السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

عم درويش وأشياء أخرى مش مهمة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم أكن أعلم أن معرفتي به مر عليها ما يقرب من عشر سنوات، هذا الرجل صاحب الابتسامة العريضة، والتى يقابلك بها دائما مهما كانت أوجاعه وأحزانه ومشاكله، إنه الصديق والأخ الأكبر محمد درويش، مدير عام جريدة الفجر، الشخص الوحيد الذى شعرت بحزن شديد لأنني سأفتقده عندما قررت الرحيل عن الفجر وخوض تجربة العمل اليومي في جريدة البوابة مع الكتاب الصحفيين عبدالرحيم علي ومحمد الباز وعصام زكريا ومحمد العسيري وأميرة ملش، وكتيبة كبيرة من الزملاء الذين استطاعوا في فترة قصيرة جدا، إثبات وجودهم وتفوقوا على صحف يومية أخرى تسبقنا بسنوات عديدة في الصدور اليومي.
عشر سنوات كاملة مرت على معرفتي بالأستاذ محمد درويش، الجندي المجهول في صناعة جريدة الفجر، ليس على مستوى التحرير والطباعة والتوزيع فقط، ولكن على المستوى الإنساني، وهو الجزء الأهم بالنسبة لعمل أى مدير، لأنه إذا شعر العاملون بأن مديرهم بلا قلب ولا يمتلك من الإنسانيات ما يجعله يشعر بهم وبمشاكلهم، كان جزاءه البصقُ على سيرته بمجرد ذكرها أمامهم.
ولكن محمد درويش من نوع آخر، ربما من الصعب أن تقابله في هذه المهنة صاحبة القلب المتحجر، والتى لا تمنح بريقها ونجوميتها سوى لأصحاب القلوب المتحجرة، وهو ما جعل محمد درويش نموذجًا نادرًا وخاصًا يستحق الكتابة عنه والاحتفاء به، لا أعلم إن كان في باقي الصحف والمجلات نماذج مشابهة له أم إنه في الحقيقة نموذج غير موجود بالمرة.. فهو يجبرك بعد تعرفك عليه أن تناديه بلقب "عم درويش" لأنه يشعرك بالفعل أنه واحد من أفراد عائلتك، يفرح لفرحك، وتدمع عيناه لحزنك، ولا يخجل من أن يبكي إذا ما شعر أنك في خطر، هل قابلتم مثل هذا النموذج النادر في حياتكم؟.
عشر سنوات كاملة مرت على معرفتي بهذا الرجل عندما رحلت من جريدة صوت الأمة للعمل بجريدة الفجر بناء على طلب من رئيس تحريرها، والذي قام وقتها باختيار أفضل العناصر الموجودة بجريدة صوت الأمة، ليرافقوه في صدور جريدة الفجر.
منذ اللحظة الأولى لنا بالمقر الجديد، شعرنا جميعا أننا قادمون على تجرية صحفية ناجحة، وكان السبب في هذا الشعور هو الأستاذ محمد درويش، الذى لم يتأخر لحظة واحدة عن تنفيذ أى طلب من شأنه مساعدتك على تقديم أفضل ما لديك للجريدة.
تذهب له طالبا سلفة لأول الشهر، يضع يده في جيبه ويمنحك ما تحتاجه، ويمنحك شعور أن ما يقوم به هو واجب عليه ليس مجرد معروف قابل للموافقة أو الرفض، يعلم أن زميلاً ما لديه مشكلة في مصاريف مدرسة أبنائه، يفكر بسرعة ويقوم بتكوين جمعية لمنحها للزميل لسداد مصروفات المدرسة، يعلم أن زميل أخر سيتزوج، يقوم بتكوين جمعية أخري بنفس السرعة ليمنحها له لتساعده علي مصروفات الزواج، وهكذا في حالات المرض والوفاة، كنا نتكاتف سوياً ببركة ودعم عم درويش للوقوف مع بعضنا البعض، خصوصاً وأن الجريدة واصحابها كانوا يصنعون اذن من طين وأخري من أسمنت في مثل هذه الحالات!
في الحقيقة لا أخجل من الاعتراف أن عم درويش هو الشخص الوحيد الذى تمنيت أن يرحل معنا عندما قررنا الرحيل عن تجربة الفجر، قبل اتخاذنا القرار كنا نجلس أنا ومحمد الباز وعصام زكريا، نتحدث عن اننا في حيرة من فكرة استمرارنا في العمل بجريدة الفجر، مع اقتراب الصدور اليومي لجريدة البوابة، وأجمعنا علي أنه لا مفر من الرحيل، وأجمع ثلاثتنا ايضاً أنه لا مفر من إقناع الزميلة أميرة بالرحيل معنا، وتمنينا جميعاً لو أن عم درويش كان برفقتنا في تجربتنا الجديدة ، ولكننا كنا علي علم بأنه لا يرغب في مغادرة موقعه بجريدة الفجر.
في كل لحظة تمر علينا في تجربة البوابة اليومية، يتأكد لنا أننا لم نخطئ الاختيار، وأننا راهنا على تجربة ستضيف لنا الكثير خصوصاً وأن في مقدمتها كاتب صحفي بحجم وقيمة عبدالرحيم علي، الذى يتعامل بروح الأخ والصديق قبل أن يكون رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير للتجربة.
السنوات تمر.. والأماكن والأشخاص يتغيرون بين كل لحظة والأخرى، ولكنك لا تتذكر سوى من يستحق أن تتذكره فقط، أما البقية فمكانهم الطبيعي سلة مهملات ذاكرتك!