الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تطوير المناهج الأزهرية بين القبول والرفض.. ترك: الادعاء بأنها من مسببات تشكيل عقيدة الإرهابي "افتراءات".. زكي: لا يوجد فيها أي دعوة للعنف والتفرقة.. نصير: بعضها عفا عليه الدهر وتجديدها ضرورة ملحة

آمنة نصير
آمنة نصير
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تواصل "البوابة نيوز" تحقيقاتها الصحفية حول المناهج الدراسية لمعرفة مدى حاجتها إلى التطوير والتغيير وعرض ما بها من أفكار سلبية تعمل على تغذية العقول بالأفكار المتطرفة والهدامة.

وتعتبر مناهج الأزهر الشريف من المناهج الدراسية التي أثير حولها الكثير من الجدل خلال الفترة الأخيرة ولاسيما مع ظهور العديد من الأصوات التي نددت بما تحتويه بعض تلك المقررات الدراسية من مفاهيم وجزئيات تعمل على إخراج شخصيات متطرفة.

وفي ذلك السياق التقت "البوابة نيوز" مع عدد من الأزهريين والخبراء لمعرفة من المسئول وحقيقة ما يوجد بالمناهج الأزهرية.

من جانبها أكدت الدكتورة آمنة نصير أستاذة الفلسفة والعقيدة الإسلامية وعميدة كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر سابقا، أنه مما لاشك ولا جدال فيه أن التجديد مسألة ضرورية بأي تعليم لأي دولة بالعالم وذلك في إطار مواكبة مستجدات العصر الحديث الذي نعيش فيه ومواكبة تلك المناهج ومناسبتها للقضايا المهمة بالنسبة للدارس خلال العصر الذي نعيشه، لافتة إلى أن ذلك يتوقف على أمرين الأول كيف يتم ذلك التجديد وما الآليات الذي يكون عليه التجديد، بحيث لا يكون هناك اغتراب عن أساسيات المجتمع والحياة التي نعيش فيها وألا يتم بذلك بانفصال عن قواعد وأساسيات الدين الحنيف أيضا.

وشددت نصير على أهمية ملائمة مناهج الأزهر على وجه أخص للدور العظيم الذي يقوم به الأزهر الشريف من إخراج أجيال من الدعاة والوعاظ الدينيين وأيضا المفكرين ومن مختلف المجالات ممن يتحدثون لوسائل الإعلام ويشكلون قادة للرأي بالمجتمع ولهذا لا يجب أن نغترب عن مستجدات المجتمع الذي نعيش فيه.

مؤكدة أنها أخذت مسألة التجديد على عاتقها طويلا حينما كانت تدرس بالأزهر الشريف حول ما يعتري تلك المناهج من أفكار واجتهادات لعلماء سابقين عفا عنها الزمن والتي استمرت قرونا طويلة إلى وقتنا الحاضر مشيرة إلى أن تلك الاجتهادات والأفكار التي تتضمن أيضا قضايا ومسائل لغوية، إنما هى نتاج فترة زمنية مغايرة وتختلف طبيعة الأحداث التي وقعت بها عن طبيعة الحياة خلال الوقت الراهن.

وضربت نصير مثالا بذلك على أنه داخل أحد مناهج الأزهر يحرم على الزوج أن يقوم بنفسه بمداواة زوجته مشيرة إلى أن ذلك كان جزءًا من ثقافة الماضي لعدم تقدم العلوم في تلك الفترة، أما خلال الوقت الراهن ومع تقدم العلوم وطرق العلاج فعدم قيام الرجل بذلك أصبح عدم مروءة وليس حراما على الإطلاق.


من جانبه أكد الشيخ محمد زكي، رئيس اللجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف، أن مناهج الأزهر لا يوجد فيها أي دعوة للعنف أو التفرقة بين الفئات الاجتماعية المختلفة كما يدعي البعض ولكنها تحتاج فقط إلى التطوير والإيضاح لما بها من علوم بشكل يتناسب مع عقلية الدارس داخل الأزهر الشريف حتى يتم استيعاب ما بها من علوم غزيرة شكلت حضارة عظيمة على مر آلاف السنين وهي الحضارة الإسلامية، مؤكدا على أنه لابد أيضا من مواكبة الخطاب الديني داخل المناهج للعصر الحالي بما لا يخل بالشريعة والقانون.

وأشار زكي إلى أننا بحاجة إلى تطوير المناهج لأن التجديد مطلوب وذلك في سياق ثوابت الدين الأساسية أيضا حتى يخرج خطابا دينيا ومعرفيا وإعلاميا يستطيع الوصول للواقع الوجداني وعقل الإنسان ويصل ذلك الخطاب إلى مختلف الفئات، مؤكدا أن التطوير نابع من أن مواكبة العصر أمر مطلوب فلا يصح أن نظل في أواخر الصفوف في ركب الحضارة الإنسانية وإنما يجب أن نقودها ونقوم ببناء الوطن على القيم والعقيدة الإسلامية التي تعمل على بناء وطن يقوم على التكامل والتآخي والتعاون وهو ما يعمل الإسلام عليه.

وشدد زكي على أهمية الاهتمام بالتطوير للمناهج وللخطاب الديني الموجه للمواطنين متسائلا هل نحن بحاجة إلى بناء دولتنا العصرية التي تعلى وترفع من قيمة المواطنة أم إلى الإكثار من اللعب والرقص والغناء وإنفاق المليارات على الأمور التافهة، مشيرا إلى أن من يقدسون اللعب يقوضون الدولة المصرية ويهددون أمنها القومي في الوقت الذي ما أحوجنا فيه للعمل والعلم النافع وحفظ عقل الشباب من التحلل والفسوق وكل ذلك بوسطية وسماحة ديننا الحنيف.


من جانبه أكد الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، أنه هناك بالفعل عمليات تجري لتنقيح مناهج الأزهر مما يشوبها من العديد من المواد التي استمرت قرونا طويلة من الزمن مثل إلغاء جواز أكل لحم الأسير من مقررات الأزهر، مشيرا إلى أن ذلك خبرا مفرحا في حد ذاته ولكن مازالت المناهج تحتاج إلى مراجعة وإزالة لبعض الأفكار المتطرفة داخل المناهج التي تدرس منذ آلاف السنين مثل أحكام الرقيق والجواري وملك اليمين.

وتابع مغيث أنه كانت الكتب المتطرفة التي تحوي مثل تلك الأحكام تدرس في الأزهر منذ مئات السنين، حتى ألغاها جميعا شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوي، ووضع بدلا منها كتابا عصريا معقولا جمع فيه ما أجمع الفقهاء عليه وهو كتاب "الوسيط في الفقه الميسر" وقرره على الطلاب سنوات محدودة وبعد موته وتعيين الشيخ أحمد الطيب قرر إلغاء كتاب الشيخ طنطاوي "الوسيط" وعاد إلى كتب الفقه المتطرف والغريب متسائلا ما معنى أن يفرض على أولادنا كتب في الفقه كتبت منذ قرون، ومنها ما كتب لمجتمع غير المجتمع المصري، ولم تكتب جميعها رغم ذلك كمقررات دراسية من الأساس.

من جانبه أكد أحمد ترك، المتحدث الرسمي لجامعة الأزهر، أن من يفتي أن مناهج الأزهر الشريف جزء من مسببات تشكيل عقيدة الإرهابي إنما هو كلام غير صحيح إطلاقا وهو اتهام بدون علم بالواقع، مشيرا إلى أن تلك المناهج موضوعة منذ 1050 عاما وإلى وقتنا الحاضر الأمر الذي يجعلها لا تحتاج إلى أي تغيير، مشيرا إلى أن الإرهاب وليد السنوات الأخيرة فإذا كان يريد أحد اتهام مناهج الأزهر فأين الإرهاب الذي وقع منذ 1050 عاما وإلى الآن؟

متابعا أن مناهج الأزهر تخضع لرقابة ووجود لجان مختصة لتنقية ما بها من أخطاء أو أمور غير متوافقة مع وقتنا الراهن، مشيرا إلى أن تطوير فقط من بعض الأمور التي لم تعد تناسب طبيعة العصر الذي نعيش فيه مثل مسألة الرق أو تطوير بعض المفردات أو الأمور التي يصعب فهمها على الطلاب.

واستنكر ترك قيام البعض ممن لا يفهون أو على دراية بالعلوم الشرعية بالطعن في أحاديث أو سيرة عدد من فقهاء الأمة العظام مثل الإمام البخاري رضي الله عنه الذي يعد كتابه أصح كتاب بعد كتاب الله والمفكر العظيم ابن تيمية الذي لم يفهم الكثيرون أن ما كتبه أن عبارة عن أمور تمت بصله لعصره الذي كان يعيش فيه والذي كانت تحكمه أمور وليس لها علاقة بالوقت الحاضر الذي نعيشه.