السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر والصراع العربي الإسرائيلي 1

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ثمة علاقة تاريخية وجغرافية بين مصر وفلسطين منذ التاريخ الفرعوني القديم أو بدايات التاريخ، وتعد مصر من أكثر بلاد العالم في التاريخ ثباتا، من حيث رؤيتها لأمنها القومي، باعتباره يرتبط بمصادر التهديد، ومن ثم فإن أي حاكم لمصر عبر تاريخها كان يعتبر منطقة فلسطين امتدادا استراتيجيا لمصر، وأن أي تهديد لها يؤدي بالضرورة بعد ذلك لتهديد قناة السويس ونهر النيل.
الأمن القومي المصري لا يتوقف في هذا السياق علي طبيعة العلاقات السياسية المصرية الإسرائيلية الفلسطينية فحسب بل يقوم علي حقيقة جغرافية ثابتة وهي أن الأرض الفلسطينية / الإسرائيلية أرض متاخمة للحدود المصرية، وبالتالي فإن ما يجري فيها ينعكس بشكل مباشر على الأمن القومي المصري، فضلا عن انعكاسه علي الحياة اليومية للمواطن المصري، بالإضافة إلي العوامل التاريخية والنفسية بطبيعة الحال. 
كان هنالك إذن توافق مصري فلسطيني استراتيجي علي مركزية العلاقة بينهما، لكن ذلك لا ينفي وجود اختلافات مصرية – فلسطينية في الرؤية و آليات العمل ترجع طبيعة مصر كدولة مستقرة عبر التاريخ في مقابل طبيعة الهدف القومي الفلسطيني لإنشاء الدولة الفلسطينية.
الهدف الاستراتيجي المصري الثابت كان الحفاظ علي أمن وسلامة الحدود المصرية؛ ووفقا لذلك الهدف تم تحرير سيناء و تحقيق انكماش الإمبراطورية الإسرائيلية التي بلغت ذروة امتدادها في يونيو 67 والحيلولة دون امتدادها إلى ما هو أبعد من ذلك، بحيث تبقى كواحدة من دول المنطقة وليس دولة فوق المنطقة، واستكمال تحقيق ذلك الهدف المثري الاستراتيجي الثابت يتمثل في تحريرالأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 وإنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
مرة أخرى فإن ذلك الهدف المصري الاستراتيجي ظل ثابتا، وظلت مصر متمسكة به وإن تباينت الرؤى للأسلوب الأمثل لتحقيقه؛ ولكن ذلك لا ينفي وجود تصورات متباينة داخل المجتمع المصري العربي الإسلامي تتبني استراتيجيات مختلفة عن تلك الاستراتيجية الحاكمة.
الرأي العام المصري واستراتيجية العلاقة المصرية الفلسطينية سنحاول في عجالة أن نستعرض الاتجاهات الأساسية لرؤي المثقفين العرب للأسلوب الأمثل لإدارة العلاقات العربية الإسرائيلية، معتمدين في ذلك علي رصدنا لما تضمنته الكتابات العربية في هذا الصدد، ولسوف تقتصر معالجتنا الراهنة علي تصنيف الاتجاهات العامة دون محاولة التصدي لتقييم أوزانها النسبية، أي لمدي انتشارها بين شرائح الجمهور المصري أو العربي،
ونستطيع أن نقسم تلك الرؤي التي نعرضها دون ترتيب مقصود لدرجة صوابها أو خطئها من وجهة نظرنا: 
• ثمة من يري أن الصراع العربي الإسرائيلي إنما هو صراع وجود، وليس صراع حدود، وحيث أن موازين القوي الراهنة لا تسمح لنا بإنهاء وجود إسرائيل ، فمقاطعتها الشاملة في كافة المجالات هي الحد الأدني المتاح حاليًا ، وهي الوسيلة المتاحة لتيسير بلوغ الهدف.
 ثمة من يري أن الحديث عن صراع الوجود لم يعد له مبرر ، وأن إسرائيل قد أصبحت حقيقة واقعة، وأن إقامة علاقات معها أمر وارد لا محالة، ولكن الهرولة في اتجاه إقامة تلك العلاقات قد يغري إسرائيل بالنكوص عن الوفاء بالتزامات اتفاقيات السلام ما دامت قد تقاضت هذا الثمن مقدمًا ، وحيث أن موازين القوي الراهنة لم تبق لنا من سلاح للضغط علي إسرائيل إلا سلاح المقاطعة، فمن الضروري الإصرار علي مقاطعة إسرائيل بقدر تلكئها في مسيرة الانسحاب من الأراضي المحتلة.
ثمة من يري أن الحديث عن صراع الوجود لم يعد له مبرر، وأن إسرائيل قد أصبحت حقيقة واقعة، وأنه من المنطقي إقامة علاقات معها ، ولكن بشكل طبيعي شأنها شأن أية دولة أخرى علاقات تحكمها المصالح الاقتصادية ، دون التوقف أمام اعتبارات سياسية ايديولوچية قد تدفع إلي الهرولة أو إلى التقييد.
 ثمة من يرى أن الصراع العربي الإسرائيلي إنما هو صراع وجود ، وليس صراع حدود وحيث أن موازين القوي الراهنة لا تسمح لنا بإنهاء وجود إسرائيل، فليس أمامنا في المرحلة الراهنة سوى تكثيف جهودنا للتعامل مع التناقضات الإسرائيلية الداخلية مستخدمين في سبيل تحقيق ذلك كافة الآليات المناسبة بدءًا من الحوار وانتهاءًا بإقامة التحالفات مع قوي نعتبرها معارضة بشكل أو بآخر للممارسات الاسرائيلية الراهنة 
تري و ماذا عن الاستراتيجية الفلسطينية؟
وللحديث بقية.