الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

يا وزير الثقافة.. ابدأ بالحيتان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أقولها واكررها ولاأمل من تكرارها: إن وزارة الثقافة وفى هذه الظروف وهذا التوقيت تحديدا تكاد أن تتساوى درجة اهميتها وخطورتها مع أهمية وخطورة مؤسستين قد أولاهما رئيس الجمهورية الدرجة الاولى فى قائمة الاولويات، وهما المؤسسة العسكرية والمعنية بكل مايخص الأمن القومى، وثانيهما المنظومة الإقتصادية لإنتشال مصر من (الغرقة) الإقتصادية التى احلت بها بعد حكم فساد استمر اكثر من 30 عاما، ثم حكم جماعة إرهابية خائنة خربت مصر فى خلال سنة واحدة ما يعادل تخريب عشرات السنين.
نعم فى هذا الظرف وهذا التوقيت تحديدا يصبح دور وزارة الثقافة فى غاية الاهمية والخطورة ، فهى المنظومة المعنية بتشكيل الوعى والفكر والوجدان ، فإما خرب وشوه واصبح ممهدا لاستيلابه سواء استيلابا رجعيا متخلفا، أو استيلابا غربيا متأمركا (غير رشيد) بما يحمله تعبير متأمرك من فتح طريق العمالة والخيانة للوطن.
هذه (إما) الأولى..
أما إما الثانية فهى.. تشكيل وعى وفكر قائم على ثوابت وطنية غير قابلة للزعزعة ولاللاختراق، من خلال تاريخ يؤخذ منه كل مافيه من حقائق ووقائع تعد نماذج شرف وفخر وتقدم للأجيال يتعلمون منها ويقتادون بها، ايضا تشكيل وجدان مرتبط بقيمنا النبيلة واصولنا الجميلة وتراثنا الثقافي الوطنى الشامل الذى يستقبله العالم بكل ترحاب وحب رغم اننا نسيناه وتركنا للعابثين يعبثون به ويقبحون ما فيه من جمال نادر فى شموليته وتعدد حضاراته ومنابعه.
لكل ماسبق وغيره الكثير والكثير تصبح وزارة الثقافة ويصبح دورها رقم ثلاثة من حيث الاهمية والخطورة بعد المؤسسة العسكرية والمؤسسة الاقتصادية.
ومن هنا يعد جميلا هذا التغيير الذى حدث فى وزارة الثقافة بتغيير الوزير خصوصا اذا كان الوزير (السابق) ومع وافر الإعتذار– كان أداؤه يتسم بشكل كبير بالضعف والتردد فى قراراته وخضوعه لإبتزازات المرؤسيين الذين يعملون تحت رئاسته لكنهم يتحكمون فى قراراته ولا يحترمونها ولا أدرى كيف ولماذا وما هى نقطة ضعفه قبلهم؟!.. وأعتقد اننى كتبت منذ فترة قصيرة عن الدور الذى تلعبه رئيسة الأوبرا– كمثال - فى التأثير السلبي على الوزير (السابق) وعلى قراراته.. ومن يريد المزيد من الفهم عليه بالرجوع الى مقالتين سابقتين كتبتهما فى هذا المكان عن هذا الموضوع وبالتفاصيل .
** لكن القضية ليست فقط فى تغيير وزير بوزير ، بقدر ماهى فى فهم الوزير الجديد لطبيعة مايحدث من تفاصيل داخل وزارته ، تفاصيل قد تبدو ليست من الاهمية ولكن الحقيقة انها من الاهمية بدرجة كبيرة .
لابد ان يعلم وزير الثقافة الجديد ان وزارته ملغمة بـ (الحيتان).. وهى حيتان قد توحشت على مدى سنوات طوال، فهذه الحيتان طال وجودها وتفشى نفوذها، وليست فقط رئيسة الاوبرا النموذج الأوحد، ولكن هناك وعلى رأس مؤسسات اخرى تابعة لوزارة الثقافة يتواجد حيتان متوحشة بحكم القدم والسيطرة والتحكم، وبحكم انهم وبالتجربة لم يقدموا للثقافة من شئ بقدر ماقدموا لأنفسهم من مكاسب ومن استفادات شخصية كبيرة تصل فى بعض المؤسسات الى اهمية فتح ملفات فساد ضخمة بها.
وابدأ هنا ومع الوزير ببداية قد تبدو غريبة فى ذكر هؤلاء الحيتان.. وغرابتها انها بداية تمس مكتبه.. نعم تمس مكتب الوزير شخصيا والملغم بـ (حيتان) فى غاية الشراسة والتسلط بل والفساد..
حيتان بدأ ميلاد توحشهم مع فاروق حسنى وزير الثقافة الاسبق والذى استمر أكثر من 24 عاما فى منصبه تاركا شأن مكتبه وادارة شئون وزارته لهؤلاء الحيتان الذين يديرون له شئونه..
ثم وبعد رحيله أصبحوا هم أنفسهم يديرون مكاتب الوزراء اللاحقين له، وصولا إلى الوزير السابق الأستاذ الدكتور جابر عصفور.
وأنا هنا شاهدة على ممارسات هؤلاء الحيتان داخل مكتب وزير الثقافة- وأستطيع ذكرهم بالاسم- لكنى لا أحتاج لهذا فكلهم بلا استثناء يطول الفساد ممارساتهم واساليبهم الثعبانية.
والفساد ليس فقط فسادا ماليا، لكن هناك فسادا لا يقل فداحة عن الفساد المالى.. فعندما تصبح ممارسات وأساليب من يديرون مكتب الوزير بمثابة إعاقة لأدائه يحجبون عنه مايريدون حجبه، ويصعبون ما يريدون تصعيبه من مواعيد أو استكمال لاتفاقات وخطط، ويفتحون الأبواب أمام من يغريهم برخيص الإغراءات!! كل هذا وغيره يصبح فسادا فادحا.
وعندما يصبح ما يدور داخل مكتب الوزير من نقاشات ولقاءات تعرض فيها خطط ويتبعها قرارات، أمرا يذاع بالهواتف من رجال مكتبه لمن يستخدمهم فى هذا، أو بوضوح أشد أن يصبحوا عيونا لمن يستخدمهم للتجسس على ما يدور داخل مكتب الوزير، أعتقد أن هذا يمثل كارثة.
وأنا هنا لا أتحدث حديثا غامضا ولكنه حديث مثبت وبالأسماء والتواريخ ومستعدة للمواجهة إذا كان هناك من يهتم!
** بوضوح أشد أقول للدكتور عبدالواحد النبوى وزير الثقافة الجديد:
إذا كنت تريد أن تقود وزارة الثقافة قيادة جديدة مختلفة فابدأ أولا بالتخلص من الحيتان الذين يسيطرون على مواقع كثيرة فى وزارتك .. ومضطرة أن أقول أبدأ بتطهير مكتبك الخاص فى وزراتك من حيتان أصبحت رائحتهم كريهة وتزكم الأنوف، ولا أعتقد أنك أنت شخصيا لم تصلك رائحتهم ذات يوم!
** وأخيرا أضع هنا ما ذكرته فى ختام فى حديث هاتفى دار بينى وبين رئيسة الأوبرا، وقلت لها فيه بالحرف الواحد:
(طالما أننا نعمل بنفس الرؤى وبنفس العقليات وبنفس الآليات وبنفس الأسماء التى عملت طيلة 30 سنة، من حكم مبارك دون أن يكون لها هم سوى البقاء على مقعد المنصب، والاستفادة الشخصية فقط، شخصيات لم تأخذ مصر خطوة واحدة إلى الأمام.. طالما الأمر هكذا، فعلينا للأسف التسليم بأن أى محاولة لفتح باب جديد يدخل منه نور الشمس سوف يقابل بكل الوسائل والأساليب والبطش لإغلاقه، ومنع نور الشمس وخنق أى ومضة جديدة لحياة مختلفة أكثر وعيا وأكثر حرصا على الوطن وأجياله المتعاقبة وكما فعلت أنت تماما.. وفى النهاية وأمام هذا الخنق للحياة، لا يصبح أمامنا إلا أن نعزى أنفسنا فيك يا مصر!)
** السيد وزير الثقافة الدكتور عبد الواحد النبوى.. سوف أختم حديثي بنفس العبارة السابقة مع تعديلات طفيفة، أضعها أمامك وأتركك لضميرك وحسك الوطنى الذى لمسته وأنت تتحدث حديثك الأول للإعلام مباشرة بعد توليك منصبك المهم والخطير والحساس..
وأقولها ثانية:
إننا إذا ماعملنا بنفس الرؤى وبنفس العقليات وبنفس الآليات والاسماء التى عملت طيلة 30 سنة من حكم مبارك دون أن يكون لها هم سوى البقاء على مقعد المنصب، ولم تأخذ مصر خطوة واحدة إلى الأمام .. طالما الأمر هكذا، فلن يكون أمامنا للأسف و"للمرة الكام لا أدرى ..!!) سوى التسليم بأن أى محاولة لفتح باب جديد يدخل منه نور الشمس سوف يقابل بكل الوسائل والأساليب والبطش لإغلاقه، ومنع نور الشمس وخنق أى ومضة جديدة لحياة مختلفة أكثر وعيا وأكثر حرصا على الوطن وأجياله المتعاقبة.. وعنذئد – لا قدر الله  لن يصبح أمامنا إلا أن نعزى أنفسنا في مصرنا!
وأخيرا: طهر مكتبك يا وزير الثقافة من الحيتان حتى تستطيع تطهير بقية المؤسسات الثقافية المختلفة المعبئة بحيتان أصحبت- في قِدمها وصلابتها- كما الديناصورات..
وحفظ الله مصرنا.