الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الناشر محمد رشاد في حواره لـ"البوابة": كتب "القرضاوي" قبل ما يخرّف كلها علم.. تزوير الكتب "خرب بيوتنا" وباعة "الأزبكية" عصابات أخطر من "مافيا السلاح والمخدرات"

مؤسس "المصرية اللبنانية" انتقد رفعها من "معرض الكتاب"

محمد رشاد، مؤسس الدار
محمد رشاد، مؤسس الدار المصرية اللبنانية للنشر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المصادرة «مرفوضة» وسياسة المنع غير مجدية ونعم لـ«الرد على الفكر بالفكر».. وتشريع جديد يقضى بـ«الحبس فى تزوير الكتب» بعد انتخاب مجلس النواب
المثقفون المصريون يعشقون «التفتت» وعدم الاتفاق على رأى.. ووزارة الثقافة أخطر من «الداخلية»
تنبع أهمية الحوار مع محمد رشاد، مؤسس الدار المصرية اللبنانية للنشر، الرئيس السابق لاتحاد الناشرين، من كونه واحدًا من كبار الناشرين فى مصر والعالم العربى.
يقول «رشاد»، فى حواره لـ«البوابة»، إن الناشر «صاحب رسالة تجاه وطنه»، وفى ظل الأزمات تتضاعف المسئولية بشكل كبير.
تحدث عن دور الثقافة فى مواجهة الإرهاب، وأبرز المشكلات التى تواجه دور النشر، وطرق مواجهتها وأمور أخرى فى هذا الحوار.
■ بداية.. كيف لدور النشر أن تسهم فى تشكيل وعى المواطن؟
- الناشر تعريفه الأهم أنه صاحب رسالة تجاه مجتمعه ووطنه، وفى ظل الأزمات تتضاعف المسئولية بشكل كبير؛ لأن النشر رسالة، وصناعة، وتجارة، ونحن «الناشرين» نواجه الآن أعباء، ومعوقات، أبرزها انخفاض حركة المبيعات، فهناك دور نشر تقلص إنتاجها، وأخرى أغلقت أبوابها وسرحت العاملين، لكن يظل الناشر صاحب رسالة، وعليه أن يضع بصمته على صفحات التاريخ.
بالفعل دورنا خطير وصعب، فالناشر يستطيع أن يأخذ بيد مجتمعه ويساهم فى تشكيل وعى المتلقى، وكذلك من الممكن أن يغيب مجتمعه ويفسده، فلو اجتمع عدد من الناشرين بما لديهم من أدباء ومفكرين، وقرروا فتح آفاق جديدة تسهم فى تنوير المجتمع، من الطبيعى أن تكون النتيجة صحوة كبيرة تحقق طفرة غير مسبوقة فى توسيع نطاق المعرفة لدى المواطن فى كافة النواحى الثقافية، وبالطريقة نفسها يسهل أيضا نشر كتب تغيب العقل وتفسد المجتمع. وبالنسبة لنا، اجتمعت مؤخرا بهيئة إدارة النشر بالدار لمناقشة كيفية المساهمة فى تنوير المجتمع بعد ثورتين، فجهود الرئيس المضنية هنا وهناك لابد أن تتوج بجهودنا نحن فى الإعلام، والثقافة، والتعليم، والرياضة، كلنا يعمل وله دور، وفى النهاية انتهينا إلى ضرورة طبع مؤلفات جديدة تؤرخ للمرحلة، وتسلط الضوء على جهود رجال الشرطة والقوات المسلحة، وكيف يبذلون أرواحهم ودماءهم ليل نهار من أجل حماية وإعادة الأمن القومى، ومحاربة «الإرهاب الأسود» على حدودنا وخارجها.
■ ما أبرز الأزمات التى تواجه صناعة النشر فى مصر؟
- الأزمات لا تزال تحاصرنا، وصناعة النشر مهددة بالتوقف بسبب القرصنة والتزوير، وهذه المشكلات لا يواجهها الكتاب المصرى فقط بل امتدت للكتاب العربى، وعلى رأسها «آفة التزوير اللعينة»، تلك الأزمة تكاد تغلق دور نشر، لأن هذه الآفة تضرب صناعة النشر، وتجبر بعض الناشرين على تغيير نشاطهم، أو ترك السوق المصرية واللجوء إلى مزاولة المهنة خارج الوطن، فمثلا لو أصدرت عنوانا اليوم وحقق مبيعات كبيرة، أجد الكتاب نفسه مزورًا بعد أسبوع واحد على الأرصفة «ده خراب بيوت».
كما أن للمسألة أبعادا أخرى تؤثر فى الكاتب الذى يشعر بعدم الأمان بعد أن سرق المزورون حقوقه الفكرية، ولذلك يتوقف عن الكتابة التى تمثل له «مصدر دخل».
والأزمة ازدادت سوءًا بعد ثورة «٢٥ يناير»، فقد انتشرت الظاهرة وكأنها «موضة» لدى باعة الأرصفة وأصحاب مكتبات سور الأزبكية، فهم يستحلون سرقة حقوق المؤلف والناشر، والآن تطور الأمر بسبب «القرصنة»، فالأخيرة ظاهرة لا تقل خطورة عن آفة التزوير.
الرقابة أيضا تلعب هى الأخرى دورا فى ضرب صناعة النشر، لذلك أرفض الرقابة بشكلها التقليدى، ولابد أن يتم تغيير آليات الرقابة فى الوقت الحالى، وكذلك أرفض المصادرة وسياسة المنع لأن الرد على كتاب يكون بكتاب آخر.
■ كيف يكون الحل من وجهة نظرك؟
- «دول عصابات أخطر من مافيا السلاح والمخدرات».. هناك أطراف عدة لابد أن تشترك فى إنهاء هذه المشكلة، وبالنسبة لمباحث المصنفات فحسب الإمكانيات المتاحة لها تحاول التصدى، لكن الأخطر يكمن فى مرحلة التقاضى، لذلك هناك ضرورة تحتم على الدولة إنشاء محكمة اقتصادية خاصة بالملكية الفكرية، فبين القتل والضرب والإرهاب لا تأخذ قضايا الملكية الفكرية حيزا من اهتمام القضاة أو المحققين، ولا بد من تربية النشء على احترام الملكية الفكرية للآخرين، ويجب أن يغلظ القانون، لأن غرامة التزوير ٥ آلاف جنيه فقط.
ومن الأشياء التى تدعو إلى التفاؤل فى هذه المنطقة، إنشاء وزير الثقافة، الدكتور جابر عصفور، لجنة دائمة لحماية الملكية الفكرية، من أجل تفعيل القانون وتغليظه على المزورين، وقد اشتركت فى مبادرة مع المحامى د. حسام لطفى، وقدمنا لوزارة العدالة الانتقالية تعديلا لقانون ٢٠٨ لسنة ٢٠٠٢، وفيه طالبنا بتغليظ العقوبة لتشمل الحبس الوجوبى، لكن فى انتظار إتمام الاستحقاق الثالث لخارطة الطريق لعرضه على البرلمان.
■ باعتبارك رئيسا سابقا لاتحاد الناشرين.. ما تقييمك لأدائه فى هذه الآونة؟
- هناك ضغوط من الناشرين تطالبنى بالعودة لرئاسة الاتحاد مرة أخرى، والاتحاد لا يقوم بدوره المنوط به، ففى وجوده حرم الناشرون من حضور افتتاح معرض القاهرة الدولى للكتاب لعامين متتاليين.
■ ماذا عن وجود عناصر «إخوانية» بداخله؟
- بالفعل هناك بعض العاملين ينتمون لجماعة «الإخوان» داخل الاتحاد، لكن طوال فترة رئاستى للاتحاد كانت الأمور واضحة أمام الجميع، وقلت لجميع العاملين: «اللى عايز يشتغل سياسة ميدان التحرير موجود»، لأن مكان العمل لا يحتمل ميولا أو أيديولوجيات.
■ هناك مطالبات برحيل وزير الثقافة فى الفترة الأخيرة.. كيف تراها؟
- الرجل تولى الوزارة فى ظروف صعبة جدًا يعلمها الجميع، وعندما قبل المنصب أشفقت عليه للغاية، لأن وزارة الثقافة فى رأيى أخطر من وزارة الداخلية، فالأخيرة تدير شئونها بأوامر ولوائح يلتزم بها الجميع داخل المنظومة وفى الشارع أيضًا، أما المثقفون فمن الصعب إرضاؤهم لأنهم يعشقون التمرد وعدم الاتفاق، وكل مثقف له ميول وتطلعات مختلفة عن الباقى، وعلى أى حال أرى أن الوزير اتخذ خطوات إيجابية تتناسب مع طبيعة المرحلة الحالية.
■ كيف وجدت معرض الكتاب فى دورته الماضية؟
- القائمون على المعرض وقعوا فى خطأ كبير عندما حذروا الناشرين من عرض المؤلفات التى تتناول فكر «الإخوان» بطريقة أو أخرى، فأنا كما قلت لك أرفض المصادرة وسياسة المنع، وإدارة المعرض ضخمت الموضوع ومهدت له فى وسائل الإعلام بشكل لا يتناسب مع طبيعة المرحلة، فالمصادرة لا تحمى الشعوب، لأن القارئ سيبحث عن الكتاب بطريقته طالما تم منعه من التداول.
والمصادرة لا تحق إلا بحكم قضائى إذا دعا الكتاب إلى نشر الفتن وهدد الأمن القومى للبلاد، أما كتب يوسف القرضاوى التى كانت موجودة فى المعرض قبل رفعها كانت رائعة جدًا، لأن القرضاوى منذ ٦ سنوات «قبل ما يخرف» كان عالمًا وله مؤلفات دينية موضوعية.
من النسخة الورقية