السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الحكومة تحارب "الهجرة غير الشرعية" بمؤتمرات ودارسات ميدانية لا قيمة لها.. والشباب يرد ساخرًا: بنهاجر تضييع وقت وتسلية!.. وخبراء: الأسباب معروفة والحل في برنامج السيسي الانتخابي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم اختفاء حوادث الهجرة غير الشرعية وانزوائها في مصر خلال عامين تقريبًا، إلا أن استمرارها في بلدان قريبة منا وبالتحديد في "الجارة" ليبيا التي لقي فيها المئات حتفهم في إحدى محاولات الهروب بحرا إلى إيطاليا، واحتمالية إقدام شبابنا على محاولة جديدة دفعنا لفتح هذا الملف، في ظل وجود رغبة "حكومية" لوضع حد لهذه الظاهرة من خلال بحثها علميا بدراسة ميدانية تشرف عليها اللجنة التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية التي ترأسها السفيرة نائلة جبر، ما يطرح سؤال عن جدوى الدراسة الميدانية وجميع أسباب الظاهرة معروفة ولم تتغير بل وتزداد، في الوقت الذي تشهد فيه شرم الشيخ خلال أيام مؤتمرا دوليا لمكافحة الهجرة غير الشرعية مواكبا لمؤتمر مفاجئ يعقده الاتحاد الأوروبي للحد من تلك الظاهرة الخطيرة.
"البوابة نيوز" نزلت إلى منطقة كفر الجزار بالقليوبية وهي من أشهر المناطق التي يهاجر شبابها إلى أوروبا وإيطاليا تحديدا بحسب رواية أهلها، واستطلعنا آراء بعضهم حول خطوات الحكومة ودراستها وحلولها لمنع الهجرة غير الشرعية.
في البداية وبالقرب من شريط سكة حديد بنها - الوجه البحري حيث تقف مجموعة من الأبراج السكنية أصحابها من المهاجرين لأوربا سألنا "أحمد عبد الله" شاب في العقد الثاني من عمره الذي أوضح لنا أن حلم السفر لأوروبا موجود تقريبا في عقول معظم شباب المنطقة نظرا لهجرة عدد كبير منها، موضحا أنه ينتظر فرصة للخروج من مصر والعمل في أوروبا وقد أصبحت فرص العمل في الداخل قليلة والعائد منها لا يكفي "المصاريف الشخصية"، مستنكرا اتجاه الحكومة لدراسة الظاهرة قائلا: "وبعد ما يدرسوها إيه اللي هيحصل يعني؟ لا ظروف البلد هتتغير ولا الشباب العاطل هيبطل يحلم بالهجرة!".
وأبدى "عم همام" من أهالي المنطقة حيرته مع أبنائه الذين يحلمون بالسفر للخارج، فالعائد المادي للعمل في أوروبا خيالي ولا يقارن حتى بالسفر للخليج، ولكن في الوقت نفسه مخاطره صعبة وكم يكون الحزن عندما يغرق أحد الأبناء في إحدى الحوادث حتى لو في مناطق أخرى.
وطالب "عم همام" الحكومة بالسعي لبدائل عملية بدلا من التفكير في طرق نظرية وغير مجدية لمنع الشباب من التفكير في الهجرة، وأن توفر لهم فرص عمل تليق بهم وتؤمن مستقبلهم، أو تخفض الأسعار التي تجعل الحياة صعبة خصوصا لمن يبدأ مشوار حياته.
ورأى " أمجد عاصم" خريج تجارة شعبة محاسبة ويبحث عن السفر للخارج، أن هذه الدراسة جريمة مقننة ووجه من أوجه إهدار المال العام، لأننا أولا وقبل أي شيء دولة لا تحترم العلم ولا نتائج البحث العلمي، ثانيا الدراسة تكون لشيئ غير معروف أو مجهول السبب.
بين "عاصم" أن الهجرة غير الشرعية ليست جديدة علينا وأسبابها معروفة وهي البطالة وعدم احساس الشباب بأن هناك شيء يربطه ببلده فلا أسرة أو زوجه أو عمل وحتى المشاركة السياسية غير فعاله ونحن نرى حال الأحزاب والقوى السياسية المتصارعة على الفتات، ثم تاتي وتقول: إن هناك دراسة أثبتت أن الشباب المصري يضع السفر أو الهجرة في أعلى درجات أولوياته وتطلعاته، وتابع ساخرا:" ياسلام.. جبت الديب من ديله سعدتك!! هو الشباب بيسافر ويغامر بمستقبله وحياته تسليه أو تضييع وقت أو بحثا عن المتعة والإثارة مثلا؟!!".. الحكومة فاشلة حتى في إيجاد البدائل والحلول".
وجاء تأكيد "هاني رضا" أحد العائدين من رحلة عمل بالخليج على أنه قرر العودة من العمل بالخليج لأن العائد أصبح ضعيف وقد ارتفعت تكاليف الحياة هناك وضعف الرواتب، وانه يفكر في تغيير مسار عمله وسيتجه للبحث عن السفر لأوروبا رغم ما يسمعه من أخبار الغرق في محاولات السفر غير الشرعي، موضحا أنه في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلد والتفجيرات والقتل والإرهاب " بره أو جوه.. كلها موتة".
وفسر د. جاد الطلباوي المحاضر في التنمية البشرية سخرية الشباب من إقدام الحكومة على دراسة الظاهرة قائلا: "وكم من ظاهرة أو مشكلة درستها الحكومة ثم انتهت أو قضت عليها؟ المحصلة والنتيجة دائما صفرية، والشباب لم يعد عندهم ثقة في سياسات الحكومة، فما الجديد الذي ستقدمه الدراسة الميدانية المزمع إجراؤها؟ هل ستفتح مصانع وشركات تستوعب أعداد البطالة المتزايدة؟ أم أنها ستساعد في حل مشاكل تأخر سن الزواج وأسبابها المادية والاجتماعية؟
وأوضح خبير التنمية البشرية أن اقتراح الحكومة يأتي من باب "قلة الحيلة" وتضييع الوقت وكم مليون جنيه، بدلا من العمل الجاد على إيجاد بدائل سريعة وناجزة من باب معونة البطالة أو إعلانات الوظائف الحقيقية وليست الوهمية التي يعلن عنها في القطاع الخاص وهي وظائف بلا حقوق.
ومن جانبه أشاد د.سامي أبو بيه، خبير التربية وعلم النفس وعميد تربية المنوفية الأسبق باهتمام الحكومة ببحث الظاهرة، مبينا أنه ليس بالجهد الكافي وحده لأن الدراسة لابد أن يواكبها خطوات عملية، حتى لو على المستوى المعنوي وهو ما يقنع الشباب بأنها جادة في حل مشاكلهم، لكن انتظار نتائج الدراسة لكي تخلي مسئوليتها وتقول أن الدراسة أثبتت كذا وكذا، فماذا يفيد الشاب وهو يبحث عن وظيفة بمرتب مجز في ظل زيادة الأسعار التي تلتهم أي دخل سواء متوسط أو فوق متوسط.
وذكّر "أبو بيه" الحكومة ببرنامج الرئيس السيسي الانتخابي الذي حمل معه خطة لمساعدة الشباب في إيجاد وظائف مناسبة وتيسير المشروعات المنتجة وهو ما يجب أن يترجم على أرض الواقع بإجراءات سريعة، قبل أن نستيقظ على خبر غرق عدد من شبابنا على السواحل الأوروبية.