الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

تقرير أمريكي يفضح أكذوبة حرب الإمبراطورية الأنجلو – أمريكية ضد داعش

تنظيم داعش الإرهابي
تنظيم داعش الإرهابي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كتب لاري تشيني من مركز الابحاث العالمية في 5 أكتوبر 2014 مقالا كشف فيه الاكذوبة الضخمة التي تروجها الإدارة الأمريكية بأنها تحارب تنظيم داعش في إطار تحالف دولي وأكد بدلائل وشواهد أن داعش من صنع أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية، بل أن احداث 11سبتمبر 2001 ضد برجي التجارة العالمية في نيويورك ومقر البنتاجون في واشنطن، هي احداث مفبركة ومدبرة من جانب جهاز المخابرات الأمريكية CIA لإعطاء المبرر لشن حرب اقليمية ضد افغانستان والطرق تمهد لتنفيذ مخطط الشرق اوسط الجديد الذي يجري فيه تخطيط انجلو –أمريكي اعادة تقسيم ما ومقسم، وتجزئة ما هو مجزأ من بلدان الشرق الأوسط في اتفاقية سايكس بيكو 1917 من جديد على اسس عرقية وطائفية ومذهبية وسياسية، على أن يتحقق ذلك بأسلوب الفوضى الخلاقة الذي كشفت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس في عام 2006، والذي يعني نشوب صراعات بين ابناء الوطن الواحد بإثاره الخلافات والاختلافات العرقية والمذهبية والطائفية القائمة، وتحويلها إلى صراعات دموية بين جميع الفرق والتنظيمات والجماعات المتصارعة على السلطة وبما يؤدي إلى انهاك الجميع، ويقسم كل دولة عربية أو إسلامية إلى عدة دويلات ومما يستتبعه أيضا تقسيم الجيوش الوطنية وتفتيتها ويؤدي إلى اضعافها وافقادها القدرة على مقاومة مخططات التقسيم، وبما يدفع القوى السياسية والعسكرية المنهكة والضعيفة –حتى المنتصرة في هذه الحروب الأهلية - إلى اللجوء إلى الولايات المتحدة طلبا لدعمها ومساندتها، ويؤدي تلقائيا إلى زيادة نفوذها وبسط هيمنتها وسيطرتها على مقاليد الدويلات الناتجة عن الصراع. أما ادوات أمريكا لتحقيق هذه الأهداف وتنفيذ هذه المخططات فتتمثل في منظمات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان التي تحظى بمساندة ودعم إدارة أوباما والحكومة البريطانية، بعد أن أثبتت هذه المنظمات الإسلامية ولاءها الكامل للولايات المتحدة وبريطانيا مقابل أن تتضمن لها هذه الحكومات استمرار حكم جماعة الإخوان لدول المنطقة دون حدود زمنية.
- ولكن وبعد أن اسقط الشعب المصري نظام حكم الإخوان في ثورة 30يونيو 2013، وكذلك في تونس وتصنيف جماعة الإخوان تنظيما ارهابيا في دول الخليج العربية وغيرها من الدول العربية، تحولت الإدارة الأمريكية إلى دعم المنظمات الإرهابية الأكثر تطرفا وتشددا وأبرزها تنظيم داعش وتمكينها بصورة أو بأخرى من المشاركة في حكم الدول العربية والإسلامية وذلك تحت دعوى التفاوض بين كل القوى السياسية والحلول السياسية والمشاركة في الحكم وكان غريبا أنه في الوقت الذي ترفض فيه الإدارة الأمريكية إجراء أي تفاوض مع داعش في سوريا والعراق، نجدها تطالب في ليبيا بالتفاوض معها واعطائها دورا في حكم ليبيا، بل وتستنكر حق مصر في حرب داعش ردا على المجزرة الإرهابية البشعة التي ارتكبتها بذبح 21 مصريا قبطيا في 15فبراير الماضي.
نص الوثيقة
- أصدرت الامم المتحدة في 24سبتمبر 2014قرارا يمهد الطريق لحرب مفتوحة تحت اسم "مكافحة الإرهاب" ضد الدولة الإسلامية – داعش (IS) والتي تعرف بـ (شبكة الموت) واعدا أن تستمر هذه الحرب لسنوات.
- وحقيقة الأمر أن "الحرب على داعش" انها كذبة، وهي نفس الكذبة الكبرى النتنة التي اطلقت سابقا باسم "الحرب على الإرهاب" واعادة تسخينها وتحديثها بتأثيرات دموية خاصة، ودعاية جديدة، ويلقي الضوء على شكل منقح من الشياطين الاشرار، وبما يمهد لتنفيذ اجندة هجوم عسكري جديد.
- لقد تمت التضحية بأرواح ثلاث آلاف من الارواح في حرب ملفقة على الإرهاب ضد تنظيم القاعدة واسامة بن لادن. والآن وبعد مضي ثلاثة عشر عاما من الهجوم الامبريالي المستمر، ووقوع عشرات الآلاف من القتلى والفظائع في وقت لاحق فإن التصعيد الذي نمارسه (داعش –الدولة الإسلامية) سيؤدي إلى إسقاط سوريا، وإيران، ويحول العراق إلى عدة دويلات، وبما يوفر ذريعة أخرى لتعبث فسادا في أي مكان آخر طبقا لرغبات الدول الامبريالية.
- ولكنها نفس الكذبة التي بنيت على دعائم الدعاية نفسها: اسطورة "العدو الخارجي" وتهديد "الإرهاب الإسلامي" وهي ذرائع لانهائية لحشد الرأي العام خلف الاجندة الانجلو أمريكية للغزو، والحرب التي سوف لا تنتهي ابدا.
- انها نفس الكذبة، والتي تأسست على فكرة "الارهابين الاسلامين هو اعداء الغرب، في حين أن الحقيقة الموثقة بما فيه الكفاية تؤكد أن هؤلاء الارهابين ليسوا سوى افضل جنود مشاة جيوش الغرب، وخيرة كوادر أجهزة المخابرات العسكرية في هذه الجيوش "
- أن الدولة الإسلامية (داعش) مثل تنظيم القاعدة، وجميع الكيانات التي تشكل "الجهاد الإسلامي "هي من انشاء وخلق وكالة المخابرات المركزية CIA وأجهزة المخابرات الانجلو أمريكية (المخابرات الباكستانية ISI والمخابرات السعودية، والمخابرات البريطانية Mi-6، والموساد الإسرائيلي.. الخ ). أن مختلف الميليشيات الجهادية وكوادر الاستخبارات العسكرية، وأيضا الجبهات الإرهابية (الدولة الإسلامية داعش IS، القاعدة، النصرة.. الخ ) هي صناعة أمريكية ويتم دعمها علنا والاستفادة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، زكما كانوا من قبل وباستمرار من فترة الحرب الباردة وحتى هذه اللحظة.
- وهذه القوات يتم استخدامها بعناية وتزويدها بأسلحة موجهه من قبل الولايات المتحدة وحلف الناتو. اما الإرهابية فهم الادوات الأساسية في ايدي الولايات المتحدة لإدارة العمليات المستمرة بنوعيها السري والعلن في سوريا. أن الارهابين الذين تحركهم الولايات المتحدة "وكالة المخابرات المركزية من أجل زعزعة الاستقرار وإسقاط ليبيا، وهما جزء لا يتجزأ من التغيرات القادمة لفرض نظام سياسي جديد في ليبيا. وفي إطار من الاوامر المباشرة وغير المباشرة من المشرفين على هذه العمليات في الولايات المتحدة والناتو والممارسين للإرهاب، هم "جحافل الشيطان"، وسوف يستمرون كذلك، كما ستظل كوادر أجهزة المخابرات العسكرية القائدة لهذه العمليات وراء كل عمل إرهابي على المستوى الجيواستراتيجي في المنطقة.
- أن (الدولة الإسلامية – داعش) تنضم إلى القاعدة باعتبارهما الـ (بعبع) الذي يشكل العنف اليوم. أن الحرب الجارية اليوم تخفي المقصد الحقيقي لها وهو إسقاط سوريا وإيران وما بعدهما.
- وقد وصفت وسائل الدعاية الإرهابية على انهم اما "اشرار" أو "مقاتلون من أجل الحرية" وذلك اعتمادا على توقيت التهديد ومسرح العمليات العسكرية. أن ما تشاهده من افعال مروعة تمارسها فرق الموت.. بما في ذلك قطع الرءوس وغيرها من أعمالا وحشية، تعتبر من إجراءات التشغيل القياسية في العمليات السوداء التي تمارسها وكالة المخابرات المركزية، وتقنيات الإرهاب التي تعود إلى الحرب في فيتنام وبرنامج "فونيكس" وتم عملها بناء على اوامر من وكالات المخابرات العسكرية في الولايات المتحدة وحلفائها. أن عمليات قطع رءوس المدنيين السوريين مستمرة من سنوات، وسط صمت وسائل الإعلام. اما عمليات قطع رءوس الامريكيين والبريطانيين التي تم الكشف عنها مؤخرا، فقد تم تنفيذها بشكل انتقائي (وفي بعض الاحيان اعدادها) لأغراض دعائية تخدم هدف شن الحرب، وتهيئة المسرح السياسي وتحفيز الجماهير الجاهلة والمغيبة لتدعم حرب انتقامية واسعة النطاق.
- ووفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة فان اربعة من اصل خمسة ناخبين أمريكيين مسجلين تدعم بأغلبية ساحقة الهجمات العسكرية ضد الدولة الإسلامية – داعش. ذلك لأن الجماهير الأمريكية الجاهلة والمروضة لاتزال دامغة تحت تأثير دعاية عمليات "الصدمة والترويع" في 11سبتمبر، وتتفاعل معها بحماس من أجل الانتقام من الاشرار قاطعي الرءوس ويهددون أمريكا، ومن ثم فليس لديهم مشكلة في إرسال الشباب الأمريكي إلى الخطوط الامامية ليكونوا وقودا للمدافع بدعوى الدفاع عن الحرية. أن القطيع الأمريكي يعتقدون – ويحبون أن نعتقد نحن أيضا بدورنا – هذه الكذبة الكبرى. هذا في حين نرى مواطني هونج كونج وغيرها من البلدان يتحركون إلى الشوارع بحماس للقتال من أجل ديمقراطيتهم. اما المواطن الأمريكي العادي فقد تخلى منذ وقت طويل عن واجبه بزعم أنه مواطن يقظ في حين أنه كان لفترة طويلة لاهيا بأعمال ترفيهية وتسلية تعكس عقولا فاسدة، واحتفالات هوليود برعاية أجهزة الأمن القومي.
- وفي الوقت الذي قامت به ما يسمى بقوى الليبرالية والتقدميين باتخاذ إجراءات ضد الدولة الإسلامية IS داعش، إلا إن قليلين هم الذين يدركون حقيقة مهمة، وهي أن الإرهاب الإسلامي هو من إنتاج اصحاب آلة الحرب الأمريكية الذي يفركون ايديهم بالدماء عندما تصل رياح الحرب إلى نهايتها ويصابون بالنكسة. أن الفكرة الصعبة في هذا الشأن أن الولايات المتحدة التي خلفت قوة الجهاد الإسلامي وفقدت السيطرة عليها، يجب عليها الآن أن تحتويها ومن الاكاذيب المستمرة، أن هذه الميليشيات هم في الحقيقة جنود لمشاة الإمبراطورية الأمريكية وعملائها الرئيسيين بل والقوة القائدة لتنفيذ خطط إسقاط سوريا، كما كانوا من قبل في ليبيا. وهذا ليس رد فعل كما يدعون بل عملية مخابرات عسكرية منسقة جيدا، تخفي مؤامرة اجرامية تم تدبيرها بواسطة اجماع النخبة.
- من المؤكد أن الإرهاب الإسلامي سيتوقف في اللحظة التي تتوقف فيها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجهاز المخابرات البريطاني وmi وجهاز isi.. الخ عن استخدامه. بل أن الحرب نفسها ستتوقف عندما تتوقف النخب الحاكمة الذين خططوا لما يحدث باعتباره الحل النهائي للاستيلاء والسيطرة على آخر امدادات نقط باقية على هذا الكوكب، باعتباره شريان الحياة للإمبراطورية الانجلو أمريكية، ويتخلون عن مفاهيم حروب الغزو والجشع عند ذلك سينهار هذا الجهاز بالكامل. إلا إن ذلك لن يحدث في زمننا هذا، ولا حتى عند حدوث كارثة على كوكب الارض تهدد الإنسانية.
- أن الادعاء يشن حرب ضد (بعبع) هم خلقوه بأنفسهم، واستمروا في دعمه واستخدامه، فان هؤلاء الذين يمكن تصنيفهم شياطين العالم هم القادرون فقط على تصور وتنفيذ هذا الرعب.
شبكة الموت الأمريكية تخطو بخطوات الاوزة نحو الهاوية
- مع مرور كل يوم، يقع الكثير من قشور الإمبراطورية الانجلو أمريكية كاشفا العنف القابع داخلها فقد اخذ الرئيس الكاذب أوباما يرعد امام الامم المتحدة موجها الاتهام قائلا: لا يوجد اله يمكنه التغاضي عن هذا الإرهاب، فلا يمكن أن هناك منطق، ولا تفاوض مع هذا النوع من البشر، أن اللغة الوحيدة التي يفهمها مثل هؤلاء القتلة هي لغة القوة.
- هنا كان أوباما يمارس دورا اشبه بقواعد اللعبة التي كان يمارسها الرابح الثالث (ابان النازية في الحرب العالمية الثانية بواسطة هتلر زعيم النازية، وإدارة بوش –تشيني (عند غزو افغانستان والعراق) مشغوفا بوفرة من التهديدات وادعاءات اخلاقية ومعنوية زائفة وهراء شبة ديني إضافة إلى ذم وقح موجه إلى عدائيات من تصوره غير مدركة. هنا يكشف أوباما عن حقيقته كمجرم حرب وشبح لهتلر ينافسه.
- لا اله يتغاضى عن الخداع، ولا اله يبيح إرهاب حرب الإمبراطورية الانجلو –أمريكية من أجل بسط هيمنتها على العالم، ولا يوجد اله يسمح بإبادة عشرات الآلاف من الارواح لأكثر من عشر سنوات من الغزو الامبريالي من أجل النفط.
- ولا يوجد أي منطق ولا تفاوض مع زعامة اجرامية لإمبراطورية تمارس القتل إلى حافة الابادة ولا يوجد منطق، ولا تفاوض مع دعاة الحرب الذين ابادوا مساحات كاملة من الإنسانية.
- ولا يوجد منطق ولا تفاوض مع إمبراطورية يائسة ولا اجابات ليها حول فرض قانون العصابات محل سيادة القانون، وتشكل رايات العمليات الزائفة سياستها الخارجية. ولا منطق للتعامل مع اولئك الذين خلال بضعة شهور نشروا علما زائفا عن عدم الاستقرار في سوريا، وعمليات علما زائفا لدعم عصابات النازية الجدد في اوكرانيا، وخططوا وتستروا على عملية إسقاط متعمد للطائرة MH-17 موجهين الاتهام إلى روسيا. والذين قاموا بدعم قصف غزة بواسطة إسرائيل (واضعين اللوم على حماس في اعقاب مقتل مراهقين إسرائيليين من قبل ارهابين تابعين للدولة الإسلامية – داعش) واضعين أساس الارتفاع المفاجئ للدولة الإسلامية – داعش.
- لا منطق –لا تفاوض – مع إمبراطورية لن يوقفها شيء حتى تسيطر على كل شبر من شبة القارة الاوراسية، وتدمر كل القوى العارضة لها على طول الطريق، بما في ذلك احتمالات الدخول في مواجهات نووية مع روسيا والصين.
- لا منطق –لا تفاوض – مع العاملين والممكنون في هذه الإمبراطورية – في الحكومات، وفي الإعلام، وفي كل مكان. كما أنه لا يوجد منطق – ولا تفاوض مع القطيع ضعاف المعرفة.
- ولا منطق – ولا تفاوض –مع القتلة، القائمين بالتخطيط على مستوى العالم ويتحدثون بلغة القوة هؤلاء "الرجال العظام والنساء" وينظرون لباقي الإنسانية بازدراء.
- حقا.. لا منطق ولا تفاوض مع هذا النوع من الشر.
رؤية تحليلية
- لا يصدق بعض الليبراليين في مصر والدول العربية ما تؤكد عليه عن مسئولية الولايات المتحدة في صناعة الإرهاب الدولي وتحديدا الجماعات المتشددة وعلى رأسها داعش. هذا في حين أن حقائق التاريخ القريب خير شاهد على ذلك بدء بتعاون المخابرات الأمريكية مع اسامة بن لادن على انشاء القاعدة لمحاربة السوفيتيين في افغانستان في اواخر السبعينات، ثم السماح لمفتي التنظيمات الإرهابية في مصر – عمر عبد الرحمن – بدخول أمريكا، ودعم المنظمات الاصولية في البلقان مما ادى إلى تفكيك يوغوسلافيا عام 1999، وعندما ادركت الولايات المتحدة خطورة اللعبة بعد احداث 11سبتمبر 2001 توقفت عن إنتاج المزيد من هذه البضاعة الفاسدة. ولكنها سرعان ما عادت إلى إنتاجها مجددا في سياق التحضير لثورات الربيع العربي وإداريه وفي إطار ذلك وضعت واشنطن يدها في يد ام الجماعات المتطرفة واصلها ومصدرها الرئيسي وهي جماعة الإخوان لتكون وسيلة أمريكا في تنفيذ أهداف الشرق الأوسط الجديد ومخططات تحقيق من خلال تقسيم بلدان المنطقة عرقيا وطائفيا ومذهبيا، ومن خلال أسلوب الفوضى الخلاقة المتمثل في أعمال العنف والفوضى والحروب الأهلية التي ساءت دول المنطقة منذ بدء ثورات الربيع العربي وحتى اليوم، واعتمادا على جماعة الإخوان وفروعها في الدول العربية الإسلامية كوسيلة رئيسية لتحقيق ذلك، إلى جانب الحركات والتنظيمات الثورية التي رعت أمريكا اعضائها من الشباب وقامت بتربيتهم وتدريبهم والانفاق عليهم في المؤسسات المخابراتية التابعة لها في فريدم هاوس، وأفيتور في صربيا، واكاديمية التغيير في لندن ثم في الدوحة ربما فاقت تكاليفه باعتراف "السفيرة الأمريكية أكثر من 1.6 مليار دولار، لتغير الانظمة الحاكمة في مصر. كما ساعدت واشنطن على تدفق القاتلين المتطرفين من كل البلدان العربية والإسلامية إلى مصر، وليبيا وسوريا والعراق في محاولة لتغيير خريطة المنطقة. وعندما نجحت ثورة المصريين في 30يونيو 2013 في الاطاحة بنظام حكم الإخوان في مصر وما استتبع ذلك من سقوط هذه الجماعة في معظم الدول العربية بعد ادانتها بالإرهاب، اتجهت واشنطن لبديل آخر لينهض بنفس المهام وليحقق نفس هدف الهيمنة الأمريكية على المنطقة بعد تفتيتها، وقد تمثل هذا البديل في تنظيم داعش الذي يضم مقاتلين متطرفين وأكثر تشددا من كل اقطار العالم بما في ذلك الولايات المتحدة والدول الاوربية وارسلتهم إلى العراق وسوريا لتكون مراكز انطلاق إلى باقي الدول العربية ومنها ليبيا ومصر، إلى جانب تنظيم أنصار بيت المقدس الذي يحاول أن يقيم لنفسه امارة إسلامية في سيناء، بعد أن أعلن مبايعته وولائه لداعش، ولعبت تركيا الدول المحوري في تجميع وحشد أعضاء داعش وتدريبهم وتسليحهم واعاشتهم وتمريرهم عبر الحدود التركية إلى سوريا والعراق حتى أن جميع الاحتياجات اللوجستية اللازمة لتنظيم داعش تتولاها المخابرات التركية، كما تولت قطر عمليات تمويل داعش، وتحت اشراف المخابرات الأمريكية وبتنسيق جماعة الإخوان وافرعها في ليبيا وغزة (حماس) والسودان جرى الترتيب لفتح جبهة ضد مصر، وجاءت جريمة ذبح 21 مواطنا مصريا في محاولة لإهانة الدولة المصرية وشعبها ومن هنا جاء الرد المصري السريع والحاسم بتوجيه ضربة جوية ضد 13 هدف إرهابي تابع لداعش في درنة وسرت بالمنطقة الشرقية من ليبيا بمثابة انتقاما وثأرا لشهداء مصر في هذه المذبحة واستعادة الكرامة المصرية ولثقة الشعب في قيادته وجيشه، كما جاء التحرك السياسي على الصعيد الدولي ليضع تنظيم داعش ومن ورائه في الدائرتين الدولية والاقليمية في موقف حرج، في أن أوباما لم يجد الشجاعة والقدرة على ضبط الاعصاب لتقديم عزاء شخصي للمصرين كما لم يجد أي غطاء سياسي أو اخلاقي لاستخدام الفيتو في مواجهة مشروع قرار مصري متوقع في مجلس الأمن لشرعنه العمل العسكري ضد داعش في ليبيا.
- وقد افاد نائب الرئيس العراقي نوري المالكي أن واشنطن تتحمل مسئولية تمدد تنظيم داعش في سوريا والعراق مضيف انها تضلل الرأي العام الأمريكي والعالمي. ووصف المالكي الضربات الجوية للتحالف بقيادة أمريكا بـ (الاستعراضية) وان تصريحات أوباما التي حمل فيها الحكومة العراقية السابقة مسئولية وجود تنظيم داعش في العراق واحتلاله اجزاء منه.. إنما تعكس حالة التخبط التي تعيشها الإدارة الأمريكية في التعاطي مع الأوضاع العامة في المنطقة والعالم خصوصا ما يتعلق منها بسوريا والعراق. كما افاد بيان نائب الرئيس العراقي أن الحكومة العراقية كانت قد حذرت منذ انطلاق الشرارة الأولى للربيع العربي من خطورة تنامي التنظيمات المتطرفة واشاعة الفوضى والاضطرابات في الدول العربية ربما يترك اثارا سلبية مباشرة على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، مشيرا في ذات الوقت إلى تجاهل الإدارة الأمريكية لتحذيرات العراق المتكررة والمستمرة،وبين المتحدث باسم المالكي أن تنظيم داعش هو المستفيد الأول من التصريحات غير المسئولة وغير المبررة للرئيس الأمريكي قائلا: "أن قوات التحالف تكتفي بالقيام بضربات جوية استعراضية دون المساس بجوهر البنية الأساسية العسكرية لداعش، في حين أن بإمكانها ذلك خلال ساعات وليس ثلاث سنوات كما يدعي أوباما.
- واذا كانت علاقة الإستراتيجية الأمريكية بالإرهاب قائمة على تحقيق هدفين، أولهما: استقرار الرأسمالية والسيطرة على أي بوادر تململ لدى المواطن الأمريكي والغربي طبقا للمفهوم الذي خرجت به أجهزة الاستخبارات الأمريكية والاوربية بعد انتهاء الحرب الباردة في تسعينات القرن الماضي، والمتمثل في أن "الإسلام هو العدو الجديد للغرب"، اما الهدف الثاني: فهو تفتيت المنطقة إلى دويلات عرقية وطائفية، مما يجعل وجود إسرائيل مقبولا بوصفها دولة دينية وسط محيط مماثل، وضمان عدم قيام حروب ضخمة تعطل أمريكا عن الاهتمام بالشرق الأقصى، ذلك أن حروب الدويلات الصغيرة ستكون بالضرورة صغيرة في احجامها وأهدافها ومسارحها ومخاطرها الا اننا لا نرى الا الهدف الثاني، حيث اتضح أنه الأسلوب الأمريكي الامثل لتحقيق الهدف الأول، بمعنى أن تفتيت البلدان العربية عرقيا وطائفيا هو المخطط الإستراتيجي الذي يكفل تحقيق هدف استقرار الغرب وسيطرته على المنطقة العربية، خاصة وان المواطن الغربي لا يمكن استنفاره الا إذا كان هناك خطر يتهدده ويدعوه للتماسك والاصطفاف. ومن ثم يتضح لنا أن الإرهاب ضرورة حياة لأمريكا، ولن توافق أمريكا على حل يستأصل الإرهاب، ولن تجاهر بحمايته، وبالتالي فإنها ستسمح بإجراءات تقليم محدودة، تزيد من فرص حياة شجرة الإرهاب ونموها لإحراقها أو اختلاعها. وطبقا لهذا المفهوم يمكن للولايات المتحدة أن ترسل فريقا من قواتها الخاصة لاختطاف الإرهابي أبو انس الليبي تأديبا على تفجير قنصليتها في بنغازي ومقتل سفيرها هناك، لكن لا تساهم في اعادة بناء الجيش الليبي ليكون قادرا على دحر الإرهاب في بلاده بسرعة وبشكل جذري، بل ترك الجيش الوطني الليبي ضعيفا في مواجهة عدة ميليشيات إرهابية ترعاها أمريكا تسليحا وتدريبا تمويلا من خلال تركيا وقطر، كما يمكننا أن نفهم أيضا سبب عدم تسليح المعارضة السورية الوطنية حتى تبقى جذوة نيران الحرب الأهلية مشتعلة في سوريا بما يؤدي إلى تفتيتها إلى دويلات علوية وكردية وسنية وذلك بدعوى "عدم الاخلال بالتوازن على الارض"
- واذا طبقنا هذه الإستراتيجية الأمريكية على ليبيا يمكننا أن نفهم مغزى اتهام عبد الله الثني رئيس الحكومة الليبية للمبعوث الدولي الخاص لليبيا (برنارد ينوليون) بمحاولة ايجاد صيغة لإدخال الجماعات الإرهابية المتشددة وعلى رأسها جماعة الإخوان –في حكومة الوفاق الوطني التي يقترحها وهي نفس الدعوة التي اطلقها أوباما وحلفاءه في أوربا ردا على مشروع القرار المصري لمجلس الأمن الراعي لتدخل عسكري في ليبيا للقضاء على المنظمات الإرهابية هناك، وذلك بدعوى "لابديل عن حل سلمي في ليبيا". لذلك تساءل كثيرون كيف يمكن التفاوض مع ميليشيات مسلحة تنتهك حرمات الشعب الليبي يوميا بمختلف وسائل واساليب الإرهاب لتفرض هيمنتها عليه، وهي ميليشيات يرفضها الشعب الليبي وهو ما انعكس في الانتخابات البرلمانية الأخيرة حيث سقطت فصائل الإسلام السياسي سقوطا مدويا، وثم انتخاب برلمان جديد وتشكيل حكومة وطنية تعكس الاغلبية البرلمانية الرافضة لجميع صور ومظاهر الإسلام السياسي. هنا تبرز حقيقة الهدف الأمريكي وحلفائها بفرض جماعة الإخوان وحلفائها كشركاء في الحكم في ليبيا لتنفيذ الأهداف والمصالح الأمريكية هناك. لذلك كان رئيس الوزراء الليبي – الثني- صادقا عندما قال أن حكومته من حيث المبدأ تدعم الحوار بين الاطراف الليبية، وليس مع ميليشيات إرهابية، بل أن حكومته والبرلمان الليبي الوطني يحاربون الإرهاب بمفردهم، معربا عن اسفه أن لجنة العقوبات الدولية في الامم المتحدة لا تسمح بتسليحهم في حين تتلقى الجماعات الإرهابية تسليحا مكثفا من عدة دول معروفة لدى الجميع (يقصد تركيا وقطر) وعن طريق الموانئ والمطارات لاتي تسيطر عليها هذه الجماعات. والثني رئيس وزراء ليبيا صادق في ذلك لأن أي حكومة تكون هذه الجماعات الإرهابية جزء منها لن تعمل لصالح وحدة الدولة الليبية أو استقرارها ولكنها الصراع وتطيل أمره، وتفسح المجال للجماعات الإرهابية للتغلغل في المجتمع الليبي أكثر، وتدخل ليبيا في متاهات الصراعات السياسية والايديولوجية بين الأحزاب والفرق والجماعات الإرهابية ربما يؤدي إلى حرب أهلية.
- والغريب في أمر الموقف الأمريكي والاوربي أنه في الوقت الذي تعلن فيه هذه الدول رفضها التفاوض مع داعش لإيقاف ممارستها الدموية في سوريا والعراق، نجدها توافق –بل وتطالب وتلح على السلطات الليبية أن تتفاوض مع داعش وغيرها من المليشيات الإرهابية المتواجدة على اراضيها هذا مع اصرار أمريكي غريب على منع تسليح الجيش الوطني الليبي بما يجعله قادرا على القضاء على داعش واخواتها. وهو ما يعكس الازدواجية في التعامل الأمريكي مع الجماعات الإرهابية، ربما يتفق مع المصالح والأهداف الأمريكية فبينما تقوم أمريكا بتسليح وتدريب الجيش العراقي لمواجهة داعش في العراق وسوريا، نجدها تمتنع عن تسليح الجيش الوطني الليبي وتغض النظر عن تدفق الأسلحة إلى كل الميليشيات والجماعات والتنظيمات الليبية المتطرفة، سواء بحرا من تركيا أو جوا من قطر إلى مطار معيتق قرب مصراته الواقعة تحت سيطرة جماعة فجر ليبيا التي هي فرع من الإخوان، وأيضا برا من السودان عبر الصحراء. كما تبحث أمريكا عن صياغتها لادخال جماعات الإخوان وأعضاء الشريعة وغيرها من الجماعات المتطرفة في حكومة وفاق وطني يقترحها برنارد ينوليون المبعوث الدولي الخاص لليبيا. وتتمثل خطورة هذه الازدواجية في أن أي حكومة تكون هذه الجماعات المتطرفة جزءا منها لن تعمل لصالح الدولة أو للاستقرار، ولكنها ستؤجج الصراع وتطيل امده وتفسح المجال للجماعات الإرهابية للتغلغل في المجتمع الليبي أكثر هذا إلى جانب تغاضي الولايات المتحدة عن دعم تركيا لتنظيم داعش سواء بالإمداد بالأفراد والسلاح والأموال عبر حدودها مع سوريا أو بتقديم التسهيلات اللوجستية إلى عناصر داعش. خاصة في مجال علاج المصابين من داعش داخل المستشفيات التركية ولا نستغرب ازدواجية الموقف الأمريكي من مسألة مكافحة الإرهاب عموما، ومواجهة تنظيم داعش خصوصا، ذلك أن المعايير المزدوجة هي سمة السياسات الأمريكية على مر العصور، بدءا من تجيش العالم وتأسيس تحالف دولي ضد داعش في العراق وسوريا، واستحضار عبارة الرئيس الأمريكي السابق بوش حيث قال "مكن ليس معنا فهو ضدنا" وتقسيم الادوار بين الرئيس أوباما ووزير خارجيته كيري واتباع سياسة "اضرب ولاقي" وانتهاء بالموقف الأمريكي من داعش في ليبيا.. والذي حولها إلى مصنع للإرهاب يفد اليه الارهابيون من كل مكان ليتأهلوا فيه ثم ينطلقوا ليناصروا إخوانهم في كل مكان.
- ويؤكد مسئولون عسكريون وسياسيون في العراق، وكذلك من زعماء العشائر المتواجدين في مناطق العمليات العسكرية في الانبار ضد داعش في العراق، أن القصف الجوي الأمريكي للأهداف الداعشية غير فعال، ويبدو أن ذلك عن عمد وقصد لأنه ينفذ بعيدا عن الأهداف العسكرية المهمة والمرصودة جيدا.. مثل مواقع الدبابات والمركبات والمدفعية، بل ينفذ ضد أهداف ثانوية غير ذات أهمية إستراتيجية، هذا فضلا عن تصاعد اتهامات قيادات رئيسية في "الحشد الشعبي" مثل قيس الخزعبلي وهادي العادي للولايات المتحدة بإلقاء مساعدات عسكرية إلى داعش، وهو ما ايده المرشد الإيراني على خامئيني.
- لذلك انتقد الكثيرون داخل وخارج الولايات المتحدة طلب أوباما من الكونجرس تفويض "حرب الـ3سنوات" باستخدامك القوة العسكرية ضد داعش، قائلين أن دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة لو ارادت حقا أن تقضي على قوات داعش داخل مواقعها في العراق وسوريا، فهي قادرة على ذلك خلال بضعة ايام أو ساعات، وذلك باستخدام ما لديها من معلومات كاملة عن الأوضاع العسكرية لهذا التنظيم، فضلا عما لدى الولايات المتحدة من قدرات جوية ضخمة في منطقة الخليج، ودون حاجة لاستخدام قوات برية، ولكن أوباما لا يريد ذلك لأن بقاء داعش نشطة في العالم العربي يخدم أهداف أمريكا في دفع الدول العربية لزيادة اعتماديتها على الولايات المتحدة، وهو ما يعكس تصريح لأوباما عندما نقلت داعش نشاطها الإرهابي من العراق إلى سوريا، نافيا وجود إستراتيجية لديه لمحاربة داعش بدعوى انها لا تشكل تهديدا لأمريكا، ولكن عندما انحرفت داعش عن الخط المرسوم لها وقامت بذبح امريكيين مما اثار الرأي العام الأمريكي مطالبا بالرد، اضطر أوباما للاستجابة ولكن في إطار تحالف دولي يستطيع أوباما أن يوظفه بما يخدم المصالح والأهداف الأمريكية، غافلا عن حقيقة مهمة وهي تهديد داعش بنقل الحرب إلى داخل المدن الأمريكية والاوربية.
- ولم يحقق المؤتمر الدولي الذي عقد في واشنطن في منتصف فبراير الماضي تحت عنوان مواجهة التطرف الهدف الذي انتظره العالم من وراء عقده، فقد افتقد خطاب أوباما فيه أهم ما كان ينبغي أن يتحدث فيه، وهو مراجعة جادة للسياسة والإستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب، وان كان قد ركز فيه على التنديد بفكرة أن بلاده تحارب الإسلام ووصفها بأنها "اكذوبة بشعة" مطالبا دول العالم بضرورة مواجهة التنظيمات الإرهابية دون تردد، ومتجاهلا أن بلاده هي التي ساهمت في انشاء هذه الجماعات وساعدتها ومولتها بالمال والسلاح ووظفتها لإضعاف الانظمة الحاكمة وتفتيت دولها وجيوشها. وهو ما تأكد وبرز بشكل واضح في دعم الإدارة الأمريكية لجماعة الإخوان في مصر، رغم سقوط نظام حكمها بعد ثورة 30يونيو، بل ومعاقبة مصر بقطع المساعدات العسكرية والاقتصادية عنها، رغم تعرض مصر لحرب ضارية من جانب جماعة الإخوان وحلفائها على جميع حدودها الشرقية من جانب حماس لفرع من (الإخوان) في غزة، وحدودها الغربية من جانب داعش في ليبيا، والجنوبية من جانب نظام حكم البشير الإخواني في السودان، بل وزفي البحر المتوسط، ناهيك عن الحرب الجارية داخل جميع المحافظات ضد عناصر جماعة الإخوان التي تستهدف المنشآت والأهداف الإستراتيجية ومرافق النقل بل والمدارس والبنوك والمستشفيات ومناطق تجمع السكان.
- ورغم شدة هذه الحرب التي تخوضها مصر ضد جماعات الإرهاب داخل وخارج مصر، نجد أوباما لم يذكر في كلمته الافتتاحية امام مؤتمر مكافحة الإرهاب الحادث الإرهابي البشع الذي ارتكبته داعش بذبح 21 من اقباط مصر في ليبيا، وهو ما اعتبره البعض صدمه، إلى أن ذكرته وكالة المخابرات المركزية بخطورة تجاهل هذا الحادث الإرهابي الذي هز العالم كله، حتى نجده في اليوم التالي من المؤتمر يندد بما ارتكبته داعش في ليبيا ضد المصرين. وعندما وجهت مصر ضربتها الجوية الانتقامية ضد داعش داخل المنطقة الشرقية من ليبيا، وهو الأمر الذي تفاجأت به إدارة الأمريكية نجد اركان هذه الإدارة يعبرون عن عدم رضاءهم عنها، وان لم يعترضوا عليها أو يتحفظوا عليها، ولكن بالنظر لتصريحات جوزيف بايرن نائب الرئيس الأمريكي المبطنة التي يؤكد فيها أهمية أن تبدأ الحرب على الإرهاب من الجور دون الاعتماد على الحلول العسكرية وحدها مفضلا الحلول السياسية، وبغض النظر عن تناقض ذلك مع المواقف الأمريكية من افغانستان والعراق، حيث بادرت الولايات المتحدة بشن حرب في افغانستان عقب احداث 11سبتمبر 2001 دون أي مفاوضات سياسية مسبقة مع حركة طالبان المحاكمة هناك لذلك شنت أمريكا حربها ضد العراق في 2003 دون أي مفاوضات مسبقة مع نظام جيشي، الا اننا بالنظر ال الحالة في ليبيا، والتي يمرح فيها أكثر من 600 منظما ارهابيا نتساءل: كم من الارواح يمكن أن تزهق بطريقة وحشية، وكم من الرقاب يمكن أن تذبح في عمليات بربرية ونحن في انتظار التسوية المزعومة من خلال التفاوض، وعلى غرار ما حدث لشهداء مصر الـ 21 دون أن تحرك إدارة أوباما ساكن، دون بيانات الشجب والإدانة التي لا تشفي ولا تغني من جوع ؟! والغريب في هذا الموقف الأمريكي أن نجد صحيفة نيويورك تايمز قد وجدت في الضربة الجوية فرصة مواتية للتشكيك في قدرة مصر على مواصلة ما اسموه بالحرب الخاطئة في ليبيا، والتحريض ضد الرئيس السيسي بدعوى أنه يتصرف دون تشاور مع أمريكا، وانه كان علينا أن تستأذن من الإدارة الأمريكية قبل توجيه تلك الضربة، متجاهلين حقيقة هامة وهي أن مصر ليست دولة تابعة للولايات المتحدة، ولا نتلقى مساعدات وفق اهواء البيت الأبيض، ولكن للقاهرة سياستها العسكرية المستقلة وبدائلها السريعة، وهو ما انعكس عقب القرار الأمريكي يوقف المساعدات الأمريكية، بعقد صفقات أسلحة سريعة مع كل من فرنسا وروسيا والصين، حفاظا على استمرار كفاءتها القتالية. وقد تجاهلت الإدارة الأمريكية مواقف سابقة لها عندما قامت قوة عمليات أمريكية خاصة بقتل اسامة بن الدن في باكستان دون اخطار الحكومة الباكستانية، كما قامت قوة عمليات أخرى باختطاف أبو انس الليبي من ليبيا دون أي تنسيق مع حكومة ليبيا.
- ولأن الرئيس الأمريكي أوباما ملعوب في رأسه، ويلعب على كل الحبال، وانه وادارته وراء انشاء تنظيم داعش الإرهابي، وهو ما يفسر الكثير من القرارات والمواقف التناقضية للإدارة الأمريكية، نجده في الوقت الذي يدين فيه العملية الإرهابية التي أسفرت عن قطع رقاب 21 مصريا في ليبيا، نجده يصدر تعليماته لمندوبة في مجلس الأمن بأن يعرقل مشروع القرار المصري بتشكيل تحالف عسكري دولي لضرب الإرهاب في ليبيا، مفضلا حلا سياسيا يمكن الإخوان – حلفاء أمريكا في المنطقة من الاشتراك في حكم ليبيا، ليشكلوا شوكة في جانب مصر الغربي من خلال تحكمهم في القرارات السياسية والأمنية التي تتخذها الحومة الليبية إذا ما شاركت فيها جماعة الإخوان.
- وقد ادت مواقف أوباما التناقضية –خاصة تجاه مصر –إلى ثورة ضده في الكونجرس، ففي اعتراف من الكونجرس بضرورة دعم مصر ضد الإرهاب، حثت النائبة الجمهورية كاي جرانجر الرئيس أوباما على دعم ومساعدة مصر لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، بل وحذرت – وهي رئيسة اللجنة الفرعية للمخصصات المالية للعمليات الخارجية في مجلس النواب من انها على اتم استعداد لتعليق أموال المساعدات الخارجية إذا لم تقدم الإدارة طائرات القتال (ف-16) ودبابات (ابرامز M1A1) وأسلحة أخرى كانت قد علقتها الإدارة الأمريكية منذ 2013، خاصة وان هذه الأسلحة قد تم دفع ثمنها من جانب مصر، ورفضت الإدارة الأمريكية إرسالها إلى مصر وقامت بتخزينها (12مقاتلة ف-16 من اصل 20، 120دبابة ابرامز) في منشأة تخزين فورت وورت بتكساس تابعة لشركة لوكهيد
- كما انتقدت الدوائر السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة زيارة امير قطر (تميم) للولايات المتحدة واستقبال أوباما له في البيت الأبيض رغم علم الجميع على مستوى العالم باستمرار قطر في دعم التنظيمات الإرهابية.. وعلى رأسها تنظيم داعش، فضلا عن جماعة الإخوان، حيث يعتبر معظم الأمريكيين – خاصة رجال المؤسسة العسكرية الأمريكية –أن تميم حاكم قطر أكبر راع للإرهاب في الشرق الأوسط والعالم. وان قطر لم توف بتعهداتها بتجفيف مصار تمويل الإرهاب في الشرق الأوسط، وان مسئولين في وزارة الخزانة رصدت في سبتمبر الماضي إرسال رجل أعمال قطري أكثر من 2 مليون دولار إلى تنظيم داعش لتنفيذ عمليات إرهابية. وكانت قطر قد أعلنت قبل الزيارة اعتزامها استثمار أكثر من 35 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس المقبلة، وقالت مصادر إعلامية أن هذه الأموال ربما تساعد تميم في اقناع أوباما بالضغط على النظام المصري لإدخال الإخوان في العملية السياسية وقبول ترشحهم للبرلمان المقبل.
- وتتواكب هذه المواقف المتناقضة مع موقف أمريكي آخر مناهض لمصر تمثل في بيان الخارجية الأمريكية بالدفاع عن عملائها في مصر، واصرارها على محاولة هدم الدولة المصرية بالهجوم على قضائها الشامخ ومساندة المخربين الذين ينفذون اجندتها وذلك بانتقاد (جنيفر ساكس) المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية أخيرا احكام القضاء التي قضت بحبس الناشط السياسي علاء عبد الفتاح و20 آخرين بأحكام بالحبس تتراوح ما بين 3 و5سنوات في قضية احداث مجلس الشورى. حيث تدافع واشنطن عن "الاشتراكين الثورين" لإثارة الفوضى في مصر لأنهم يعدون إحدى ادواتها الناعمة في تنفيذ مخططاتها التخريبية ضد مصر. كما اعترضت منظمة العفو الدولية –الدائرة في الفلك الأمريكية على الضربة الجوية المصرية ضد إرهابي داعش في ليبيا بدعوى انها اصابت مدنين ابرياء، متجاهلة آلاف المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ قتلوا في الغارات الجوية الأمريكية في افغانستان والعراق ومناطق أخرى من العالم. اما الصحف الأمريكية العاقلة فقد انتقدت موقف أوباما المعارض للضربة الجوية المصرية وهو الرجل المسيحي، وقارنته بموقف الرئيس المصري المسلم عبد الفتاح السيسي الذي انتفض على الفور بعد جريمة ذبح الاقباط في ليبيا.. بالانتقام لهم، واعتبرت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي هو بطل الشرق الأوسط.
وفي تقرير لمعهد (جيت ستون) الأمريكي للدراسات السياسية، جاء أن "جماعة الإخوان التي باتت الآن هي الصديق الكبير للإدارة الأمريكية، هي في الحقيقة شجرة السم التي طرحت نبته الإرهاب المتجسدة في تنظيم داعش وتنظيم "القاعدة" وجبهة "النصرة" و"بوكوحرام".. وغيرها. ثم أشار المعهد في تقريره إلى أنه يبدو أن بعض الدول العربية لم تدرك حتى الآن أن أمنها القومي، والقدرة على الوقوف امام إيران يعتمد على مدى قوة مصر ".ووفقا للمعهد الأمريكي أن تكون السياسة الأمريكية تسعى لتشتيت العالم الإسلامي ومتعة في الانضمام تحت راية الحداثة التي تحملها السيسي، وانه مع التواطؤ الاوربي، تحاول الإدارة الأمريكية خداع العرب وتحويل الصراع العربي –الإسرائيلي إلى مركز للفوضى في الشرق الأوسط من أجل اخفاء اتفاق نووي مع إيران. وراى (جيت ستون) أن ما وصفه بغدر الإدارة الأمريكية هو سبب فقدان مصر الثقة في الولايات المتحدة والتي من المفترض عن العرب ضد إيران النووية.
خلاصة القول
- أن المشهد الذي تشهده دول منطقة الشرق الأوسط تؤكد بما لا يدع أي شك أن المشروع الأمريكي "الشرق اوسط الجديد" يواجه سقوطا وفشلا ذريعا على ابواب مصر، وادلة الفشل على ذلك أكثر من أن تخفى، بدءا بسقوط نظام حكم الإخوان بعد سنة واحدة من حكم فاشل في مصر، وكذلك فشل جميع العمليات الإرهابية الت جرت وتجرى داخل مصر وعلى حدودها في تحقيق أي أهداف أو مكاسب سياسية. وقد ثبت لأعداء مصر وعلى رأسهم الولايات المتحدة وان مشروع تقسيم محر تحت وهم ارساء الديمقراطية انقلب صفر اليدين بعد أن انكشف كل الالاعيب والاكاذيب وشاهد العالم اجمع ما يجري في العراق، ويحاولون تكراره في سوريا وليبيا واليمن، وحتى الادوات التي تستخدمها أمريكا لتحقيق أهدافها ومخططاتها – وعلى رأسها أحزاب وفصائل الإسلام السياسي –اصبحت أيضا مكشوفة، بدءا من صناعة نموذج ليبرالي ومنحه اعلى الجوائز، وتصديره إلى مجتمعه بشعارات براقة تداعب احلام الشعوب المتطلعة للحرية والعدالة حتى ينخدع به ويلتف حول الشباب المتعطش لنموذج المنقذ والمحرر، وكذلك التغلغل في المجتمع مستغلين كل السلبيات وقصور الحكومات وفساد وإهمال الانظمة لإيجاد ظهير من مواطنين مقهورين ومطحونين من السهل قيادتهم وتوجيههم إلى حيث يخربون اوطانهم بأيديهم تحت شعارات زائفة وكلمات براقة لا يفهمون معناها. كل هذه الاكاذيب انكشفت فاصبح اللعب اليوم على المكشوف، وادرك الشعب كم يقبض هؤلاء الذين يصولون ويجولون في الفضائيات وغيرها من وسائل الإعلام يروجون للمشروع الأمريكي المرفوض شعبيا.
- واذا كانت أمريكا تملك خريطة طريق للعمل في المنطقة، وتجاه كل دولة عربية على حدة، وانها اللاعب الرئيسي في منطقة موبوءة بأمراض التآمر والضعف والخيانة، واذا كانت خريطة الطريق هذه في الماضي سرية وملتبسة ومراوغة، إلا إنها اليوم صارت واضحة ومفهومة بشكل صارخ ولا تحتمل التأويل من حيث الهدف الأمريكي في بسط الهيمنة على المنطقة ومخططات تنفيذه القائمة على التقسيم والتجزئة، وسيلتهم في ذلك الفوضى الشاملة في الوطن العربي كله واشعال الفتن والحروب الأهلية وأعمال العنف على اوسع نطاق. وبالتالي فان ادراكنا لهذه الأهداف والمخططات والاساليب الأمريكية لتخريب مصر بأيدي ابنائها، هي أولى خطوات اجهاض كل ذلك. ثم يأتي بعد ذلك أن نحسب بدقة شديدة من معنا ومن ضدنا في السر والعلن، ومن هم اصحاب المواقف الرمادية، والذين لا يملكون قرارهم، وليسوا سوى العوبة في ايدي أمريكا، وان نتحسب جيدا لأسوأ السيناريوهات.. ليس فقط من جانب الاعداء ولكن أيضا من جانب الاصدقاء الذين قد يشكل تحولهم عن مواقفهم المعلنة –خاصة وقت الشدة –خطرا علينا لاسيما إذا ما تمادينا في الاعتماد عليهم كثيرا، وهو ما يعني زيادة قدراتنا في الاعتماد على النفس. واذا كان بعض المسئولين والخبراء العرب عندما تحدثوا عن الضربة الجوية المصرية بوصفها "تصرف غريب لا تقدم عليه الا دولة عظمى.. وهذا ما نرفضه" فان ذلك يجعلنا ندرك أن صعود مصر إلى مستوى قوة اقليمية غير مقبول ليس فقط من جانب إسرائيل وأمريكا وحلفائهم، ولكن أيضا غير مقبول من جانب اشقاء عرب. من هنا جاء الاصرار المصري على عدم استئذان أحد.. سواء أمريكا أو اذيالها عندما شنت ضربتها الجوية ضد بعض مواقع داعش في ليبيا.