الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وامصراه.. إلى أين ذاهبة؟ (1)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ثلاث وقائع حدثت على أرض مصر فى أسبوع واحد.. والوقائع الثلاث إن دلت فإنما تدل بل وتؤكد أن هناك خللا كبيرا وخطيرا يهدد مصر ولابد من التوقف بكل جدية عنده..
**
وأبدأ بالواقعة الأولى:
واقعة وزير هو وزير للثقافة.. يذهب الوزير لتفقد مؤسسة تابعة لوزارته، وزارة "الثقافة" وهناك يشاهد موظفة تتحدث معه عن مشكلة تتعلق بتعطل الإجراءات في الوزارة نتيجة لتحكم حالة المركزية.. فإذا بالوزير يجيبهابما يعتقده خفة ظل قائلا: "أنا عندي مشكلة مع التخان، وأبقي اطلعي السلم عشيرين مرة في اليوم عشان تخسي!!".
بداية العبارة التي صدرت من الوزير تعد إهانة وتجريحا شخصيا بغض النظر عن طبيعة عمل الموظفة سواء كانت مديرة أو حتى عاملة نظافة
ثم والأهم: عندما تصدر عن وزيرا للثقافة فهي لا تتوقف فقط عند الإهانة الشخصية والتجريح الشخصي، بل تتعدى هذا بكثير لتصل إلى إهانة وتجريح للوطن كله.. فهو الوزير المسئولة وزارته عن تشكيل العقل ورقي الفكر وتنمية الذوق والانتصار لإيجابية القيم لدى المجتمع المصري كله ، بل ومفترض أن يصل هذا التأثير إلى الشعوب العربية جمعاء، وكما كان الحال بمصر فى أزمنة سابقة.

**
 إنه الوزير المسئول عن وزارة دورها في غاية الأهمية والخطورة.. وزير أذكر أننى وفور توليه المسئولية كتبت مقالتى بعنوان (يا وزير الثقافة ابدأ بالحيتان) انبهه إلى حيتان كثيرة مدمرة داخل وزارته لن لابد له أن يبدأ بتطهير الوزارة منهم أولا..
وما يهمنى الآن أن أضع هنا من جديد مقدمة تلك المقالة وفيها كتبت بالضبط:
(أن وزارة الثقافة وفى هذه الظروف وهذا التوقيت تحديدا تكاد أن تتساوى درجة أهميتها وخطورتها مع أهمية وخطورة مؤسستين قد أولاهما رئيس الجمهورية الدرجة الأولى فى قائمة الأولويات، وهما المؤسسة العسكرية والمعنية بكل ما يخص الأمن القومي، وثانيهما المنظومة الاقتصادية لانتشال مصر من "الغرقة" الاقتصادية التى أحلت بها بعد حكم فساد استمر أكثر من 30 عاما، ثم حكم جماعة إرهابية خائنة خربت مصر في خلال سنة واحدة ما يعادل تخريب عشرات السنين..
نعم فى هذا الظرف وهذا التوقيت تحديدا يصبح دور وزارة الثقافة فى غاية الاهمية والخطورة، فهى المنظومة المعنية بتشكيل الوعى والفكر والوجدان، فإما خرب وشوه وأصبح ممهدا لاستلابه سواء استلابا رجعيا متخلفا، أو استلابا غربيا متأمركا (غير رشيد) بما يحمله تعبير متأمرك من فتح طريق العمالة والخيانة للوطن.. هذه أما الأولى.. أما الثانية فهي تشكيل وعى وفكر قائم على ثوابت وطنية غير قابلة للزعزعة وللاختراق، من خلال تاريخ يؤخذ منه كل ما فيه من حقائق ووقائع تعد نماذج شرف وفخر وتقدم للأجيال يتعلمون منها ويقتادون بها، أايضا تشكيل وجدان مرتبط بقيمنا النبيلة وأصولنا الجميلة وتراثنا الثقافي الوطنى الشامل الذى يستقبله العالم بكل ترحاب وحب رغم اننا نسيناه وتركنا للعابثين يعبثون به ويقبحون ما فيه من جمال نادر فى شموليته وتعدد حضاراته ومنابعه..
لكل ما سبق وغيره الكثير والكثير تصبح وزارة الثقافة ويصبح دورها رقم ثلاثة من حيث الأهمية والخطورة بعد المؤسسة العسكرية والمؤسسة الاقتصادية)..

**
 كانت هذه مقدمة المقالة التي استقبلت بها وزير الثقافة الجديد فور توليه المنصب، أكرر فيها أمامه ما نردده صباحا ومساء عن خطورة وأهمية دور وزارة الثقافة وعن أهمية التخلص من كل الموجودة القديمة، المتجمدة الحركة، العتيقة الرؤية، المعيقة لأى خطوات تجدد أو ارتقاء..
وبعد نشر مقالى بأسبوعين تقريبا شاهدت الوزير فى برنامج تلفزيونى ، وعقب المشاهدة والاستماع لحواره وردوده والتى تعكس رؤيته ودرجة نضوج فكره، وجدتنى أكرر هذا القول: (طالما أننا نعمل بنفس الرؤى وبنفس العقليات وبنفس الآليات والأسماء التى عملت طيلة 30 سنة من حكم مبارك دون أن يكون لها هما سوى البقاء على مقعد المنصب ، ولم تأخذ مصر خطوة واحدة إلى الأمام.. طالما الأمر هكذا، فعلينا للأسف التسليم بأن أي محاولة لفتح باب جديد يدخل منه نور الشمس سوف يقابل بكل الوسائل والأساليب والبطش لإغلاقه، ومنع نور الشمس وخنق أي ومضة جديدة لحياة مختلفة أكثر وعيا وأكثر حرصا على الوطن وأجياله المتعاقبة.. وفى النهاية وأمام هذا الخنق للحياة لا يصبح أمامنا إلا أن نعزى أنفسنا فيك يا مصر!).

وهذا القول كنت قلته في حديث هاتفي سابق لرئيسة الأوبرا- والتى هي أحد قيادات وزارة الثقافة منذ سنوات طوال والتى تقف بمؤسسة الأوبرا محلك سر إلا من فعاليات شكلية وهوجة مظهرية لا تسمن ولا تغنى من جوع ثقافى تعانى منه مصر لسنوات طوال، وتعوق أى محاولات لتقديم رؤية وفكر وقيم صحيحة تنقذ الضحايا من شباب هذا الوطن..
وهو - وكما ذكرت نفس القول - الذي كررته مع نفسي بعد مشاهدتى لوزير الثقافة فى البرنامج التلفزيوني الذى لم أجد من وراء حديثه أى جديد يبعث على الامل ، انما هى نفس العبارات الإنشائية الممجوجة التى تفترض فى متلقيها السذاجة ، وهى نفس العقلية لصاحب الكرسي الذى يريد الإبقاء عليه حتى لو كانت النتيجة ان نظل هكذا محلك سر..
ثم جاءت هذه الواقعة (الفضيحة) من الوزير لتؤكد أن أصحاب القرار يجيدون التفتيش عن الأسوء ويختارونه ليقود !!

**
جاءت هذه الواقعة (الفضيحة) من وزير الثقافة  الأستاذ الجامعي، لتؤكد مع كل الأسف والأسى والوجع أننا فعلا علينا أن نعزى أنفسنا فيك يا مصر..
يا مصر التى وكأنهم يتعمدون تركك تذهبين إلى طريق الهاوية !

**
وإلى حديث آخر عن الواقعتين الأخريين .