رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

التنظيمات الإسلامية ورؤساء مصر "تاريخ من الشد والجذب"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مرت الجماعات الإسلامية في مصر بعدة مراحل في علاقاتها مع رؤساء الجمهورية بداية من الرئيس عبدالناصر وصولًا إلى الرئيس السيسى والذي كان واضحا منذ البداية ورفض التصالح مع جماعة تلوثت أيديها بدم المصريين، وأغلق كل الأبواب أمام من يطالبون بعودة الجماعة للحياة السياسية من جديد، وأعلنها صريحة وأكد مرارا أنه لن يسمح بوجود جماعات تروج لأفكار تكفيرية أو تعمل ضد الوطن، لأن السيسى يعرف أكثر من غيره أن الجماعة لن تغفر له استجابته لمطالب المصريين في الاطاحة برئيسها المعزول محمد مرسي، ويدرك جيدا أن أنصار الإخوان وحلفاءها لن يتركوه يهنأ يوما واحدا في الحكم.



ورغم أن الجماعة ومنذ تأسيسها على يد حسن البنا في العام 1928 تجيد اللعب مع السلطة، وتؤمن بمبدأ الدخول في صفقات مع النظام الحاكم إلا إنها تجد نفسها مع السيسي في مأزق خطير بعد رفض المشير وساطات عديدة للتصالح مع الإخوان واختياره المواجهة حتى النهاية رافضا السير على خطى الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي دفع حياته ثمنا للتقارب مع الجماعة. 

عبدالناصر مصر بلا إخوان

لم يكن هناك وجود لجماعات الإسلام السياسي بهذا العدد والعلاقات المتشعبة كما كانوا في عهد الرئيس السادات ومن بعده مبارك وحتى الرئيس السيسى كانت وحدها جماعة الإخوان المسلمين تسيطر على التيار السياسي المحافظ في مصر حتى عبدالناصر والعديد من قيادات مجلس قيادة الثورة مروا من عباءة الجماعة لكنهم تركوها بعدما رأوا فيها من انحراف وطمع.
بعد ثلاثة أشهر على الثورة، رفض عبد الناصر طلبات للإخوان حول ضرورة إخضاع قرارات الثورة لمشورتهم كما رفض طلبات أخرى تتعلق بالحجاب، ومنع المرأة من العمل وإغلاق المسارح وصالات السينما وهدم التماثيل والتشديد على صالات الأفراح وقتها "قال عبد الناصر للإخوان "لن أسمح لكم بتحويلنا إلى شعب بدائي يعيش في مجاهل إفريقيا". وقع الصدام.. راح الإخوان يعملون ضد عبد الناصر واتجه الزعيم الراحل إلى ملاحقتهم وصل الأمر بهم إلى حد الرغبة بالاستيلاء على السلطة، و قال المرشد العام لجماعة الإخوان لوكالة أنباء اجنبية "أعتقد أن العالم الغربى سيربح كثيرًا إذا وصل الإخوان المسلمون إلى حكم مصر". 
حاولت الجماعة اغتيال الرئيس عبدالناصر في أكثر من مرة لعل أشهرها حادثة المنشية والتي تسببت في حل الجماعة والقبض على قياداتها، فالرئيس الراحل جمال عبدالناصر والذي ادرك من البداية أن الجماعة طامعة وإرهابية ولا يمكن أن يكون لها أمان فحاول كثيرا معهم إلا أنهم حاولوا في النهاية اغتياله أكثر من مرة فلم يكن من الزعيم إلا أن يفتح أبواب السجون والاعتقال ضد جماعة فضلت التعامل والتعاون مع جهات خارجية ضد مصر في وقت تبحث فيه البلاد عن الاستقلال، وهو ما دفع عبدالناصر إلى اعتقال قيادات الجماعة وعلى رأسهم سيد قطب وعبدالقادر عودة وغيرهم وحكم بالاعدام على الكثير من اعضائها كما صدر حكم في 13 يناير عام 1954 بحل جماعة الإخوان وحظر نشاطها كما تم حل نقابة المحامين ونقابة الصحفيين حتى لا يتمكن الإخوان من الدخول فيها كستار لهم. 
إلا أن محاولات الإخوان استمرت للترويج للعنف والقتل وبقى التنظيم الخاص رغم إعلان الجماعة انها قمات بحلة أكثر من مرة إلا أن سيد قطب ومن يحيط به من رجال بقى بأفكارهم حتى تم القبض عليهم في 1965 في قضية التنظيم الخاص وكان من ضمنهم المرشد الحالى محمد بديع واتهموا بعدد من القضايا وحكم على قطب بالإعدام وقتها.
ورغم كل ذلك فإن أغلب الجماعات الجهادية خرجت من عباءة الإخوان ومنهم صاحب أو تنظيم جهادى صالح سرية الذي جند الشباب من داخل منزل زينب الغزالى، وحاول إغتيال السادات في قضية الفنية العسكرية.


السادات يعيد الإخوان والجماعة الإسلامية تقتلة

على عكس سلفه الرئيس عبدالناصر، سار السادات حاملا مشاعل عودة جماعات الإسلام السياسي وشهدت جماعة الإخوان المسلمين أزهى عصورها في عهد الرئيس السادات، حتى أن مرشدها العام كان يصلي في المناسبات خلف رئيس الجمهورية، بعد أن كانوا يعتقلون في عهد عبد الناصر، وجاء هذا بدعم من النظام لجميع الحركات الإسلامية.
نصيحة للسادات كان مفادها ضرورة الاستعانة بالإخوان ومجموعات الشباب المتدينين في الجماعات المصرية من أجل مواجهة النظام الاشتراكي اليساري الذى لا يزال يعيش في حلم ناصر ويهاجم السادات بشتى الطرق وفى كل الأماكن لذا كان عليه مواجهتهم بتصعيد الإسلام السياسي فاتفق مع عمر التلمسانى على منحهم مساحة لإعادة الجماعة من جديد وأفسح المجال أمامهم للمشاركة في الحياة السياسية كما كان الآمر للجماعة التي بدأت بشكل تربوى دعوى في الجماعات المصرية ومن رموزها ناجح إبراهيم وعبدالمنعم أبو الفتوح وابوالعلا ماضى وحلمى الجزار وغيرهم فبدأ التلمساني الاعتماد على الشباب واستقطابهم ففضلت مجموعة عبدالمنعم أبوالفتوح الانضمام إلى الإخوان بينما فضل باقى الجماعة كرم زهدى وناجح إبراهيم واسامة حافظ وغيرهم التغيير بالعنف فتعلموا على يد محمد عبدالسلام فرج والذي كان صاحب فتوى "قتل الرئيس السادات ".
لم تكن الإخوان والجماعة الإسلامية فقط هم البارزون من الجماعات الإسلامية بل أيضا تنظيم الفنية العسكرية بقيادة صالح سرية الذي حاول اغتيال الرئيس السادات أثناء اجتماع للقيادات العسكرية معه بالكلية الفنية العسكرية فهجموه وحولوا اقتحام الكلية لكنهم فشلوا بعدما تصدى الأمن لهم وقبض على باقى أعضاء التنظيم.
وهناك أيضا جماعة التكفير والهجرة التي تزعمها شكرى مصطفى وتمكنت من اغتيال الشيخ الذهبى وزير الأوقاف تم إدانة الجماعة باغتيال الذهبي وزير الأوقاف آنذاك عام 1978م في محاكمة عسكرية وانتهت بحكم الإعدام شنقًا لخمسة من المتهمين وكان منهم شكري مصطفى بعد أن كان الذهبي قد انتقد في إحدى المناسبات فكر جماعة شكري مصطفى بسبب إحساسه بخطورة هذا الفكر وعظم مخالفته للعقيدة الإسلامية.
السادات ربى الوحش فكانت النتيجة مأساوية حيث ارتكبت الجماعة الإسلامية والجهاد العديد من العمليات وقبض على أعداد منهم وكثرة التنظيمات الجهادية مثل "الإخوان، الجماعة الإسلامية "الجهاد، التكفير والهجرة " إلا أن عام 1981 كان الحاسم حيث اغتالت هذه الجماعات الرئيس السادات في العرض العسكري ثم حدثت مواجهات عنف كبيرة واضطرت الدولة للجوء للمحاكمات العسكرية في عهد الرئيس مبارك.


مبارك "الإخوان" تتمدد.. والجماعات الإسلامية تعتقل

جماعة الإخوان المسلمين عرفت طوال تاريخها بالبحث عن مصالحها وعقد الصفقات إذا ما استمر التضييق عليها وهو ما اتبعه الرئيس الاسبق محمد حسنى مبارك معها في ترك مساحات كبيرة لها للتحرك حيث شهدت علاقة جماعة الإخوان المسلمين بنظام مبارك منحنيات كثيرة بدأت بسلام حذر من الطرفين، ثم دعم واتحاد لشحن المجاهدين لمحاربة احتلال الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، وهو ما وجد فيه نظام مبارك مخرجا جيدا للتخلص من الحركات الإسلامية التي قضت على سلفه، وإرضاء للنظام الأمريكي الذي كان يدعم هذه الحركات ضد السوفيت، ثم ما لبثت أن انتهت الحرب الأفغانية بنهاية الاتحاد السوفيتي لتأتي محاولة اغتيال الرئيس مبارك في إثيوبيا في التسعينيات، وما أعقب ذلك من اتهامات خفية لجماعة الإخوان بالعلم المسبق بها، ليتحول النظام من التعاون الحذر إلى العداء المعلن للجماعة.
استمر نشاط جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية في عهد مبارك وتمكنوا من تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية في الأقصر وفى خان الخليلى لكنه فرض مزيد من القوة وواجهه التنظيمات باالعنف والمحاكمات العسكرية إلا أن بدوا في تنفيذ المراجعات الفكرية في نهاية التسعينات فبدأت حدة العنف تنتهى.
أما مع الإخوان فنظام مبارك لم يكن ليحاول القضاء بالكلية على أعضاء الجماعة، ولكنه كان دائما يسعى لتحجيم دورهم مع إبقائهم كفزاعة يرعب بها الغرب، ويجعلها أحد أسباب حماية الغرب لوجوده مسيطرا على الحكم في مصر، فكان دائما يحرص على إبقاء رهائن منهم تحت الاعتقال أو السجن بموجب أحكام عسكرية، في تصور منه أن في ذلك ضمان لعدم إيذائهم لحكمه، ولكنه لم يتبع معهم أنظمة التعذيب الشرسة أو القتل المتعمد أثناء الاعتقال، مثلما كان يفعل مع أعضاء التيارات الإسلامية الجهادية الأخرى، التي عاد بعضها من أفغانستان بعد الحرب، وذلك ربما لظنه أن أي تيار سلمي لا يمكن أن يؤثر بشكل كبير على كرسي الحكم.
دخلت جماعة الإخوان للانتخابات البرلمانية وتزايد أعضاؤها وانتشرت في كل قرى ومحافظات مصر وتمكنت من السيطرة على الحياة الاجتماعية وتشعلت كل ذلك كان تحت سمع وبصر مبارك ورجاله وبصفقات بين الطرفين فكان من الطبيعى أن تنقلب الجماعة عليه في النهاية وهو ما اسهم في زيادة قوتها لكنه لم يكتشف ذلك الا أخيرا مع قيام ثورة يناير حيث لعبت الجماعة دورًا كبيرًا في الاطاحة بمبارك .


السيسى "لا إخوان ولا عداء مع الإسلاميين"

الرئيس السيسى كان واضحا حين قال لن اسمح بظهور جماعات تفرق بين الوطن الواحد ولن اسمح بعودة الإخوان ورغم ذلك فهو لم يعاد الجماعات الإسلامية فالنور لا يزال يشارك في الحياة السياسية والوطن والوسط والبناء والتنمية رغم تورطهم في العنف مع الإخوان إلا أنه لم يعاقبهم ويحل أحزابهم لكنه في نفس الوقت قرر أن من يرتكب العنف فسيكون مصيره الحل والسجن لأن الوطن لن يسمح لهم بأى أعمال تخريب أو اعتداء على الدولة.
لكن الإخوان حاولوا بشتى الطرق من خلال إرهابهم وتمويل تنظيمات إرهابية وحركات عنف أخرى من أنصار بيت المقدس مرورا بأجناد مصر وحتى حركات عنف لم تكن بقوة هذه التنظيمات، جميعهم عمل على تدمير مصر وتخريبها والتحريض عليها في الخارج إلا أن السيسى لا يزال يخوض معركته بحكمة وقدرة على إدارة الأزمة في ظل إرهاب التنظيمات الإسلامية مع فتح الباب للمشاركة لمن يتبع الخط السلمى للدولة والقانون.