الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

قناعات لم تتغير!! أهل الثقة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد سقوط النظام الملكي في تاريخ مصر الحديث.. جاء عدد من الروساء أبرزهم عبد الناصر، والسادات، وحسني مبارك، وقد ترك كل واحد منهم أثراً ما زال يعيش داخل الشعب المصري؛ بل ربما تمكن من نخاع الغالبية من الشعب.
فعبد الناصر رفع نظامه شعار (أهل الثقة أفضل من أهل الخبرة)، والسادات الرئيس المؤمن (لدولة العلم والإيمان) التى فيها مكن الجماعات الإرهابية المتطرفة من مصر، وحسني مبارك شعار نظامه (لا أسمع لا أرى لا أتكلم).
وسار جميع رؤساء مصر على المبدأ الناصري "أهل الثقة أولى من أهل الخبرة"، فلذلك ليس بغريب أن الغالبية العظمى من محافظي مصر إما لواءات شرطة، أكرم عليهم النظام بمحافظة، أو لواءات جيش.
وإذ نحن بصدد مصر الجديدة التي قام شعبها بأعظم ثورتين في تاريخها الحديث: ثورة 25 يناير التي أسقطت الدولة الديكتاتورية والأمنية، وثورة 30 يونيو التي أسقطت وحطمت تجار الدين وهكسوس العصر جماعة الإخوان المسلمين.. تلك الجماعة التي تعايشت رغم كراهية الأنظمة السابقة لها، كان لها رصيد فى الشارع المصرى ولكنها استطاعت بغباء منقطع النظير أن تتحطم على صخرة حب الشعب المصري للوطن.
ما زالت بعض الثوابت والقناعات بمصر لم تتغير فهناك طريق طويل للتغيير، وما زال العديد من أهل الثقة يشغلون مراكز مهمة وبالتحديد المحافظون.
عمل المحافظ هو عمل اجتماعي جماهيري يحتاج إلى رجل له قدرة على الاستيعاب والمرونة في التعامل وإعلاء القانون في كل شئون الدولة بكل حزم، ولكن، هيهات، الواقع يؤكد أن المحافظ العسكري أو الأمنى الذي قضى عمره الوظيفي متلقيًا للتعليمات وعليه تنفيذها!! لا يستطيع الخروج من هذا الدور ولا ينتج، بل أحيان كثيرة يكون عائقًا أمام تحقيق التقدم للمحافظة لأنه في صدام دائم بين موقعه القيادي الجديد وبين دوره القديم كمتلقٍ للتعليمات وحسب.. وأحيانًا في صدام مع موظفيه وأكثر الأحيان مع شعب محافظته، فيصبح غير منتج بل منتج للعديد من الإشكاليات.
مشكلة كبرى تواجه مصر: فعلى سبيل المثال محافظ المنيا!! بصعيد مصر لواء شرطة سابق من أهل الثقة وربما له أيديولوجية دينية جعلته عائقًا بين الشعب وبعضه، وكادت المنيا تحترق وبالتحديد مركز سمالوط في قرية العور بسبب أمر مشروع ألا وهو بناء كنيسة للشهداء الذين قدموا أنفسهم لله والوطن (شهداء ليبيا).
وإخفاق آخر للمحافظ في قرية الجلاء، حيث يوجد بها 1500 قبطي يسعون لبناء كنيسة طبقًا للدستور المصري "حرية الاعتقاد" وبعد سنوات من العذاب تم استخراج التصاريح اللازمة وحين شرع الأقباط في بناء كنيستهم تمكن الغوغاء والدهماء من إيقاف البناء.
والإخفاق الثالث فى مركز مغاغة، ولعب دور البطولة هنا ليس المتطرفون إنما الأمن المصري، حيث قام الأقباط بالصلاة في خيمة داخل أرض قبطية بسبب أن أقرب كنيسة تبعد 6 كم عنهم، محطمًا الخيمة رافضًا صلاة الأقباط.
محافظ المنيا، لواء الشرطة، أحد رجال أهل الثقة فرّط فى سيادة الدولة وإعلاء شأنها وقام بعقد جلسات عرفية خارج إطار القانون تمثلت فى الاجتماع المغلق لخمس شخصيات قبطية وخمس شخصيات مسلمة، وتفاوض فى قرار سيادى ببناء كنيسة فى قرية العور، ورضخ للمتطرفين ونقلت الكنيسة خارج القرية شرقًا في استهانة بقرارات سيادية وقيمة الدولة وسيادتها.
بالطبع سيادة المحافظ الرجل الأمني له أصدقاء من رجال الأمن وهو من أهل الثقة فلا مانع من ظلم المواطنين وتحطيم قيمة الدولة ونصرة الغوغاء والدهماء والأهم بقاء سيادة المحافظ طبقًا للمبدأ الناصري على أهل الثقة.
رفقًا بمصر!! فوظيفة محافظ تتطلب إعطاء دورات تدريبية ليصبح رجلًا جماهيريًا قادرًا على التعاون مع الجميع، بما فيهم البسطاء والمفكرون والمتطرفون والمحبون، وليس رجل قضى عمره الوظيفي في السمع والطاعة!! ولا سيما طاعة المتطرفين التي تؤدي لهدم وتحطيم قيمة الدولة.
"العوامل العاطفية توشك أن تكون معدومة الأثر في حلبة السياسة كما في ميدان التجارة" بسمارك.