الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

طريق اللا عودة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ الموجة الثانية للثورة المصرية فى 30 يونيو، كشف "الإخوان المسلمون" عن حقيقتهم للقاصى والدانى، كشفوا حقيقة ازدواجية خطابهم، ذلك الخطاب الذى يتعلق الشق الأول منه بالديموقراطية والتعددية وحقوق الإنسان وهو الخطاب الموجه إلى الرأى العام والعالم الخارجى ويندرج فى إطار "العلاقات العامة" لتبرير صعودهم إلى الحكم، أما الشق الثانى من خطاباهم وهو الجانب الحقيقى فهو ذلك الشق المتعلق بالعنف والإرهاب وتبنى كل الخيارات والأساليب للوصول إلى أهدافهم عبر القتل والترويع والتخريب والاستهانة بالمقدرات الوطنية والمصالح العليا للمصريين والتحالف علنا وصراحة مع جماعات الإرهاب والتطرف والتكفير واعتبار أنهم جميعا فى جبهة واحدة.
وللأسف فإن الشق الأول لخطاب الإخوان المسلمين حزبا وجماعة قد حظى قبل الموجة الثانية للثورة، بل وقبل ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011 ببعض المصداقية لدى القوى السياسية والتيارات السياسية المختلفة، والعديد من هذه القوى لم تتبين الطبيعة التكتيكية لهذا الخطاب وجوهره الدعائى وانفصاله عن حقيقة الأهداف والقناعات التى تؤمن بها الجماعة والحزب ويعتقدون فى صحتها اعتقاداً جازما
كشفت 30 يونيو – ليس فحسب- عن طبيعة هذا الازدواج فى الخطاب السياسى للإخوان بل أيضاً عن هشاشة وسطحية مشروعهم للحكم وعدم قدرته على الوفاء بتطلعات المصريين إلى الحرية والأمن والأهم من ذلك أنها أى الثلاثين من يونيو – قد كشفت عن حقيقة التوجه الإرهابى والعنيف والمدمر للإيديولوجية التى يؤمنون بها ويزعمون استنادها إلى الإسلام وشرائعه، وفى حقيقة الأمر الإسلام منها براء، وما هى إلا غطاء للحكم والسلطة والتحكم فى رقاب العباد والبلاد.
دخلت الجماعة وحلفاؤها منذ الثلاثين من يونيو فى طريق اللا عودة أى طريق القطيعة مع المواطنين والشعب والمؤسسات ومع الدولة والجيش والشرطة وحكمت على نفسها بالبقاء خارج اللعبة السياسية لزمن طويل مقبل، خاصة بعد تلك العمليات الإرهابية المتزامنة فى سيناء على الكتيبة 101 والمربع الأمنى حيث يتواجد مديرية الأمن ومقار الاستخبارات، تلك العمليات التى كشفت عن طبيعة التطور النوعى فى العمليات الإرهابية تسليحاً وإعدادا وكشفت عن طبيعة المواجهة المقبلة بين هذه الجماعات وبين الدولة والمواطنين.
وضعت هذه العمليات الإرهابية مع العدد الكبير من الشهداء الذين سقطوا من جنود القوات المسلحة والشرطة علامات واضحة فى طريق اللا عودة، بل أغلقته تماماً وحكمت على أصحابها ومن يقفون وراءها خارج القواعد والمعايير الوطنية، بل وضعت أصحابها فى خانة الأعداء والعملاء الذين يستهدفون تعويق مسيرة المصريين وتقويض دولتهم الغارقة فى القدم بمؤسساتها الوطنية.
لقد وضعت هذه العلميات الإرهابية نهاية لكل محاولات المصالحة والتصالح والحوار بل وأغلقت هذا الملف نهائياً وإلى أجل غير معلوم إذ كيف يمكن التحاور مع الإرهابيين والقتلة إن مجرد التفكير فى ذلك هو بداية الهزيمة للدولة وللموجة الثانية للثورة وبداية انتصار للإرهابيين، فلا حوار تحت تهديد السلاح ولا مصالحة تحت الابتزاز والتهديد.
لقد وضعت هذه العمليات الإرهابية الصراع بين الدولة والجيش والشعب وبين هذه الجماعات الإرهابية فى الطريق الذى لا عودة عنه أى المواجهة الشاملة والصفرية، المواجهة بكل مستوياتها الأمنية والسياسية والثقافية والفكرية، على الصعيد الداخلى الوطنى وعلى الصعيد الإقليمى وعلى الصعيد الدولى، ومصر وشعبها وجيشها قادرين على هذه المواجهة وتحقيق النصر فيها مهما طالت وامتدت.
إن هذه المواجهة اختيار بين الدولة والنظام والقانون وبين الفوضى والعبثية وشريعة الغاب، بين الاستقرار والأمن والحرية وبين الترويع والعدمية والقهر والاستبداد، وقد اختار المصريون منذ الثلاثين من يونيو الوقوف صفا واحد بجانب استعادة الدولة وسيادة القانون واستكمال بناء المؤسسات السياسية والأمن والحرية، لقد اختار المصريون ولا رجعة عن هذا الاختيار، يبقى بعد ذلك ضرورة اتخاذ القرارات والإجراءات التى تكفل الانتصار فى هذه المعركة وتترجم هذا الاختيار إلى وقائع ملموسة فى المجتمع والمؤسسات على حد سواء.