الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

احزاب النكسة !

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في يناير من عام 1953، اتخذ قادة ثورة يوليو قرارا بإلغاء الحياة الحزبية فى مصر، وهو القرار الذى كانت له تبعاته السلبية على تطور الحياة السياسية، فقد تُركت الساحة خالية أمام التنظيمات السرية وفى مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية لتعمل في الخفاء دون أن تجد مقاومة من أحزاب مدنية تتصارع معها سياسياً وفكرياً.
في التاريخ لا مكان لكلمة "لو" ، لكن ربما ما كانت نكسة يونيو عام 1967، لو بقيت لمصر أحزابها المدنية تتجاذب العمل السياسي على نحو يجعلها صمام أمان يصد عن الوطن زلات تودى به إلى مستنقع الهزيمة.
يبدو أن الأحزاب المصرية، قررت وبعد 62 عاما أن تعُيد عجلة التاريخ إلى الوراء لتسطر بيدها هذه المرة قرار إلغاء وجودها من الشارع المصري، فى الوقت الذى تدرك السلطة أهمية وجودها ككيانات فاعلة، بل وحاجتها الماسة لتكون الأحزاب شريكاً حقيقاً لها في عملية بناء النظام السياسي، والتقدم بالوطن.
كارثة العريش التي وقعت مساء الخميس 29 يناير، لا تقل بأي حال من الأحوال عن حادثة صحيفة شارل ابدو الفرنسية، بل ان ما جرى في العريش فاجعة بكل معانى الكلمة، ومع ذلك لم تلق من الأحزاب المصرية رد فعل يوازي رد الفعل الذي شهدته فرنسا بأسرها عقب الهجوم الارهابي علي صحفيي شارل ابدو.
في فرنسا انتفض المجتمع كله، وشهدت مدنها خروج عظيماً من سائر اطياف الأمة الفرنسية، بدعوة وتنظيم من كافة احزابها ونقاباتها ومؤسسات مجتمعها المدنية.
في مصر اكتفت الأحزاب بإصدار بيانات الشجب والادانة من خلف جدران مقارها الصماء، وكأن الفاجعة وقعت في بلاد الواق الواق.
غضب المصريين عم ارجاء المحروسة، وراحوا يطالبون الرئيس فتح باب التطوع بالانضمام بصفوف الجيش في حربه المقدسة ضد الارهاب، ومع ذلك لم يجد ذلك الغضب من يتفاعل معه ويستوعبه من قبل الاحزاب، ولو من باب الانتهازية السياسية بإثبات الوجود، لاسيما اننا علي اعتاب انتخابات مجلس النواب.
خطاب الرئيس للأمة، فسره البعض علي أنه دعوة للخروج مرة أخرى علي غرار تفويض 26 يوليو 2013.
ولا أظن ان الرئيس بحاجة الي تفويض جديد لكنه ربما كان يطرح علامة استفهام حول موقف الاحزاب والنقابات وغيرهما من مؤسسات المجتمع المدني.
كان مطلوب منها ان تدعو للخروج من أجل التعبير عن الغضب وتأكيد علي الاصطفاف الوطني في وجه الارهاب رغم الاختلاف في التفاصيل السياسية حول عملية استكمال بناء النظام.
للأسف انتظرت الأحزاب حتى دعاها الرئيس الي لقاء مجتمعي موسع وكان اولى بها ان تأخذ هي بزمام المبادرة علي الأقل لتثبت أن قضية الارهاب والحرب عليه علي قائمة أولويات اجنداتها، أما وأن ذلك لم يحدث ودماء الشهداء من رجال الجيش والشرطة لاتزال تسيل وتشعل نيران الغضب في قلوب المصريين، اللذين اصبح قضية مواجهة الارهاب علي رأس أولوياتهم ، فكيف يؤثر ذلك علي اتجاهات التصويت في الانتخابات المقبلة.
الأحزاب مشغولة بصراعتها وتحالفاتها التي لا تنجح ابداً، ولا يبدو للناخب المصري أن قضية من قضاياه وهمومه تشغلها، وفي نفس الوقت لا يوجد حزب سياسي يعبر عن الرئيس أو السلطة التنفيذية القائمة حالياً.
هناك مشكلة حقيقية لا تواجه الناخب المصري فقط، إنما عملية استكمال بناء النظام السياسي، ولو ظلت هذه الاحزاب علي حالها تدار وكأنها جمعيات ثقافية لا كيانات سياسية، سينتهي الأمر حتماً الي نظام أحادي، وحينها سنكون بصدد نكسة سياسية جديدة، السبب فيها هذه المرة فشل الأحزاب لا رغبة الرئيس في الاستبداد واحتكار النظام السياسي .