الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ماذا يقول الإخواني لنفسه وهو يذبح ابنته تحت أقدام الجماعة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فاطمة عربى يوسف، فتاة عمرها ١٧ عامًا، لكنها فعليًا عاشت ما يزيد على ١٧٠ عامًا بسبب ما رأته وأرغمت على فعله خلال سنواتها الأخيرة، فقد قادها والدها عضو جماعة الإخوان على أن تعترف بأنها تعرضت للاغتصاب على يد رجال وزارة الداخلية في محاولة منه لفضح ما يزعمون أنه انقلاب على الرئيس الشرعى المنتخب.
فضح عربى يوسف، الذي يعيش في منطقة عزبة النخل بالقاهرة، ابنته، عندما دفعها للحديث مع الكاذب هيثم أبو خليل على قناة الشرق الإخوانية بحكاية من نسج خياله وخيالها، جعلت كثيرين يتعاطفون مع الفتاة الصغيرة التي تعرضت لكل هذه الأهوال لا لشىء إلا لأنها إخوانية. 
كان يمكن أن تظل هذه القصة عالقة في ضمير الوطن، قلت عندما سمعتها للمرة الأولى إنها تمثل لو صحت أعلى درجات الإدانة للنظام الذي لا يجب أن يتورط أبدًا في اغتصاب فتاة حتى لو كانت تنتمى لتنظيم يخطط ليل نهار لاغتصاب الوطن وهتك عرض كل من يخالفه الرأى والمصلحة، فالأوطان التي تبنى على الظلم لا تدوم أبدًا حتى لو وقفت خلفها كل جيوش الأرض.
خرجت فاطمة لتتحدث وتكشف وتفضح - تحدثت معنا هنا في «البوابة» في البداية ثم انطلقت للفضائيات قصة الخداع الكبرى - لم أتوقف أمام ما قالته عن التنظيم الذي يمول ويخطط ويقود المظاهرات، فهذا طبيعى جدًا، ولم أتوقف أمام ما يفعله من يدعون الشرف والنزاهة، هؤلاء الذين يخرجون علينا من قنوات الإخوان اللقيطة رغم أنهم يلفقون ويكذبون، لأن المصلحة هي التي تحركهم وليس المبدأ، ولم اهتم كثيرًا بأن من تحدثت إليه على قناة الشرق هو الهارب الكذوب هيثم أبو خليل، فهو تافه غير متحقق متقلب يبحث عن دور، ولذلك فالانحطاط يليق به.
تركت كل ذلك وراء ظهرى، لكننى توقفت رغمًا عنى طويلًا أمام الأب الذي كان فاعلًا ومتفاعلًا في قيادة ابنته للوقوف على مسرح الفضح العام، ومشرفًا بإصرار على أن تقول ما قالته عن نفسها وعما جرى معها، ومؤكدًا عليها ألا تتراجع أبدًا. 
تساءلت عما كان يقوله لنفسه، وهو يواصل سقوطه الإنساني؟ عما تجسد أمامه من قيم وهو يُحفّظ ابنته الدور الذي ستقوم به؟ عما شعر به وهو يستمع إليها وهى تطارد أنفاسها معترفة باغتصابها؟ ما الذي يراه عندما يغمض عينيه، هل يراه بطلة ومناضلة؟ ما الذي يقابله في أحلامه بعد أن يذهب إلى فراشه لينام؟ وهل يمكن أن ينام مثل هذا الرجل وهو مرتاح الضمير؟
الكارثة أنه يمكن أن يفعلها، أن ينام ملء جفنيه. 
يمكن أن تكون سيطرت عليه النطاعة الإخوانية، وقال لنفسه إنه يتصدق بعرضه من أجل نصرة الحق، فابنته وشرفها وسيرتها لا تساوى شيئًا أمام دعمه للشرعية، التي يروج الإخوان لها كمرادف للإسلام نفسه، وعليه فعربى يوسف، الذي هو بلا قيمة فعلية داخل الجماعة هو أحد قيادات الصف الثالث أو الرابع، كان ينصر الإسلام بما فعلته ابنته هكذا قالوا له وهكذا علموه وهكذا خدعوه. 
المؤسف في الأمر أن الأب الذي حمل ابنته وذبحها تحت أقدام جماعته قاسية القلب، التي تلقى بأولادها في الجحيم، لم يستيقظ من غفلته بعد أن أفاقت ابنته، قالت هي إن والدها نفسه يمكن أن يسلمها للإخوان لينتقموا منها، والانتقام عند الجماعة لا يتوقف عند القتل فقط، بل بالحرمان من دخول الجنة، فهم يعتقدون أنهم وكلاء الله على الأرض يدخلون في جنته من يشاءون ويمنعونها عمن يريدون. 
هل أحدثكم من البداية عن أب؟ 
لا بالطبع، إننى أحدثكم عن مسخ بشرى، لا يعرف أي قيم أو أخلاق أو دين أيضًا، يسلخ ابنته أمام المجتمع فقط ليدين خصومه، لينتقم منهم ويشهر بهم.
والسؤال: ما الذي تفعله هذه الجماعة بأعضائها، كيف تستطيع أن تحولهم إلى كائنات دنيئة وبلا شرف إلى هذه الدرجة، ما الذي تغيره في عقولهم وتحذفه من أرواحهم؟ هل كان هؤلاء يعيشون بيننا بالفعل؟ هل كنا نعرفهم ونصادقهم ونأكل معهم ونسير معهم في نفس الشوارع ونجلس إلى جوارهم في نفس القاعات... أشك، أو أن الإجابة لا تستحق تحليلًا سياسيًا، بقدر ما تحتاج إلى تحليل نفسى عميق، يقول لنا أصحابه، كيف يمكن أن يتحول مواطن مصرى إلى مصاص دماء وبكل هذا البرود؟ فهل يجيبنا أحد؟