السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

دراسات المركز العربي

مستقبل العلاقات بين قطر وحماس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ترجع العلاقات بين حماس وقطر إلى عام 1999، بعد قرار ترحيل قادة حماس من عمان وإغلاق مكاتب الحركة بالأردن، وهو القرار الذي اتخذته القيادة الأردنية بعد اتهامها لقادة حماس بالإضرار بالأمن القومي للبلاد، ووقتها تدخل الأمير حمد بن خليفة آل ثاني- والذي كان انقلب لتوه على أبيه- وتوسط لإقناع الطرفين بخروج حماس إلى قطر، وكانت هذه هي بداية ظهور الدور القطري في القضية الفلسطينية، وبعد اتخاذ قطر هذا الموقف تقاربت طهران ودمشق وقطر، فيما أصبح يُسمى بمحور الممانعة، وكان للخلاف الحدودي بين قطر والسعودية دور كبير في قرار قطر بالانضمام لمحور الممانعة في مواجهة محور الاعتدال الذي كان يمثله وقتها مصر والسعودية، وظهر الدور القطري في دعم حماس بشكل أكبر أثناء العدوان على غزة عام 2008 حين أقامت الدوحة مؤتمر دعم غزة، وحضره الرئيس السوري والرئيس الإيراني وأعضاء المكتب السياسي لحماس في الوقت الذي كانت تعقد فيه قمة عربية طارئة في القاهرة على وقع الاعتداء على غزة الربيع العربي.
واقع جديد
مع هبوب رياح الربيع العربي، تغيرت الخرائط خصوصًا بعد اندلاع الثورة السورية والقمع الشديد الذي واجهها به النظام السوري، وتبعًا لذلك تباعدت العلاقة بين النظامين السوري والقطري، في الوقت الذي دعمت فيه إيران بكل قوة نظام الأسد، واعتبرت أن ما يحدث هو مخطط غربي لإسقاط الأسد، ولذلك كان لزامًا على حماس أن تقرر الاختيار بين الانحياز للشعب السوري وخسارة دعم الحليفين السوري والإيراني وهما المصدر الأول لسلاح المقاومة، أو البقاء في أحضان النظام السوري ومن خلفه إيران وفقد الدعم الشعبي العربي لحماس كحركة مقاومة، وجاء اختيار حماس بالانحياز للشعب السوري، وهو الخيار الذي لعبت فيه قطر وجماعة الإخوان المسلمين في مصر دورًا مهمًا، فحماس هي امتداد للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين وعلى الساحة السورية، فالإخوان المسلمون يوجدون على رأس معارضي النظام السوري، كما أن الحركات الإسلامية ذات التوجهات الإخوانية التي استلمت السلطة في الدول العربية اتخذت موقفًا سلبيًّا تجاه النظام السوري، وهو ما جعل موقف حماس يتباعد عن الموقف السوري، وفي هذه النقطة تحديدًا التقت مصالح حماس مع قطر، بعد أن أصبحت الدوحة أكبر ظهير لقوى الإسلام السياسي، وخصوصًا جماعة الإخوان المسلمين.
وقبل الخروج من سوريا تدخلت قطر لدى ملك الأردن لتلطيف الأجواء بين حماس والقيادة الأردنية، كتمهيد لخروج حماس من سوريا، وعودة بعض قياداتها للأردن، وكان من نتيجة الوساطة أن استقبل العاهل الأردني ولي العهد القطري برفقة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس في نهاية يناير 2012، وكانت هذه هي الزيارة الأولى لأعضاء من مكتب حماس للأردن منذ 11 عامًا، وكان النظام الأردني وقتها بحاجة للتقارب مع حماس على وقع الاحتجاجات في الشارع الأردني، التي كانت تتهم النظام بالتعاون مع إسرائيل وبالعداء للمقاومة، ولذا مثلت هذه الزيارة فائدة لجميع الأطراف.
وفي نفس الوقت أعطت قطر الضوء الأخضر لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل بالإقامة في العاصمة الدوحة بشكل دائم، كما وافق المجلس العسكري المصري- الحاكم آنذاك- على استضافة نائب رئيس المكتب السياسي موسى أبو مرزوق، والسماح له بالإقامة بشكل دائم في القاهرة .
وبالفعل في فبراير 2012 أعلن إسماعيل هنية عن خروج قادة المكتب السياسي لحركة حماس من العاصمة السورية دمشق، بما فيهم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة، وتخفيض مستوى العاملين في مكتبها إلى أقصى درجة.
وقال هنية وقتها إن قيادة حماس ستخرج من دمشق لفترة طويلة نظرًا للظروف الموجودة في سوريا، وحتى تستطيع أن تتابع عملها وشئون قضية فلسطين .
وفي أول تعليق رسمي لقيادي في حركة حماس على قمع النظام السوري للثورة أكد هنية في حواره مع قناة الرأي الكويتية بتاريخ 10 فبراير 2012 “,”أن حماس لا تستطيع أن تنكر أن سوريا شعبًا وقيادة احتضنت المقاومة، وفتحت أبوابها لقادة الحركة بعد قرار الإبعاد من الأردن، لكن ما يجري في سوريا اليوم شيء صعب على كل إنسان عربي، فضلاً عن أن يكون فلسطينيًّا أيضا، فالدماء السورية دماء عزيزة علينا“,”.
دعم قطري
بعدها لم تتوان قطر عن تقديم الدعم المادي واللوجيستي لحماس، وكان أبرز مظاهر هذا الدعم زيارة أمير قطر لقطاع غزة في أكتوبر 2012، وهي أول زيارة يقوم بها رئيس عربي إلى قطاع غزة منذ سيطرة حكومة حماس عليه في 2007، وأعلن أمير قطر خلال زيارته تلك عن دعم إعادة إعمار غزة بـ400 مليون دولار.
وجاء الاعتداء على غزة الذي بدأ في 14 نوفمبر 2012 ليبرهن أن حماس قد اختارت الرهان على الجواد الرابح في الوقت الحالي، وبالفعل قامت مصر وتركيا وقطر بالتدخل بقوة من أجل وقف العدوان، ولم يقتصر الأمر على الجهود الدبلوماسية فقط، ولكن جاءت زيارة رئيس الوزراء المصري على رأس وفد رسمي لدعم قطاع غزة أثناء القصف لتبرهن على أن شيئًا ما تغير في المنطقة، كما بعثت تونس بوزير خارجيتها رفيق عبد السلام مع وفد رفيع المستوى يتضمن 12 وزيرًا إلى غزة للتضامن مع الفلسطينيين.
كل هذا أكد لحماس أن برودة العلاقات مع إيران لن تؤثر على موقفها الإستراتيجي في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي.
سيناريوهات المستقبل
وفقًا لما سبق عرضه من المتوقع أن تتحرك العلاقات بين قطر وحماس في أحد السيناريوهات الثلاث التالية:
1) زيادة التقارب
في ظل صعود القوى الإسلامية في العالم العربي المرتبطة تنظيميًّا بجماعة الإخوان المسلمين فمن المتوقع أن تستمر العلاقت القطرية الحمساوية في التقارب، ما دامت العلاقات القطرية الإخوانية دافئة، ويبدو أن ذلك هو المتوقع في ظل تشابك المصالح بين النظام القطري والأنظمة الإسلامية الجديدة في مصر وتونس.
وفي حالة استمرار هذا التقارب سيقل تأثير إيران على المنطقة كثيرًا، وسيصبح ليس لها حلفاء باستثناء حزب الله اللبناني، والذي سيصبح محاصرًا في حالة سقوط النظام السوري، ووقتها سنكون إزاء معادلة إقليمية جديدة تلعب فيها قطر دورًا متعاظمًا، بسبب اعتماد أغلب الأنظمة العربية الجديدة خصوصًا الإسلامية منها- والتي تمر بظروف اقتصادية صعبة في الوقت الحالي في مصر وتونس- على المساعدات القطرية.
ووفقًا لهذا السيناريو فستكون المساعدات القطرية (المادية و اللوجستية ) لحماس هي عصب الحركة، وهي البديل عن الدعم الإيراني ، وهو ما يعني تقارب أكثر وأكثر بين قطر وحماس.
2) تراجع العلاقات
سيحدث ذلك في حالة تراجع المد الإسلامي في الفترة القادمة عن طريق الديمقراطية وصندوق الانتخابات، خصوصًا في ظل الاحتجاجات على حكم الإسلاميين في مصر وتونس، وهو ما يمكن أن يقود إلى انحسار تيار الإسلام السياسي ممثلًا في جماعة الإخوان المسلمين وفروعها المختلفة، بعد ثبوت فشلهم في إدارة البلاد، ووقتها بطبيعة الحال ستطمع إيران إلى استعادة دورها في المنطقة عن طريق اجتذاب حركة حماس وتدعيمها؛ حتى تكون بعدًا إستراتيجيًّا لها في المنطقة بجانب حزب الله.
3) والسيناريو الثالث هو استمرار حالة الشد والجذب بين إيران وقطر حول ولاء حركة حماس، وفي هذا السيناريو ستصبح حماس هي الرابح الأكبر في معركة الولاءات تلك، وخصوصًا أن لحماس باعًا طويلاً في التعايش مع جدليات الأنظمة العربية، والتناقضات بينها، وأثبتت عبر سنين قدرتها على التعامل مع هذه التناقضات والاحتفاظ بمسافات آمنة من الجميع.
ووفقًا للمعطيات الإقليمية الحالية، يبدو هذا السيناريو أقرب للتحقق.