الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

السناوي في حواره لـ"البوابة": أتمنى أن يراجع "هيكل" موقفه من "عاصفة الحزم"

الكاتب الصحفى حذر من "التدخل البري"

الكاتب عبد الله السناوي
الكاتب عبد الله السناوي في حواره مع محرري البوابة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أخشى التورط في «المستنقع اليمنى» و«الحرب الطائفية».. وإيران «ليست عدوًا»
ضعف الأحزاب يضعنا أمام «برلمان مشوه».. والقوى السياسية ارتكبت «خطيئة» بـ«التفتت»
إذا اختلف البعض على هيكل فهذه شهادة في حقه لأنه لو كان هناك اتفاق كامل على شخصه فكأنه لم يفعل شيئًا
الأحزاب المدنية قبل «3 يوليو» شكلت «ورقة ضغط كبيرة» واستحوذت على الساحة لكن في الوقت الذي انهارت فيه جماعة «الإخوان» انهارت «جبهة الإنقاذ»

قال الكاتب الصحفى والمحلل السياسي عبدالله السناوى، إن مشاركة مصر في عملية «عاصفة الحزم» التي تقودها المملكة العربية السعودية لـ«ردع التمرد الحوثى» في اليمن تأتى حماية للأمن القومى المصرى، وتأكيدًا لـ«التزام القاهرة بحماية أمن الخليج»، محذرًا في الوقت ذاته من «السقوط في مستنقع الحرب المذهبية أو الطائفية في ظل توصيف الوضع بأنه تناحر بين سُنة وشيعة».
وأضاف «السناوى»، في حوار لـ«البوابة»، أن هناك خشية من انزلاق مصر إلى تدخل برى في ظل الطبيعة الجغرافية القاسية لليمن، داعيًا لـ«العودة مرة أخرى إلى المفاوضات»، إذ إن التدخل البرى كُلفته واسعة، والتدخل في حروب أهلية مرعبة قد يساعد على تمركز «الجماعات التكفيرية».
¿ بداية.. كيف استقبلت مشاركة مصر في عملية «عاصفة الحزم» ضد «التمرد الحوثى» في اليمن؟
- هناك التزام مصرى بأمن الخليج، لارتباطه بالأمن القومى المصرى، فالأمر يخصنا من زاوية تدفق الملاحة البحرية عبر مضيق «باب المندب» وحركة الملاحة في قناة السويس، علاوة على أن اضطراب الأمور في اليمن سيؤثر علينا بشكل مباشر، إلا أن هناك خشية من انزلاق مصر إلى حرب وتدخل برى في ظل الطبيعة الجغرافية القاسية لليمن، والتوتر الذي تشهده البلاد هناك، فيجب ألا ننجرف إلى السقوط في «مستنقع الحرب المذهبية» أو «الطائفية» في ظل توصيف الوضع بأنه تناحر بين سُنة وشيعة، وفى الوقت الذي نقود فيه حرب داخلية ضد الإرهاب في سيناء.
¿ هل تخشى من سيناريو شبيه بما حدث وقت التدخل العسكري في اليمن إبان حكم «عبدالناصر»؟
- الأمر مختلف تمامًا، ففى عام ١٩٦٢ كان تدخل مصر تورطًا في «مستنقع» لحماية الثورة اليمينة، ومنع هزيمتها أمام «الحكم الإمامي» والطرف الآخر كان السعودية، وكان دور مصر «تنويريًا»، فقد استفادت اليمن من العمليات العسكرية المصرية وقتها حيث أفضى ذلك إلى خروجها من العصور الساحقة إلى العصور الحديثة، وأصبحت هناك حياة متكاملة بفضل دور مصر.
وما أعرفه أن الرئيس السيسى يتخذ جمال عبدالناصر قدوة له حتى قبل أن يصبح رئيسًا، وأنا سمعته بنفسى يتحدث عن ذلك، وأن كل ضابط وطنى يضع «ناصر» أمامه، ولكن التاريخ لن يعيد نفسه، فالشخصية والظروف التي تحيط بـ«السيسي»، تختلف كثيرًا عن عهد «ناصر».
¿ محمد حسنين هيكل قيل إنه يعارض التدخل العسكري المصرى في اليمن.. باعتبارك واحدًا من أشد المقربين إليه، كيف تنظر إلى موقف الأستاذ؟
- أعتقد أن هناك فرقًا بين التدخل العسكري والتورط العسكري، فالأول يكون بـ«محاذير» لأهداف محددة، أما الثانى فهو اندفاع بالقوة دون غطاء سياسي، وهناك خشية من انهيار الأفق السياسي فنتحول من التدخل إلى تورط، ويتحول التورط إلى مستنقع يجر مصر، وبالتالى فإن مخاوف «هيكل» في محلها، ولكن أرجو أن يغير رأيه فيما بعد، وفى انتظار إذاعة حلقاته المسجلة لتحليل المشهد في اليمن.
¿ دعنا نتحدث قليلًا عن الأستاذ ثم نعود إلى تحليل المشهد الحالى.. كيف تنظر إلى الهجوم الذي تعرض له مؤخرًا؟
- «هيكل» من أهم الشخصيات المهتمة بالتحليل السياسي في العالم، بحسب «واشنطن بوست» في نهاية القرن العشرين، وهو على مدى سبعين عامًا كان يحلل المشهد السياسي بدقة، فعمره الطويل نتج عنه «تجربة ثرية»، وإذا اختلف البعض عليه، فهذه شهادة في حقه، لأنه لو كان هناك اتفاق كامل على شخصه فكأنه لم يفعل شيئًا، وكل الشخصيات الكبيرة تتعرض للنقد والاختلاف وهذا طبيعى ومعتاد.
¿ ماذا عن دوره وقت حكم الرئيس عبدالناصر؟
«هيكل» ارتبط بصورة وثيقة مع تجربة جمال عبدالناصر، وكان المحاور الرئيسى له، ولم يغير رأيه حتى بعد رحيله بل أفضل كتاباته كانت بعد أن توفى «ناصر»، حيث شارك في التجربة ودافع عنها بعدها، واتضح ذلك في كتابه «لمصر لا لعبد الناصر»، في الوقت الذي كان فيه الجميع يسعى لاتخاذ منصب في عهد «السادات» كان «هيكل» يستغنى عن رئاسة تحرير «الأهرام»، وقد شارك «السادات» في تجربته حتى حرب أكتوبر، ثم حدث الاختلاف وتفرقوا، فهو كان واضحًا وظل واضحًا، وكان قريبًا من «عبدالناصر» حتى انتهاء تجربته، ثم أصبح قريبًا من «السادات» وساعده في حسم الصراع على السلطة عام ١٩٧٤ وتفرقت بينهم السبل في فبراير ١٩٧٤ بخروجه من «الأهرام»، حيث رفض أن يكون مستشارًا لرئيس الجمهورية، ولعب دور الصحفى خارج السلطة، وكتاباته أفضت إلى دخوله السجن في سبتمبر ١٩٨٠.
¿ جدل كبير دار حول علاقته مع «الإخوان».. ما رأيك؟
- هو كصحفى يلتقى الجميع، فالتقى مرسي، والكتاتني، وصباحي، وأبوالفتوح، وشفيق، هو يلتقى بجميع الأطراف حتى يكتب رأيه بشكل دقيق، كما أن أي شخص يقرأ خطاب «٣ يوليو» يعرف من كتبه، فهيكل هو كاتب الخطاب الذي أزاح «الإخوان» الذين اتهموه بأنه «العقل المدبر للثورة»، ولذلك فقد تم إحراق منزله في برقاش بالجيزة، ولولا عناية القدر التي أنقذته لأصبح في عداد الموتى.
كما أن «هيكل» راهن مبكرًا على «السيسي» وكان رأيه أنه يمثل مستقبل العسكرية المصرية، وحكى عنه في عام ٢٠١١ في فضائية «الجزيرة» عندما استشهد بقول أمير قطر بأنه لا يستطيع التعامل مع ١٣ جنرالًا، فأكد له «هيكل» أنه سيتعامل مع الجنرال السيسى فقط فيما بعد.
¿ نعود إلى «حرب اليمن».. ماذا عن تصاعد التوتر مع إيران وهل ما زلت عند رأيك بضرورة إقامة علاقات دبلوماسية متكاملة معها؟
- إيران ليست عدوًا، وإن كانت لدينا أزمات معها فهى ليست إسرائيل، فهى أقرب إلينا في كثير من الملفات من تركيا، وبالتالى هناك فرق بين أن نصحح الموقف معها ونصنع توازنًا معًا أو أن ندخل حربًا في مختلف الجبهات، فالشيعة موجودون في اليمن، والعراق، والسعودية، والخليج بأكمله، وبالتالى فإن الحوار معها ضرورى خاصة في الملفات المشتركة.
¿ وبالنسبة إلى تركيا وقطر؟
- يجب أن يتم خفض مستوى التوتر مع تركيا وقطر، فتركيا دولة إقليمية كبيرة، وقطر دولة عربية شقيقة، وبغض النظر عن تصرفات «أردوغان» و«عقدة السيسي» التي تتحكم فيه، فإننا يجب أن نفرق بين النظام التركى والشعب.
- من وجهة نظرك.. متى يتوقف السلاح وتبدأ السياسة بالنسبة إلى المشكلة اليمنية؟
هناك دعوات للعودة مرة أخرى إلى المفاوضات وهذا «ضروري»، فالتدخل البرى كُلفته واسعة، والتدخل في حروب أهلية مرعبة قد يساعد على تمركز «الجماعات التكفيرية»، فالحوثيون على كل أخطائهم هم «مكون رئيسي» في المجتمع اليمنى وبعض التقديرات تبين أنهم يمثلون ٢٠٪ من الشعب اليمني.
وفى هذا السياق يجب على الخارجية المصرية، وهى تطل من جديد في المنطقة أن تعرف حقيقة مهمة تقول إن قوة مصر تكمن في عدم إهدارها في «حروب مذهبية»، وقوة مصر محل قبول من الرأى العام العربى لأنها إذا كانت غير متورطة في «صراعات الدم»، ولابد وأنت تشارك في «حلف عسكري» أن تسأل نفسك متى يتوقف السلاح وتبدأ السياسة.
¿ إذا تحدثنا عن الوضع السياسي الداخلي.. ما تقييمك لأداء الأحزاب المدنية؟
الأحزاب المدنية قبل «٣ يوليو» شكلت «ورقة ضغط كبيرة» واستحوذت على الساحة، لكن في الوقت الذي انهارت فيه جماعة «الإخوان» انهارت «جبهة الإنقاذ» التي جمعت الأحزاب المدنية مما أفضى إلى «فراغ سياسي كبير»، وكانت خطيئتها أنها لم تحاول الحفاظ على وحدتها بعد «٣ يوليو»، ورغم أن أغلب قياداتها تولوا مناصب وزارية في حكومة ما بعد «٣٠ يونيو»، إلا أنهم فشلوا في تنفيذ مطالب الشعب لأنهم لم يكتسبوا خبرة المعاملة التي تختلف عن خبرة المعارضة.
¿ ما المطلوب من الرئيس لـ«خفض مستوى التوتر» في البلد الآن؟
- الرئيس مطالب أن يضع على رأس مصر «مادة من الثلج»، فالبلد تحتاج للهدوء والنقاش، وأن تفتح الأبواب أمام الشباب، وأن يكون هناك تعديل فوري لـ«قانون التظاهر» وفقًا لرؤية المجلس القومى لحقوق الإنسان، إضافة إلى الإفراج عن الشباب المحتجزين، هذا لا يضعف نظام الحكم، لكن ما يضعفه عدم الإنصات للأجيال الجديدة.
¿ ما توقعك لشكل مجلس النواب المقبل؟
- ضعف الأحزاب يضعنا أمام «برلمان مشوه» يحكمه رأس المال ورجال النظام الأسبق، ناهيك عن تسلل عناصر جماعة «الإخوان»، لكن هل المطلوب إلغاء الحياة السياسية وإطلاق «رصاصة الرحمة» على الأحزاب بدعوى أنها «فاشلة»، أم خلق المجال العام حتى تكون البيئة السياسية تعبيرًا عن حالة المجتمع والأحزاب السياسية.
من النسخة الورقية