رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا يجب أن نصدق السيسي عندما يقول إنه لن ينجح وحده؟

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعرف عبدالفتاح السيسى -المواطن قبل الرئيس- كما نعلم جميعًا، أن هذه هي فرصتنا الأخيرة لننجو بمصر مما يراد لها وبها، يعلم أن الدولة لو أفلتت من بين يديه، فسنتحول جميعًا إلى أسرى، ولن يتردد الإرهابيون في تنظيم حفلات قتل جماعية في ميدان التحرير، يدرك أن رقبته لن تكون بعيدة عن أيدى هؤلاء الذين يحلمون ليل نهار بأن يوقعوا به وبنا، ولذلك تجده يلح على أن يقوم الجميع بأدوارهم التي من المفروض أنها منطقية في حماية الدولة المصرية. 
كان حادث استاد كفر الشيخ الذي سقط -في القلب منه- عدد من طلاب الكلية الحربية شهداء دالًا جدًا، فالإرهاب لا يستهدف الجيش الحالي فقط، ولكنه يريد أن يقتل الأجيال المقبلة، التي ستنضم إلى صفوف المقاتلين المدافعين عن الوطن.. فهم السيسى الرسالة، كان بين طلاب الكلية الحربية صباح الجمعة، تحدث معهم، جرى في مقدمة صفوفهم، في محاولة لجبر خواطرهم، والتأكيد على أنه معهم وليس بعيدًا عنهم. 
طالب السيسي الجميع الجيش والشرطة والإعلام والقضاة وطوائف الشعب المختلفة بأن يتكاتفوا، فالبلد في حرب حقيقية، وهى حرب يعرف هو، كما نعرف نحن، أنه لن يخوضها وحده، ويعرف هو كما نعرف نحن أن هناك من يريد إفشاله وإفشالنا.. ولذلك لا بديل عن التوحد على قلب رجل واحد، مهما كانت اختلافاتنا. 
قد تكون أزمة السيسى، كما يبدو، أنه يعمل بمفرده حتى لو قال عكس ذلك، لم يتمكن حتى الآن من تكوين فريق عمل يدرك خطورة الوضع الذي تقف مصر على حافته، ولذلك تشعر أن من حوله يعملون ضده، لكن عزاءنا جميعًا أنه وبمفرده صادق فيما يقوله، ومخلص فيما يرغب في تنفيذه. 
المعادلة صعبة، وهو وحده لن يستطيع تحقيقها.. في اجتماعه مع مدير المخابرات وقيادات الشرطة، أمس الأول، طالب بحماية المنشآت الحيوية والضرب بيد من حديد على يد الإرهاب، مع الحفاظ على حقوق المواطنين، وهى صيغة عصية على التنفيذ، فالوضع استثنائي -تمامًا- ولا يقدر على أن ينجو منه بكفاءة سوى المحترفين.. والمحترفون في مصر الآن أصبحوا عملة نادرة جدًا. 
لقد وقع السيسى في الفخ المصرى الشهير، استدعيناه، قلنا له إنه الرئيس الضرورة، وضع شرطًا أن نعمل جميعًا معه، لكنه وعندما جاء، وجد الجميع وقد عادوا إلى غرف نومهم، شدوا الأغطية على بطونهم، وجلسوا أمام شاشات التليفزيون يمسكون في أيديهم بالريموت كونترول يقلبون في القنوات، ليتابعوا ما الذي سيفعله السيسى... وهذه هي الأزمة الكبرى التي يواجهها الرئيس. 
مؤكد أن السيسي يشعر بالقهر لأنه أصبح رئيسًا لمصر في هذه الفترة المضطربة، فترة هي الفتنة بعينها، ينتظر منه الجميع أن يحقق لهم أحلامهم، دون أن يبذلوا أدنى مجهود لمساعدته في تحقيق هذه الأحلام. 
المواطن العادي يريد أن يأمل ويشرب ويعلم أولاده ويعالجهم، وهذا حقه، الشاب يرغب في أن يكون له عمل وبيت وزوجة وهذا حقه، الإعلامي يريد أن يحصل على المعلومات كاملة دون إبطاء وهذا حقه، المفكرون والأدباء يريدون حرية بلا حدود في أن يقولوا ما يريدون دون أن يقف أمامهم أحد، وهذا حقهم، رجال الأعمال يرغبون في أن يتحول البلد إلى سداح مداح، يغترفون من خير البلد دون رقيب أو حسيب، وهذا حقهم - من وجهة نظرهم بالطبع - وقبل هؤلاء جميعا وبعدهم يقف الإخوان المسلمون وحلفاؤهم يريدون أن يستردوا البلد كاملًا، ويعتقدون أن هذا حقهم ولا بد أن يحصلوا عليه، ولو كان هذا بالقتل الذي لا يعرف الرحمة. 
في وسط هذا الزحام والبحر الهائل من التناقضات لا يبحث أحد عن حق عبدالفتاح السيسى، ولا أحد يريد أن يصدق أنه لن يستطيع وحده أن يفعل كل شىء، لا يريد أحد أن يصدق أنه لا يملك عصا سحرية، فالسيسى مواطن أصبح رئيسًا، لا يملك قدرة أن يقول للشىء كن فيكون. 
ليس مطلوبًا منا الآن إلا أن نصدق عبدالفتاح السيسى في أنه لن يستطيع أن ينجح وحده، صدقوه واعملوا معه وبجواره من أجل أن ينجح، لأنه لو فشل فسنضيع جميعًا، والضياع في هذه الحالة معناه العدم، يطلب منا أن نساعده.. فلابد أن نستجيب له.. ليس أمامنا طريق آخر، ولو كان لديكم طريق مختلف دلونا عليه.