الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مجددون جدد .. أحمد شوقي الفنجري (3)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ويمضي بنا د. الفنجري في كتابه "كيف نحكم بالإسلام في دولة عصرية" ليواصل رفضه واستنكاره لفكرة قيام حكومة دينية فيقول: "إن الحكومة الدينية لها سلطان رهيب، والدين قد يكون في يدها سلاحا ذا حدين يستعمله الحاكم المستبد كما يشاء لكي يقضي على معارضيه ويستأثر بالحكم متهما غيره بالزندقة والإلحاد أو الخروج على أوامر الدين، بل لقد كان بعض الخلفاء من ترك وعرب يقطع رءوس معارضيه أو يصادر أرضهم وأموالهم باسم الدين وبفتوى شرعية تؤيد حكمه وتحل دم عدوه"، ويمضي مؤكدا "فالحكومة الدينية تعتبر نفسها ظل الله في الأرض وما على الناس إلا السمع والطاعة دون تفكير، فلا ابتكار ولا إصلاح ولا حرية معارضة أو نقد، بل جمود في كل مرافق الحياة وتقليد السلف مع تطرف في الرأي وقسوة في العقاب" (ص33).
ثم يسأل د. الفنجري، كيف نقيم أذن نظاما إسلاميا يتفق مع قيام دولة عصرية ويتعامل مع الواقع ومع الديمقراطية والتقدم والحرية دون زيغ. ويجيب "لابد لنا من دعامتين" الاجتهاد العصري في الفقه والشريعة لمواجهة المشاكل والقضايا التي جدت علي المجتمع الإسلامي، ويجب أن يكون هذا الاجتهاد عاما وشاملا لكل جوانب الحياة في دولة الإسلام، وليس قاصرا علي نظام الحكم وحده ويجب أن يكون هذا النظام جاهزا. وهذا الاجتهاد يجب أن يشمل النظام الاقتصادي والنظام الاجتماعي والنظام التربوي والتعليمي والسياسي. ويجب ألا نأخذ من التجارب السابقة إلا ما يناسب عصرنا وظروف مجتمعنا الحاضر، أما الدعامة الثانية فهي الاستفادة من النظم الغربية المعاصرة لنا سواء كانت في الشرق أو الغرب فهذه الدول الناهضة العريقة مرت بتجارب عديدة إستمرت قرونا إلي أن توصلت إلي النظام الأمثل لهذا العصر الأمر الذي يعطيها أقصى قدر من الديمقراطية والتقدم والاستقرار(ص43).. وإذا كان بعض المتأسلمين يتمسكون "بالسمع والطاعة" للخليفة أو للأمير فإن د. الفنجري يقول "أن المعارضة في عصرنا لا تعتبر نوعا من الرفاهية الزائدة كما يدعي بعض انصار الحكم الفردي، بل أنها أصبحت ضرورة من ضرورات استقرار المجتمع وفلاح الأمة" (ص49) ثم يقول "ولم يكن الرسول ليغضب من الرأي المعارض له، وكان يتبع رأي الجماعة إلا في الأمور التي يأتيه فيها أمر من السماء" ثم يقول "ولو أن الحكم الإسلامي دخل في تجربة مصادرة الأحزاب واكتفى بحزب إسلامي واحد هو الحزب الحاكم (وهذا ما كان ينادي به الأستاذ حسن البنا) لتحول الأمر إلي عهود الخلافة المتأخرة كالخلافة العباسية والتركية التي كان الخلفاء فيها يعدمون خصومهم باسم الدين وينصبون لهم المشانق ويفتحون أبواب السجون بفتوى يستصدرونها ولا أحد يعارضهم. (ص51) ويقول "والجهاز الحزبي في الدول المتقدمة أقدر من الأفراد على دراسة المشاكل وإبداء الرأي فيها" (ص52).. ولم نزل بحاجة إلى أن نواصل مع فكر مجدد ومستنير.