السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

العرَّاب الفارسي.. فهمي هويدي: اتهام "الخوميني" لـ"أبي بكر وعمر" بالكفر "مجرد نقد"

فهمى هويدى
فهمى هويدى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل نحو ٧ سنوات شهدت صحيفة «الدستور» معركة خاضها «تلميذ» ضد «أستاذه».
كان الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قد أجرى في هذه الفترة حوارًا صحفيًّا مع «المصري اليوم»، تحدث فيه عن «التهديدات الإيرانية لوحدة الأمة الإسلامية والعبث الذي تمارسه بجهودها لتشييع مجتمعات سنية».
أثار حوار «القرضاوي» جدلًا كبيرًا، سمع دويّه في القاهرة وطهران، خصوصًا أنه جاء مقترنًا بـ«تصاعد الهيام الشعبي العربي» بـ«ظاهرة حزب الله» اللبناني، المدعوم من إيران، وأمينه العام حسن نصر الله، وذلك بعد معاركه ضد إسرائيل.
كان لا بد لطهران أن تتصدى لـ«عاصفة القرضاوي» داخل العالم العربي والإسلامي، لكن من يقوم بهذه المهمة؟
اختار فهمي هويدي- ا نعلم بتوجيه أم لا- أن يدخل على خط المواجهة، فكتب مهاجمًا «القرضاوي» تحت عنوان: «أخطأت يا مولانا».
لم يتوقف «هويدي» عند حاجز تفنيد تصريحات «القرضاوي»، إنما دخل «منطقة محظورة»، إذ اتهم أستاذه بـ«التمهيد لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران».
أنقل هنا جزءًا من مقال «هويدي» في «الدستور»: «لو إن الدكتور يوسف القرضاوي استخدم في حديثه عن الشيعة معيار (الموازنات) الذي تعلمناه منه، وألف فيه كتاب (الأولويات) لما قال ما قاله في الأسبوع الماضي (يقصد تصريحات القرضاوي عن المد الشيعي)، ذلك أننا إذا افترضنا أن كلامه صحيح والآراء التي عبر عنها لا غبار عليها، فإن ذلك سيكون بمثابة دعوة إلى مخاصمة الشيعة، والاحتشاد ضد إيران، والتهوين من شأن إنجازات ودور حزب الله في لبنان، وإثارة الشقاق والفرقة بين الشيعة والسنة في أكثر من بلد عربي، خصوصًا في العراق ودول منطقة الخليج، وهو ما سيؤدي تلقائيا إلى تراجع أولوية الصراع ضد إسرائيل، وتهيئة الأجواء لتوجيه الضربة العسكرية الأمريكية ضد إيران».
ارتبط فهمي هويدي بإيران مبكرًا، بتزكية محمد حسنين هيكل، وكانت بداية تواصله مع المشروع الفارسي في الكويت التي عاش فيها منذ ١٩٧٦ حتى ١٩٨٢، إذ كان يعمل في مجلة «العربي» وعقب اندلاع «ثورة الخوميني» سافر إلى طهران.
قبل أيام وقعت بين يدي ورقة بحثية تحت عنوان: «هل إيران تشكل خطرًا على الدول العربية؟»، أعدها الباحث عبدالرحيم البخاري.
اتخذ «البخاري» جانب إيران في كل القضايا والأزمات، سواء في العراق، أو سوريا، أو لبنان، أو اليمن، وكان طبيعيا أن يعتمد -بشكل رئيسي- في «المراجع» على ما كتبه فهمي هويدي.
اختتم «البخاري» بحثه بجزء مهم وكاشف من كتاب فهمي هويدي «إيران من الداخل»: «إلى حد كبير، فقد نجحت الآلة الإعلامية الجبارة، ذات القدرة الفائقة على تشكيل الأعماق وغسل المخ، في قلب الصورة الإيرانية بالكامل في الوعي العام. واستثمرت في ذلك أخطاء إيرانية، إضافة إلى هزال الإعلام الإيراني وعجزه، وطوق الحصار المحكم الذي فرض على الثورة الإيرانية، بعد أشهر قليلة من نجاحها».
هذا النص يكشف كيف يفكر فهمي هويدي، وما موقفه من طهران، وحكم «الملالي»، بل إنه يُرجع كل أخطاء إيران إلى «المؤامرة الكونية» على ما يعتبره «حصن المقاومة الأخير»، وينقد «ضعف الإعلام الإيراني» في التصدي لـ«الهجوم العربي الغربي».
هل كان هويدي يعرض خدماته على إيران؟
في عام ١٩٨٧ أصدر «هويدي» كتابه الشهير «إيران من الداخل»،، وقت أن كانت إيران من المحرمات في «العقل المصري» بل العربي.
إذا أمسكت هذا الكتاب ليس بعيدًا أن «تتعمم» بعد أن تفرغ منه، «الإعجاز» في تصوير «الثورة الإسلامية» باعتبارها «ظاهرة سماوية»، كان مدهشًا.
استمات «هويدي» فيه دفاعًا عن «الخوميني» واتهامه لـ«أبي بكر» و«عمر»، بـ«الردة والكفر»، في كتابه «كشف الأسرار».
اعتبر «هويدي» أن هذا الاتهام «مجرد نقد»: «رغم المكانة السامقة التي بلغها الخلفاء الراشدون، لكن أحدًا لم يقل بعصمة أحدهم وتظل ممارستهم مُعرضة للصواب والخطأ». (إيران من الداخل، ط٢، ص٣٣٢).
بعد سنة تقريبًا من المواجهة بين «هويدي» و«القرضاوي»، كان الأول ضيفًا على إيران بعد إجراء الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٠٩، ليكون أول صحفي عربي يجري حوارًا شاملًا مع الرئيس الإيراني وقتها محمود أحمدي نجاد.
العودة إلى الأرشيف في هذه الحالات على قدر كبير من الأهمية، ولننظر مثلًا إلى صياغة «وكالة أنباء فارس» لخبر زيارة فهمي هويدي إلى طهران.
قالت «وكالة أنباء فارس» في تغطيتها للزيارة إن فهمي هويدي من «المفكرين المصريين المؤيدين للمواقف المعادية ضد الكيان الصهيوني التي يعتمدها الرئيس محمود أحمدي نجاد، ويدافع دائمًا عن مواقف النظام الإسلامي في إيران».
يقف فهمي هويدي مع إيران في كل الأزمات، لا يرى أي خطورة في محاولاتها «التبشيرية»، فـ«لا يوجد تبشير بالشيعة، فهذه مجرد دعوة لمذهب يقوم به بعض الأفراد المقتنعين بأن من واجبهم الدعوة إلى هذا المذهب».
يعتقد أن الخوف من «المد الشيعي» في مصر مثلا «غير مبرر»، بل يتجاوز ذلك: «لا يوجد ما يسمى المد الشيعي أصلًا، إنما يوجد إعجاب بالنموذج الشيعي في إسقاط الشاه، ويوجد إعجاب بالنموذج الشيعي في مقاومة إسرائيل».
لا يخفي الرجل إعجابه بكل ذلك: «أنا نفسي معجب بهذه النماذج، وهذا لا يعني أنني شيعي أو أدعو إلى التشيع».
يغفل كل أطماع إيران في المنطقة العربية، ويرى أنه «لا وجود للأطماع الإيرانية»: «هذا ما يريدونه في الغرب أن نخاف من إيران، فلا نتحد معها سياسيا، لأنهم يعرفون لو أن السنة اتحدوا مع الشيعة سياسيا لتغيرت موازين القوى في العالم كله، ولكن المقصود من الدول المهيمنة الكبرى ألا يحدث أي تقارب بين إيران والدول السنية».
من بين أبرز المشاهد في علاقة فهمي هويدي وإيران، كان هجومه على شيخ الأزهر أثناء زيارة الرئيس الإيراني ووفد مصاحب له إلى المؤسسة -إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي- بعد حديث الإمام الأكبر في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اللقاء عن اضطهاد السنة في طهران وبغداد. المشهد الثاني كان مهاجمته «مرسي» بسبب «ترضيه» على الصحابة أثناء حضوره قمة عدم الانحياز بطهران، لقد تخلى فهمي هويدي حتى عن أصدقائه من الإخوان من أجل إيران.
من النسخة الورقية