الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"سامحينا يا ميادة ..دمك ضاع"!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عام كامل مر على اغتيال البراءة التي تجسدت في الصحفية الشابة ميادة أشرف برصاصات الغدر والخسة والنذالة، خلال قيامها بواجبها المقدس في تغطية إحدى التظاهرات التي باتت واجباً شبه يومي للصحفيين الذين تزج بهم مؤسساتهم الصحفية لنقل الأحداث بالصوت والصورة دون أدنى تأمين لحياتهم من الأخطار المهولة التي يواجهونها.
ولن أستغرق في الأحاديث الإنسانية عن فقيدة صاحبة الجلالة ميادة أشرف التي كفتها شهادة زملائها وكل من اقترب منها عن حسن أخلاقها واجتهادها وإخلاصها في العمل الصحفي والذي دفعت ثمنه غالياً من دمائها الطاهرة وروحها البريئة، كما لن أطيل عليكم الحديث عن لوعة أسرتها وحزنهم على فلذة كبدهم التي بدلاً من أن يزفونها بفستان الفرح راحوا يشيعون جسدها الطاهر بلفافات الكفن إلى قبرها، بل أخصص الحديث في هذا المقام عن ظروف العمل المهينة في "مهنة الموت"، البحث عن المتاعب سابقاً، تلك التي كان يشار إليها سابقاً بالبنان ويحسد كل من ينتسب إليها بوصفها صاحبة الجلالة والتي تغلفها حالة الموت الإكلينيكي لقلعة الحريات "نقابة الصحفيين"، التي غابت عن المشهد الدموي، بل اكتفت بالجلوس في مقاعد "مصاصي الشفاه".. وحاولت حفظ ماء وجهها بمنح العضوية الشرفية لنقابة الصحفيين "رحمة ونور" على روح الصحفية الشهيدة لكن متى؟! بعد فوات الأوان، بعد صعود روح ميادة البريئة إلى خالقها، وهو ذات التصرف الذي سبقها إليه "الحسيني أبوضيف" وغيرهم من قافلة شهداء الصحافة الذين ما تزال أرواحهم حائرة حتى الآن ودمائهم لم تبرد ولم يعرف أحد حتى كتابة هذه الكلمات، المسئول عن إهدارها وعدم اتخاذ أي إجراءات حماية تضمن عدم تكرار مثل هذه الجرائم مع غيرهم.
وهذا ينقلنا للحديث عن المأزق الحاد الذي تعيشه نقابة الصحفيين التي عانت خلال الدورة الماضية من تدني الأداء النقابي لأسفل سافلين في ظل انشغال أغلب أعضاء المجلس السابق، وابتعادهم عن قضايا المهنة، وانشغالهم بالظهور في الفضائيات واقتناص المصالح الشخصية من وراء مقعد "المجلس الموقر".
كما يفرض الحديث عن ضمانات ممارسة العمل الصحفي نفسه في هذا المجال، فرغم استشهاد أكثر من 12 صحفيا خلال الأعوام الماضية بدون أي ذنب سوى ممارستهم عملهم في نقل الأحداث، لم يخرج من عباءة النقابة سوى توزيع عشرات "السترات الواقية" على بعض الصحفيين وكأنها هي الضمانة الوحيدة لحمايتهم من الاعتداء خلال قيامهم بواجباتهم المهنية.
ورغم تقديرنا الكبير لدعوة نقيب الصحفيين الجديد يحيى قلاش بتنظيم وفد من مجلس النقابة والجمعية العمومية، لزيارة أسرة الشهيدة الصحفية ميادة أشرف بقريتها بمحافظة المنوفية، بمناسبة الذكرى الأول لاستشهادها إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل هذا كل ما يجب على نقابة الصحفيين عمله الاكتفاء بتقديم واجب العزاء لأسر الشهداء. أم أن الأيام القادمة ستلبي طموحات جموع الصحفيين في تحركات فعلية على الأرض لتأمين قيام الصحفيين بمهام عملهم ووضع ضمانات حماية كافية لحمايتهم من الاعتداءات القاتلة التي ما زالت تقيد ضد مجهول فلا نعرف من قتلهم، وبالتالي لا يمكننا مجرد التفكير في القصاص لأرواحهم، والنتيجة الطبيعية هدر المزيد من دماء الصحفيين.
إشكالية أخرى خطيرة تتعلق بأوضاع صغار الصحفيين داخل مؤسساتهم التي تتاجر بدماء الشباب وتدفعهم للموت المحقق وتلقي بهم في أتون الأحداث الملتهبة ليواجهوا الرصاص بصدورهم مقابل وعود، أغلبها وهمية، بالتعيين ونظير جنيهات معدودة تلقى لهم كل حين بإذن أباطرة المهنة الذين لا يتذكرونهم إلا بعد استشهادهم وهذا ليس من باب الحزن أو الوفاء وإنما من باب التباهي والتفاخر والظهور على الفضائيات للمتاجرة بدمائهم وتحقيق الشهرة المدنسة على حساب أرواحهم الطاهرة.