الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

سارتر.. الفليسوف العاشق

جان بول سارتر
جان بول سارتر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يقابل والده، بولو الصغير كما كان يناديه جده ولكنه قابل نفسه، ووعدها أن يحبها أكثر ويكتشف معها الحياة ويتسكع في شوارع باريس ويحتسي القهوة ويفجر مفاجآته على الورق للعالم.
ولد جان بول سارتر في شهر يناير عام 1905 بباريس ونشأ داخل عائلة برجوازية بسيطة كان والده ضابط بالجيش، وعمه من رجال السياسة، وكانت لوالدته عائلة من المفكرين والمدرسين، أول ما تعرف عليه في طفولته كانت مكتبة العائلة الضخمة التي فضلها عن مصادقة الأطفال واللعب معهم.
كان "سارتر" يختلف كثيرا ويتميز عن باقي أقرانه بسلوكه المائل للعزلة التي شكلتها له القراءة، وتربية جدة له الذي كانت شخصيته حادة حتى إلتحق "سارتر" بالمدرسة العامة وهو في العاشرة من عمره.
"المثقف هو الشخص الذي يتدخل فيما لا يعنيه ويمتلك القدرة على الجهر بالحقيقة" كلمات كتبها سارتر ولكنه كان يعيش تفاصيلها منذ أن التحق وهو في السادسة عشرة من عمره بالثانوية في مدرسة "هنري الرابع"، وكتب أول أعماله الأدبية وكانت قصتين قصيرتين يحكي فيهما حكايتين منسوبتين لمدرسين في القرية، واللتين كشفتا جزءا من شخصية سارتر الساخرة من سلطة المجتمعات ونفوره من الحياة الاجتماعية المصطنعة.
رسوب سارتر في مسابقة شهادة الأستاذية في الفلسفة عام 1928 كان له الفضل في لقاء سيمون دي بوفوار وأصبح رفيقها حتى آخر أيامها، حصل سارتر على المركز الأول في المحاولة الثانية في المسابقة وحصلت سيمون دي بوفوار على المركز الثاني، طلب سارتر بعد تأدية الخدمة العسكرية أن يتم نقله إلى اليابان، حيث إنها طالما أثارت اهتمامه، ولكن لم يتحقق هذا الحلم، حيث تم إرساله إلى مدرسة "هارف" الثانوية والتي يطلق عليها "فرنسوا الأول "، وكان هذا اختبارا حقيقيا لسارتر الذي طالما أخافته الحياة المنظمة والذي نقد دائما في كتاباته الحياه الريفية المملة.
انتشرت أفكاره الوجودية من خلال المجلة التي أنشأها في 1945 تحت اسم "Les Temps modernes".
وكتب سارتر في هذه المجلة بجانب سيمون دي بوفوار وموريس ميرلو بونتي وريمون آرون وآخرون، في الافتتاح لعددها الأول، طرح سارتر تساؤلا عن مبدأ مسئولية الفرد وعن الأدب "الموجه" الذي يأخذ اتجاها واضحا، فبالنسبة لسارتر، الكاتب هو شخص صاحب موقف في عهده حتى إن تظاهر بالموضوعية، طغت هذه الرؤية على جميع النقاشات الثقافية في النصف الثاني من القرن العشرين، واعتبرت هذه المجلة الفرنسية الأكثر شهرة على المستوى العالمي، بذلك أنهى سارتر التقليد الفلسفى الذي يقضى بأن الكاتب دائما على الحياد كما قيل كثيرا في فرنسا الفيشية وألمانيا النازية.
اشتهر جان بول سارتر بغزارة إنتاجه الإبداعي، فكتب الرواية والمسرح والفلسفة ومن أهم أعماله "تعالى الأنا موجود"، "التخيل" عام 1963، و"تخطيط لنظرية الانفعالات" عام 1939،" الخيالي" عام 1940، و"الوجود والعدم عام" 1943، و"الوجودية مذهب إنساني" عام 1946، و"نقد العقل الجدلي" عام 1960.
توفى سارتر في 15 أبريل عن عمر يناهز 75 عاما في مستشفى بروسية بباريس بعد إصابته بأزمة قلبية، ودفن في مقبرة مونت بارناس بباريس" الحى 14"، بعد أن هرع 50 ألف شخص إلى شوارع باريس للسير في موكب الدفن ولإعطائه التكريم المناسب لشخصه.