الدم حولنا كبير جعل أمتنا أضحوكة في العالم.. طبعا لن أحدثكم عن من أهدر دمهم من المحدثين مثل فرج فودة ونصر حامد أبوزيد وسيد القمني فهم ليسوا بعيدين وكتبهم حولنا.. كنت أتمنى لو تحدث الأزهر في مسألة إهدار الدم وأفتى بحرمتها فالأمر في النهاية لله كما قال في مسألة تكفير داعش التي ردوها إلى الله.. هل إسلام بحيري أخطر من داعش رغم أى اختلاف معه؟