السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

أسرار التسوية السياسية القادمة في اليمن.. حجم الخسائر والتدمير للشعب وعدم تحقيق القصف الجوي أهدافه غير كثير من المواقف الإقليمية والدولية.. ورغبة مصر في حل سلمي وراء قرار وقف عاصف الحزم..

طائرات عاصفة الحزم
طائرات عاصفة الحزم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على الرغم من استمرار الهجمات الجوية لطائرات عاصفة الحزم، حتى بعد إعلان تغيير اسمها، وإصرار الميلشيات الحوثية، والقوات العسكرية المتحالفة معها، على التقدم بإتجاة عدة مدن في شرق وجنوب البلاد.
إلا أن كل المؤشرات تشير إلى أن هناك تسوية سياسية يتم الإعداد لها، وأن التصعيد العسكري الذي جاء عقب إعلان انتهاء الحزم، هو محاولة من كل الأطراف لفرض واقع جديد على الأرض يفيدها عقب وقف إطلاق النار وفي المفاوضات القادمة، التي باتت أمرا مطلوبا من كل الأطراف الداخلية والخارجية. 
ويمكن التأكيد على أن إطالة أمد الحرب، وحجم الخسائر والتدمير الذي أصاب الشعب اليمني، ومدنه، وبنيته التحتية، وعدم تحقيق القصف الجوي أهدافه في منع الحوثيين وحلفائهم من التمدد في أغلب المدن، قد غير كثير من المواقف الإقليمية والدولية، التي ضغطت في اتجاه وقف القصف والحرب بشكل عام وأهمية الوصول لحل سياسي، وشهدت تلك العواصم اتصالات نشطة في هذا الاتجاه، وهنا أستطيع القول أن القاهرة كانت ولازالت حتى هذة اللحظة، بؤرة اهتمام ومرجعا لجميع هذة الاتصالات اليمنية والعربية والدولية، وخصوصا بعد جاءت أكثر من رسالة من الداخل اليمني ومن كل مكوناته السياسة، ترحب بدور دبلوماسي مصري، يسهم في وقف الحرب. القاهرة بدورها انتظرت بعض الشيء لنضوج تحرك سياسي ودبلوماسي يضمن نجاح تحركها الذي يمكن أن يتطور لمبادرة كاملة تنهي الأزمة والحرب في اليمن، وخلال الأسبوع الماضي استقبلت أكثر من وفد يمني، واستمعت لوجهات نظر كل الأطراف الفاعلة في المشهد اليمني، وأجرت عدة اتصالات مع عواصم عربية ودولية للتنسيق معها في هذا الاتجاه، وأوضحت لكل الأطراف أن رؤيتها لحل سياسي ينطلق من عدة اعتبارات: 
الأول: أن التحرك المصري جاء استجابة لطلب كل الأطراف اليمنية واستعداد هذه الأطراف لإنجاح هذا الجهد وقبول الحوار.
الثاني: أن التحرك المصري يأتي في إطار التزامها القومي بحماية أمن ومصالح دول المنطقة، وإدراكها لمخاطر استمرار الحرب على كل شعوب المنطقة.
 الثالث: أن هذا التحرك ينطلق من الاحترام الكامل، للقرارات الدولية وفي إطار المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني في اليمن والبناء عليه.
الرابع: وأنه ينطلق أيضًا من رغبة القاهرة في أن تساعد اليمنيين في إنقاذ بلادهم وضمان عودة الهدوء والاستقرار لبلادهم.
الخامس: أن الخطوة الأولى التي يجب أن تتخذها كل أطراف الصراع هو الإعلان الفوري بوقف العمليات العسكرية والالتزام بوقف إطلاق النار، والبدء في عمليات الإغاثة والإنقاذ، والدعوة لكل الاطراف للبدء في عملية سياسية تشارك فيها كل القوى والمكونات اليمنية للتوصل لحل سياسي، فى إطار شراكة وطنية تستجيب لطلبات كل القوى، وبتوافق وطني في ظل مرحلة انتقالية جديدة، لتصحيح الأوضاع وإعادة النظر في بعض المواد الدستورية المختلف عليها، والدعوة بعدها لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة، مع الأخذ في الاعتبار أولويات إعادة إعمار وبناء البلاد ومؤسساتها.
ويبدو أن مصر في إتصالاتها، استندت على رغبة الأطراف اليمنية في القيام بهذا الدور، وتعهدها بأنها ستلتزم بكل ما تتوصل إليه القاهرة من تصور يستهدف في النهاية إنهاء الحرب، مع عدم استبعاد أي طرف من العملية السياسية القادمة، مع احترام كل حقوق وسيادة كل دول المنطقة. ووفقا لمصادر يمنية، فإن مصر أبدت مخاوفها لجميع الاطراف اليمنية وللعواصم العربية والدولية من اتجاه الموقف وخصوصا مع التحركات البحرية للأساطيل الدولية والإقليمية لمنعطف خطير يهدد الأمن والسلم في العالم، ويشعل حربا إقليمية واسعة، سيكون الخاسر فيها دول المنطقة وشعوبها،إلا أنها رأت في الوقت نفسة تغير مواقف كثير من العواصم ورغبتها في إنهاء الحرب ودعوتها لحل سياسي للنزاع، وخصوصا مع تصاعد أرقام الخسائر البشرية والمادية في اليمن ودخول البلاد لمرحلة الكارثة.
ويمكن القول إن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لليمنيين منذ اللحظة الأولى للحرب، بالتحلي بالحكمة والإسراع في اتخاذ قرارات ومواقف تنقذ بلادهم من الدمار وإشارته أكثر من مرة بأهمية البحث عن حل سياسي للأزمة، قد شجع الأطراف اليمنية لإرسال وفود سياسية وأمنية إلى القاهرة، الأول كان الوفد الأمني الذي ترأسه الوزير حمود خالد الصوفي، رئيس جهاز الأمن السياسي (المخابرات)، الذي مكث عدة أيام في القاهرة وأجرى لقاءات مهمة مع مسئولين مصريين رفيعي المستوى، والثاني هو الوفد السياسي والدبلوماسي الذي ترأسه الدكتور أبو بكر القربي وزير الخارجية السابق والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام، (حزب الرئيس السابق على عبدالله صالح)، وضم هذا الوفد السياسي البارز سلطان البركاني، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر، إلى جانب السفير عبد الوهاب عبدالله الحجري، الذي ظل سفيرا لبلاده في العاصمة الأمريكية، واشنطن نحو 15 عاما، ووفقا لمتابعتي الشخصية لتحركات واتصالات الوفدين، فقد كان الهدف هو البحث عن حل سياسي للأزمة وإيصال وجهة نظر اليمنيين للقاهرة ودعوتها للتحرك لإنهاء الحرب والوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار، والوصول عبر الحوار إلى اتفاق يحفظ مصالح كل الأطراف. 
ولعلي لا أذيع سرًا أن الوفد السياسي والدبلوماسي قد التقى بوزير الخارجية سامح شكري، ومع الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية، ومع عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة، ومع عدد من الشخصيات السياسيه والحزبية اليمنية التي تعيش في القاهرة، إلى جانب 3 شخصيات صحفية مهتمة بالشأن اليمني والعربي، وهم الأستاذ محمد حسنين هيكل، والأستاذ مكرم محمد أحمد، وكاتب هذه السطور، وهو الأمر نفسة الذي قام به الوزير حمود الصوفي، ومن الواضح أن الاستجابة المصرية لدعوة اليمنيين قد حركت الجمود في الموقف، وخصوصا أن الوفد اليمني لم يكن يحمل مطالب سوي إنهاء الحرب، وتوفير ضمانات إعادة إعمار ما سببتة من تدمير، وعدم استبعاد أي طرف من العملية السياسية، ووفقا لما توصلت إليه فان الوفدين، نقلا وجهة نظر المكونات الحزبية وليست الشخصية وأن أحد أعضاء الوفدين نقل وجهة نظر جماعة أنصار الله (الحوثيين). 
أن الجماعة لديها اعتراض على بعض بنود الدستور وخصوصا فيما يتعلق بالتقسيم الإداري للبلاد، والتأكيد على عدم استبعادها من أي مرحلة من مراحل العملية السياسية، وأنها أي الجماعة على استعداد لقبول وقف إطلاق النار مع وقف القصف الجوي فورا، والقبول بمفاوضات برعاية عربية ودولية، وكان لافتا أن سلطان البركاني رئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام تكرار تحذيراته أمام الجميع أن استمرار الحرب وتدمير اليمن ومؤسساته لن يكون في مصلحة لا الشعب اليمني ولا في مصلحة دول المنطقة، فلن يبق، كما يقول، سوي تنظيم القاعدة وتيار التشدد داخل جماعة الحوثيين، مما يهدد بعودة الصدام بين الجماعتين.
عقب هذة اللقاءات، غادر وزير الخارجية سامح شكري القاهرة، والتقى بوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بالرياض، وتلقى العاهل السعودي اتصالات هاتفية من عدة عواصم عربيه ودولية، وأعلنت الرياض انتهاء عملية عاصفة الحزم وأجرت الدبلوماسية المصرية اتصالات مشابهة مع دولة الإمارات العربية ومع آخر من دول الخليج، وغادر الوفدان القاهرة منذ يومين إلى السعودية والتقيا مع عدد من المسئولين هناك، وقيل أن الوفدين إلتقيا بشخصيات يمنية ربما يكون من بينهم الرئيس عبد ربة منصور هادي. ومن المقرر أن يعود الوفدان مرة أخرى إلى القاهرة خلال أيام وأن تشهد القاهرة،حركة دبلوماسية عربية ودولية نشطة تتعلق بالشأن اليمني، وخصوصا مع تعيين مبعوث جديد للأمم المتحدة لليمن، وكثرة الاقتراحات التي تم طرحها خلال الساعات القليلة الماضية، ووفقا لمحصلة الحوارات واللقاءات التي تمت في القاهرة وفي عدد من العواصم الأخرى، فأن ملامح الحل السياسي القادم بدأ يتخذ إطارًا عامًا، يبدأ بوقف جميع العمليات العسكرية في جميع الأراضي اليمنية، والالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي، وانسحاب كل المسلحين من مواقعهم، وخصوصا عدن، وإفساح المجال لعودة الرئيس هادي ونائبة خالد بحاح إلى العاصمة الثانيه للبلاد، والبدء فورا في حوار سياسي يهدف لإقرار مرحلة مؤقتة قصيرة يتم فيها نقل السلطة لمجلس رئاسي يترأسه بحاح ويضم 4 شخصيات تمثل إلى جانب بحاح كل المكونات السياسية والحزبية، وتشكيل حكومة شراكة وطنية، ليعود هذا المجلس ومعة الحكومة، ليمارس سلطاته من العاصمة صنعاء ويتولى مع هذه الحكومة إعادة الأمن والحياة العادية للبلاد وإدارة كل مؤسسات الدولة والإشراف على تسليم الأسلحة، وإعادة بناء المؤسسات العسكرية والأمنية والنظر في الدستور ووضع جدول زمني لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية استكمالا للمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، فهل تستجيب الأطراف اليمنية لمثل هذة الجهود، وهل ستساعد مواقف دول الإقليم على ميلاد تسوية سياسية تنهي الأزمة والحرب، أعتقد أن الأيام القليلة المقبلة، ستجيب على هذة التساؤلات، ومن المؤكد أن الوضع في المنطقة يحتاج لمتابعة أخرى وخصوصا مواقف الأطراف الإقليمية والدولية من ملامح هذة التسوية المقترحة.