الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الدراويش.. "بدلاء" الإسلاميين المُتعثرين

رغم الدعم الداخلي والخارجي

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«إن سمحنا لأنفسنا بأن تخلد إلى الراحة، فمن سيأتى بالعلاج لهؤلاء النيام البائسين؟»، سؤال أطلقه جلال الدين الرومى، أحد إعلام التصوف ومشايخه التاريخيين، الذي لم يكن يتخيل أن ذلك العلاج سيأتى به «الإخوان أو السلفيون» بعد أن خلدت الصوفية إلى نوم عميق، تقوقعت فيه داخل حضراتها، فسمحت لآخرين بالتواجد، والانتصار ميدانيا وتشويه التصوف وأهله، وبعد أن سقطت تلك الأنظمة سريعًا، لا تزال الطرق الصوفية مرتعشة اليد غير قادرة على تقديم ذلك العلاج، الذي لم يكن يقصد الرومى به مضادات حيوية أو علاجًا للبرد أو ما هو أكثر، بل علاج لما هو أكبر وأعمق من الأعراض الجسمانية، علاج للروح.
ورغم أن كل عناصر المُعادلة مُتاحة حاليًا للصوفية للعودة، فالمجتمع مُتعطش إلى خطاب يسمو به عن المشاكل المادية وينقله إلى فضاء أكثر سعة، والسلطة منحت تلك الفصائل الضوء الأخضر للتواجد، وأظهرت دعمها لهم وتشجيعها على أن يحملوا شعلة الإسلام الوسطى الذي شوهته بعض الأفكار المتطرفة، حتى الغرب اختارهم كبديل منذ سنوات، لتظل المعادلة في حاجة إلى عناصرها الأساسية «الصوفية نفسها» التي لن تستطيع أي عوامل مساعدة على إنجاح معادلتها طالما كان الأساس مترهلًا.
التصوف لا يتعارض مع الشريعة
أكدت دار الإفتاء المصرية، أن التصوف لا يخالف الشريعة الإسلامية، إنما يعد سبيلًا لإحدى مراتب الدين ألا وهى الإحسان، مستشهدين بأقوال أئمة التصوف أنفسهم التي تدعو إلى الالتزام بالشرع وحفظ كتاب الله وسنة رسوله لصحة التصوف، إذ عرفت التصوف قائلة: هو السعى للوصول إلى درجة الإحسان، وعلامة هذه الدرجة أن تعبد الله كأنك تراه، ولا يمكن أن يتعارض الإحسان مع الإسلام، أو مع الإيمان، فالإحسان دائرة داخل دائرة الإيمان، والإيمان دائرة داخل دائرة الإسلام، وهذه الدوائر متداخلة، لا يمكن أن تتقاطع أو تتباعد أو تتعارض.
كما أوضحت «الإفتاء»، أن الدين بنى على أمور ثلاثة هي الإسلام والإيمان والإحسان، وقد اهتم الصحابة والتابعون من بعدهم بهذه الأمور الثلاثة، واصطلحت الأمة بعد ذلك على تسمية العلم الذي يشرح أركان الإسلام بعلم الفقه، والعلم الذي يشرح أركان الإيمان بالعقيدة، والعلم الذي يشرح مقام الإحسان بعلم التصوف، حتى إنه قد اشتهر في عصور التابعين وأتباع التابعين بعلم التصوف.
وأضافت: اتفق الصوفية على أن التصوف لا يوجد إلا بالتزام الشرع، وكانت عباراتهم في ذلك صريحة لا تحتمل التأويل، فقد قال الجنيد إمام الصوفية: «الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام»، كما قال: «من لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث، لا يقتدى به في هذا الأمر؛ لأن علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة».
وفيما يتعلق بمخالفة بعض الأوردة الصوفية للكتاب والسنة ذكرت قول الإمام أبوالحسن الشاذلى: «إذا عارض كشفك الكتاب والسنة، فتمسك بالكتاب والسنة، ودع الكشف، وقل لنفسك: إن الله تعالى قد ضمن لى العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها في جانب الكشف، ولا الإلهام، ولا المشاهدة، مع أنهم أجمعوا على أنه لا ينبغى العمل بالكشف ولا الإلهام إلا بعد عرضه على الكتاب والسنة».
«الصوفية» بديل غربى آمن لـ«الإسلام الراديكالى»
في الوقت الذي كانت تستخدم فيه دول الشرق الأوسط التيارات الإسلامية الراديكالية كفزاعة للغرب، كما كان الوضع في مصر، ويمنحونهم من المساحة ما يتحركون فيه ويوسعون قواعدهم وتزداد قوتهم - غير منتبهين أن تلك الجماعات ستمثل تهديدا لتلك الأنظمة ذاتها - كان الغرب يبحث عن بديل لتلك الجماعات ليدعمها في الشرق الأوسط بهدف الوقوف في وجه الأخرى، وتصديرها كبديل مُرحب به يقدم صورة للإسلام الوسطى الذي لا يهدد المصالح الأمريكية بالصورة التي تمثلها الجماعات الأخرى التي تنقسم بين «التطرف» والتطرف المُحتمل.
ولقد أولى العديد من المراكز البحثية الأمريكية منذ الألفية الثانية أهمية كبيرة لدراسة التصوف في منطقة الشرق الأوسط، وما إذا كانوا يمثلون بديلًا آمنًا لتيارات الإسلامية الراديكالية المنتشرة في ذلك الوقت أم لا، وخلال تلك الفترة ظهرت مئات الدراسات والأبحاث والمقالات والندوات التي تحدثت في ذلك الموضوع، وخلصت جميعها للتأكيد على ضرورة دعم الطرق الصوفية لما تمثله من تصور وسطى للإسلام.
في الوقت الحالى أصدرت مؤسسة راند الأمريكية، وهى مؤسسة بحثية كبرى تابعة للقوات الجوية الأمريكية، دراسة بعنوان الإسلام الوسطى الديمقراطى، وقالت إن الصوفية يجب أن تدعم لكى تستبدل في القريب بالحركات الإسلامية المتواجدة في الشارع المصرى الآن والممثلة في السلفيين والإخوان، الذين خسروا شعبيتهم في الفترة الأخيرة، وكانت نفس المؤسسة قد أصدرت تقريرا سابقا في ٢٠٠٣ أكد على أن الطرق الصوفية أحد الحلفاء المفترضين لأمريكا في العالم الإسلامى، وأوصت السلطة الأمريكية بتشجيعهم، حيث تناولت الدراسة بالبحث التفصيلى القوى الإسلامية المرشحة لأن تكون حليفة لأمريكا، والمرشحة لأن تلعب دورًا اطلقت عليه الرسالة مسمى «إسلاما مدنيا» يدين التطرف والعنف ويروج للإسلام المتسامح، معتبرين أن الصوفية تقدم تفسيرا منفتحا ومعتدلا للإسلام، وأنه من خلال الشعر والموسيقى والفلسفة، فإن الصوفية قادرة على إقامة جسور مدنية قوية خارج إطار الارتباطات الدينية.
وفى عام ٢٠٠٥ أصدر معهد الولايات المتحدة للسلام دراسة بعنوان «الإسلام السياسي في أفريقيا جنوب الصحراء» أكدت فيه أيضًا على أهمية دعم الصوفية في المنطقة، وفى عام ٢٠٠٧ أصدرت مؤسسة راند دراسة ثانية بعنوان «بناء شبكات إسلامية معتدلة» استغرقت في إعدادها ثلاث سنوات، والتي تعد استكمالًا لدراساتها الأولى، حيث أكدت فيها على أن الولايات المتحدة يجب أن تتخذ قرارا إستراتيجيا ببناء شبكات إسلامية معتدلة في الدول الإسلامية، وأن يكون لديها إستراتيجية واضحة في هذا المجال، وقسمت تلك الشبكات المعتدلة من وجهة نظرها إلى ثلاثة أنواع من ضمنها «الصوفية».
وأشارت الدراسة في هذا الإطار إلى أنه عند الحديث عن الصوفية باعتبارهم شركاء أو حلفاء محتملين لأمريكا فيجب ملاحظة التنوع الكبير للجمعيات الصوفية في مختلف الدول الإسلامية، كما عرضت تفصيلا ما تسميه بـ «خريطة طريق» لكيفية بناء هذا الذي تسميه الشبكات الإسلامية المعتدلة ومن بينها الصوفية، وعن الطرق التفصيلية التي تقترحها لدعم وتقوية هذه الجماعات.
وفى عام ٢٠٠٨ أصدر مركز كارنجي دراسة عن الدور الذي قد تلعبه الصوفية في دول آسيا الوسطى (أوزبكستان- تركمانستان- طاجيكستان- قرغيزستان- كازاخستان) كبديل لجماعات الإسلام الراديكالى، والتوصية بدعم التصوف، ولكنها حذرت في الوقت ذاته من الدعم العلنى والذي قد يؤدى إلى نتيجة عكسية حيث قالت إن الصوفية قد تخدم كعامل موازن للإسلام الراديكالى، ولكن جهود الدولة ومحاولتها العلنية لاستغلال الصوفية يمكنها أن تؤدى إلى رد فعل عكسى».
وعقب الثورة أعد الباحث الأمريكى «جوناثان براون» دراسة تقارن بين الصعود السلفى والصوفى عقب ثورة ٢٥ يناير، صدرت عن مؤسسة كارنيجى للسلام الدولى تحت عنوان «السلفيون والصوفيون في مصر» في ديسمبر٢٠١١.
ولم يقتصر الأمر على مجرد الدراسات، فلقد ظهر اهتمام في السياسة الغربية والأمريكية تحديدا بالطرق الصوفية، عبر عنها حرص السفير الأمريكى في مصر فرنسيس ريتشاردونى على الذهاب كل عام إلى طنطا لحضور مولد السيد البدوى، واللقاء مع مشايخ الطرق الصوفية، والجلوس مع «الدراويش» والاستماع إلى الأذكار ومشاهدة حلقات الذكر، والمظاهر الاحتفالية الأخرى في المولد، إضافة إلى حضوره الموالد الأخرى، وخصوصا مولد الحسين، والسيدة زينب. وبعده حرصت جواند كاردنو، القنصل الأمريكى في الإسكندرية، على المشاركة في الاحتفال بمولد أبو الحسن الشاذلى وأبو العباس تلبية لدعوة من الشيخ جابر قاسم الخولى وكيل المشيخة الصوفية في الإسكندرية.
وتوضح الدراسات السابقة الاهتمام الذي أولاه الغرب إلى الصوفية كبديل للإسلاميين، وبسقوط الإسلاميين في مصر بسقوط فصيلهم الأكبر «الإخوان» باتت الفرصة سانحة للتصعيد الصوفى.
وقبل سقوط نظام الإخوان بشهور أعلنت بعض الطرق الصوفية في مصر تأسيس الاتحاد العالمى للصوفية بمشاركة أكثر من سبعين طريقة من دول مختلفة، وذلك من العاصمة الفرنسية باريس، متخذين منها مركزًا لها، وعقب سقوط الإخوان سافر «أبو العزائم» إلى باريس لإجراء عملية جراحية والتقى خلال رحلته قيادات فرنسية في الحكومة ومؤسسات بحثية مهمة، كما ألقى كلمة في البرلمان الفرنسى الذي أعلن دعمه للصوفية في مواجهة التطرف، وهو ما يعبر عن الدعم الغربى والضوء الأخضر الممنوح لهم من الغرب.
بين أبو العزائم والقصبى الصوفية في خطر
منذ ٨ أعوام تقريبا، والبيت الصوفى منقسم بين جبهتين الأولى بزعامة الشيخ عبد الهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية، والثانية يتزعمها الشيخ علاء أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية، قضوها بين المحاكم المختلفة، ما بين الاتهام والدفاع، فكل جبهة رفعت على الأخرى من القضايا ما يرهق الباحث خلفها.
وأكد أحمد التسقيانى، شيخ الطريقة التسقيانية، أن تلك الخلافات سبب رئيسى خلف عدم قدرة الصوفية على القيام بدورها، متهمًا بعض الطرق الصوفية بالوقوف خلفها وإشعال الفتن كلما هدأت بين الشيخ أبو العزائم والقصبى، مشيرًا إلى أنه بذل وسيبذل جهودا لمحاولة رأب الصدع، مستبشرًا خيرًا خصوصًا بعد قرار «أبو العزائم» بتنحية الطرق التي تسببت في تلك الفتنة.
النفور من الإخوان والسلفيين.. في صالح الصوفية
على طريقة الاستفادة من الخصم بدأت بعض الطرق الصوفية تتخلى عن تقوقعها داخل حضراتها، وانشغالها بموالدها إلى غاية أكبر ألا وهى توسيع رقعتها، وتشكيل قواعد تؤهلها لتصدر المشهد في المرحلة القادمة، وأن تصبح بديلًا للإخوان والسلفية، لاسيما في ظل توفر الحاضنة السلطوية والشعبية لذلك، أما السلطة فتسعى إلى دعم الجماعات الوسطية لإزالة آثار ما تركه المتشددون، والشعب فبات متعطشًا لحوار وسطى وحديث يبعد عن الدماء والأشلاء إلى فضاء أكثر رحابة وراحة حيث العلاقة الروحية مع الله والصفاء الذهنى والسمو الروحى.
اخترقت «البوابة» عالم الاستقطاب الصوفى الوليد، الذي ينشط داخل المحافظات، بالاعتماد على المعارف في إطار القرية، حيث يقوم نائب الطريقة ومَن أسفل منه تنظيمًا برصد أهداف يسعون إلى ضمها من المترددين على المساجد الصوفية أو في دوائر عملهم، عبر نواب الطرق المختلفة، ويعتمدون في اختيار عناصرهم على مدى كره تلك الأشخاص للإخوان والسلفيين، ومن ثم يعد ذا قابلية للانضمام إلى الصوفية، وأقل تأثرا بالدعاية المضادة عن الصوفية من أنهم أهل بدع أو شبهات الصلاة على القبور، ثم يبدأ نائب الطريقة في حديث مع تلك الأهداف عن الصوفية ومبادئها في الزهد والعلاقة الروحية مع الله كحديث عام، ثم بإهدائه كتبا تتحدث عن التصوف، ثم بدعوته إلى حضور الحضرات التي تقيمها طريقته كل أسبوع والحديث معه عن الطريقة وكرامات شيخها إذا كان من الشخصيات التي تنجذب بالحديث عن ذلك أو تجنبها إذا كان لا يؤمن بذلك والتركيز على مكانة الطريقة وإسهاماتها عبر التاريخ.
وبعد أن يجمع النائب عددا معينا، عشرة أو عشرين أو أكثر، يدعو شيخ الطريقة إلى الحضور إلى المحافظة لأخذ العهد من المنضمين الجدد والحديث معهم أكثر عن الطريقة، وعقب اللقاء يوصى شيخ الطريقة نائبه بالاهتمام بالأعضاء الجدد أكثر من غيرهم، ويفقههم في الطريقة ومنهجها لحين تثبيت أقدامهم فيها.
وأشار» التسقيانى»، في تصريحات خاصة لـ«البوابة»، إلى أن الصوفية أصبحت تجذب نوعا جديدا من المريدين مختلفا عن الصورة التقليدية له أو انخفاض مستواهم التعليمى، فالخمسون شخصا الذين انضموا مؤخرًا بين مهندسين ومحاسبين وحاصلين على شهادات عليا وعلى درجة كبيرة من الثقافة والوعى، موضحًا أن نائبه في القليوبية أخبره أن عددا من المنضمين الجدد يريدون لقاءه لتلاوة العهد، وأنه سيذهب قريبًا إليهم. 
التوريث بالقانون
قد يكون من العجيب أن شعار « لا للتوريث» الذي استطاع الشعب رفعه في وجه أكثر الأنظمة وحشية نظام المخلوع- لا يزال عاجزًا على أن يُرفع داخل أروقة البيت الصوفى، الذي تنتقل فيه ولاية الأمر مباشرة من الوالد إلى الآبن حتى إذا كان ذلك الابن لم يبلغ بعد، وهنا سيتولى أكبر من في العائلة الوصاية عليه لحين بلوغه واستلامه إرثه من اللقب مع باقى ممتلكات والده، دون النظر إلى علمه أو درجته في التصوف وقدرته على إدارة الطريقة.
ومن أبرز مشايخ الطرق الصوفية الشباب الآن ممن ورثوها عن آبائهم محمد عصام شمس، شيخ الطريقة الأحمدية المرازقة، الذي تولى المشيخة منذ ٩ أشهر عقب وفاة والده في يونيو ٢٠١٤، ليجد الشاب البالغ من العمر ٢٢ عاما حديث التخرج نفسه شيخا لطريقة لها مريدون على مستوى مصر، والبعيدة كل البعد عن مجال دراسته للتجارة، أما الشيخ فكرى العروسى، شيخ الطريقة العروسية، انتظر تحت الوصاية عدة سنوات بعد وفاة والده إلى أن بلغ سن الرشد وانتقلت إليه إدارة المشيخة، بينما لا يزال شيخ الطريقة العنانية تحت الوصاية حتى الآن، فوريث الطريقة طفل لم يبلغ بعد، وهو ما جعل عمه حاتم العنانى يتولى إدارة الطريقة في المرحلة الحالية.
وعلى الرغم من مواجهة كل القوانين لفكرة التوريث في انتقال المناصب، إلا أن التوريث داخل البيت الصوفى يتم بـ«القانون»، الذي أصدره الرئيس الراحل أنور السادات لتنظيم عمل الطرق الصوفية رقم ١١٨، والذي جاء نصه بخصوص اختيار مشايخ الطرق قائلًا: يجب أن يتوفر فيمن يعين شيخًا لطريقة من الطرق الصوفية الشروط الآتية: أن يكون بالغًا سن الرشد متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية كاملة، ألا يكون محكومًا عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف والأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره في الحالتين، أن يكون مجيدًا للقراءة والكتابة وملمًا بمبادئ الشريعة الإسلامية، أن يكون متمتعًا بسمعة طيبة وخلق كريم، وأن يكون من أهل العرفان والكمال ذوى التقوى والصلاح، ‏ألا يكون شيخًا لطريقة صوفية أخرى. 
من جانبه دافع الشيخ علاء أبو العزائم، شيخ الطريقة العزمية، عن تلك الطريقة قائلًا إن أفضل من يدافع عن الطريقة بعد وفاة شيخها هو نجله بصفته الملازم للشيخ والأجدر باستكمال ما دشنه والده، مشيرا إلى أنهم لا يرون سوءًا في تلك الطريقة، ومن المستبعد أن تثور عليها الطرق أو تطلب تغييرها.
خبراء: ٤ أسباب تعوق استبدالهم بـ«الإسلامية»
قال الدكتور هانى نسيرة، الباحث في التيارات الإسلامية، إن الطرق الصوفية في مصر تعيش في جزر منعزلة كل عن الأخرى، قبل أن تكون عن المجتمع، فالجزر الصوفية لم تستطع أن توجد مكانا لنفسها في الصحوة الإسلامية التي شهدتها مصر منذ السبعينات، وظلت متقوقعة على نفسها كل داخل حضرته وطريقته، وهو ما يضعف إمكانية تصديرهم كبديل لتيارات التحمت بالشارع بصورة كبيرة على مدى عشرات السنوات، ويحوجهم إلى تغييرات جذرية.
وأكد «نسيرة»، في تصريحات لـ «البوابة»، على أن ذلك لا يعنى أن التصوف كمنهج قاصر عن مواجهة أفكار الإسلام التيار الإسلامى المتطرف في بعضه، مشيرًا إلى أن التصوف كمنهج يعتمد على الزهد والروح جاذب جدًا حتى إن أعداءهم التقليديين أنفسهم كالسلفيين اقتبسوا منه بعض الأشياء، ولكن تظل المشكلة الرئيسية في الطرق الصوفية التي ليست فقط غير قادرة على تحمل مسئولية التصوف كمنهج، بل تضر به أيضا.
وأضاف الباحث في الإسلام السياسي أن تيار التصوف الجديد الذي ظهر مؤخرًا في المغرب ويعتمد على الصوفية كمنهج مع تجنب الأخطاء التي وقعت فيها الطرق الصوفية، وتبنى خطاب أكثر عقلانية ووعيًا يعد الأقدر على التصدى للأفكار المتشددة، واحتمالات تصديره كبديل للإسلام السياسي التقليدى واردة إلا أنهم لم يظهروا في مصر حتى الآن، كما أن بعض الكتب التي ظهرت واستطاعت أن تتحدث عن التصوف وأثرت في الانجذاب إليه كمصدر لفرسان العشق الإلهى وقواعد العشق الاربعين تظل منحصرة في النخبة.
فيما قال مصطفى زهران، الباحث في الطرق الصوفية، إن الطرق الصوفية تحتاج إلى الكثير من الوقت حتى تستطيع الوقوف في وجه الإسلاميين، والخروج من العزلة التي وضعوا فيها، مشيرًا إلى انخفاض خبرتهم السياسية وهو ما يجعلهم غير قادرين على ملء الفراغ السياسي الذي تركه الإخوان والسلفيون وستظل مشاركتهم مقتصرة على «التمثيل الشرفى» حتى إذا كانت أكبر من ذى قبل.
وأوضح أنه على الرغم من تهيئة الظروف لهم سواء من دعم السلطة لهم، وحاجة المجتمع إلى نماذج جديدة بعيدة عن الإخوان والسلفيين من جهة، والدعم الغربى من جهة أخرى، إلا أن صراعاته الداخلية وتفككه يجعله يهدر تلك الفرص دون الاستفادة منها.
من النسخة الورقية