الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الجماعات الجهادية تاريخ من العداء مع الآثار

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لاتزال الجماعات الجهادية تثبت أنهم أعداء للدين، للبشرية، للإنسانية، للحضارة الإنسانية أعداء حتى لأنفسهم هذا باختصار حال الجماعات الجهادية في التعامل مع الحضارة الإنسانية بهدمهم للآثار التي مر عليها الآلاف السنين عجزت كل السنين في التأثير عليه حتى جاء هم ليهدموها بكل بساطة تحت دعوى الجهل وأنه صنم فعلها تنظيم القاعدة سابق وحاول الجهاديين في مصر خلال فترة صعود الإسلام السياسي بعد الثورة وعادت داعش لتكررها فهل من قتل وحرق وذبح يبكى على تاريخ بلد يهدمه بيديه.
أعاد هدم داعش لآثار الأشوريين من جديد قضية أثارتها من قبل جماعة القاعدة في أفغانستان في 2001 بتدميرها تماثيل بوذا وسط غضب عالمى من تصرفاتهم "البوابة نيوز" تستعرض تاريخ العداء بين الجماعات الجهادية والحضارة العالمية.
طالبان تفجر تماثيل بوذا
"يجب أن يكون المسلمون فخورون بتحطيم الأصنام، ويجب حَمد الله أننا قد دمرناها لهم" كانت الجملة التي عقب بها الملا عمر الأب الروحي وقاعد تنظيم القاعدة في 6 مارس 2001 بعدما فجر التنظيم تماثيل بوذا الأثرية في أفغانستان بعد فتوى غريبة أصدرها بأنها أصنام يأتي الناس ليعبدوها من دون الله،وتعود القصة إلى عام 1997 بعد أن أعلن تنظيم القاعدة نيته تدمير التماثيل وذلك قبل سيطرته على الوداى.
وبعد سيطرة طالبان على وادي باميان سنة 1998 دمرت طالبان رءوس التماثيل بحجة أنها مخالفة للشريعة الإسلامية وفي يوليو 1999 أصدر الملا عمر مرسومًا لصالح الحِفاظ على تماثيل بوذا؛ لأن السكان البوذيين في أفغانستان لم يعودوا موجودين، وبذلك لم تُعد تعبد التماثيل.
لكن مع مطلع عام 2000 بدأ رجال الدين المتشددين في أفغانستان حملة للقضاء على شرائح المجتمع الأفغاني غير الإسلامية ثم حظرت طالبان جميع أشكال الصور والموسيقى والرياضة بما في ذلك التليفزيون، وفقًا لما اعتبروه تفسيرًا للشريعة وجاء في بيان صادر عن وزارة الشئون الدينية لنظام طالبان تبرير التدمير باعتبار التماثيل مخالفة للشريعة الإسلامية.
وبالفعل بدأ التنظيم حملته لتحطيم التماثيل بواسطة الديناميت من قِبل حركة طالبان خلال عِدة أسابيع مُنذ 2 مارس 2001 ونُفذت عملية التدمير على مراحل، في البداية أُطلق على التماثيل مدافع مُضادة للطائرات ومدفعية، مما تسبب بضرر شديد لكن لم تدمر بالكامل. ثم وضعت طالبان الألغام المضادة للدبابات في الجزء السفلي من التماثيل للتدمير بشكل كامل
جهاديو مصر يدعون لهدم الأهرامات
لم يختلف الحال كثيرا بين طالبان وبين الإسلاميين في مصر بعد ثورة يناير فهم أيضال طالبوا بهدم التماثيل أو تغطيتها بالشمع وما إلى غير ذلك صحيح أن هذه الدعوات كانت بشكل فردى من بعضهم لكن في النهاية هي تعبر عن نظرة هؤلاء بشكل عام عن الآثار ورويتهم لها.
في 2011 فوجى الجميع بفتوى للمرشح للانتخابات البرلمانية وقتها وأحد أبرز القيادات بالدعوة السلفية بالإسكندرية عبدالمنعم الشحات دعا من قبل إلى تغطية وجوه التماثيل الفرعونية المصرية بالشمع لأنها تشبه الأصنام التي كانت موجودة في مكة.
واعتبر عبد المنعم أن هذه الدعوة فسرت بطريقة مغلوطة في بعض وسائل الإعلام بأن السلفيين يرغبون في بث الرعب والخوف في نفوس المصريين لا خافتهم من نشر الدعوة الإسلامية.
وتابع عبد المنعم "نحن لا نريد أن نعبث بنفوس المصريين، لكن نريد تطبيق الشريعة الإسلامية كما أمر بها الله عز وجل" لتثير موجة من الانتقادات الكبيرة خاصة وأن هذه التصريحات أعادت من جديد الصورة القبيحة التي فعلتها القاعدة منذ 10 سنوات وقتها بتمير تماثيل بوذا الأثرية.
ثم عاد بعض الجهاديين ليكرروا المطلب من جديد ففى نهاية نوفمبر أعاد القيادى الجهادى مرجان سالم الجدل من جديد بتصريحه والذي دعا فيه التيار الإسلامي للتكاتف وهدم تمثال أب الهول والأهرامات وكل التماثيل في مصر مؤكدا أنه يجب تحطيم الأصنام والتماثيل التي تمتلئ بها مصر، والمسلمون مكلفون بتطبيق تعاليم الشرع الحكيم، ومنها إزالة تلك الأصنام كما فعلنا بأفغانستان وحطمنا تماثيل بوذا".
وأضاف: "نحن مكلفون بتحطيم الأصنام وسنحطم تمثال أبو الهول والأهرامات لأنها أصنام وأوثان تعبد من دون الله وبعد موجة شديدة من الغضب اختفى سالم ولم يعد الحديق عن هذه الفتوى مثار وبعدها سقطت جماعة الإخوان المسلمين ومعها غالبية أبناء تيار الإسلام السياسي".
داعش تتاجر في الآثار..وتدمر ما تفشل في نقله
لم يختلف الحال كثيرا مع تنظيم داعش الإرهابي فقد حطّمت كنائس وأديرة وزوايا ومقامات ومرافق لها خصوصيتها عند مواطنين سوريين وعراقيين، لكنَّ هذا ليس أخطر ما تشكّله على هذين البلدين اللذين كانا مسرحًا لأهم الحضارات العالمية وأقدمها.
لكن رغم ذلك فطنوا لشيء مهم جدا هو أن بين أيديهم كنز كبير وهى الآثار الصغيرة والتي يمكن بيعها واستخدمها كمصدر للتمويل فبدأ التنظيم في تدمير المساجد التي تحمل أضرحة والتماثيل وما لا يمكن بيعه بينما الآثار الصغيرة بعضها مصنف ومرتَب في خانات وجاهز للسرقة في متاحف المناطق التي سيطروا عليها، خصوصا في متحفي الرقة والموصل، فضلًا عن مئات المواقع الأثرية المكشوفة التي يحتدم القتال الآن على الأرض التي تضمها.
أول هذه المتاحف الذي سيطر عليها داعش هو متحف الرقة الذي يعود بناؤه إلى عام 1861 ويتكوَّن من طابقين، يضم فيهما مئات القطع الخزفية والأواني والزخارف الجصيّة والعقود الحجرية التي ترجع إلى العصور الرومانية والبيزنطية والإسلامية، فضلًا عن وجود قسم خاص بالموروث الشعبي لمنطقة الرقة السورية، أما درَّة مقتنيات المتحف فتتمثل بجداريات الفسيفساء التي عثر عليها الآثاريون السوريون في منطقة حويجة حلاوة، من أعمال الرقة، وترجع إلى القرن الخامس الميلادي.
مملكة عربايا
أما متحف الموصل الحضاري الذي يقع، كما المدينة، في قبضة دولة داعش فقد تأسّس عام 1952، وينقسم إلى أربع قاعات تضم آثارًا من الأزمنة الآشورية والحضرية والعربية الإسلامية، فضلًا عن مكتبة عامة تعود نواتها الأولى إلى الباحث اللغوي العراقي، الأب أنستاس الكرملي، الذي تبرع بمكتبته الشخصية للمتحف الوطني العراقي في بغداد، والذي حولها بدوره إلى متحف الموصل الحضاري.
الصحابة اعتنوا بالآثار بعد فتح مصر
لم تتساءل هذه الجماعات عن الأسباب الذي لم تدفع الصحابة لهدمها رغم أنهم فتحوا مصر والعراق وسوريا وبهم الآلاف من التماثيل والقطع الأثرية المهمة ولكن لم تمتد أيديهم إليهم بأي سوء كما أن الظاهر من هدم هؤلاء للتماثيل ليس ديني فلو كان كذلك فلماذا باعوا هذه القطع الأثرية وتاجروا بها.
ولا يدرك هؤلاء أن الرسول كسر الأصنام بدخوله مكة وليس لأنها آثار بل لأنها كانت تماثيل بنيت لتعبد من دون الله فكانت الرسالة أنها لا تضر ولا تنفع، كما فعل سيدنا إبراهيم من قبل وليس بدعوة أنها آثرية كما أن الصحابة لم يثبت ولو لمرة أنهم هدموا أثر بل حافظوا عليها ومنعوا أي اعتداء عليها لأنها كانت باقية عبر آلاف السنين بل حافظ التابعين وتابعي التابعين على آثار النبي والصحابة وسيوفهم وبيوتهم.