الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

يوميات ذوي الإعاقة في شوارع مصر.. معاناة مستمرة.. المعاقون: كرامتنا مهدرة في المواصلات.. والمسئولون: مفيش حاجة ببلاش

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فيما يعد تجاوزا لجميع الاتفاقيات الدولية وبروتوكولات التعاون في مجال خدمة ذوي الإعاقة باستخدام كود الإتاحة في المواصلات العامة، سواء كانت القطارات أو محطات المترو وأتوبيسات النقل العام، تحولت تصريحات المسئولين عن الاهتمام بذوي الإعاقة إلى «شو» إعلامي ولا أساس لها على أرض الواقع.
فعلى النقيض من سياسات الدول المتقدمة التي تسعى لإتاحة الحياة بسهولة للمعاقين، وتقديم يد العون لهم، تسلب الوزارات والهيئات الحكومية في مصر حقوق المعاقين المادية والمعنوية في توفير مواصلات عامة تسهل لهم الحياة بالمجتمع سواء بالمترو، أو السكك الحديدية أو المواصلات العامة. 
أما عن تخطيط المرور بالشوارع العامة فحدث ولا حرج، فإذا كان المعاق محظوظا ولديه كرسى متحرك يستطيع السير به في الشارع دون الحاجة لركوب المواصلات، فإنه لن يجد مكانا آمنا يستطيع السير فيه دون أن تتخبطه سيارات المارة.
معاناة يومية
كل صباح يرتاد عم «محمد» (كفيف) محطة المترو، لنقله إلى مقر عمله بإحدى الشركات التي تقع بالقرب من محطة الدمرداش، وعلى الرغم من إصلاحات هيئة الإنفاق بالمحطة إلا أنها تناست سبل تمكين ذوى الإعاقة من استقلال المترو بسهولة، وفقًا لحالاتهم الصحية، كالالتزام بالاتفاقيات الدولية والبروتوكولات الموقعة بين المجلس القومى للإعاقة وهيئة المترو ووزارة النقل والسكك الحديدية.
فما زالت محطات المترو غير مجهزة لذوى الإعاقة، ورغم توافر المصاعد في بعض المحطات إلا أنها لا تعمل إلا بأمر عامل الأسانسير الذي غالبًا لا يكون متواجدا أعلى المحطة، وإذا صادف ذوي الإعاقة الحظ ووجد فئة قليلة من البشر تعرض عليه المساعدة في ركوب عربة المترو، يبدأ بعدها يعانى من الوقوف في الزحام، بعد احتلال الأماكن المخصصة لذوى الإعاقة في مقدمة عربات المترو.
المعاناة التي يتكبدها ذوو الإعاقة لا تنطبق فقط على خدمات مترو الأنفاق إنما تشمل القطارات، وأتوبيسات النقل العام، ومعظم وسائل المواصلات المختلفة.
يشكو أحمد أبو عمر من ذوى الإعاقة قائلًا: «الواحد اتخنق من الناس في المترو، وفى القطارات مفيش حد بيحترم المعاقين.. أنا كل يوم بركب من محطة سعد زغلول إلى الشهداء وعلى طول واقف».
رجل الأمن بالمترو يطلب عادة من أبوعمر شراء نصف تذكرة بدلًا من المرور المجانى نظرًا لإعاقته، والكمسارى في القطار المكيف يطلب تذكرة كاملة أحيانا، وفى أحيان أخرى يرأف بحاله، ويبتسم له ويقول «سماح المرة دى».
أيضا عبدالعزيز فرحات، ورضا رجب يؤكدان عدم وجود كرأس مخصصة لذوى الإعاقة، فالقطارات لا يوجد بها أدنى المستويات من التجهيزات لاستيعاب الكراسى المتحركة، فضلا عن عدم وجود أي حمام مخصص لذوى الإعاقة، وهذا يعد إهدارا لكرامة المعاقين على عكس ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية.
المسئولون: «العين بصيرة والإيد قصيرة»
في المقابل، يرى المسئولون غير ذلك، فيقول أحمد عبدالهادى، المتحدث الرسمى باسم شركة تشغيل المترو: إن الشركة أتاحت أماكن مخصصة لذوى الإعاقة، وكبار السن داخل كل عربة، كما تناشد الإذاعة الصوتية الداخلية بالمترو المواطنين يوميًا بعدم استخدام هذه الكراسى.
أما عن سبل الإتاحة غير المتوافرة في محطات المترو مثل الأذرع الهيدروليكية لسهولة ركوب المعاقين، أرجع عبدالهادى المسئولية على الهيئة القومية للإنفاق، قائلا: إنها المسئول الأول عن توفير القطارات بسبل الإتاحة اللازمة للمعاقين، إضافة إلى إنشاء مصاعد كهربائية في جميع المحطات، وأن شركة المترو ما عليها إلا خدمة التشغيل فقط.
وأوضح أن شركة المترو أصدرت «كارت» لذوى الإعاقة والمرافقين لهم يبلغ قيمة اشتراكه ٢٢ جنيها لمدة ثلاثة شهور، توفيرًا وتيسيرًا عليهم، وأن قيمة استخراج الكارت الذكى ١٠ جنيهات صالح لمدة ٥ سنين، ويتم دفعه مرة واحدة فقط، وذلك بموجب كارنيه التضامن الاجتماعى.
ويوضح عبدالهادى، أنه يمكن لذوى الإعاقة والمواطنين المتضررين تقديم أي شكاوى ومقترحات من خلال الرقم الساخن ١٦٤٨، مؤكدًا أن رئيس الشركة يطلع عليها شخصيًا يوميًا.
من جانبه، يؤكد مصدر مسئول بالهيئة القومية للأنفاق، رفض ذكر اسمه، أن هناك صعوبة شديدة في توفير روافع هيدروليكية داخل عربات المترو لتسهيل الركوب على ذوى الإعاقة، نظرًا لصغر المسافة بين رصيف المحطة والعربة، والذي لا يتجاوز ٥ سم، ولم تستطع أي دولة بالعالم تنفيذ ذلك، هذا إضافة إلى تقادم الخطين الأول والثانى من المترو، فلا يمكن الإخلال بتصميمهما لتوفير سبل إتاحة للمعاقين، مؤكدًا أن الهيئة لا تستطيع أن تغير في تصميم الخطوط القديمة سوى بتوفير مصاعد كهربائية خارجية فقط، مشيرا إلى أن الهيئة حاولت تلافى ذلك في المرحلة الثالثة للمترو من البداية بتصميم مصاعد كهربائية من الشارع إلى رصيف المحطة، إضافة إلى وجود رامبات على رصيف الشارع لتسهيل الحركة على ذوى الإعاقة الحركية.
ويضيف، أن الهيئة تسعى لتهيئة الخطوط الجديدة في المرحلة الرابعة بأحدث السبل والعربات الذكية، وتم وضع سبل الإتاحة في خطة تنفيذ المشروع، وسيتم إضافة شاشات «LCD» داخل محطات المترو في أماكن متعددة، لتوفير مادة إعلامية بلغة الإشارة لذوى الإعاقة السمعية؛ للتنويه عن أي تنبيهات أو إرشادات داخل المحطات، مشيرا إلى أيضًا أن هناك دراسات تتم داخل الهيئة حول إمكانية تخصيص عربة لذوى الإعاقة وكبار السن في منتصف القطار كمثيل لعربات السيدات، وتتم حاليًا وضع مواصفات التصنيع لضمان راحة المستخدمين، إضافة إلى تخصيص عمال بالمترو لمساعدة المعاقين على ركوب العربات.
أما عن الخدمات التي تقدمها السكك الحديدية، فيوضح المحاسب السيد عيسى، رئيس الإدارة المركزية للمبيعات بالسكة الحديد، أن رئيس مجلس الإدارة هو الوحيد الذي يستطيع تحديد قيمة التخفيض في سعر التذاكر للأفراد، سواء ذوى الإعاقة أو غيرهم، وإن كان في رأيه الشخصى أن ذوى الإعاقة أولى بالدعم، موضحًا أن هيئة السكك الحديدية تخفض قيمة التذكرة لذوى الإعاقة لكل من يحمل كارنيه التضامن الاجتماعى، فيحصل على نسبة خصم ٢٥٪ في القطارات المميزة والمتطورة، وكذلك في القطارات المكيفة الدرجة الأولى والثانية، وإضافة سعر فرق التكييف لسعر التذكرة بعد ذلك، فاذا كانت قيمة التذكرة من القاهرة لأسوان ٥٥ جنيها في الدرجة الثانية المكيفة، فالمعاق يدفع قيمة التذكرة ٣٧ جنيهًا.
ويؤكد رئيس الإدارة المركزية للمبيعات بالسكك الحديدية، أن المعاق كان يدفع منذ أكثر من ٦ سنوات ٥٠٪ فقط من قيمة التذكرة، ونظرًا للخسائر المتوالية التي تتعرض لها السكك الحديدية تم تخفيض قيمة الخصم إلى الربع فقط، فيدفع المعاق ٧٥٪ من قيمة التذكرة، موضحا أن المكفوفين هم الفئة الوحيدة التي لها حق عمل اشتراكات بالقطارات، وباقى الأشخاص من ذوى الإعاقة سواء حركية أو صم فليس لهم الحق.
من جانبه، يوضح اللواء هشام عطية، رئيس هيئة النقل العام بالقاهرة الكبرى، أن هناك ١٠ أتوبيسات نقل عام تم شراؤها بالفعل لخدمة ذوى الإعاقة، مزودة بسبل إتاحة، وعن إلغاء فعالية كارنيه وزارة التضامن الاجتماعى في تخفيض سعر التذاكر للمعاقين يقول «عطية»: «مفيش حاجة ببلاش كله دلوقت بفلوس، تم إلغاء الكارنيهات المجانية للكل، حتى المخابرات والشرطة»، وحين واجهناه بأن كارنيه أبناء العاملين المجانية ما زال يعمل في الأتوبيسات رد قائلا: «سائقو الأتوبيسات هم من طالبوا بإلغاء الكارنيهات المجانية في أحد الإضرابات عام ٢٠١٢، ولا بد من تصديق محافظ القاهرة على أي تخفيض لأى جهة».