الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

محمد الفيتوري.. عاشق من إفريقيا

محمد الفيتوري.. عاشق
محمد الفيتوري.. عاشق من أفريقيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"في حضرة من أهوى عبثت بي الأشواق

حدقت بلا وجه ورقصت بلا ساق

وزحمت براياتي وطبولي الآفاق

عشقي يفني عشقي وفنائي استغراق

مملوكك لكني سلطان العشاق"

بعض من أبيات الشاعر السوداني الكبير محمد مفتاح الفيتوري، والذي يعد من رواد الشعر الحر الحديث ويلقب بشاعر إفريقيا والعروبة، ولد محمد مفتاح رجب الفيتورى، في 24 نوفمبر عام 1936م في مدينة الجنينة بالسودان، ووالده هو الشيخ مفتاح رجب الفيتوري وكان خليفة صوفي في الطريقة الشاذلية، العروسية، الأسمرية.


نشأ محمد الفيتوري في مدينة الإسكندرية بمصر، وحفظ القرآن الكريم في مراحل تعليمه الأولى، ثم درس بالمعهد الديني وانتقل إلى القاهرة حيث تخرج في كلية دار العلوم بالأزهر الشريف، وعمل الفيتوري محررًا أدبيًا بالصحف المصرية والسودانية، وعُيّن خبيرًا للإعلام بجامعة الدول العربية في القاهرة في الفترة ما بين 1968 و1970، ثم عمل مستشارًا ثقافيًا في سفارة ليبيا بإيطاليا، كما عمل مستشارًا وسفيرًا بالسفارة الليبية في بيروت بلبنان، ومستشارا للشئون السياسية والإعلامية بسفارة ليبيا في المغرب.

يعتبر الفيتورى جزءًا من الحركة الأدبية العربية المعاصرة، ويعد من رواد الشعر الحر الحديث، ففي قصيدة "تحت الأمطار" نجده يتحرر من الأغراض القديمة للشعر كالوصف والغزل، ويهجر الأوزان والقافية، ليعبر عن وجدان وتجربة ذاتية يشعر بها وغالبًا ما يركّز شعره على الجوانب التأملية، ليعكس رؤيته الخاصة المجردة تجاه الأشياء من حوله مستخدمًا أدوات البلاغة والفصاحة التقليدية والإبداعية.


وتعد إفريقيا مسرحًا أساسيًا في نص الفيتوري الشعري، شكلت فيه محنة الإنسان الإفريقي وصراعه ضد الرّق والإستعمار ونضاله التحرري أهم الموضوعات التي تناولتها قصائده، وألف عدة دواوين في هذا المضمار منها ديوان "أغاني أفريقيا" الصادر في عام 1955، و"عاشق من أفريقيا" وصدر في عام 1964م، و"اذكريني يا إفريقيا" ونشر في عام 1965، وديوان "أحزان أفريقيا" والصادر في عام 1966، حتى أصبح الفيتوري صوتَ إفريقيا وشاعرها، يقول في إحدى إفريقياته:

جبهة العبد ونعل السـيد

وأنين الأسود المضطهد

تلك مأساة قرون غبرت

لم أعد أقبلها لم أعــد


وللهّم العربي أيضًا مكانة في أعمال الفيتوري من خلال تناوله للقضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية، فقد تنقل الفيتوري بين العديد من بلدان الوطن العربي ومدنه من الإسكندرية وحتى الخرطوم ومن بيروت ودمشق حتى بني غازي وطرابلس، وكتب العديد من القصائد المهمة التي جعلته واحدا من كبار الشعراء العرب المعاصرين، ومن دواوينه "أغاني أفريقيا صدر في عام 1955"، "عاشق من أفريقيا 1964"، "اذكريني يا أفريقيا 1965"، "أحزان أفريقيا 1966"، "البطل والثورة والمشنقة 1968"، "سقوط دبشليم 1969"، "معشوقة درويش متجول 1971"، "ثورة عمر المختار 1973".

ومن أبرز أشعاره:

لقد صبغوا وجهك العربي

آه.. يا وطني

لكأنك، والموت والضحكات الدميمة

حولك، لم تتشح بالحضارة يوما

ولم تلد الشمس والأنبياء


كتب الفيتوري عن الحرية والانعتاق ومناهضة القيود والاستبداد والاعتزاز بالوطن منذ بداياته الشعرية ففي قصيدة "أصبح الصبح" والتي تغنى بها المغني السوداني محمد وردي يقول:

أصبح الصبح ولا السجن فلا السجن ولا السجان باق

وإذا الفجر جناحان يرفان عليك

وإذا الحسن الذي كحل هاتيك المآقي

التقى جيل البطولات بجيل التضحيات

التقى كل شهيد قهر الظلم ومات

بشهيد لم يزل يبذر في الأرض بذور الذكريات

أبدا ما هنت يا سوداننا ويوما علينا

بالذي اصبح شمسًا في يدينا

وغناء عاطرا تعدو به الريح، فتختال الهوينى

وفي قصيدة أخرى يقول:

كل الطغاة دُمىً

ربما حسب الصنم، الدمية المستبدة

وهو يعلق أوسمة الموت

فوق صدور الرجال

أنه بطلًا ما يزال"


وبعد رحلة عناء كبير مع المرض، رحل عن عالمنا الشاعر الكبير محمد الفيتورى، اليوم الجمعة فى المغرب، حيث كانى يتلقى علاجه الأخير، ليلحق بكتيبة الشعراء الخالين الذين صعدوا إلى السماء بعدما أثروا بكتاباتهم وجدان الأمة العربية.