الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

أوجين يونسكو.. العبثي

أوجين يونسكو، الكاتب
أوجين يونسكو، الكاتب المسرحي العابث
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"إن التفكير ضد العصر يعني البطولة.. أما قول ذلك فهو الجنون بذاته"..
وردت هذه العبارة على لسان إحدى شخصيات أوجين يونسكو، الكاتب المسرحي العابث، الذي ظل طيلة حياته يبحث عن الحرية بطريقته التي بدت غريبة، ولكنها أفرزت نوعًا جديدًا من الإبداع لم يسبقه إليه أحد، واوجدت من بعده جيلًا يُدين بالولاء لمسرحه العبثي.
ولد أوجين يونسكو في الرابع والعشرين من نوفمبر عام 1909 في رومانيا، لأم فرنسية هاجر معها إلى فرنسا، وحصل على الجنسية التونسية عام 1925، ولم يغادرها حتى وفاته، ويُعتبر رائد الكتابة العبثية في المسرح العالمي، والذي يتعارض مع القواعد السائدة، وهو كذلك وع من الاحتجاج ضد ما يجري في العالم، وقد أبرزت مسرحيتة "الخراتيت" رفضه لهذا العالم المجنون الذي أصبح فيه البشر مجانين كلهم.
"لقد أحسست بأنني أصبحت عجوزًا لكنني كنت أريد العيش.. لقد ركضت وراء الحياة وكأنني أريد أن أقبض على الزمن، وركضت وراء الحياة كثيرًا إلى درجة أنها هربت مني باستمرار".
أحب يونسكو الحياة، وكان يبحث عنها كيفما استطاع، وكان نوعًا من الإحساس بالفراغ والحنين يتملكه، فبدا وكأنه يجتاح حياته؛ وأرجع البعض هذا إلى الحنين الذي ينتابه إلى اشتياقه لبلده الأصلي رومانيا، وبرز هذا في تعليقه على مظاهرات الاحتجاج التي اطاحت بنظام الطاغية نيكولاي شاوشيسكو بأنه قد عاد رومانيًا من جديد بعد قطيعة استمرت نحو نصف قرن من الزمن، ولم يكن موقفه هذا أيديولوجيًا فحسب، وانما نابعًا كذلك من قناعته وايمانه بحريته كمواطن استطاع شعبه إزاحة من جثمت ديكتاتوريته على صدورهم لسنوات. 
"إننا بنفس الوقت سجناء لثقافتنا وللهيئات القائمة، لكن علينا إذا أردنا الوصول إلى حقائق أبعد وأعمق إذا كان هناك مثل هذه الحقائق التي نبحث عنها". 
طالب يونسكو من خلال كلماته وأعماله بضرورة المزاوجة بين التاريخ واللا تاريخ، وكان يقول عن هذا أنهما الراهن والأبدي، وكان يؤكد أن الفن الطليعي الحقيقي أو الفن الثوري إنما هو الذي يبرهن على أنه لا زمني، مع مُعارضته بنفس الوقت للزمن الذي يعيش فيه؛ كذلك أولى رائد المسرح العبثي اهتمامًا خاصًا لما كان يُطلق عليه "تحولات البشر" خلال سنوات الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، حيث لاحظ كيف شاهد من اسماهم بـ"بعض الإخوة والأصدقاء" يتحولون تدريجيا إلى غرباء عن بعضهم البعض، ما كان يراه بالتالي أنهم كانوا يكتسبون شخصية جديدة، ما عارضه وجعله يطالب بالصمود والمقاومة، فقال على لسان بيرانجيه الشخصية الرئيسية في مسرحية "الخراتيت" في المونولوج الشهير"إنني سأدافع عن نفسي ضد جميع البشر، أنا الإنسان الأخير، وسأبقى كذلك حتى النهاية، إنني لن أستسلم". 
تم انتخاب يونسكو عضوًا في الأكاديمية الفرنسية عام 1971، وذلك في الوقت الذي كان يشغله الكاتب جون بولهات مؤسس المجلة الفرنسية الجديدة. 
توفيَّ أوجين يونسكو في العاصمة الفرنسية في 28 مارس عام 1992 عن عمر يُناهز الثانية والثمانين، تاركًا العديد من الأعمال الإبداعية، والعديد من الأجيال التي سارت على نهجه في مسرحه العبثي المُصطدم بالواقع.