الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

صدور قانون الاستثمار "الموحد" قبيل المؤتمر الاقتصادي يثير الريبة في ترسانة القوانين الموحدة.. وفقهاء الدستور: الهدف من إصداره على عجل طمأنة المستثمرين ويمكن للرئيس تعديله بعد المؤتمر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فتحت موافقة الحكومة برئاسة المهندس إبراهيم محلب على مشروع قانون الاستثمار الموحد لدعم المؤتمر الاقتصادي المنتظر في شرم الشيخ، مجال الحديث حول ترسانة القوانين "الموحدة" والتي بدأت في الخروج إلى النور منذ 2003 في شكل قانون العمل "الموحد"، ثم الحوار المجتمعي حول قانون الطفل الموحد في 2007 والذي استنكر بعض الخبراء تسميته بهذا الاسم لأن صفة "الموحد" تخص علم النفس ومشتقة من حالة "التوحد" التي تصيب بعض الأطفال، ثم أتي قانون البناء الموحد الذي أقر في 2008 والذي كان كارثة قانونية اضطرت الرئيس السابق المستشار عدلي منصور لإصدار تعديل عليه بعد أن تسبب في حدوث تجاوزات وسمح بزيادة عدد العشوائيات في المدن الكبرى، وجاء في عام 2011 اقتراح مشروع دور العبادة الموحد بعد ثورة يناير وأثناء حكم المجلس العسكري في حكومة د. عصام شرف وحدث جدل حوله ليتم تأجيله حتى جاء حكم الرئيس المعزول محمد مرسي ليختفي القانون برمته من لائحة مشاريع القوانين، وأخيرا تم تمرير "الاستثمار الموحد" والذي من المتوقع أن يفتح شهية الحكومة لإصدار حزمة من القوانين الموحدة مثل قانون الكهرباء الموحد وقانون النيل الموحد، وقانون التأمينات الموحد، ما يطرح أسئلة عديدة حول صحة المسمى من الناحية القانونية وقصة وصف "الموحد" اللاحق بكل هذه القوانين، ومدى جديتها ودستوريتها.
"البوابة نيوز" تقصت أصل القوانين الموحدة هذه فوجد أن الولايات المتحدة الأمريكية أصدرت عددا من القوانين التي وصفتها بالموحدة كي يكون تطبيقها موحد على مختلف الولايات الأمريكية في الوقت الذي تطبق فيه كل ولاية قوانين خاصة بها، منها القانون الموحد لحقوق الوالدين والتنفيذ والحماية (UPREPA) والذي أقرته في 2000 كقانون خاص للولايات المتحدة وللعديد من الدول بشكل فردي، كما أن هناك قوانين تحمل وصف "الموحد" تطبقه الدول الأعضاء في بعض الكيانات والتكتلات الدولية مثل قانون الجمارك الموحد والذي تطبقه دول مجموعة "الكوميسا"، وهو ما يعني أن القوانين الموحدة تصدر لتوحيد العمل بها على نطاق واسع بين عدة دول والالتزام بها من قبلهم.
وفي محاولة لتفسير المغزى من إلصاق وصف "الموحد" بالقوانين المصرية خاصة قانون الاستثمار الموحد أفاد د. رمضان بطيخ أستاذ القانون الدستوري بجامعة عين شمس بأن كلمة الموحد التي لحقت بقانون الاستثمار إنما هي لتحديد الجهات المنوط بها تنفيذه والالتزام بما فيه بمعنى أن يطبق هذا القانون على المستثمر سواء كان مصريا أو غير مصري، ولا يكون هناك تمييز بين من يحاكم به، وهذا الوصف "أتصور أنه جاء ليواكب المؤتمر الاقتصادي والذي تستعد مصر كلها له وتنتظر منه أعظم الفائدة على الاقتصاد المصري المتعثر".
وأوضح أستاذ القانون الدستوري أن القانون يشمل تطبيقه أيضا جميع أنواع الاستثمار من عقاري ومشروعات الطاقة سواء بترول أو كهرباء وغيرها، كذلك مشروعات السياحة، مشددا على أن العبرة ليست بالمسميات وانما العبرة بالتطبيق مما يجعلنا نتساءل عما إذا كانت الإدارة "الحكومة" التي ستتعامل بهذا القانون لديها من النضج الإداري والفكري للتعامل مع المستثمر الأجنبي.
واستنكر ""بطيخ" وجود ترسانة هائلة من القوانين المصرية ذات الصياغة الرصينة والعبارات المختارة بعناية لا حدود لها، لكن الواقع العملي يظهر أنه شتان بين النصوص والواقع وهناك فجوة كبيرة بينهما، والسبب بسيط جدًا وهو أن الإدارة متكلفة بمعنى أن ما لدينا من الروتين والبيروقراطية يعطل ويشل تطبيق أي قانون ويفشله، فإذا أردت نجاح تطبيق أي قانون عليك بالإدارة أولا وأخيرا.
ويرى الفقيه الدستوري د. شوقي السيد أن الحكومة تروج للقانون الجديد منذ فترة وتقول أنه مستوفي لجميع الأركان وتشكر فيه، وإذا كان قد صدر بشكل متعجل فذلك حرصا على نجاح المؤتمر الاقتصادي وطمأنة المستثمرين، لكن ليس معنى هذا أنه نهائي 100% وغير قابل للتعديل، خاصة أنه من الوارد جدا أن تستمع الحكومة لأفكار وطلبات المستثمرين خلال المؤتمر ما يجعل امكانية تعديله كبيرة، خاصة وان سلطة التشريع الآن في يد الرئيس ويمكن تعديله إذا ارتأت الحكومة ذلك حتى دون انتظار البرلمان القادم.
وأشار "السيد" إلى أن القانون ليس الأهم في مناخ الاستثمار، وإنما الأهم هو الخطوات التي تيسر ذلك مثل التزام الحكومة بتنفيذ تعهداتها، وتطبيق نظام الشباك الواحد لإنهاء إجراءات وتصاريح انشاء المشروعات.
وبدوره أكد الفقيه الدستوري د. رأفت فوده أن قانون الاستثمار الموحد إنما هو لتوحيد مختلف بنود القوانين التي تتعامل مع المستثمرين فهناك ما يخص استثمار في المجال الزراعي والصناعي والسياحي وغيرها من المجالات فيتم توحيدها لتكون القواعد الحاكمة للاستثمار واحدة وتطبق على كل النشطة ومختلف المستثمرين مصريين أو غير مصريين عرب أو اجانب، وإن كانت غير ملزمة لهم بعد ذلك.
ونوه "فوده" إلى أن هذا القانون يفيد فقط في مرحلة بداية الاستثمار ويحدد خطوات تأسيس الشركات لكن بمجرد أن تقام الشركة وتعمل وتمارس نشاطها لم يعد ساريا عليها، بمعنى ادق أنه في حال حدوث خلافات على شيئ معين فإن القانون المصري غير ملزم للمستثمر الأجنبي ولكن يتم اللجوء إلى التحكيم الدولي وقد حدث هذا في عدة حالات بعضها حكم للطرف المصري وبعضها كان في صف المستثمر الاجنبي.
وتمنى الفقيه الدستوري إلا يصيب هذا القانون ما أصاب غيره من القوانين التي صدرت على استعجال مثل قانون تقسيم الدوائر الانتخابية أو قانون البناء الموحد الذي تم تعديله، قائلا أننا لكي نصدر قانون استثمار موحد كنا نحتاج عام أو عامين ليخرج دون الحاجة إلى عرضه على الدستورية ثم تحكم بعوراه وانه غير دستوري، لكن ربما ظروف البلد والمؤتمر الاقتصادي ما دعا ليخرج في هذه الفترة.