الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أدوات الشر في العالم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا تتعجب إن قلت لك: إن هناك تنسيقا كاملا بين تحركات جماعة الإخوان وتوابعها في المنطقة، وتحركات الحوثيين أحد أزرعة الشيعة في اليمن وتهديداتها لدول الخليج تحت وصاية كاملة من إيران، فالصلة بين الإخوان والشيعة تبدأ منذ أن ظهرت جماعة الإخوان على قيد الحياة، ففي تاريخ الإخوان نلمح طيف حسن البنا المرشد الأول للجماعة وهو يشد الرحال نحو التقارب بين السنة والشيعة، ونرى عن بعد لقاءً جمعه بالشاب ـ وقتها ـ الخميني، حين زار الخميني مصر في نهاية الثلاثينيات من القرن العشرين، كان حلم البنا الأكبر هو أن يكون خليفة للمسلمين، وأن تكون جماعة الإخوان هي سيدة العالم، ويبدو أنه رأى أن حلمه لن يتحقق إلا إذا جمع بين السنة والشيعة ولو بصورة تلفيقية، وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ألا تلاقيا، ولكن ليس كل ما يتمناه البنا يدركه، فرغم محاولاته ومحاولات آخرين غيره فقد ظلت الفرقة وظل الخلاف سواء من الناحية العقائدية أو من الناحية السياسية، وخلاف ألف وأربعمائة عام لايمكن أن تمحوه الطموحات الشخصية.
أذكر حين كنا طلبة بالجامعة ننتظم في سلك الإخوان، وقتها ارتفعت مشاعرنا عنان السماء حين قامت ثورة إيران التي وُصفت بالإسلامية، ورغم فرحتنا الفياضة التي كانت تعتمد على المشاعر في المقام الأول تحركت جماعة الإخوان بشيء من الهدوء نحو الثورة الإيرانية التي انتحلت لنفسها صفة "الإسلامية الكبرى" والتي تعتبر فاتحة الثورات في الشرق، كان هدوء حركة الإخوان نحو ثورة إيران في بدايتها هو الهدوء المحسوب حتى يتبين لها الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر ثورة إيران، فالرئيس السادات لم يكن مرحبا بهذه الثورة، ثم سرعان ما تحررت الخطوات الإخوانية من البطء وتسارعت بعض الشيء حين رحبت بالثورة الإسلامية وبقائدها آية الله الخوميني، فقد أعطت تلك الثورة الثقة للإخوان أنهم قد يستطيعون إسقاط نظام الحكم في مصر.
وفيما بعد يخبرنا القطب الإخواني يوسف ندا بأن وفدا من الإخوان ذهب إلى إيران لتوجيه التهنئة لهم بالثورة، وبغض النظر عما حدث وعن كيفية استقبال الإيرانيين للإخوان، ولماذا عرض الإخوان على الخوميني أن يتم بيعته ليكون خليفة للمسلمين، وفشل هذا الاقتراح، إلا أن هذه الخطوة كانت إشارة لرغبة الإخوان في تفعيل علاقتها بإيران ذات الثورة الإسلامية، وفي هذه الآونة كتب المرشد التلمساني في مجلة "الدعوة" مقالة توضح سعي الإخوان نحو التقريب المذهبي الذي سيؤدي حتما إلى التقارب السياسي.
ومن جانب آخر كانت جماعة الإخوان أمرا ضروريا في السياسة الإيرانية، فالإخوان ظهروا بصورة البوابة التي سيدخل منها النظام الإيراني إلى المنطقة، ويوما ما قد يحكم الإخوان، وأهل إيران من دهاة السياسة، لذلك عكفوا على دراسة جماعة الإخوان وتاريخها وأفكارها، ولعل أهم الدراسات التي كتبها الباحثون الإيرانيون عن الإخوان هو كتاب "إيران والإخوان المسلمين" للباحث الإيراني عباس خامه يار، وقد تناول في كتابه هذا بالتفصيل العلاقات بين إيران وجماعة الإخوان المسلمين قبل ثورة الخميني وبعدها.
وفي النصف الأخير من حكم مبارك تحرر الإخوان نوعا ما وخرجوا من قوقعة الحذر، فكانت تصريحات وحوارات يوسف ندا والتي تحدث فيها عن الشيعة وقام بتوصيف الخلاف بيننا وبينهم من الناحية العقائدية على أنه خلاف فرعي من الممكن أن نتجاوز عنه من أجل المصالح العليا، وبذلك نفى يوسف ندا الخلاف العقائدي وتوالت تصريحاته أن خلاف السنة والشيعة هو خلاف سياسي، وقبل هذه التصريحات كانت تصريحات مهدي عاكف المرشد السابق للجماعة والتي عبر من خلالها عن عدم ممانعته للمد الشيعي في البلاد العربية والسنية، قائلا: إنها لن تكون ذات تأثير ملحوظ لأنها بلد واحد وسط دائرة شديدة الاتساع من البلاد السنية.
والآن يجلس اللاعب الأمريكي في البيت الأبيض يحرك الإخوان وجماعاته على مسرح العنف والإرهاب، وفي ذات الوقت يحرك الحوثيين لتحطيم اليمن ثم الانقضاض على دول الخليج، وأصبحت الصورة واضحة لمن لم يكن في عينيه نظر، إذ ليست الحكاية شيعة أو سنة، ولكن دم وإرهاب وتمزيق للمنطقة تحت وصاية المستعمر الأمريكي الجديد.