الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بيزنس الحضانة والمدارس الخاصة يا وزير التعليم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في مصر لا يوجد تعليم حكومي.. ليست معلومة وانما حقيقة قاطعة، يعرفها الداني ويدركها القاصي، وعليك إذا أردت لأبنائك التعليم الجيد الذهاب إلى المدارس الخاصة المحترمة، ليتلقى الأبناء تعليما يساعدهم على خوض مشوار الحياة، يرتقى بأفكارهم، ويحميهم من معاول الهدم الفكرية، ويضمن لهم مكانا مميزا في المستقبل.
وأدرك البعض هذه الحقيقة، فسارعوا إلى إقامة وإنشاء المدارس الخاصة، ليس حبا في التعليم، وإنما في جنى الأرباح وتكوين الثروات، ولهم في ذلك كل الحق، فالمنهج الدراسي هو نفسه منهج المدارس الحكومية، وحتى مع مدارس اللغات الخاصة، لكن يبقى الفرق الأهم بين الحكومي والخاص هو الاهتمام بالطفل أو الطالب.
في المدارس الخاصة يبدأ التقديم من شهر يناير، وعلى ولي الأمر الإذعان لكل شروط المدرسة، والالتزام حرفيا بقواعدها واشتراطاتها المالية، وإلا فهناك طابور طويل جدا من المتقدمين ينتظرون مكانا خاليا لأبنائهم، وتطور الأمر إلى أبعد من ذلك، فأصبحت "الوساطة"، هي السبيل الوحيد والمتاح لدخول مدرسة خاصة.
فمن هو ولي الأمر القادر على دفع مصروفات مدرسة خاصة، ويقوم بتقديم أبنائه لمدرسة حكومية؟ على الإطلاق، فالذهاب للمدارس الحكومية بات مقتصرا فقط على عدم القادرين على مصروفات المدارس الخاصة، وهو أمر في غاية الخطورة على المجتمع ككل.
إن رفع الدولة يديها من مسألة تقسيم المجتمع تعليميا إلى عدة فئات، يصنع أجيالا مشوهة تعليميا ونفسيا، يصنع مدرسين مشوهين أيضا، يصنع حقدا وغلا بينهم، بين القادر على تعليم أبنائه، وبين من يلقيهم إلى التهلكة.
ربما يكون من الطبيعي ان تكون هناك مدارس للمتفوقين أو الموهوبين، ومدارس لبقية الطلبة، لكن أن يكون هناك مدارس فئة أولى، تصل مصروفاتها للطالب الواحد إلى ألف جنيه في العام، وفئة ثانية تتراوح بين 7 آلاف و30 ألف جنيه، وفئة ثالثة هي المدارس الحكومية المجانية، أمر غير مقبول.
وحتى المدارس التجريبية الحكومية التى كانت تقدم تعليما جيدا واهتماما بالطالب، أصبحت مثل المدارس الحكومية العادية، بل أصبحت أكثر عبئا على الأسرة، فالمدرسون من النوعين أصبحوا لا يهتمون سوى بالدروس الخصوصية فقط، وأصبح سعر مدرس التجريبي في السماء، وعلى ولي الأمر الدفع شاء أم أبى.
ولا أعرف كيف تستطيع وزارة التربية والتعليم القضاء على ظاهرة المدارس الخاصة، فقديما كانت المدارس الحكومية مقتصرة فقط على الأذكياء والموهوبين، وكانت المدارس الخاصة متاحة للطلاب الفشلة، وغير المرجو منهم التفوق على الإطلاق، بل كانت المدارس الخاصة تجتذب الطلبة الذين لم يسمح مجموعهم "في الإعدادية مثلا" بدخول الثانوية العامة.
أعلم تماما أن حل العملية التعليمية في مصر معقد للغاية، أو بمعنى أدق في القاهرة وضواحيها، لكن هل بدأت وزارة التربية والتعليم في تطبيق منظومة تعليم راق في محافظة واحدة على الأقل، ولتكن في إحدى محافظات الصعيد؟
لماذا لا تبدأ الوزارة مع محافظة مثل سوهاج أو قنا، حيث الأراضي متاحة بإنشاء مدارس بمواصفات طبيعية (آدمية)، وتنتقى مدرسين بعناية من سكان نفس المحافظة، وترسلهم في بعثات قصيرة للخارج لتغيير مفهوم التعليم، يعودوا بعدها للتدريس للطلبة.
وأعتقد أن تمويل إنشاء مثل هذه المدارس من السهل أن تقوم به شركات خاصة مصرية، من ضمن مسؤولياتها المجتمعية، بل سيرحب به الكثير من رجال الأعمال، وكبار رجال العائلات.