رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"القوى الإقليمية على خط المواجهة".. "معهد واشنطن": الضربات السعودية تصدت لأطماع إيران في اليمن.. وحولت حلبة الصراع على النفوذ والقيادة بين طهران والعرب

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مازالت الأوضاع في اليمن وعملية "عاصفة الحزم" التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد جماعة "أنصار الله" الحوثى، تتصدر المشهد في الإعلام العربي والدولى وكذلك معاهد الابحاث العالمية، فقد أكد معهد واشنطن للدراسات في تعليقه على "عاصفة الحزم" أن اليمن تحولت لحلبة صراع على النفوذ والزعامة والقيادة بين إيران والعرب، فبعد أن كان الصراع داخليا بين تنظيم القاعدة وجماعة الحوثي والحكومة السنية أصبح الصراع دوليا لتشهد حلبة الصراع تداخل القوى الإقليمية في خط المواجهة.
وقال تقرير للمعهد: إن الرياض تصدت لأطماع إيران في اليمن وذلك عن طريق العملية العسكرية "عاصفة الحزم" والضربات الجوية المباغته لمعاقل جماعة الحوثي لتعلن بذلك عن بداية فصل جديد في اللعبة الكبرى للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط، لـتصبح الرياض وطهران في حرب مباشرة وواضحة على الزعامة في المنطقة. 
التدخل الإيراني في الشأن العربي:
وأكد التقرير، أنه على امتداد الثلاثين عاما من عمر الثورة الخمينية والتي أخذت إيران على عاتقها تصدير هذا الكيان المدعو بالدولة الإسلامية لجميع دول المنطقة، لتصبح الثورة الخمينية بمثابة حبوب لقاح لغالبية الأراضي المجاورة لها.
وأضاف: وعلى مدى الأعوام الماضية دخلت إيران في عداوات مستمرة مع جيرانها، حيث تعيش حالة مستمرة في الخصومة غير المعلنة مع محيطها العربي كله، فلدى طهران سياسات معادية للجميع فكلما اندلعت أزمة أو حرب في دولة من دول المنطقة تبنت هي موقفا عدائيا لباقي دول المنطقة وخاصة المملكة العربية السعودية، وعلى مدى العشر الأعوام الماضية، شهدت العلاقات اليمنية الإيرانية حالتي مد وجزر شديدتين، لكنها كانت جزرا أكثر من كونها مدا خاصة منذ اندلاع المواجهات المسلحة بين جماعة الحوثي "الشيعية" المتمردة في محافظة صعدة شمال اليمن وقوات الجيش اليمني في يناير 2004.
وأشار المعهد، إلى أن علاقة اليمن بإيران، بدأت عقب توقيع المبادرة الخليجية بشأن انتقال السلطة سلميًا في اليمن، بظهور قوة ملامح هذا التغلغل الإيراني بتمويل طهران لعدد من الأحزاب كحزب الأمة والحزب الديمقراطي اليمني، عدا عن تمويل عدد من وسائل الإعلام ما بين صحف وقنوات فضائية، وغالبية هذه القنوات تبث من بيروت كقناة المسيرة التابعة لجماعة الحوثي وقناة الساحات ذات الصبغة "غير المذهبية.
وتابع التقرير: ولم تكتف إيران بدعم حلفائها من خلال الجانب الإعلامي فقط، بل عملت على تمويلهم ماليًا وتزويدهم بالسلاح والتدريب عليه عبر مدربين لبنانيين وعراقيين، حيث تشير بعض المعلومات أنه تم تدريب أعداد كبيرة من الأفراد التابعين لجماعة الحوثي أو من أنصار الحراك المسلح طوال الفترة الماضية.
فقد صرح رئيس لجنة الهيكلة بوزارة الداخلية الدكتور رياض القرشي، أنه تم إيقاف سفينة إيرانية "جيهان1" في خليج عدن محملة بكميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة متوجهة للحوثيين.

لماذا اليمن؟
يطل اليمن على أهم ممرات الطاقة في العالم ممثلا بمضيق باب المندب الذي يعبره قرابة 3.2 ملايين برميل نفط يوميًا، فموقع اليمن الإستراتيجي والتماثل الطائفي يعد ركائز الإستراتيجية الإيرانية تجاه اليمن، وتزداد أهمية صنعاء لدى النظام الإيراني كلما اقتربت لحظة سقوط نظام بشار الأسد في دمشق، حليفها الأبرز في المنطقة، وينتهج النظام الإيراني سياسية تعويض الخسائر بأسرع وقت ممكن، فتتحرك إيران لتعويض خسائرها المحتملة في سوريا في حالة إسقاط بشار الأسد بالسيطرة على صنعاء، فضلا عن هاجسها بتكرار تجربة حزب الله واستنساخها في جماعة الحوثي.
والأهم بالنسبة للإستراتيجية الإيرانية هو موقع اليمن بجوار المملكة العربية السعودية التي يسعى الإيرانيون لتطويقها جنوبًا بعدما نجحوا في تطويقها شمالًا بإسقاط نظام الرئيس صدام حسين في بغداد.
فلدى إيران أهداف واضحة ومحددة في سياستها الخارجية ورؤية إستراتيجية وخطط إستراتيجية لتحقيق الأهداف، وأهمها أن تكون القوة الوحيدة في المنطقة العربية وجواره، ليس ذلك فحسب بل وأن تكون قوة كبرى وفاعلة على المستوى الدولي، وبناء عليه يجب عليها أن تسيطر على الممرات المائية والمضايق البحرية فضلا عن السيطرة مصادر الطاقة في المنطقة، إضافة إلى نشر التشيع، أو قيام حكومات موالية لها. 

السياسة السعودية في اليمن:
تعد الرياض الأكثر تأثيرا من أي طرف سواء كان إقليميا أو دوليا في الأزمة اليمنية، فهي تعي جيدا توابع سيطرة الحوثيين على السلطة، وهذا ما رفضته الرياض، وبدأت فعليا في التحرك للتصدي لأطماع إيران في اليمن، وقادت المملكة تحالف خليجي ووجهت ضربات عسكرية لأهداف الحوثيين رغبة منها دحرهم وإسقاط مشروعهم المتماهي مع المشروع الإيراني للسيطرة على المنطقة بأبعاده القومية والطائفية والسياسية فإن المملكة تجد نفسها أمام صراع حيوي يهدد وجود الدولة السعودية وكينونتها وهذا ما يحركها بقوة لترسيخ أموالها وجيشها لمحاربة إيران في اليمن.
تمثل اليمن للسعودية عمقها الإستراتيجي والعكس صحيح، وفي حالة تعرضها لظروف استثنائية أو مخاطر فإنها تجد في عمقها الإستراتيجي ملاذا آمنا، لكن تعد صنعاء هي الأهم بالنسبة للمملكة لاعتبارات كثيرة تتصل بموقع اليمن على أهم الممرات المائية ومضيق باب المندب، في حين المملكة تحيط بها مضايق هرمز، باب المندب، قناة السويس، ولو حدث وأغلقت في وقت واحد فإن المملكة تختنق، ومن ثم لن تجد غير اليمن للوصول إلى البحر العربي والمحيط الهندي.
وتنظر الرياض لصنعاء على أنها من أحد المصادر الداعمة لأمنها القومي، أو مصدر من مصادر الخطر، وفي الحالتين فإن المجال الحيوي والعمق الإستراتيجي والأمن القومي يفرضان على السعودية سياسة خارجية تجاه اليمن بأن تنظر إلى اليمن باعتبارها العمق الإستراتيجي الأهم، ومن ثم العمل على فقدان اليمن كعمق إستراتيجي وتحولها إلى حالة دولة معادية فعلية ومن ثم التهديد الفعلي للأمن القومي للدولة السعودية خاصة مع وجود امتداد شيعي في المملكة، أما في حالة وقوعها في الفوضى أو اندلاع حرب أهلية فذلك يهدد أمن المملكة واستقرارها ويفتح مجالات واسعة للضغط على المملكة لاستقبال ملايين اللاجئين وإمكانيات التجنيد منهم ومن غيرهم للإضرار بالأمن والسلم الداخليين للملكة.
فيما أكد باحثون يمنيون أن الرياض تدخل في خط المواجهة المباشرة مع إيران بعد 35 عامًا مضت من علاقة شديدة التوتر، فيقول البعض إن ثمة حربًا باردة تجري بين البلدين، فكلا الطرفيين يطرح نفسه حارس العقيدة الإسلامية، فالرياض تعمل على نشر الإسلام السلفي، وتطرح نفسها على أنها دولة حاضنة للإسلام والمسلمين، ويصف النظام السعودي دائمًا ملكه بـ "خادم الحرمين الشريفين"، وهذا اللقب تحديدا يظهر من خلاله رغبة السعودية في تزعم مركزية إسلامية.
أما طهران فتنافس الرياض بنسخة أخرى من الإسلام وهو "الإسلام الشيعي" فضلا عن ترويجها لنفسها على كونها كأكبر داعم لتحرير فلسطين من يد المحتل الإسرائيلي، ويتجلى ذلك في خطابات مسئوليها بأن الدول العربية تطيع أوامر السيد الأمريكي الذي يجعلها لا تتخذ خطوات حقيقة ضد احتلال فلسطين وجرائم المحتل الإسرائيلي، وتتعمد طهران عدم ذكر مذهبها الطائفي بل عملت على دعم حركات مقاومة سنية مثل حماس والجهاد الإسلامي بالمال والسلاح، ثم شكلت حركة حزب الله في لبنان بهدف مقاومة إسرائيل.