الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الفساد الممنهج.. وإرهاب الدواعش

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في نهار واحد هو الجمعة الماضية، اصطدم أتوبيس رحلات للأطفال بقطار على مدخل مدينة الشروق، نتج عنه جثث وأشلاء وإصابات وعاهات مستديمة، وفي نفس اليوم وقريبًا من مكان الحادث الأول لقى 15 شخصًا مصرعهم فى تصادم بين أتوبيس وميكروباص، وبعدها بساعات حادث ثالث بمحافظة أسوان راح ضحيته ثلاثة مواطنين مصريين يعولون أسرهم ويحلمون بتجهيز البنات والستر.
انتهى يوم الجمعة بدمويته النازفة من بين عجلات المواصلات، نفوس بريئة وأحلام بوطن ترفرف عليه رايات العدل والأمان، ومر نهار السبت كاستراحة ليصحو المصريون فجر الأحد على أنباء القنابل الداعشية في الإسكندرية وأسيوط والقاهرة.
كان الأحد هو يوم القنابل بامتياز، ما إن ننتهي من متابعة تفاصيل تفكيك عبوة أو آثار انفجار آخر، حتى يقفز على شريط الأخبار خبر عن انفجار جديد، وكأنها حرب حقيقية، فالمجرمون وهم دواعش صغار لم يتورعوا عن تفجير كشك كهرباء بجوار إدارة الأمن المركزي بمدينة نصر، ولم يتركوا الإسكندرية عروس البحر المتوسط في حالها ولكن لاحقوها ولاحقوا أهاليها بثلاثة انفجارات متتالية هزت محافظة الإسكندرية وأسفرت عن مقتل شخص وإصابة تسعة آخرين، حيث شهدت المدينة انفجارين استهدفا مركزين للشرطة، ولم تتوقف النشرة الدامية عن أنباء الانفجارات عند هذا الحد بل كان ختامها ما نُشر عن قيام أحدهم بالحفر تحت مواسير الغاز بالهرم ودفن عبوة ناسفة، وكان ستر الله هناك لينقذ المنطقة وسكانها الأبرياء ثم تأتي قمة المسخرة عندما نقرأ عن تفكيك عبوة هيكلية بجوار منزل وزير الداخلية، بمدينة نصر، وهي عبارة عن ماسورة بلاستيك طولها 40 سم موصلة بسلك وتايمر ولا توجد بها أي مواد متفجرة.
كل هذا وأكثر يحدث على أرض المحروسة التي تستعد لمؤتمرها الاقتصادي العالمي والذي يعول عليه النظام في دفع عجلة الاقتصاد المصري، فهل يحارب المتطرفون أرزاق الناس؟ أم أنهم يحاولون بكل ما أوتوا من خِسة تركيع مصر وإظهارها كدولة تضربها الفوضى ويحكمها الإرهاب؟ في الحالتين هذه جرائم لا تغتفر، ويسجلها التاريخ لتكون شاهدة على الفارق بين الاستبداد العسكري والاستبداد الديني، فعندما تم خلع مبارك انسحب أنصاره من الشوارع يحملون عارهم صامتين، وعندما تم عزل رمز الإخوان مرسي بدأت الحرب على الهوية والحياة والأرزاق.
نعرف يقينًا أن بلادنا وحكومتها بعد 30 يونيو تتخبط في أخطاء انعكست في صورة حوادث طرق الجمعة الماضية، ونعرف أيضًا أن غياب العدالة الاجتماعية وتأخره في أجندة الدولة يصيبها ويصيبنا في مقتل، لذلك نقول بوضوح إن الفساد الممنهج في إدارة الحكم بمصر هو أحد وجهي العملة، حيث نجد على وجهها الثاني الإرهاب منقوشًا في كآبة.
لا يدفع الثمن عن أخطاء الفساد وقنابل الإرهاب سوى المواطن البسيط، المواطن الذي أعطى صوته مرة واثنتين وثلاث لدولة 30 يونيو، وبالرغم من ذلك لا يحصد سوى جزاء سنمار، فهل من الصعب على دولة عريقة حضارية كمصر ضبط إيقاع الحركة اليومية في شوارعها وفي دواوين الحكومة، في تقديري ليس صعبًا على الإطلاق، إنها الإرادة لو أرادت الدولة الانتصار حقًا وبشكل نهائي على الإرهاب.
ما زالت آلاف الأفدنة تحت أيدي لصوص الأراضي، وما زالت الرشوة سيدة الموقف في دواوين الحكومة، وما زالت الرقابة غائبة وتعمل على استحياء، ما زالت الشوارع كمائن موت للناس إما بالتصادم أو بالمفخخات، لذلك من المهم بل من المهم جدًا أن تبدأ الحرب الحقيقية على الإرهاب من خلال تغيير آليات عمل الحكومة، وأن تتوقف قليلًا بحثًا عن وسيلة تجعلها حكومة تفعل الكثير مما ينعكس بشكل مباشر على حياة الناس.