الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

محمد الباز يحاور تهاني الجبالي: إجراء الانتخابات البرلمانية الآن خطر على «رأس السيسي»

محمد الباز يحاور
محمد الباز يحاور تهانى الجبالى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لدينا «إمبراطورية» خطيرة وقوية تخطط لحماية مصالحها بالسيطرة على البرلمان و«تطويق الرئيس»

أقترح تشكيل «برلمان مؤقت» بـ«قرار سيادي» عبر تصويت من «الدرجة الثانية» وتأجيل الانتخابات لعامين

لا يمكن أن نطبق «قواعد طبيعية» فى «ظرف استثنائى».. ونحن نسير فى كل المسارات التى يريد أعداؤنا أن نسلكها

جلست إلى المستشارة الجليلة تهانى الجبالى، قبل ثورة 25 يناير أكثر من مرة، وحاورتها بعد الثورة وأثناء حكم جماعة الإخوان المسلمين أكثر من مرة. لكننى أعترف أنها لم تكن فى أى مرة غاضبة مثلما رأيتها منذ أيام.

اعتادت الجبالى أن تكون مصدرًا للطاقة الإيجابية، لا يستطيع أحد أن يكسرها، فرغم أن نظامًا كاملًا بميليشياته وحزبه ورئيسه وبعض قضاته انتفضوا فقط لإخراجها من المحكمة الدستورية العليا، إلا أنها لم تستسلم، بل كانت من أهم أسباب هدم نظام الإخوان المسلمين على رءوسهم.

لا أستعرض هنا ما الذى قدمته تهانى الجبالى لهذا الوطن، فكثيرون يعلمونه جيدًا، لكنى أتوقف أمام حالة غضبها وقلقها مما ترى أنه حادث لا محالة.

لا يمكن أن يزايد أحد على وطنية تهانى، ولا رغبتها فى أن تصبح مصر دولة مدنية ديمقراطية راقية ومتحضرة، لكنها كانت ولا تزال تطالب بتأجيل الانتخابات البرلمانية بقرار سيادى، لأن ما تمر به مصر لن ينتج إلا برلمانًا مشوهًا، وهو ما لن يستطيع أحد أن يتحمله.


قلت لها: مبكرًا طالبتِ بتأجيل الانتخابات البرلمانية لـ ٣ سنوات، كان ذلك بعد ٣٠ يونيو مباشرة.. مر على الاقتراح ما يقترب من عام ونصف، هل لا تزالين متمسكة بوجهة نظرك؟

- لابد لمن يتصدى للحديث عن الوضع الراهن، أن يقرأ مشهد الدولة المصرية فى إطار أننا نريد بناء الجمهورية الثالثة، ولا نريد أن نعيد إنتاج الجمهورية الثانية، التى سيطر عليها الفساد والاستبداد، ولكى يكون هناك مجال للانتقال للمجال الديمقراطى، وأن تكون هناك قدرة على البناء بأسس مختلفة لابد أن نعرف أننا فى مرحلة تأسيسية، والمراحل التأسيسية تمثل مراحل انتقالية، وهو ما دفعنى إلى التفكير فى أننا لا يمكن أن نحكم بالقواعد العادية فى الظرف الاستثنائى الذى نمر به.

فالوطن فى حالة حرب حقيقية، والأمن القومى مفتوح على مخاطر كبيرة فى كل المستويات بما فى ذلك المستوى العسكرى، حتى أن مصر خوفًا على الأمن القومى اضطرت للدخول فى حرب اليمن، وكنت أعرف أن الجيش سيدخل مواجهة طويلة مع الجماعات الإرهابية لاسترداد السيادة على سيناء، وهو أمر لن ينتهى فى يوم وليلة، هذا غير ضهر مصر المكشوف فى ليبيا، وخطورة الدولة الفاشلة هناك على الامتداد داخل العمق المصرى من خلال العلاقات بين القبائل العربية فى مناطق التماس، وهو ما يجعل الخطر مضاعفًا.

كانت هذه القراءة واضحة أمامى بعد ٣٠ يونيو، وبعد احتشادنا فى ٣ يونيو وفى ٢٦ يوليو، طالبت قائد الجيش فى هذه اللحظة بإعلان موقفه من تفويضه وتفويض الجيش لمواجهة الإرهاب المحتمل الذى أصبح بعد ساعات يقينًا، واعتبرت أنه من الخطأ أن نسير فى كل المسارات التى يريد أعداؤنا أن نسلكها، يجب التفكير بإبداع وطنى فى محاولة لأن نصل لمعضلة استرداد بناء مؤسسات الدولة، وفى نفس الوقت نحترم الحالة الاستثنائية وحالة الضرورة خلال ذلك الاسترداد.

كل هذه المعطيات جعلتنى أطرح فكرة عدم جواز إجراء انتخابات برلمانية عاجلة، وقلت إنه لابد أن نمنح أنفسنا فرصة لا تقل على ٣ سنوات، واعتبرت هذه المرحلة كافية لأن يسترد الاقتصاد المصرى عافيته، وأن نعيد توازن القوى الاجتماعية، بما يسمح فى النهاية بعدم سيطرة القوى صاحبة المصلحة والأقوى على القوى الضعيفة خاصة والمرحلة تحمل فى طياتها وضوح رؤية أن العدو يريد لنا أن نجرى انتخابات برلمانية ويستعجلنا فيها وكأنه صاحب الحق، فكان لزامًا علىّ أن أسأل: هل يريد العدو بنا خيرًا؟... والإجابة كانت وبدون تفكير: لا بالطبع.


بعد عام ونصف من هذه الرؤية الواضحة التى لا تقبل تأويلًا ولا تحويرًا، هل لا تزالين عند رأيك؟

- المخاطر لا تزال كما هى، لا شىء تغير على الإطلاق، وأنا أعتبر أن خطورة تكوين برلمان فى ظل هذه المعطيات، تجعلنا نسلم الإرادة الشعبية لتحدٍ خطير جدًا، وتجعلنا نعمل دون أن ندرى على إنتاج قوى الماضى أكثر مما نساعد القوى الجديدة أو القوى صاحبة المصلحة فى التغيير الثورى على الوصول إلى مؤسسات صناعة القرار.

ما تقولينه يا سيدتى يجعلنى أشعر أن لديك توقعات عن تشكيل البرلمان القادم إذا أجريت الانتخابات البرلمانية الآن؟

- البرلمان القادم إذا افترضنا إجراء الانتخابات الآن ستكون به نسبة كبيرة من الرأسماليين ورجال الأعمال، لأن لدينا مساحات من الرأسمالية المتوسطة والصغيرة التى تمثل فى النهاية جزءًا لا يتجزأ من القوى الاجتماعية، كما أن لدينا إمبراطورية خطيرة وقوية ومتشابكة فى رأس المال مع الخارج، ولديه أدوار، وبالتالى ستكون لديه مسئولية كبرى تجاه حماية مصالحه، والاستمرار على ذات السياسات التى قامت فى العشر سنوات الأخيرة فى زمن مبارك، وبالتالى فلن يسمحوا بتغيير ما يمكن أن يمس مصالحهم، ولن يتوقف تأثير هؤلاء عند هذا الحد، فإنهم سوف يؤثرون فى بناء السلطة التنفيذية بما يفيدهم. وهنا يكمن خطر أكبر أعرف آثاره جيدًا، فلو تمكن هؤلاء من البرلمان فيمكن أن يأتوا بالرئيس ليملوا عليه ما يريدون، ويقولوا له افعل كذا ولا تفعل كذا، وهم فى الحقيقة لن يتورعوا عن ذلك، وهناك يمكن أن نرى أن الخطر يحيط بالسيسى نفسه.


أعتقد أن هذا ليس أول تنبيه من خطورة هذه الفئة على مصر؟

- طبعا، هذا الوعى بمخاطر هؤلاء، وهى مخاطر واضحة فيما أعتقد لدى الإدارة المصرية الآن، جعلنى ومبكرًا جدًا أدعو للاجتماع مع ١٠٠ شخصية، وأسسنا حركة «الدفاع عن الجمهورية» وأصدرنا بيانًا تأسيسيًا تحدث عن الجماعة الفاشية التى تحكم مصر، ثم تحدثنا عن الدولة، وقلنا بصراحة إن الدولة فى خطر، وبعد ١٤ يوليو ٢٠١٣ أنشأنا «التحالف الجمهورى للقوى الاجتماعية» وأصدرنا بيانًا تأسيسيًا مع اتحاد النقابات المهنية، والاتحادات الفلاحية، وقلنا إن حالة الفراغ السياسى الواضح فى ضعف الحياة السياسية والحزبية، وعدم الوصول إلى القوى الاجتماعية، يجعلنا ندعو إلى إنشاء كيان يضم القيادات المنتخبة التى يمكنها أن تشارك فى المشهد السياسى، على ألا نستبعد مشاركة الآخرين فى المشهد، حتى يحدث توازن على الأقل، حتى يكون هناك حوار وطني، وتكون هناك قدرة على بناء الوطن فى ظل المصالح المتعارضة.

هذا الكيان وكما أفهم يمكن أن يكون برلمانًا انتقاليًا يضم بالفعل قيادات تم انتخابها من قبل تنظيماتها السياسية والأهلية، ويمكن أن يكون برلمانًا بديلًا؟

- هذا ما كنت أقصده بالضبط، لأننا فى هذه اللحظة كنا فى حاجة لالتقاط الأنفاس، لإعادة النظر فى البيئة الحاضنة للتجربة، وهو ما يجعلنا نعرف من الأحزاب السياسية كيف تعالج الأوضاع الراهنة، فنحن لدينا أحزاب لا تمثل إلا أصحابها، ويمكن أن تكون عبئًا أكثر من كونها حالة سياسية حقيقية، وقلت إن هناك ضرورة لمجموعة من الإجراءات التى توازى تأسيس بيئة حاضنة لانتقال ديمقراطى حقيقى، وقلت إنه خلال تلك المرحلة حتى لا تبقى السلطة التشريعية معلقة فى الفراغ، يمكن أن يكون هناك قرار وطنى يستدعى برلمانًا مؤقتًا بقرار سيادى، يعتبر أن تلك الفترة يمكن أن يكون فيها برلمان مؤسس على انتخاب مباشر من القوى الإجتماعية، فالأحزاب تنتخب من يمثلها، والنقابات تنتخب من يمثلها، والأندية الرياضية واتحادات الطلبة والتنظيمات النسائية تنتخب من يمثلها، ثم نستكمل نسبة من التعيين من رئيس الجمهورية تساهم فى تعويض العنصر الفنى، وهذا المجلس يمكنه أن يمارس دورًا لمرحلة فى أجندة تشريعية محددة.


أعتقد أن الرئيس حاول أن يفعل شيئًا من هذا، عندما بادر بتأسيس ما عرف بلجنة الإصلاح التشريعى، ما تقييمك لهذه اللجنة؟

- أعتقد أنه كان يمكن أن يستعاض عن هذه اللجنة بهذا التكوين، لأنه كان يستطيع أن يدير حوارًا فى المجتمع، لأننا نفتقد بالفعل إلى الحوار الوطنى وآلياته، وأنه لا يجوز فى مرحلة تأسيسية بعد ثورتين، أن يتم التشريع فى غرفة مغلقة، وهو ما يحدث بالفعل فى لجنة الإصلاح التشريعى، التى لا أحد يعلم من الذى يضع لها الأولويات، ولا من الذى ينتج قرارات معينة ويتم إرجاء أخرى، خاصة أن وزير العدالة الانتقالية هو الذى يرأس هذه اللجنة.

هل لديكِ اعتراض على ذلك؟

- ليس اعتراضًا، ولكن ما أريد أن أقوله هو أن مهمة العدالة الانتقالية من الأساس عطلت بالكامل، ولم نر فيها أى تحرك، وكنا نستطيع من خلال هذا التشكيل المؤقت ومازلت أعتقد أنه لو كانت هناك جرأة الخروج من الصندوق بحس مسئول وطنى، يمكننا أن نطرح هذا الأمر الآن ومن جديد.


إنك عملية وواقعية أكثر، لو أن هناك رأيًا وطنيًا فيما يتعلق بمسألة الانتخابات، وتريدين وضعه بين يدى الرئيس، فكيف يكون هذا الرأى؟

- أقول له: لابد من حوار وطنى من أجل برلمان مؤقت يتم انتخابه عبر التنظيمات المجتمعية المنتخبة، بحيث يعبر عن حالة تشريعية لمدة عامين على الأقل، لأننا فى حالة حرب، وهذه ضرورة استثنائية يمكن للرئيس أن يتخذ من خلال الدستور إجراءات استثنائية مرتبطة بحالة الضرورة، وعليه أن يأخذ قرارًا بتأجيل الانتخابات بشكلها العادى لمدة عامين على الأقل، لحين الخروج من حالة الحرب التى نعيشها.

بصفتك خبيرة دستورية، ما هى ملاحظاتك على قوانين الانتخابات التى أعادتها المحكمة الدستورية مرة أخرى إلى الحكومة لتعديلها؟

- دعنى أقول لك إننى أول من طالب الشعب المصرى بالتصويت بنعم على الدستور، لأنه كان واجبًا وطنيًا، رغم ما فيه من عوار، لأن لجنة الخمسين كان يغلب عليها الطابع الليبرالى، وكان هذا واضحًا فى مسارات متعددة، أولها الانتقال المفاجئ للنظام البرلمانى دون التحضير لبيئة سياسية مناسبة لهذا التحول، ثم عدم وجود توازن فى الأعباء حين رفضت اللجنة النص الخاص بالضرائب التصاعدية على الأنشطة الرأسمالية والأرباح، رغم أن هذا كان السند الدستورى لإعادة التوازن الاجتماعى، ثم كان هناك توجه عام نحو تغليب المواد المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية على حساب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التى لم تعن اللجنة بها كثيرًا كما اعتنت بغيرها، وكان فى مقدمتها الإلغاء المفاجئ لنسبة تمثيل العمال والفلاحين فى ظل غياب التنظيم السياسى لهم، لأنه كان محظورًا لمدة أربعين عامًا إقامة الأحزاب على أساس فئوى، هذا كله كان يمثل توجهًا من اللجنة وبالتأكيد اللحظة كانت صعبة، أن يتم أى شكل من أشكال الإعاقة لخروج مصر من المرحلة الخطيرة التى كانت تحياها، وبالتالى كان لابد أن يكون هناك دستور حتى لو تم تعديله بعد ذلك، والمفاجأة أن تعديل الدستور مطروح الآن على الأجندة الوطنية، وكل الأحزاب شعرت بأن هناك ما يستدعى أن نعيد فيه النظر، وبالتالى فهو جزء لا يتجزأ من مسئولية البرلمان القادم، فلابد أن يعمل من اليوم الأول له على تعديل الدستور.


سألتك عن قوانين الانتخابات، فتحدثتِ عن الدستور والعوار الموجود فيه؟

- كان هذا ضروريًا قبل أن نصل إلى الانتخابات وقوانينها، فالقوانين التى خرجت كانت تحاول أن تعالج تلك الأوضاع التى فرضت عليها دستوريًا، ومنها ما يسمى بالفئات المهمشة، وأنا أتعجب كثيرًا من تعبير المهمشة التى تسرى على العمال والفلاحين الذين يمثلون قوى الإنتاج وغالبية الشعب المصرى، وهذه الفئات لا يمكن أن نقول عليها مهمشة، إلا إذا قلنا إن الرأسمالية تتحدث وتحتقر ما دونها، وفكرة أن توضع كنسبة مع المعاقين أو نستحدث نسبة جديدة فى التاريخ، تحت مسمى المصريين فى الخارج فهذا عوار كبير، فلا يوجد مصرى فى الخارج ومصرى فى الداخل، هناك مصرى فقط من حقه أن ينزل الانتخابات وينتخب.

لكن أعتقد أنه يجب أن نتوقف قليلًا عند إشكالية مزدوجى الجنسية؟

- فكرة مزدوجى الجنسية عولجت بشكل وكأنها مرتبطة بأصل الحق، فى حين أن كل دول العالم تناقش فكرة مزدوجى الجنسية من منظور الأمن القومى، وبعض الدول ومنها ألمانيا تحظر على مزدوجى الجنسية أن يتبوأوا مناصب قيادية، ولا أحد يستطيع أن يزايد على ديمقراطية ألمانيا، وفى بعض الأحيان كانت توضع نصوص تمنع مزدوجى الجنسية مع الدول التى كانت فى حالة حرب معها لمدة ٥٠ عامًا على الأقل، لأنه على سبيل المثال هناك البعض يحمل الجنسية الإسرائيلية، فما الحال مع هؤلاء إذا شرعوا لمصر، وفى بعض الأحيان الجنسية الثانية تكون بدون إجراءات أو بإذن السلطات المصرية، فكيف نسكت على ذلك؟. وهى قضية لا يمكن أن تناقش فى أمر حق الانتخاب والترشح، إنما لو أن هناك عوائق قانونية لابد أن تمارس.


على أى أساس حكمت المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر؟

- لقد قرأت حيثيات الحكم الأول، وهو كان خاصًا بالتمثيل النسبى المتكافئ للكتلة السكانية، لأن الدستور وضع معيارًا سكانيًا للنظام الانتخابى فى حين أن ذلك كان قفزًا على الواقع، لأن الواقع كان يقول إننا نحتاج لإعادة ترسيم المحافظات، وبالتالى يمكن أن يحدث انتقال لكتلة سكانية من محافظة لمحافظة، أو تستحدث محافظة جديدة، فتدخل فيها كتلة سكانية جديدة من محافظة أخرى، إذن المرحلة الانتقالية هنا كانت تستدعى نصًا انتقاليًا يقول «استثناء من القاعدة العامة من الدستور يتم انتخاب أول برلمان على نفس نظام التقسيم الإدارى لمصر، على نفس الأقسام والمراكز»، وبذلك يمكن أن نعالج الواقع ونطمح للمستقبل، وهو ما لم يحدث، وبالتالى وضع المشرع فى مأزق أنه يريد تمثيل الفئات التى سميت مهمشة، ويريد تمثيلًا نسبيًا للسكان ما أربك المشرع، والأصل هو الدستور، والمشرع نظر لها من منظور المتكافئ والمتساوى، ما ترتب عليه أن هناك ١٨ دائرة فيها تجاوز للنسبة السكانية التى حددها المشرع، فكان هذا هو السبب فى عدم دستورية النص.

كان لابد من لجنة لتعديل قوانين الانتخابات، ما تقييمك لهذه اللجنة ولما قامت به حتى الآن؟

- لابد أن أكون صريحة جدًا فى هذا السياق، كان لابد أن تكون هناك لجنة جديدة، لأن تلك اللجنة هى نفسها اللجنة القديمة التى وضعت القانون القديم، بالإضافة إلى بعض الخبراء الدستوريين الذين شاركوا فى إنتاج هذه الأزمة، وأنا أعتبر أن ذلك سخرية فى الوقت الذى تمتلئ فيه مصر بالكفاءات الدستورية والقانونية، ونحن محصورون فى عدد محدود لكن الباقى خارج دائرة الضوء، والسؤال: هل يمكن أن تحل الأزمة من خلال العقول التى أنتجتها؟، ولذلك فكان لابد أن تكون هناك لجنة جديدة تبدع إبداعًا جديدًا، لكننا ننتظر نتيجة عملهم، بعيدًا عن المحاولات التى تسعى لإعادة فتح الباب حول النظام الانتخابى كله وهو ما تمارسه الأحزاب.


بمناسبة الأحزاب، هل تمت دعوتك إلى اجتماع الأحزاب مع رئيس الوزراء الذى يجرى صباح اليوم لمناقشة اقتراحاتهم لتعديل قوانين الانتخابات؟

- بالطبع لم تتم دعوتى، لا فى هذا الاجتماع ولا فى أى اجتماعات أخرى، فمن الواضح أن التحالف الجمهورى الذى أسسناه يشكل توجهًا سياسيًا فيه قلق، لأن الناس تريد أن تسير كما تريد، ولكننا نعتبر أن الأهم هو طرح رؤية سياسية وأفكار جديدة، ولكن هناك سؤالًا خطيرًا وهو: ما دخل رئيس الحكومة فى حوار مع الأحزاب السياسية، وأعتقد أن هذا الحوار يجب أن يتم مع قوى المجتمع، لأن الأحزاب السياسية لا تمثل الشعب المصرى، ولابد أن يفتح الباب لحوار وطنى عبر تكوين أشمل من ذلك، تدخل فيه النقابات والهيئات وكل القوى الاجتماعية، لأن الأحزاب لا تمثل إلا ٢ بالمائة من الشعب المصرى، وهو ما يعنى أن الشعب المصرى خارج هذه الدائرة التى تفكر وتحاور، ولذلك لدينا خطأ فى إدارة مرحلة انتقالية تأسيسية، وكنت أتمنى أن نبدأ بانتخاب مؤتمر قومى لإدارة حوار وطنى حول قضايا بعينها حول النظام المصرى وقضايا العدالة الاجتماعية، وهوية الاقتصاد المصرى، وقضايا الأمن القومى المصرى، لأن هناك من يختلف وما يشتبك حول مفاهيم ومضامين أساسية فى الأمن القومى، وبالتالى يحاكم السلطة القائمة من منظور يختلف عن ثوابت الأمن القومى المصرى، وكل ذلك يحتاج إلي حوار، بحيث نشعر أننا على الأقل نملك رؤية واعية ومطروحة على مستوى شعبى، فكل الشعوب تبدأ بذلك.

بعيدًا عن هذا الطرح، اسمحى لى أن أقول لك إن هناك بعض الدوائر لديها إحساس أن الانتخابات لن تتم بحجج أصبحت مكشوفة جدًا، هل يلجأ النظام إلى حيلة ليتخلص من عبء إجراء الانتخابات الآن؟

- أعتقد أن النظام لا يفعل ذلك، وفكرة إدارة المرحلة الانتقالية بمفهوم المرور بدون رؤية، هو ما يسبب كل هذا الارتباك، ما يحدث ليس توجهًا أبدًا من الدولة المصرية، وأعتقد أننا لو امتلكنا رؤية، لقامت القوى الوطنية كلها بأخذ قرار بإرجاء الانتخابات البرلمانية، لقد حاولنا إقناعهم ولم يستجب أحد، والمهم بالنسبة لى الآن ألا نعيد إنتاج الماضى بنفس ثغراته.