الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مجددون جدد .. محمود حمدي زقزوق (2)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ويؤكد د. زقزوق مرة ومرات ضرورة التعامل مع أقوال السلف مستخدمين العقل وألا نقبل ما قالوه باستسلام. ويستعيد لنا قول الإمام محمد عبده "لا ينبغي للإنسان أن يذل فكرة لشيء سوي الحق، والذليل للحق عزيز، ويجب علي كل طالب أن يسترشد بمن تقدمه سواء كانوا أحياء أم أمواتا ولكن عليه أن يستعمل فكرة فيما يؤثر عنهم فإن وجده صحيحا أخذ به، وأن وجده فاسدا تركه" (ص14) ويمضي د. زقزوق قائلا "ونحن لا نعيب علي أصحاب المذاهب الفقهية وما تركوه لنا من تراث فقهي غزير، واجتهادات قيمة، حيث قاموا بواجب وقتهم بما يتناسب مع عصرهم، وإنما العيب فينا نحن عندما نقنع بما تركه السابقون ونظن أن الأول لم يترك للآخر شيئا وأن ليس في الإمكان أبدع مما كان، والحق أن أصحاب المذاهب الفقهية لو قدر لهم أن يبعثوا مرة أخرى في عصرنا لوجدناهم أول من يقوم بالتطوير والتجديد فيما سبق أن خلفوه من فقه كان كافيا لعصورهم وملبيا لحاجات الناس في أزمانهم" ونواصل مع فكر تجديدي رصين فنقرأ "أن سنة الحياة هي التجديد ولا يجوز لنا أن نعزل الفقه عن الحياة. فالفقه أصلا جاء ليواجه متطلبات الحياة المتجددة ومن هنا تأتي ضرورة استمرار الاجتهاد مع الرجوع إلي الأصول والوعي بالمقاصد والغايات فهي الحاكمة ولاي جوز قلب الحقائق وجعل الفروع حاكمة علي المقاصد والغايات" ثم يذكرنا بقول الإمام نجم الدين الطوفي الذي اعتبر "المصلحة" مصدرا مستقلا للتشريع "حينما تتحقق المصلحة فثمة شرع الله" والمصلحة التي يقصدها الإسلام ليست المصلحة الشخصية وليست الهوي والغرض وإنما هي المصلحة الحقيقية التي تحقق الخير للمجموع"(ص16).
ويتحدث د. زقزوق عن خصائص الشريعة الإسلامية فيقول أنها ربانية المصدر ومقدسة، وهي صالحة لكل زمان ومكان وتحقق مصالح العباد في ديارهم ودنياهم وأخراهم، فالشريعة إذ تقرر مبادئ عامة تعد بمثابة خطوط عريضة قدع الباب مفتوحا في كل وقت للاجتهاد في استنباط الأحكام الشرعية التي تتلائم مع الظروف والاحوال في كل مجتمع وتتناسب مع مستجدات الحياة ومتطلبات الزمان والمكان". ويواصل" وتتسم الشريعة الإسلامية بالتيسير علي المسلم ورفع الحرج عنه فليس فيها ما يشق علي الناس أويخرج عن نطاق استطاعتهم فالحج لمن استطاع إليه سبيلا، والصوم للقادر عليه والزكاة لمن عنده فضل مال "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" (ص21).
ويمضي بنا د. زقزوق إلي مزيد من الفهم المستنير فيقول "ومن الأفكار المغلوطة الخلط بين الشريعة والفقه الإسلامي وقد استقر هذا الفهم في أذهان الكثيرين منذ قرون نتيجة لعصور التخلف بعد تراجع الحضارة الإسلامية. والفرق بين الشريعة والفقه مثل الفارق بين السماء والأرض. وأدي ذلك إلي تصور البعض أن الخروج علي آراء الفقهاء خروج علي الشريعة ذاتها.. ونواصل مع مفكر مجدد يستحق أن نتواصل معه.