الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

قصة 94 ألف جنيه تلقاها أحمد كريمة من طهران

  أحمد كريمة
أحمد كريمة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أسهل تهمة يمكن أن تلتصق بشخص ما الآن هي أنه شيعي، بها ينتقمون من الشخصيات العامة، ويدفنون رءوس بعض المشاهير في الطين، ويهيلون التراب على شيوخ بداعى الاختلاف الفكرى معهم.. والسياسي أحيانا.
فما أبسط أن ينقل أحدهم سطرًا من فقه الشيعة «المدسوس» في كتب السُنَّة سهوًا، أو يقول حديثًا «مغلوطًا» في لقاء تليفزيوني، فتكون التهمة الجاهزة.. إنه شيعي، وله علاقات مع إيران.. أو على الأقل، مموَّل من «طهران».
هذه المرة، وفى حالة الشيخ أحمد كريمة تحديدًا، الأمر مختلف، وما يثبت مجموعة من التهم عليه.. ليس شواهد عابرة، ولا دلائل تشير إلى تورّطه في التعاون مع عناصر من طهران، ولا تقف عند الختم الإيرانى الذي يتصدّر جواز سفره منذ آخر زيارة له إلى بلاد «فارس»، وليست الصور التي جمعته بعمائم في جامعة «المصطفى» فقط.. وإنما معلومات من الدرجة الأولى لا يقدر على تكذيبها، وحتى لو فعل ذلك.. فهو يفتح الطريق لكلام كثير.. واتهامات كثيرة لن تتوقف إلا بعدما تطير منه عمامته الأزهرية، وتترك أثرها عليه طوال حياته.
أحمد كريمة ليس شيعيًا، ولا يوجد من يقول ذلك صراحةً، ولا بد في التعامل مع حالته أن تنصرف عن الأوصاف المحملة بالرصاص، والقنابل الموقوتة، دون أن تضغط على لغم ينفجر في وجهه.. وتقدم المعلومة مجرّدة من أي أوصاف.. هي تتحدث عنه، وتقول ما يستحقه.
الرجل لا ينتمى لشيء أو لأحد.
يعمل فقط لحسابه الخاص، من أجل أحمد كريمة وحده، وليذهب كل من لهم مآخذ عليه إلى الجحيم، لا يحمل فكر الشيعة، ولا يروِّجه، فلم تثبت عليه واقعة واحدة منذ تعيينه أستاذًا للشريعة بجامعة «الأزهر».
ولا يضع «الأزهر» في حساباته، وهو ما ظهر في أول اختبار رسمى.. حين سافر إلى «طهران» في سبتمبر الماضى دون علم الجامعة، ودون الحصول على إذن مسبق منها بالسفر، والغريب أنه لم يراع موقفه الحسّاس كرجل أزهرى يمثل «الأزهر» في ندوة علمية بجامعة «المصطفى» الشيعية دون الحصول على تصريح من «المشيخة».
«الأزهر» موقفه حسّاس لأبعد مدى في قضية «الشيعة»، يحاولون أن يقحموه بأى طريقة، أو يقتحموه.
يقال إنهم دخلوه بالفعل، ولهم فيه شيوخ «سريون»، ذهب بعض أعداء «كريمة» بعيدًا إلى حد وصفه أنه واحد منهم، من الشيعة في «المشيخة»، وموقفه المريب وحده سمح لهم بذلك، خاصة حين قدَّم مشروعا للتعاون والعمل المشترك بين أحد المذاهب الشيعية وجامعة الأزهر في مجالات كثيرة، واقترح إقامة المؤتمرات المشتركة لمواجهة «التطرف الإسلامى».
قال «كريمة» إنه تلقى دعوة لزيارة «أهل السنة» في «طهران»، وسافر لحضور مؤتمرات وندوات فكرية تحت «تقارب المذاهب الفكرية»، ومن تصريحاته أنه «ذهب لتدريس المناهج الفقهية الخمسة».. هذا موقف قد يحسب له، إلا أن «الأزهر» له عرف، ولوائح تمنع زيارة إيران من الأساس.
تصريح آخر منه استفزّ الجميع بعد عودته، وهو أن «مصر تعادى إيران لأسباب سياسية فقط وليست دينية»، ودلل على ذلك، متسائلًا: «لماذا يغض الأزهر الطرف عن المذهب الأباضى في عمان، ولا يغضون الطرف على المذهب الشيعى في إيران؟».
إذن؛ يتضامن «كريمة» مع الجانب الشيعى تضامنا «مكشوفًا» لا يداريه، ولا يتبرَّأ منه، يرى أن الأزمة من البداية ليست دينية، وهو نفسه كان يدرّس بعض المذاهب المخالفة لأهل السنة والجماعة في عمان مع عباس شومان، وكيل «الأزهر»، ومحمد مختار جمعة، وزير «الأوقاف».
لكن.. ائتلاف «الصحب والآل» كان له رأى آخر، قال إن «كريمة» سافر رغم رفض «الأزهر» ذلك، أي إنه قدّم طلبًا تمّ رفضه فعصى المشيخة.
وأضاف وليد إسماعيل، منسق الائتلاف: «حضر كل مؤتمرات الشيعة هناك والتقى بهم في اجتماعات مغلقة، وقبَّل كتبهم التي تسبّ الصحابة والخلفاء الراشدين وتتهم السيدة عائشة بالزنا، وتبرَّك بالأضرحة».
في لقاء مغلق مع أحد المقرَّبين منه بـ«الأزهر»، أكد «كريمة» أنه يعرف أن كل تهمة موجَّهة إليه عليها شاهد أو دليل، وهدَّد «والله لو اتخذوا أي إجراء ضدى لأفضح قائمة بأسماء قيادات أزهرية زارت إيران سرًا في العامين الماضيين.. وعليّ وعلى أعدائى.. هو حلال عليهم، حرام عليَّ؟».
هذا التهديد تحديدًا يفتح النار على الجميع، وعلى الشيخ العجوز نفسه، وهناك عدة شواهد على زيارته.. أولها أن له بالفعل صورا وهو يزور أضرحة طهران، ويتبرَّك بها، كما يقال، وصورة أخرى وهو يقبّل رأس آية الله مكارم الشيرازي، عضو الثورة الإسلامية الإيرانية، ومرجع شيعى من أبرز القيادات الدينية والروحية من مؤلفاته كتاب يتهم عمر بن الخطاب بـ«الشذوذ الجنسى»، وله مقولة شهيرة «لو أدخلنى الله إلى الجنة ووجدت عمر بن الخطاب فيها لطلبت من الله أن يخرجنى منها».
قابل أيضًا آية الله صادق الشيرازي، وآية الله محمود رضا جمشيدي، رئيس الحوزة العلمية بـ«قم»، وعلی رضا أعرافى، رئيس جامعة المصطفى، ومصباح يزدي، رئيس مؤسسة «الخومينى».
«كريمة» ظهر في مؤتمر واحد.. لم يظهر بعدها.. كل تحركاته كانت من وإلى اجتماعات مغلقة بـ«آيات الله».
الغريب أن وكالات الأنباء الإيرانية نقلت صوره كلها، وليس من بينها إلا مؤتمر واحد، كان يجلس وخلفه لوجو «المهدى»، ما عدا ذلك فلم يكن له أي تواجد.. وهذه علامة تعجب تنفى رواياته عن المؤتمرات والمحاضرات والندوات «الكثيرة جدًا» التي حضرها.
علامة استفهام لا بد أن تطرح على «كريمة».. فالزيارة ما زالت مغلقة على أسرارها.. والصندوق الأسود لها لم يفتح بعد.. ولن يفتحه «كريمة».. ومن بين ما يتردد عن الشيخ أنه قبل طلوع الطائرة، تلقى ٩٤ ألف جنيه من جامعة «المصطفى» نظير خدماته، وبالتحديد من «رضا أعرافى»، وعرض على «مكارم الشيرازى» في أحد اجتماعاته افتتاح جامعة «شيعية» في القاهرة، وذلك بحسب علاء السعيد، مؤسس ائتلاف الدفاع عن الصحب والآل.
من النسخة الورقية