الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فـخ المراجعات.. وشراك التـوبة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يدرك كل الساعين إلى عودة الروح لجماعة الإخوان الإرهابية، وإعادة دمجها في المجتمع المصري، استحالة الحديث عن مبادرات للمصالحة سواء كانت سياسية أو مجتمعية.
كما أنه لا مجال للتفاوض مع الدولة بأسلوب المقايضة تحت مظلة الضغوط الدولية أو الإقليمية لذلك كفوا عن استخدام عبارات المصالحة، بل إنها صارت تثير غضبهم أكثر مما تثير غضب المصريين.
وراحوا يلجأون لنوافذ خلفية يحاولون التسلل عبرها للوصول إلى القلب المصري الطيب المتسامح.
العنوان هذه المرة "التوبة والمراجعات الفكرية"، والهدف هو محاولة إظهار جماعة الإخوان منقسمة إلى شقين أحدهما "قطبي" يتبنى العنف والإرهاب، والآخر لا يزال متمسكا بتعاليم مؤسسها "حسن البنا" والقائمة على التسامح والدعوة للحق بالتي هي أحسن وهذا تقريبا هو جوهر خطاب بعض المنشقين تنظيميا عن جماعة الإخوان والمنخرطين في المشهد السياسي والثقافي ولا يألون جهدا لترويجه ومن ثم يتوب الإرهابي الإخواني عن قطبيته ليعود إخوانيا صالحا متسامحا على مذهب الإمام البنا.
تلك هي اللبنة الأولى التي يحاولون وضعها من أجل الحفاظ على اسم الجماعة ومن ثم إعادة الاعتراف بها مجتمعيا وسياسيا.
والدكتور كمال الهلباوي القيادي المنشق أحد أهم المتبنين لهذا الخطاب، وللأسف هناك نوع من الخجل في مواجهته لا يعرف مصدره أو سببه، بل إن أحدا لا يجرؤ أن يقول له: عفوا يا دكتور كمال.. حسن البنا إمام الإرهاب والردة عن الدين الصحيح والجماعة من منشأها عدو صريح للوطن.
ويتماهى مع خطاب الهلباوي حديث مختار نوح وهو أيضا قيادي سابق في الجماعة الإرهابية عن توبة بعض عناصر الإخوان المحتجزين على ذمة قضايا الإرهاب والعنف وقيامهم بإجراء مراجعات فكرية ثم دعوته للسلطات المعنية بسرعة محاكمتهم وعدم إعطائهم أي مزايا استثنائية، لكنه يطلب من الجميع في ذات الوقت الاعتراف وقبول هذه التوبة وتلك المراجعات. فلا بأس من أن يحصل بعضهم على أحكام قضائية قد تلزمهم السجن ما بقي من أعمارهم، غير أن الاعتراف بالتوبة كفيل بأن يحافظ على اسم الجماعة، بل وتطهيره من دنس الإرهاب.
لذلك غضب الأستاذ مختار نوح عندما نسب إليه قيامه بتقديم مبادرة للمصالحة أثناء لقائه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونفى ما نشر بهذا الصدد نفيا قاطعا "وهو على حق وقد صدق في نفيه"، فما عرضه ليس المصالحة وإنما التوبة والمراجعة الفكرية، لذلك لم ينف ما نسب إليه بشأن توقيع بعض عناصر الإرهابية وثائق للتوبة، وانتهاء البعض الآخر من عمل مراجعات فكرية خاصة بقاعدة السمع والطاعة التي أرساها الإرهابي الأعظم "حسن البنا".
ما يجري خطير ولا ينبغي أن نقع مرة أخرى في فخ ما يسمى بالمراجعات، وكل الإرهابيين والتكفيريين الذين أصدروا مراجعات أعلنوا فيها تراجعهم عن العنف عادوا لحمل السلاح، فالتوقف عن ممارسة الإرهاب ليس إلا تكتيكا لتفادي قوة الدولة، هذا ما جرى في الماضي القريب، وهذا أيضا ما يحاوله اليوم أصحاب مبادرات التوبة.
ولنتذكر جميعا كيف كان الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح يخدع السياسيين والمثقفين بتصريحاته البراقة حول حق المسيحيين المصريين في الوصول إلى منصب رئيس الجمهورية عبر الانتخابات وأشياء أخرى من هذا القبيل، بينما كان مرشده مهدي عاكف يعلنها صراحة "طز في مصر والمصريين"، ولننظر في أي معسكر يقف أبو الفتوح اليوم... هاهو يتمترس خلف دعاوى الإرهاب والتخريب.
هل يمكن أن نثق في شخص تمت تربيته ونشأته منذ نعومة أظافره على دين الإخوان؟!، وهل يمكن أن نصدق ولو لبرهة أن من آمن سنين طويلة بالسلاح وسيلة للتغيير... قد يتخلى عن عقيدته تلك هكذا وبدون حتى مقدمات دراماتيكية؟!!
هل ينبغي علينا أن نستمع لحديث الهلباوي حول سماحة حسن البنا وصدق دعوته؟!! وإلى مبادرات نوح وغيره بشأن المراجعات والتوبة دون أن نشكك ولو بعلامة استفهام واحدة بشأن النوايا الحقيقية؟!!.
أليس كل ذلك يعني أنهم يسعون سعيا حثيثا لبقاء لافتة جماعة الإخوان المسلمين نقية طاهرة من الدماء التي سفكتها منذ نشأت؟!! هل يحدث ذلك بعيدا عن الإجراءات والدعوات الأمريكية خاصة والغربية بشكل عام للإبقاء على جماعة الدم؟!!
أما التوبة فهي أمر بين العبد وخالقه ولا توبة عن الدم المسفوك، وبشأن المراجعات فهي أكذوبة يريد مروجها إيقاعنا في نفس الفخ القديم مجددا، وهو غافل عن أن جماعة الإخوان لم تعد مجرد فصيل سياسي يؤمن بأفكار متخلفة وعفنة، أو جماعة دينية تروج لنمط متشدد صحراوي، فقد أضحت الجماعة وكل أعضائها والمؤمنين بأفكارها وقدرتها على الاستمرار أعداء للوطن واجب محاربتهم بكل ما أوتينا من وسائل وبشتى السبل، وبصريح العبارة كل من يجمل في صورة حسن البنا أو يحاول إقناعنا بقبول توبة القتلة إنما يضع نفسه في موضع العدو لهذا المجتمع.