الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فى سجلات العهدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كلما ثارت قضية تتعلق بفقدان أحد مقتنياتنا الفنية أو الأثرية، أتذكر فيلم شاهدته منذ أكثر من عشرين عاماً، عن المقاومة الفرنسية للاحتلال النازى فى الحرب العالمية الثانية، سجل الفيلم معركة من أهم معارك الشعب الفرنسى وهى معركته فى الحفاظ على تراثه الفنى ومقتنياته التى هى أحد المكونات الأساسية لهوية أي أمة، وكان أن تقرر نقل مجموعة من مقتنيات اللوفر فى القطار إلى ألمانيا، وقبل تحرك القطار وصلت للمقاومة الفرنسية أنباء هزيمة النازى.
وحتى تتأكد أنباء الهزيمة كانت المعركة فى تعطيل القطار بشكل لا يثير شكوك قوات النازى، وكان أن تعطل القطار وتم إنقاذ اللوحات.
احتفظت ذاكرتى فى منطقة مضيئة بها بهؤلاء الذين أنقذوا جزء من تاريخ وهوية وكنوز بلادهم، هم مواطنون عاديون، سائق القطار ومساعده، عامل تحويلة، وممرضة، هؤلاء وضعوا أعمارهم وأمنهم فى مواجهة النازى، كانوا يعرفون أن أصغر خطأ لا يعنى قتلهم فحسب، بل وقبل القتل سوف تمزق آلات التعذيب وأدواته المدربة أجسادهم حتى يتمنوا الموت فلا يجدوه، نعم كانوا يعرفون، ولكنهم كانوا يعرفون أكثر قيمة ما يغامرون بأرواحهم لأنقاذه، وأنقذت لوحات متحف اللوفر التى حماها أصحابها بشرف وبسالة المقاتلين فى ميادين الحروب.
تلك القصة التى يتكرر استدعائها من خزائن الذاكرة مع كل خبر عن سرقة أثر من أثارنا، أو ضياع كنز فنى من كنوزنا الفنية، والسرقة والضياع لا فرق بينهما فالنتيجة واحدة وهى الفقد، فقد جزء من وجودنا وملامح وسمات هويتنا، وقد أصبح تكرار خبر السرقة والضياع والفقد خبراً يومياً، فهل سنصحو يوماً فلا نجد دليل بين أيدينا مما كان وكنا نباهى به ونفخر ونزهو بمكاننا ومكانتنا فى الحضارة الإنسانية.
ماذا يحدث وكيف ضاعت أو فقدت  لوحات رواد ومؤسسي الفن التشكيلى فى مصر ، أين لوحة "الراهبة" للفنان "أحمد صبرى" رائد فن البورترية فى مصر ، يقولون أنها كانت مسجلة "فى سجل العهدة" لا يعرف الذى سجلها أنها فازت بجائزة الشرف بصالون باريس عام 1929 ، رفض الفنان بيعها خارج مصر، اللوحة التى يقدر ثمنها الآن بخمسة وسبعين مليون جنيه، خرجت إلى السفارة المصرية بواشنطن ولم تعد، أين لوحة "إنسان السد" "لعبد الهادى الجزار" أين "ذات الجدائل الذهبية لـ "محمود سعيد " ، أين ماتبقى لنا ومنا ؟
هذه آخر ما وصل لنا على صفحات الصحف من أخبار الضياع والفقد،  وصل الخبر ومعه بقية تفاصيل حرق الدم من عدم جاهزية المتاحف وسوء بل فساد المخازن إلى آخر الأسطوانة الممجوجة فى التبريرات، مع التأكيد على نفض المسئولية عن الأكتاف، فالأثر موجود فى "سجل العهدة " وسجل العهدة لا يذكر موقف المسئول عن التسجيل من الأثر الذي سجله سواء كان لوحة أو تمثال أو أيقونة؟ هل هى بالنسبة له صنم أو فعل محرم أم مجرد عهدة ؟