الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

هل لداعش مستقبل؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحظى تنظيم داعش بعدد من الأوراق التى تعزز موقفه وتمكنه من الصمود، أول هذه الأوراق الدعم الذى تلقاه من السنة على الأقل فى البداية فى مواجهة التمييز الذى مارسه حكم نورى المالكى ضدهم، كما يحظى برصيد مالى كبير حصل عليه من المصارف التى سيطر عليها وصادر أموالها، وأخيراً- وليس آخرا- يحظى بعدد كبير من الإرهابيين من كافة أصقاع الأرض، بل يكاد هذا التنظيم أن يضم عددا غير مسبوق من الإرهابيين فى تاريخ المنظمات الإرهابية.
هذه الأوراق التى يمتلكها داعش قد تمكنه من الصمود والاستمرار خاصة وأنه أصبح يرتكز على قاعدة مادية صلبة، أى مساحات من الأراضى العراقية والسورية، بل وأعلن قيام الدولة الإسلامية وتمت مبايعة خليفة لهذه الدولة، وهو أمر ينفرد به داعش دون غيره من التنظيمات الإرهابية.
بيد أن هذه الأوراق التى تعزز موقف داعش، تقابلها من الناحية الأخرى أوراق تصعف من موقف داعش ورصيده وتعمل فى غير صالحه، منها مثلا أن ممارساته فى المناطق التى يسيطر عليها تثير الخوف والهلع ويعجز التنظيم عن تقديم الخدمات للواقعين تحت سيطرته، وأن لجوء التنظيم للذبح والقتل والتدمير والحرق فى حق الأقليات غير الإسلامية والأسرى والصحفيين رسمت صورة للتنظيم منفردة، صورة متوحشة وبدائية ومثيرة للاشمئزاز على الصعيد الإسلامى والعربى والعالمى، وأن لجوء التنظيم إلى تقنيات الرعب الهوليودية فى قتل وحرق الأسرى والمخطوفين والتفنن فى إثارة الفزع والهلع، يقلل من جاذبية هذا التنظيم، ويقلل من أهليته للحشد، إضافة إلى ذلك فإن داعش يواجه بيئة معادية إقليمية وعالمية إسلامية ترى فيه تشويها للإسلام والمسلمين وتشارك فى شن هجمات جوية على قواعد التنظيم ومراكز تجمعه حتى لو تنجح حتى الآن فى القضاء عليه وربما لا تستطيع القضاء عليه إذا ما استمرت المواجهة على هذا النحو.
والحال أن هذا التنظيم يجمع فى مسيرته بين عناصر مختلفة من القوة والصلابة وأخرى من الضعف والهشاشة، ويتوقف مصير داعش على علاقات القوى بين هذه العناصر وما إذا كانت الغلبة فى المستقبل المنظور لعوامل القوة والتماسك أم لعوامل الضعف والتفكك.
الأمر المؤكد أن استراتيجية التحالف الدولى ضد داعش القائمة على أولوية الضربات الجوية يبدو أنها لن تكون كافية للقضاء على التنظيم وأنه لابد من ترافق هذه الهجمات الجوية مع مواجهة أرضية وبرية من القوات الخاصة والقوات العراقية والأكراد وعشائر السنة ومن قبل قوات التحالف الدولى خاصة العناصر المدربة على المواجهات الانتقائية لعناصر داعش.
إضافة إلى ذلك فإن هذه المواجهة العسكرية المركبة لداعش بين الهجمات الجوية والمواجهات البرية النوعية لن تكون كافية بمفردها لهزيمة داعش والحيلولة دون إعادة إنتاج تنظيمات مشابهة له، بل لا بد من مواكبة مواجهة فكر داعش وخطاب داعش عبر تشكيل جبهة من الرسل المحليين والدعاة وفق معايير وشروط محددة مثل معرفة أصول الخطاب الداعشى الإسلامى والسياق الزمنى والتاريخى المشتق منه والقدرة على بلورة رؤى وأفكار لمواجهة مقولات وأفكار داعش والتكوين الديني والأخلاقى وما دون ذلك من الشروط، التى تكفل إنتاج خطاب متماسك يناقض خطاب داعش وينزع عنه الغطاء الدينى بل ويحرمه ويؤثمه.
إن الجمع فى المواجهة مع داعش بين الحرب والفكر، بين الدولة والمجتمع والدعاة والعشائر ضرورات لهزيمة هذا التنظيم قبل أن يستفحل خطره على الجميع.