الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"البوابة نيوز" تكشف.. أخطر قضية فساد داخل وزارة الزراعة.. إهدار 5 مليارات جنيه في شركات استصلاح الأراضي الحكومية.. والمديونيات تتسبب في رهن أملاك الدولة لـ"بنوك خاصة"

 الدكتور عادل البلتاجي
الدكتور عادل البلتاجي وزير الزراعة واستصلاح الأراضي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حصلت «البوابة نيوز» على مستندات رسمية خاصة بشركات استصلاح الأراضى المملوكة للدولة، تؤكد انهيار منظومة العمل داخلها خلال السنوات الماضية؛ إذ وصلت خسائر تلك الشركات ومديونياتها طبقًا للمستندات إلى ٥ مليارات جنيه، فيما يوجد بها ما يقرب من ١٢ ألف عامل مهددين بالفصل، بسبب تأخر مرتباتهم بشكل دائم، خاصة في ظل عدم حصول شركاتهم على أي مشروعات جديدة، كشركة مساهمة البحيرة التي يعانى موظفوها من عدم الحصول على رواتبهم منذ أكثر من ثمانية شهور، و«العقارية»، وهما من أقدم الشركات في هذا النشاط ليس في مصر وحدها بل في الشرق الأوسط كله.
انهيار شركات استصلاح الأراضى بدأ في أوائل تسعينيات القرن الماضي، فالقانون رقم ٢٠٣ لعام ١٩٩١، الخاص بشركات قطاع الأعمال، أقر بنقل تبعية شركات الاستصلاح الزراعى إلى الشركة القابضة لاستصلاح الأراضى وأبحاث المياه، وتم دمجها مع الشركة القابضة للأشغال العامة، وقامت الدولة ضمن إجراءات الخصخصة، بتوسيع الملكية الخاصة للأراضى ببيع ٩٠٪ من أهم الشركات إلى اتحاد المساهمين بالشركات، وبذلك أصبحت شركات استصلاح الأراضى خاضعة لقانون الشركات المساهمة رقم ١٥٩ لعام ١٩٨١.
الشركة القابضة الجديدة لاستصلاح الأراضى وأبحاث المياه الجوفية ضمت شركات استصلاح الأراضى الست وهي: «العقارية، والعامة، ومساهمة البحيرة، وكوم أمبو، والعربية، وريجوا لاستصلاح الأراضي».
وبحسب المستندات، فقد وصل إجمالى مديونيات تلك الشركات لـ٤ مليارات و٨٤٢.٥ مليون جنيه، فشركة «كوم امبو» التي يعمل بها ٦٦١ عاملا وصلت مديونياتها لـ ١٨٩.٥١ مليون جنيه، والعامة لاستصلاح الأراضي، التي يعمل بها ألف و٦٦٤ عاملا، وصلت مديونياتها لـ ٦٥٣.٦ مليون جنيه، أما العقارية فوصلت ديونها لـ ١٣٨٩.٦ مليون جنيه ويعمل بها ألف و٧٣٩ عاملًا، أما شركة ريجوا فوصلت ديونها لـ ٤١١ مليون جنيه، ويعمل بها ألف و٥١ عاملا، والشركة العربية التي يعمل بها ألف و١٠٢ عامل، وصلت ديونها لـ ١٤٤.٨ مليون جنيه، وشركة مساهمة البحيرة ديونها وصلت لـ ٨٣٦ مليون جنيه، ويعمل بها ٣ آلاف و٨٥١ عاملا.
ويقول العميد سعيد طه، رئيس الشركة القابضة لاستصلاح الأراضى وأبحاث المياه -لـ«البوابة»-: إن الشركات الست تعانى من غياب أوامر الإسناد والتكليف لأى مشروعات من قبل مؤسسات الدولة وتوقفها عن العمل ومعاناتها من تراكم الديون التي وصلت إلى ٥ مليارات جنيه، فيما لم تستطع الشركة القابضة حتى الآن أن تفى بمرتبات العمال.
ويوضح «طه»، أن أغلب مشروعات بناء القرى وإنشاء الطرق والكبارى وشق الترع «لم تعد توكل لشركات الاستصلاح، وأصبحت من نصيب شركات المقاولات الخاصة»، حيث لم تعد هناك أموال لإجراء الصيانة ورفع الكفاءة، وبعضها تحول لخردة وتم بيعها لتوفير مرتبات للعمال، كما أن هناك معدات وسيارات للشركات محجوزا عليها لصالح البنوك، وهو الأمر الذي يترتب عليه تعطل عملها، في الوقت الذي تصل فيه مرتبات العاملين بها إلى نحو ١٥ مليون جنيه.
في هذه الشركات الستة معدات حفر وآلات ثقيلة وصل عددها لـ٣ آلاف و٦٠٥ معدات، لم يعد صالحا منها إلا ألف و٣٤٣ فقط، فمثلا شركة «مساهمة البحيرة» لديها معدات ثقيلة وأساسية وسيارات عددها ألف و٢١١ آلة لم يعد صالحا منها للتشغيل سوى ٣٣٣، و٧٠٠ آلة معطلة «كهنة».
أما الشركة العامة لاستصلاح الأراضى، فلديها ٧٦٠ من المعدات الثقيلة والأساسية صالح منها ٣٠٠ فقط والباقى معطل، أما الشركة العربية فلديها معدات ثقيلة وأساسية عددها ٤٢٢ صالح منها ١٥٦، وعاطل ٢٦٤، والشركة العقارية معداتها الثقيلة والأساسية عددها ٤٤٠ منها ٢٣٤ صالحة، ومعطلة ١٦٩، وشركة كوم امبو معداتها الثقيلة والأساسية عددها ٢٧٤، منها ١٣٦ صالحة و١١١ عاطلة، بالإضافة لشركة ريجوا التي تمتلك معدات حفر وأوناش وضواغط هواء وسيارات خدمة تصل لـ ٢٧٤ معدة منها ١٣٦ صالحة و١١١ معطلة. عدد العمال الحالى لهذه الشركات يقترب من ١٢ ألف عامل، مع العلم أن الحد الأقصى الذي يمكن أن تستوعبه من العمالة هو ٥ آلاف و٢٩٩ عاملا فقط بشرط توفر فرص العمل، وكان أكثر من ٨ آلاف عامل من شركتى مساهمة البحيرة والعقارية المصرية لاستصلاح الأراضى قد أرسلوا برقية للرئيس السيسى في ديسمبر الماضى يطالبونه بصرف رواتبهم المتأخرة منذ ٦ شهور وضمان انتظامها شهريًا، وإسناد أعمال لهم، ومحاسبة المسئولين عن الفساد المالى والإدارى والخسائر التي لحقت بالشركة، بالإضافة لإقالة القيادات «الفاسدة» بالشركة القابضة وشركة مساهمة البحيرة. وقالت البرقية التي أرسلها عمال الشركتين إن العمل شبه متوقف بالشركتين، بخلاف باقى شركات استصلاح الأراضى الست، فلم يتم إسناد أي أعمال بشكل جدى للشركة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، إضافة إلى أن رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة، قام بتغيير ثلاثة رؤساء للشركة، والإطاحة باللواء مهاب عبدالفتاح رئيس الشركة السابق، رغم خبرته في إدارتها، وقدرته على تطويرها وإعادة تشغيلها، حسبما جاء في بيان العمال.
الدكتور عادل مصطفى عميد، كلية التجارة الأسبق، الذي أعد دراسة لإعادة هيكلة شركات استصلاح الأراضى المملوكة للدولة يقول: إن «الدولة تحتاج الآن لاستصلاح ما يزيد على ٣٠٠ ألف فدان خلال العام الواحد، بسبب زيادة التعديات على الأراضى الزراعية»، مشيرًا إلى أن تكلفة استصلاح ٣٠٠ ألف فدان تصل لـ ٦ مليارات جنيه، وطالب الدولة بالعودة سريعا للإشراف على استصلاح الأراضى من خلال شركات الدولة، وليست الشركات الخاصة، من أجل سد الفجوة الغذائية، بعد أزمة سد النهضة الإثيوبى واحتمالية التعرض لمشاكل في توفير المياه.
من النسخة الورقية