الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

"محمد" صلى الله عليه وسلم.. اليتيم الذي أوصانا بالأيتام

محمد صلي الله عليه
"محمد" صلي الله عليه وسلم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
النبي الكريم "محمد" صلي الله عليه وسلم، خير خلق الله، حبيب الرحمن، اليتيم الذي شرف كل يتيم، الرحمة المهداة للعالمين، الذي جاء إلى الدنيا ولم يكن يعلم أن الله سيختبره في أبويه، لم يكن يعلم أن من سيتولاه بالرعاية والعناية هو رب العالمين، لم يحزن ولم يجزع ولم يفشل فأصبح سيد ولد آدم،علم الدنيا أن اليتم ليس إعاقة وأن وجود الأبوين ليس ضمانا للنجاح، صدق الناس فصدقوه وشهدوا له بالأمانة وحسن الخلق، أدبه ربه وأحسن تأديبه، فطوبي لمن عاش في حمى الرحمن وطوبى لمن تعهده رب الكون بالحفظ وكتب اسمه فوق جنانه، ثم طوبى لمن كان محمد اليتيم الأمي، قدوته وشفيعه.
يشاء الله سبحانه وتعالى أن يربيه ويشكل شخصيته دون تدخل من أبيه وأمه فيولد يتيم الأب ويُحرم أول ما يُحرم من حنان الأبوة والعاطفة التي تميز قلوب الآباء، لحكمة يعلمها ربه، فيأويه حضن أمه التي أخذته في زيارة لبيت أخواله في يثرب فتمرض آمنه وهي في طريقها للعودة إلى مكة بعد أن خافت عليه من مكر اليهود الذين توقعوا أنه نبي آخر الزمان، فيأخذ آمنة الذي يأخذ المسافر بلا عودة فتفارق جسدها الحياة ثم يعود إلى مكة بصحبة حاضنته ام ايمن.
تتلقاه يد جده سيد قريش بالرعاية والاهتمام، ويمضي عامان ويبكي الطفل ذو الثمانية أعوام خلف سرير جده وقد فارقته الحياة، فيتولاها عمه أبو طالب ويكمل الرحلة معه إلى أن يكبر الطفل وينمو عقله بين أقوام يعيشون على رعي الأغنام ولكنهم اشتهروا بالفصاحة وحسن البيان في بيئة صحراوية قاسية وطبيعة بكر أكسبتهم القوة والصلابة والصبر وأجواء تدعو للتفكر والتأمل، حيث ظلمة الليل وحرقة الشمس ووديان تعصف بها الرياح ورمال تلتهب من حرارة ذلك الكوكب الملتهب وسماء تتلألأ في رحاب شمس وقمر يتعاقبان.
فطرة نقية وعقل صغير كبير جعله يسبق كل من في عمره، أمانة وصدقا وحسن خلق،ووداعة ورجاحة عقل وتمكن كلها أشياء دعته للتفكر وامعان النظر في كونه الكبير،أسئلة كثيرة راودت عقله الذي يكبر يوما بعد يوم حتى وصل إلى سن الشباب المتأرجح بين الصواب والخطأ والحقيقة والشك.
يستيقظ الشاب الفتي ويكتشف أن هذا الكون له رب يسير طبيعته ويحفظ توازنه ولكن مكة لازالت غارقة في غفلتها ووثنيتها وسكرها وقداحها وجواريها، هو يري بنور الله وهم يرون بعين الشهوات، هو يبتعد عن الخطايا والملذات.
حجارة منحوتة، طواف هزلي، قرابين وتضرعات لتماثيل لا تغني ولا تسمن من جوع،فقراء جوعي وعبيد مهانون، أثرياء متعجرفون وباغون، تناقض يحمل كل ألوان الظلم والامتهان لكرامة من أعزه الله من المخلوقات "الإنسان".
يمتهن الشاب مهنة أجداده "الرعي" يعرف عنه الصدق والأمانة، تسمع خديجة بنت خويلد بنت الاكرمين وصاحبة الجاه والثراء الكثير عن اخلاقه وأمانته فينجذب لهه قلبها وتطلبه للزواج فيقبل بها ويكون أوفي من عاهد وخير من صاحب وأحن البشر عليها.
يترك دنيا المتاهات والتناقضات ويذهب لغار حراء يتعبد فيأتيه الوحي بالبشارات، ويخبره بأنه نبي آخر الزمان، فينزل وهو يرتجف لأحضان زوجته خديجة رضي الله عنها ويقول زمليني فتحضنه باغتفار الزوجة المحبة والأم الحنون تطمئنه وتقول "والله لن يخزيك الله".
يكتم إسلامه ويدعو الناس سرا يصدقه ابا بكر رضي الله عنه ويكون خير رفيق يظل ينشر دين ربه بحب ورحمة ولسان لين هين، يلاقي من قومه اشد اشكال التنكيل فيأمره ربه بأن يرتحل من مكة إلى المدينة، فيستقبله أهل يثرب بالدفوف والطبول،يكتب الله على يديه النصر يفني عمره في الغزوات والفتوحات ينشر تعاليم دينه الحنيف،رحيما بالعصاة حليما بالطواغيت، مثابرا كريما تخر له قلوب الأعداء قبل المحبين، ترتفع رايته، يغزو العالم بسماحته، يحن له جذع النخلة، ويداعبه الهواء والشجر.
يؤدي ماعليه يتم رسالته يصل بأمته إلى بر الأمان، بلغ عن ربه كما ينبغي، بين الطريق القويم، حذر من النيران، بشر بالجنان.
إلى أن جاء موعد الرحيل موعد الراحة من رحلة لطالما عاني فيها من المكائد والاحقاد، فيختار الرفيق الأعلي في جوار ربه بين ضلوع عائشة،أقرب القلوب إلى قلبه، فيبكية الحجر وتسدل الستار ويطيش عقل عمر وتثبت قدم الصديق أبو بكر، وتخيم الظلمة على الأجواء، ويفقد الكون أغلي من سكنه وملأ الأرض قسطا وعدلا، يتيم الأبوين عاش، ولكنه احتضن كل من على الارض من جماد وحيوان وانس وجان، ولما لها وهو الرحمة المهداة، أنه محمد صلي الله عليه وسلم.