الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الكاتبة العراقية بان العاني: الاتحاد الأوروبي.. لم يعد حلم العرب المفقود

الكاتبة العراقية
الكاتبة العراقية "بان العانى"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بان ثامر العاني، كاتبة عراقية تحمل في ملامحها الحب والأمل، وكذلك الألم والعذاب، جاءت من بلادها مرغمة لتستكمل حياتها بمصر، يراودها فى رحلتها الشاقة حلم الاتحاد العربي، ذلك الحلم المفقود، كما كانت ترى.. عملت بان العاني، قبل قدومها مصر أستاذًا بكلية التربية جامعة بغداد حتى 2006، قضت جزءًا من حياتها بمنطقة آفاق عربية بالعاصمة بغداد، والتي كان يطلق عليها "منطقة المثقفين". 
اليوم تصدر بان العاني، من القاهرة، ومن قلب الوطن العربي الكبير، كتابها الأول "الاتحاد الأوروبي.. الحلم العربي المفقود"، ليكون صرختها الأولى بما فيه من أمل في بناء وطن عربي جديد، متناولة تحولات أوروبا من قارة ممزقة إلى صرح عظيم، بعد معاناة من الدمار والخراب، ومتمنية أن يكون هناك اتحاد عربي يلم الشمل الذى كاد أن يتفرق..
التقينا الكاتبة لتحدثنا عن كتابها "الاتحاد الأوروبي.. الحلم العربي المفقود" الصادر مؤخرا عن مؤسسة رهف للنشر والتوزيع بالقاهرة..
وإلى نص الحوار..



* حدثينا عن طفولتك وبدايتك الأدبية؟
ــ كنت طفلة مثلي كباقي الأطفال بالعراق، أعيش حياة أسرية متكاملة بها كل وسائل الراحة والترفيه، بفارق أنني فقدت والدى منذ طفولتي، وعوضني عنه بالحنان والرعاية زوج والدتى الذي كان مصري الجنسية، كبرت كباقي الفتيات وسط عائلة ثرية، وتخرجت من مدرسة النعمان في منطقة الأعظمية، حيث المسجد الشهير أبوحنيفة النعمان والمقبرة الملكية والقصر الجمهوري القديم.
درست في جامعة بغداد كلية التربية للبنات وحصلت على درجة الماجستير بالتاريخ الأوروبي ولعب القدر في اختياري لقسم التاريخ، في بداية الامر رفضت الالتحاق بقسم التاريخ.. وقررت إعادة امتحانات الثانوية العامة مرة أخرى، لكن والدتي رفضت تماما وظلت تقنعني لمدة شهرين أن قسم التاريخ قسم مهم، وله شأن كبير وقالت لي: "ستحصلين على الماجستير والدكتوراه وسيكون مستقبلك رائعا"، وفعلا التحقت بالقسم وبدأت دراستى وحققت تفوقا كبيرا خلال السنوات الأربعة، وحصلت على البكالوريوس بدرجة جيد جدا، ثم حصلت على الماجستير بدرجة الامتياز مع مرتبة الشرف، وكنت بمفردي وجميع عائلتي بمصر عشت لحظات كثيرة أتعبتني وأنا بوطني وحيدة دون عائلتى، بعد أن تم اجبارنا جميعا وجميع السنة المتواجدين بالمنطقة لترك العراق، ولكنى عدت بمفردى لمناقشة رسالة الماجستير، وبعد سقوط العراق وبعد الاحتلال الفارسي الذي فرض بميليشياته القتل والطرد وطمس الهوية السنية أجبرنا أنا وعائلتي على ترك بلادي.



* متى وصلت إلى مصر؟ وكيف كانت حياتك الفترة الماضية؟

ــ رغم من أننى أعيش اليوم بمصر الحبيبة إلى قلبي، إلا أننى ما زلت أتنفس رائحة الياسمين والكاردينا في حدائق المنازل العراقية.. وخاصة هذه الأيام في فصل الربيع عندما تتفتح كل الزهور.. أشتاق الي طفولتي وشوارعي واشيائي هناك، مازلت أسمع كلمات كاظم القريبة إلى نفسي "نفيت واستوطن الأغراب في وطني.. ودمروا كل أشيائي الحبيبات"، ما زلت أحلم بالعراق بلد الحضارة والتاريخ.. أتمنى أن يعود كما كان".


* كيف تركت العراق؟
ــ خرجت من العراق كما يقال "قسريا"، أنا وأسرتي كاملة 3 أخوات وزوج أختى وصغارها و3 أشقاء صبية برفقة زوجة أحدهما وأمى وأخى الكبير، بعد أن أرسلوا إلينا ظرفا أبيض اللون يحوي بداخله 13 رصاصة، واذا لم ينفذ الخروج للحى الذي نسكنه فسيكون مصير هذه الرصاصات في أجسادنا ومنحونا مهلة 10 أيام.. حملنا ملابسنا فقط وتركنا بيتنا وسياراتنا وكل الماضي.. تركنا الوطن لا نعرف ما المصير الذي ينتظرنا.. ولسنا وحدنا بل وجميع السنة الذين يسكنون حى "أفاق عربية"، وعندما رفض خالي الخروج قتلوه هو وبناته.. ذهبنا إلى الأردن الحدود الوحيدة التي كانت آمنة في تلك الفترة وبعدها بأسبوع دخلنا مصر وبدأنا مرحلة جديدة في حياتنا جميعا.. وتركنا العراق بلا عودة، ولكننى رجعت وحدي لمناقشة رسالة الماجستير وعنوانها "الاتحاد الأوروبي.. دراسة تاريخية من عام 1949-1964"، وبعدها عدت إلى مصر ثانية.


* وكيف بدأت من جديد بمصر؟
ــ حاولت كثيرا أن أجد فرصة عمل.. ولكنني لم أوفق ومكثت ببيتي 6 سنوات.. ممزقة ما بين ألم فراق الماضي والوطن والذكريات.. وحياة جديدة بوطن جديد.. وأكثر ما كان يؤلمنى أن أغادر وطني وأنا شابة وخاصة وأنا أنظر إلى ملامح وطنى المتبعثرة علي شاشات التلفاز وأسمع نشرات الأخبار تحكى عن عراق جديد عراق آخر غير عراقي.
وفي عام 2012 عملت كصحفية، عدت لقلمي وأوراقي وكتاباتي.. كنت أتألم كثيرا عندما أرى المنطقة العربية بأكملها والثورات والشعوب والأنظمة تتساقط، كم تمنيت أن أصرخ بكل قوتى وأقول للجميع كفا وجود وطن.. كنت أتمنى أن أقول للرؤساء والقيادات فكروا في شعوبكم، هذا الوحيد الحافظ على ملككم.. لكن كان قدرنا وكانت قدرات الاستعمار الذي استهدف المنطقة بأكملها أقوى وعيا بنا استعمار من نوع جديد.. وانشغلت كأي صحفية عربية ومصرية بعملى وتناولت الصراعات السياسية وخطر الجماعات الإرهابية التي استهدفت أمن المنطقة العربية بأكملها.



* حدثينا عن كتابك "الاتحاد الأوروبي.. الحلم العربي المفقود"؟
ــ فكرة الكتاب حلمي الذي أتمنى أن يتحقق كما حدث مع أوروبا، لا حدود تفرقنا فأنا منذ أكثر من عشر سنوات في مصر وبانتهاء جواز سفري انقطعت عن العالم، وجهت لي دعوات لأكثر من بلد عربي للاحتفال بكتابي لأن الكثير أثنى عليه، وقالوا جاء في وقت مناسب جدا خاصة وأن المنطقة العربية تمر بمرحلة صعبة وبالفعل نتمنى أن يتحد العرب كما اتحد الاتحاد الأوروبي.
واخترت هذا التوقيت لطباعة كتابي لأنني وجدت الوطن العربي يتمزق العراق ضاع وسوريا تترنح قتل وسفك دماء وجماعات إرهابية، وليبيا تصرخ والمشاهد عن قرب لما يحدث مصيرها يقترب مما يحدث في العراق.
وقد حدثت نفسي كثيرا لماذا لا نكون مثل أوروبا التي مزقتها الحروب وقطعت أواصرها وراح آلاف من الشباب الأوروبي ضحية لتلك الحروب التي دمرتها اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا، بالإضافة إلى ظهور قوتين عظيمتيين مثل الاتحاد السوفيتي، وحاولت كل من تلك القوتين تقسيم أوروبا إلى أجزاء وكل قسم يأخذ جزء وكأنها فريسة سقطت ولابد من القضاء عليها، هنا نهضت أوروبا من غفلتها وبدأت 10 دول فقط ترسم الوجه الجديد لأوروبا الحديثة وبدأت بمجموعة صغيرة مثل مجموعة الصلب والفحم لتنتهي بالصرح الاوربي العظيم كلما نظرت إلى التجربة الأوروبية تدمع عيناي فنحن يجمعنا دين واحد ولغة واحدة وحدود قريبة لماذا لا نكوّن الاتحاد العربي.