الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"البوابة نيوز" ترصد جرائم "داعش" ضد المواقع الأثرية والحضارات القديمة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"داعش" تدمر قلعة "تل عفر" بالعراق وكنائس "معلولا" بسوريا وتقضى على الحضارة الآشورية بمتحف"نينوى" بالموصل
" داعش" تحصد ٣٦ مليون دولار حصيلة الإتجار بالآثار لتمويل عملياتها المسلحة
خبراء آثار يستنكرون الاعتداء على "نينوى" ويطالبون بعقد قمة عربية لحماية المواقع المستهدفة

لا تكف الجماعات الإرهابية على مدى التاريخ عن المتاجرة بكل شيء من أجل تحقيق نهجها في السيطرة وتدمير كل حضارة تعبر عن قيم الإنسانية، ومن ينظر لـ"داعش" سيجدها جماعة لا تستهدف قتل البشر فقط، ولكنها تنظر إلى الحضارة بنظرة سوداء تحمل كثيرا من الغل والحقد الممزوج بالرغبة في الإتجار فيها، ومن بزوع التنظيم الإرهابي،وهو لم يكف عن الاتجار بالآثار ليجعلها في المرتبة الأولى ضمن مصادر تمويل عملياته الإجرامية.
هذا ما اعترف به سابقا البرلماني البريطاني" تيم لوتون"، الذي أكد أن داعش تهدم المواقع الأثرية أمام الرأي العام العالمي،ولكنها تتاجر فيها وتعتبرها مصدرا هاما من مصادر تمويلها، ومن يتتبع نهج التنظيم الإرهابي سيجد أنه كان دائما ما يضع نصب عينيه استهداف المواقع الأثرية، وهو يبرر أنها امتداد لعبده الأوثان،ولكن يمتد مثل الإخطبوط ليسيطر على ما يقرب من ٤٥٠٠ موقع أثرى مدرج على لائحة اليونسكو.
وقد أعلنت المخابرات العراقية في وقت سابق أن التنظيم يعتمد على بيع الآثار لتمويل ذاته ورجحت أن يصل عدد المبالغ التي حصدتها داعش جراء تلك التجارة ما يقرب من ٣٦ مليون دولار،وبنظرة سريعة على كم الدمار الذي سببه التنظيم الإرهابي للمواقع الأثرية سنجد أن الخسائر فادحة وسوداء
متحف "نينوى"
مؤخرا قام التنظيم الإرهابي بتدمير متحف نينوي الموجود في شمال الموصل بالعراق، وهو يبث صورا صادمة عبر فيديو قام به يظهر التدمير المتعمد لعددا كبيرا من التماثيل الأشورية الرائعة الموجودة بالمتحف.
وفي هذا السياق يقول الدكتور مختار الكسباني أستاذ الحضارة الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، إن تعمد نشر "داعش" لفيديو يظهر تدمير الحضارة الأشورية يؤكد بما لا يدع مجالا للشك انتماء التنظيم لإسرائيل وأمريكا التي تريد إخفاء هوية الحضارة القديمة، كما تثبت تورط إيران في هذا التنظيم لأن الأشوريين استطاعوا الوقوف أمام الغزو الفارسي من قبل، وكثيرا ما كانت تقوم إيران بتدمير المواقع الأشورية الموجودة في العراق بالطائرات أثناء الحرب بينها وبين العراق، كما كانت تقوم أمريكا بتسليط بعض اللصوص إبان الغزو العراقي لتدمير الحضارة العراقية وسرقة لوحة السبع البابلي، والتي كانت تستهدف المتاحف والمواقع الأثرية لإعادة تهريبها مثلما تفعل داعش الآن، وهي تقوم ببيعها والإتجار فيها.
وأعرب " الكسباني " في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، عن حزنه الشديد من الفيديو الذي قام ببثه تنظيم "داعش" لتدمير متحف نينوى داعيا منظمة اليونسكو إلى التحرك الفوري للدفاع عن المواقع الأثرية العراقية لأنها مسجلة على قائمة التراث العالمي، ووضعها ضمن قائمة الخطر، وتفعيل اتفاقية جنيف الدولية التي تحرم التعدي على المواقع الأثرية وتعتبرها ضمن جرائم الحرب.
في السياق ذاته وصف الدكتور عبد الحليم نور الدين رئيس اتحاد الأثريين المصريين التدمير الذي قامت به التنظيم الإرهابي " داعش" لمتحف "نينوى" بالموصل بالمصيبة الكبرى داعيا إلى عقد قمة عربية طارئة تضع ضمن بنودها بندا خاصا بالدفاع عن الآثار الموجودة في البلاد العربية المستهدفة من قبل داعش، ودعوة خبراء من منظمات عالمية مثل الأيوكم والإيكروم والإسيسيكو والأليسكو، مضيفا: "انتهى زمن الهيصة نحن أمام تنظيم خطير يستهدف طمس حضارتنا لتدمير هويتنا".
وأضاف "نور الدين"، أن تدمير داعش للمواقع الأثرية الموجودة في الموصل والعراق وسوريا هي بداية لتدمير كل المواقع الأثرية الموجودة في الوطن العربي، وسيجعل التنظيم كلا من البترة في الأردن والمواقع الأثرية في اليمن وسوريا وسيناء أماكن سيتم التخطيط لاستهدافها طالما لا يوجد جيش عربي يقف بقوة في وجه هذا التنظيم الإرهابي التدميري الذي يضع حضارتنا القديمة نصب عينيه للقضاء عليها.
ودعا نور الدين للتحرك الفوري لوقف جرائم هذا التنظيم الذي صار يعتمد على تدمير الآثار وبيعها والإتجار فيها لتمويل عملياته الإرهابية، مؤكدا أن التنظيم لن يتورع عن تدمير أي موقع أثري يجده أمامه،وأنهم سيتجهون إلى أماكن كثيرة جدا خاصة وأن التدخل العسكري لم يستطع الوقوف في وجه التنظيم ولم يحسم انتصارا كبيرا عليه.
وأضاف نور الدين أن أمريكا وإسرائيل تحرك " داعش" من وراء الستار لتقتلع حضارة أمة عمرها ٣٠٠ ألفا عام مقابل حضارتها التي لم تكمل ٣٠٠ سنة.
تدمير قلعة تل عفر
كلما زادت حدة توغل التنظيم الإرهابى داخل البلاد العربية كلما زادت جرائمه باتجاه المواقع الأثرية ففي شهر ديسمبر الماضي قام التنظيم بتدمير قلعة تاريخية هامة في العراق تسمى قلعة " تلعفر" بل تفخيخها، ونسف معظم أبراجها وأسوارها القديمة، فضلا عن نبشها بحثا عن الآثار الموجودة في الموقع ونهبه.
وتقع " تل عفر" علىبعد٧٠ كيلومترا غرب مدينة الموصل مركز محافظة نينوى هي بقايا مدينة أشورية قديمة كانت تسمى "نمت عشتار" أي مزرعة أو جنة الآلهة عشتار، وقد ازدادت أهميتها في فترة الألف الأول قبل الميلاد وذلك في عصر الملك الآشوري "تكلا بلاصر الثالث"، (741- 725 قبل الميلاد)، وتمتد القلعة على مساحة 28 ألف متر مربع، ترتفع فيها أربعة أبراج ضخمة تسمى "أبراج الزوايا" وهي محاطة بأسوار ثانوية وسور رئيسي خارجي منيع عرضه ثلاثة أمتار وارتفاعه ستة أمتار مشيد من الحجارة ومصمم بطريقة متقنة يتيح رؤية جيدة عبر فتحات وشرفات مطلة على الخارج من جميع الجهات.
وقد تعرضت القلعة للتخريب على فترات زمنية مختلفة وأعيد بناؤها أكثر من مرة أبرزها في عهد الخليفة مروان بن محمد الثاني آخر الخلفاء الأمويين وسميت أنذلك بـ "قلعة مروان".
متحف الموصل سرقات وتدمير ممنهج
كل يوم يثبت التنظيم الإرهابى أنه يكره بشدة كل المعالم الحضارية في العراق منذ بزوغ حقده على العالم،وكانت من أولى الجرائم التي ارتكبها التنظيم هو تدمير تمثالى الشاعر العباسي أبي تمام والموسيقار عثمان الموصلي بالجرافات.
بل قاموا بعد سيطرتهم على مدينة الموصل بتدمير ما يقرب من ١٠٠ قطعة أثرية تضم وثائق نادرة تعود للحضارة البابلية والسورية والسومرية والعباسية وتم تهريب محتوياتها عبر سوريا لتحصد " داعش" وراء هذه التجارة ٣٦ مليون دولار.
ولم يكتف التنظيم الإرهابي بذلك بل قام بتشريع يطبق الإثم على كل من يبني أو يزور كنيسة أو مسجد سني كان أو شيعي، وهو الحكم الذي طبقوه بهدمهم لكنائس وأديرة بأيقونات وكتب ومخطوطات عمرها مئات السنين، ثم تفجير مرقد عمر بن الخطاب بالموصل والشيخ صالح جنوبي كركوك ومقام على الأصغر بن الحسن وآخر لأخيه الإمام عون الدين ومرقد الإمام أبو العلي والنبي دانيال ونبش قبر النبي يونس.
داعش تدمر المواقع الأثرية بسوريا
لم تسلم المواقع السورية من التدمير المتعمد من جانب التنظيمات الإرهابية التي تناصر " داعش" وتتبع نفس إسلوبها في تدمير التراث، ومن ثم بيعه.
وقام المتطرفون في سوريا بحرب فكرية على بلدة الكنائس القديمة "معلولا"، وهي آخر المناطق التي مازالت تتحدث الآرامية، أي لغة المسيح.
وكذلك قاموا بتخريب الآثار في "الرقة"، إحدى المدن الإسلامية القديمة الواقعة شمالي سوريا، وتحولت الآن إلى معقل للدولة الإسلامية التي قامت بهدم تمثال أسد آشوري يعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد، وأعلنوا عن تدميره في مجلتهم الخاصة "دابق".
وفي الشهر الماضي كذلك هدموا كنيسة أرمنية في دير الزور شرقي سوريا.