الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

جريدة البوابة

«الشامتون» يخلعون برقع الحياء

«الشامتون» يخلعون
«الشامتون» يخلعون برقع الحياء
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لا تظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله عز وجل ويبتليك»، هكذا وصى رسول الله وخاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله على وسلم، كما حذر المسلمين من الشماتة حتى لو في الأعداء، فلا تجوز الشماتة في العدو، أي أن خاتم الرسل لم يقصرها على المسلم فحسب.
إلا أن «الشماتة» أضحت سمة الفترة الراهنة، خصوصا في الوسط السياسي وبين المتناحرين على المناصب والسلطة، وكان آخرها ما قام به مؤيدو جماعة الإخوان الإرهابية، وعدد من النشطاء المحسوبين على الجماعة عقب استشهاد العشرات من رجال القوات المسلحة المصرية، وسقوط جرحى لا حصر لهم، جراء الهجوم الإرهابى البغيض الذي نفذه جبناء بليل، لا تبتعد أيديهم كثيرا عن أيدى الجماعة الإرهابية وحلفائها، على معسكر للقوات المسلحة بمنطقة العريش في شمال سيناء، وبالتحديد الكتيبة ١٠١، وعدد من المنشآت العسكرية في المنطقة، في أواخر الأسبوع الماضى. «الشماتة» التي مارسها البعض ضد أبناء القوات المسلحة المصرية ليس مستغربًا أن تخرج ممن استباحوا الأرض والعرض من أجل تحقيق مصالح شخصية لجماعة سعت في فترة حكمها للسيطرة على جميع مقاليد الحكم في الدولة وأخونتها، لتحقيق مصالحهم وتنفيذ أجندة سياسية تخدم أغراض وأهداف معينة. فمنهم من استغل صفحات مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»«وتويتر»، ومنهم من استغل مساحات مُنحت لهم في الصحف ووسائل الإعلام، ليمارس عادته البغيضة، فهناك من يتهم الجيش المصرى بفبركة مثل تلك العمليات، واصفا الحادث والحوادث التي سبقتها بأنها من صنيعة «المخابرات» من أجل كسب التعاطف تارة، أو من أجل تقوية سنده لدى الشعب في مواجهة الإرهاب تارة أخرى، وسعيه لاصطفاف قوى الشعب المصرى خلفه، رغم أن القوات المسلحة المصرية ليست في حاجة إلى كسب تعاطف أحد بعد التأييد والشعبية الجارفة التي تلقاها من كل أطياف الشعب المصرى، والبعض الآخر ذهب إلى الشماتة في الجنود البواسل الذين سقطوا غدرا، للتشفى من قتلاهم الإرهابيين والذين قتلوا في أثناء اعتدائهم على قوات الشرطة في مسيرات إرهابية. الأدهى والأحقر، أن هناك من ذهب ليطالب القوات والجنود بالانسحاب من مواقعهم وتركها خاوية حماية لأنفسهم والفرار بأرواحهم من بطش الإرهابيين، في دلالة واضحة لسعيهم لتنفيذ أجندة أجنبية لإخلاء المناطق الحدودية لصالح جهات بعينها.
وهناك البعض الآخر الذي سعى لاستغلال الموقف، في التكالب على السلطة وتنفيذ أغراضه في السيطرة عليها من خلال مطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسى بالتنحى عن السلطة، واهمين أن من وضع روحه يوما على يده من أجل الشعب المصرى، لإخراجه من نفق مظلم وبراثن احتلال إخوانى غاشم من الممكن أن ينسحب من أرض المعركة، قبل أن يقتص لأبنائه ويأخذ بالثأر ممن قتلهم بليل في أثناء تنفيذ مهمتهم السامية في خدمة وطنهم وحراسته من كل معتد غاصب.
لم تمنع تعاليم الإسلام هؤلاء من «الشماتة» في الموت، متناسين أن من قتل مؤمنا متعمدا فله الخزى والعار في الدنيا والآخرة، ساعين إلى تنفيذ أغراضهم وإظهار تشفيهم في استشهاد خير أجناد الأرض، مثلما قال رسولنا الكريم.
«هؤلاء ليسوا مسلمين أو مصريين»، هكذا نطق لسان حال المصريين جميعا في الشارع وفى وسائل المواصلات وفى المنازل، وهم يرون أسراب الطائرات وسيارات الإسعاف تنقل الشهداء والجرحى، بعد أن اتشحت المحروسة بالسواد، حدادا على أرواح شهداء، اختلطت رمال سيناء بدمائهم، شهداء منهم من ترك زوجة أو أبناء أو والدين لن يجدوا عائلا يتعكزون عليه في شيبتهم، بعد أن فقدوا الضنى والسند، فالسواد الذي كسا البلاد، بين الحين والآخر حدادا على أرواح الشهداء، لم يشفع في قلوب هؤلاء للتعاطف مع أبناء الوطن الواحد، الذين يسقطون بنيران الغدر والخيانة. آفة مجتمعنا «الشماتة»، فتلك الآفة أظهرها البعض عقب وفاة الملك عبدالله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين، الأسبوع الماضى، والذي شهد شماتة من قبل العديد من المعارضين والمختلفين مع نظام آل سعود، وأظهروا شماتة بغيضة في وفاة الملك، ليستمر مسلسل الشماتة القاتل ينخر في عظام المجتمع والوطن، غير عابئين بأى شىء، فالشماتة عند البعض أضحت سمة أساسية وغذاء لهم ليلا ونهارا، يخرجون به أحقر ما لديهم ليطفح في أرض الوطن الذي فاض به من وجودهم عليه.
هؤلاء الشامتون لا يدركون أن الوطن سيلفظهم قريبا، لأنه أرض طيبة لا تقبل غير ذى كل نفس وقلب طاهر، يخشى عليه ويتمنى له الخير والازدهار، بعيدا عن الكراهية والبغض والشماتة.