الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الإخوان" تجهز خطة لاغتيال زوجات ضباط بـ"الأمن الوطني"

الأمن فى اختبار جديد أمام "خسة الإرهاب"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ إنشاء جهاز الأمن الوطنى (أمن الدولة سابقًا) عام ١٩١٣، وهو مكلف بمهمة أساسية وهى محاربة قيام دولة دينية، ولأن هذه هي مهمة صعبة، فإن رجاله يواجهون أعنف الفصائل الإسلامية، التي نشأت من رحم جماعة الإخوان المسلمين.
العناصر الإسلامية لا تعرف غير لغة القتل والدماء وليس لديها أي مانع من إقامة صفقات مع النظام، لكنهم أهل غدر في النهاية.
صفقات الإسلاميين مع جهاز الأمن الوطنى لم تمنع كراهيتهم لرجاله ومحاولتهم إلحاق الأذى بهم، بعد ما سببه لهم الجهاز من «عقدة نفسية» عمرها أكثر من ثمانين عاما، وستستمر للأبد.
صحيح أن جهاز الأمن الوطنى ليس به ملائكة، بل إنه كان في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك جهازا «سيئ السمعة»، والجهة الأكثر كرها وعداوة مع الشعب المصري، حيث ابتعد عن مهمته الأساسية كجهاز معلومات يواجه الإرهاب، وأصبح يلاحق معارضى «مبارك» ونظامه ورافضى «مشروع التوريث»، خاصة في السنوات العشر الأخيرة من عمر نظام «مبارك».
كان اسم «أمن الدولة» كفيلا بأن يدخل الخوف والذعر في قلب أي مواطن مصري، وهو الأمر الذي لم يصبر عليه المصريون كثيرا، فكانت تجاوزات الأمن أحد أهم أسباب قيام ثورة ٢٥ يناير.
أثناء عام الإخوان الأسود كانت «عقدة أمن الدولة» تسيطر عليهم بشكل واضح، خاصة أنهم جميعا كانوا عملاء لدى ضباط الجهاز، والمقصود هنا أعضاء مكتب الإرشاد وقيادات ورموز الجماعة.
حاولوا أن يتحكموا ويسيطروا على هذا الجهاز الذي أذاقهم المر، واستطاعوا عن طريق خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان أن يحصلوا على الشفرات الخاصة بعمل الجهاز، وقائمة بأسماء ومهام ضباطه، وذلك عن طريق قيادات بالجهاز تعاونوا مع الإخوان حتى يرضى عنهم النظام الجديد.
تم الكشف عن عدد كبير من هؤلاء الضباط بعد قيام ثورة ٣٠ يونيو، وبسبب ما حصل عليه الإخوان من معلومات مهمة تخص رجال الجهاز وخريطة تحركاتهم ومهامهم السرية التي يقومون بها، وخاصة في سيناء، أصبح الجهاز كتابا مفتوحا للجماعات الإرهابية، ونجحوا فعلا في التخلص من بعض رجاله بالقتل الذي لا يعرفون غيره.
ويعد اغتيال الضابط الشهيد «محمد أبو شقرة» الذي كان يقوم بمهمة سرية في سيناء أول اغتيالات ضباط الأمن الوطنى بعد تولى الإخوان الحكم واطلاعهم على أسرار الجهاز وضباطه، حيث إنه قتل أثناء حكم «مرسي» وإن كان في آخره.
ولأن الإخوان كانوا لا يحبذون ما يقوم به الضابط الشريف، لأنه ضد مشروعهم الخائن، حيث كان يجمع معلومات عن الجماعات الإرهابية التي استوطنت شمال سيناء بمساعدة الرئيس المعزول محمد مرسي وتحت رعاية وحماية مكتب الإرشاد، فقتلوه حتى يكون عبرة لغيره من ضباط الجهاز الذين لا يعملون لحسابهم.
تم اغتيال النقيب «أبو شقرة» عندما كان يقود سيارة نصف نقل في العريش، عندما قام مجهولون بإطلاق النار عليه أثناء سيره، واستشهد على الفور، وكان ذلك قبل قيام ثورة ٣٠ يونيو التي أنقذت مصر من مصير شديد السواد.
وبعد الثورة على الإخوان وعزلهم وضعوا رجال الشرطة بشكل عام ورجال الأمن الوطنى بشكل خاص هدفهم الأول في قوائم الاغتيال.
كانت البداية مع الضابط الشهيد «محمد مبروك» ولم يكن «مبروك» الأول، لأنه يوجد من سبقه إلى الشهادة من رجال الأمن الوطنى، ولكن واقعة «محمد مبروك» هي الأشهر، حيث تم قتله بطريقة بشعة، وهو مستقلا سيارته وفى طريقه من بيته إلى مقر عمله، وكان ذلك في الطريق العام في مدينة نصر وأمام الناس جميعا، عندما اعترض سيارته مجهولون وأطلقوا النيران عليه واستشهد في الحال.
منذ هذه الحادثة تحديدا أصبح كل من يعمل في جهاز الأمن الوطنى في انتظار الموت، يعرف أنه مستهدف من الإخوان ومن الجماعات الإرهابية الأخرى بشكل رسمى وواضح، ولكن هذا لم يجعلهم يتراجعون عن مهمتهم في مواجهة طيور الظلام.
وقبل استشهاد «مبروك» بأيام قليلة حدث اغتيال أمين شرطة في العريش، يعمل أيضا لدى الأمن الوطني، وقصة استشهاده من أبشع ما حدث حتى الآن في حوادث اغتيال ضباط الجهاز، لكن للأسف تفاصيل اغتياله لم يتناولها الإعلام ولم تنشر عنها الصحافة غير خبر صغير، فقد ذهب الإرهابيون إلى بيته في الصباح الباكر، واقتحموا المنزل الذي يعيش فيه مع زوجته وأبنائه، وأخذوه من وسطهم إلى الخارج وأطلقوا الرصاص عليه أمام منزله أمام أسرته، وعندما بدأ خبر مقتله في الانتشار قتل الشهيد «مبروك»، وهو ما جعل قصة استشهاد أمين الشرطة تظلم إعلاميا.. ولكنها بالفعل كانت من أبشع الاغتيالات فقد استشهد الرجل أمام زوجته وأولاده في مشهد سيظل عالقا في أذهان صغاره للأبد.
كان استشهاد أمين الشرطة يعد أول اغتيالات رجال الأمن الوطنى عقب ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ثم توالت حوادث الاغتيالات لرجال الأمن الوطني، وكذلك استهدافهم وأسرهم بالعنف والخطف، وكانت أكثر الوقائع خارج القاهرة حيث إن الأقاليم محدودة بالنسبة للعاصمة من حيث المساحة وعدد السكان، ومن اليسير الوصول لهم ومن ثم قتلهم.
ومنذ بداية العام الحالى، وبعد ظهور اللجان النوعية في جماعة الإخوان المسلمين، وقد بدا واضحا أن خطط الجماعة تغيرت كثيرا عن العام الماضي، حيث اختفت تقريبا المظاهرات وكذلك شغب الجامعات، وتم تصعيد الاغتيالات وارتفعت وتيرة التفجيرات وإلقاء القنابل واستهداف المدنيين أكثر من أي وقت مضي، وعلى مدى الشهور القليلة الماضية تم اغتيال عدد من رجال الأمن الوطني، وكان آخرهم شهيد محافظة المنوفية، وهو أمين شرطة يعمل بالجهاز، الذي قتل بعد عودته من صلاة الفجر، وهو أمام منزله، وأطلق مجهولون «١١» طلقة عليه، وقتل أيضا على مقربة من أهله، وخرج ابنه مفزوعا من المنزل ليشاهد والده وهو غارق في دمائه، وقد اتهم الإخوان بقتله عقب الحادث مباشرة بشكل صريح، وقبل شهيد المنوفية كان شهيد محافظة الدقهلية، وهو أمين شرطة أيضا في الأمن الوطني، وكان الإخوان يهددونه دائما بالقتل، لدرجة أن جيرانه وأقاربه نصحوه بأن يترك المدينة، وأن يطلب نقله إلى مكان آخر، لأنه مستهدف والإخوان متربصون به، ولكنه رفض أن يترك عمله وأهله من أجل الإخوان، إلى أن جاء اليوم الذي نفذ فيه الإخوان تهديدهم واغتالوه، واتهم أهله تنظيم الإخوان الإرهابى بقتله، في حين ذهب بعض الأهالي لمنازل ثلاثة من الأشخاص المعروفين بانتمائهم للإخوان وأشعلوا فيها النيران انتقاما من قتل أمين الشرطة.
ومنذ شهر تقريبا انفجرت قنبلة وضعت أسفل سيارة في مدينة المنصورة، وتبين بعدها أنها سيارة زوجة ضابط بجهاز الأمن الوطني، كان الإخوان هناك أيضا يبعثون له بالتهديدات له ولأسرته منذ شهور، وبالفعل وضعوا العبوة الناسفة أسفل سيارة زوجته، التي انفجرت واحترقت مع عدد من السيارات التي كانت تقف بجانبها، وأسفر أيضا عن الانفجار تحطم واجهات بعض المحال التجارية وإصابات بين المارة..
ويقول مسئول أمنى: إن الجماعات الإرهابية الآن تتربص بضباط الأمن الوطنى وعائلاتهم حتى ينتقموا أشر انتقام من الضباط، وأن حادثة تفجير زوجة ضابط المنصورة ليست الوحيدة في استهداف أسر الضباط، حيث سبقتها حوادث أخرى، وكان منها حادث في الإسكندرية، حيث تم وضع قنبلة أمام سكن عقار يسكن به ضابط بالأمن الوطني، وحسب شهود العيان أن الإرهابى وضعها عقب خروج الضابط مباشرة من منزله إلى عمله، وأنه في المعتاد أن زوجته وابنه الصغير يخرجان بعده كل يوم بنصف ساعة تقريبا، حيث إن الزوجة تقوم بتوصيل ابنهما إلى المدرسة وهى تذهب لعملها، ويبدو أن الإرهابيين كانوا يتابعون ذلك لأنه يحدث بشكل يومي، ولكن أبلغ السكان بوجود جسم غريب وضعه شخص مجهول واختفى بعد ذلك، وتم تفكيك القنبلة قبل انفجارها بواسطة ضباط المفرقعات، ويؤكد المسئول الأمنى أن المقصود هنا كان زوجة الضابط وابنه وليس هو.
ويضيف، أن المسئولين في الجهاز كثيرا ما يصدرون تعليمات للضباط وللإمناء بتغيير سكنهم وخط سيرهم، وخاصة الذين يوجد بشأنهم تهديدات، ولكن ما يحدث أن منهم من يستجيب فعلا ومنهم من يصعب عليه فعل ذلك، أو يرفض أصلا أن يغير سكنه وينقل أسرته لمكان آخر، من باب أنه يرفض أن يغير حياته من أجل هؤلاء، وهو ما يجعل الإرهابيين ينفذون تهديداتهم لأن معظم من اغتالهم الإرهاب كانوا مهددين من قبل، ولكنهم يستهترون بهذه التهديدات وبإمكانية تنفيذها.
ويؤكد أنه يوجد بالفعل مخطط جديد لاغتيال ضباط بالأمن الوطنى وأمناء، وتم الكشف عنه حديثا، ويوجد قوائم بأسماء الضباط وأرقام هواتفهم وأماكن سكنهم وتحركاتهم أيضا لدى جماعات تنتمى لتنظيم «بيت المقدس».
كما أن القوائم تضم أسر الضباط وخاصة المتزوجين، حيث تشمل أسماء زوجاتهم وأبنائهم ومواعيد خروجهم من المنزل لمن يتحرك في مواعيد ثابتة للمدارس أو العمل، والوزارة لا تدخر جهدا في حماية أبنائها وبقدر الإمكان تستطيع الأجهزة الأمنية إفشال هذه المخططات قبل تنفيذها، وتحذر المستهدفين وتطالبهم بتحذير أسرهم وتغيير سكنهم وتحركاتهم، ولكن بعض الضباط في أحيان كثيرة لا يستجيبون لهذه التحذيرات.
من النسخة الورقية