الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

خطة سلفية لصيد "خراف" الإخوان الشاردة

الاخوان والسلفيين
الاخوان والسلفيين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعتقد البعض أن الساحة قد خلت من الإسلاميين بعد ما لحق بالإخوان من إقصاء نتيجة أعمالهم الإرهابية، لكن المؤكد أن قدر مصر مكبل بأغلال من المتشددين، فبعد خروج الإخوان من الحكم وإفاقة الشعب من غيبوبتهم بدأ السلفيون فى التخطيط للسيطرة على مصر، وباتت الساحة الشعبية مرتعًا أمام أتباع التيار السلفى لجذب المناصرين والأتباع من منشقى الإخوان الذين وجدوا فى أفعال الجماعة هلاكًا، وفى أفكار أنصار محمد سعيد رسلان قوام الدين والفكر المعتدل، نصوص تحريم الخروج على الحاكم باتت الأكثر إقناعًا لهؤلاء الشباب رغم نقمتهم على الأوضاع التى تعيشها البلاد، إلا أن الطريقة التى ينتهجها أتباع الشيخ كفيلة بجذب المناصرين فى حى الأميرية وفى العديد من الأحياء الشعبية.
بعد التقييد الأمنى الذى تقوم به الحكومة المصرية على أنصار الجماعة الإرهابية بدأ عدد من أنصار التيار السلفى وتحديدا أنصار جماعة الشيخ محمد سعيد رسلان، الذين بدأوا فى جذب الشباب ممن أتعبهم العنف وضاقوا بسياسة الإخوان المقيدة لأحلامهم السياسية، فجماعة الإخوان أجبرت الشباب فى الفترة الأخيرة على الاستمرار فى أعمال العنف، فى الوقت الذى رفض هؤلاء الشباب المشاركة فى أعمال العنف، الشباب الذين رفضوا العنف لأنهم تعبوا ولم يجدوا مكاسب واضحة منه أصبحوا فريسة للسلفيين من أنصار جماعة رسلان، الذين صدروا فى خطتهم لجذب الشباب إلى ضرورة المحافظة على البلاد وقبول الحاكم وطاعته فى كل الأحوال. 
وبالرغم من أن هؤلاء الشباب محاصرون من قبل الإخوان وفقا للسياسة العشائر وهيكلة الإخوان التى تعتمد على ضم عائلات كاملة للجماعة، إلا أن المخطط السلفى استطاع أن يصل لهؤلاء الشباب، خاصة أن الإخوان محاطون برعاية الجمعية الشرعية التى تضم أعدادا كبيرة منهم داخل الجمعية، ما أدى إلى بزوغ نجم الشباب الرافض لأعمال الجماعة من خلال تواجدهم بالجمعية الشرعية. 
السلفية اخترقت عقول شباب الإخوان من خلال عدد من الكتب، لإقناع الشباب بوجهة نظرهم، وكان كتاب أصول السنة لأحمد بن حنبل، وكتاب المذاهب الأربعة أهم مقترح تقدم به قيادات السلفية للإخوان، قيادات السلفية فى المناطق الشعبية مثل بولاق وحى الأميرية أصدرت أيضا عددا من الكتيبات للرد على عقيدة الإخوان المسلمين، والرد على أفكار سيد قطب فى تكفير المجتمع، أنصار السلفية نجحوا فى إقناع الشباب أن الجماعة تسير إلى ضلال، وأن الحق هو اتباع ما عليه أهل السلف المنهجى من «الرسلانيين»، ليخرجوا غير آسفين على ما مضى من عمرهم فى الدفاع عن تلك الجماعة الإرهابية، متخذين من الفكر السلفى منهجا ومعتقدا للدفاع عن أهلهم وجيرانهم، وقد شهدت المساجد عمليات التحويل من الإخوان للسلفية، فقد انتهج السلفيون سياسة اختراق الإخوان فى عقر دارهم، وشهدت مساجد الجمعية الشرعية عملية التجنيد تحت سمع وبصر وعلم أئمة الأوقاف، الذين تولوا الإشراف على مساجد الجمعية الشرعية، عدد من هؤلاء الأئمة كانوا من أنصار الجماعة ممن اجتازوا اختبارات الأوقاف الأخيرة، بل إنهم شاركوا فى عملية إقناع شباب الإخوان بالتخلى عن انتماءاتهم السياسية من الذين اختاروا عددا من الشباب ممن عرفوا بخدمتهم للإخوان خلال حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، وقد اعتمد الأئمة خطة لضم الشباب، والشباب المنضم يرفض الإفصاح عن أسمائهم خوفا من القتل، فقد أكدوا أن الجماعة لن تتردد فى قتلهم إذا كشفوا انضمامهم لسلفية رسلان.
محمود يؤكد أن نفوره من جماعة الإخوان بدأ مع مشاركته فى اعتصام رابعة، فقد كشف الشباب عن تجاوزات وأعمال عنف تمت فى رابعة، حيث استأجرت الجماعة عددا من الشباب وكلفتهم بمطاردة المواطنين الرافضين للاعتصام، بالإضافة إلى احتجاز هؤلاء الشباب داخل الاعتصام، ومنعهم من الخروج، حيث كانت الجماعة تجبرهم على القيام بأعمال تخريب فى المنطقة. 

اعترافات المتحولين

محمود أحد الشباب الجدد المنضمين للسلفية يقول «التحقت بمسجد المنطقة ووجدت نفسى أرغب فى قراءة القرآن والصلاة، وبدأت علاقتى بالإخوان حينما أتت مجموعة من الشباب يدعوننى إلى الصلاة والخروج معهم إلى لعب الكرة كل يوم جمعة، ونعود قبل الصلاة بنصف الساعة لنغتسل ونتوضأ ومن ثم نذهب إلى المسجد لاحقا للصلاة.

محمود معوض من شباب منطقة الأميرية قال: «إنه التحق بجماعة الإخوان منذ عام 2011 حاملا لواء الجهاد ونصرة الدين طوال فترة التحاقه، التى انتهت مع نهاية عام 2013، حينما التقى أحد تلاميذ الشيخ السلفى محمد سعيد رسلان وأقنعه»، وتابع: «كان هناك مسئول عنا يحتضننا ونرجع إليه فى مشاكل حياتنا، كنا نذهب إلى الرحلات، ونقوم بدعم المرشحين التابعين للحرية والعدالة فى الانتخابات، وكنت دائما ما أتصدر الدعاية للدستور والرئيس، وكان أمام المسجد شاب أزهرى لم أكن أدرك أنه إخوانى إلا بعد حين، وكان يقيم فى المسجد، وذات يوم باغتنى بالقول بأن هناك ضرورة للنزول ونصرة المسلمين خاصة بعد عزل مرسى، وطالبنى بتجاهل تعليمات والدى التى تمنعنى من الجهاد، وقد كان والدى يمنعنى من النزول ويغلق الباب بالمفتاح يوم الجمعة، فأبيت أحيانا فى المسجد برفقة الإمام، وفى يوم من الأيام قام والدى بالحضور إلى المسجد فى التاسعة صباحا ومنعنى من الصلاة خوفا على من المشاركة فى التظاهرات، وحينها قمت بالقفز من شرفة المنزل إلى الأرض لاحقا بإخوانى».
محمود يؤكد أن نفوره من جماعة الإخوان بدأ مع مشاركته فى اعتصام رابعة قائلا: «ذهبت إلى رابعة العدوية مرة واحدة، وكانت يوم 3 يوليو الذى أعلن فيه المشير السيسى عزل مرسى، فقد كنت هناك منذ صباح ذلك اليوم، وكان اليوم حافلا بالأناشيد الوطنية والدعاية للجهاد، قبل أن يتحول اليوم إلى رفع الأحذية والبكاء والتهديد، وكان خروجى من منطقة الاعتصام شبه مستحيل، فقد طوقت قوات الجيش منطقة رابعة خوفا من انتشار المعتصمين وتخريبهم للمناطق المحيطة، فقفزت فى سيارة نصف نقل وطلبت من سائقها أن يصحبنى مع أسرته، وتم تفتيشنا فى شارع الطيران، وخرجت منذ ذلك الحين ولم أعد للاعتصام بعد ذلك».

واستطرد معوض قائلاً: ذات يوم شاركنا فى مسيرة كبيرة وصلت إلى إشارة روكسى، وكان هناك رجل وزوجته يسيران بسيارتهما، وقام الشباب الذين تم تأجيرهم ببعض المال بإلقاء المولوتوف والحجارة على السيارة، وحينما عدت إلى المنزل أحزننى الأمر وقمت بالتواصل مع أحد رجال الشيخ رسلان فى المنطقة، وهم لا يتجاوز عددهم خمسة رجال، فقام بدعمى بكتاب أصول السنة للإمام أحمد بن حنبل الذى يقول فيه «السمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين؛ البر والفاجر، ومن ولى الخلافة، واجتمع عليه الناس، ورضوا به، ومن عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمى أمير المؤمنين».

محمود طالب القائمين على الأزهر بأن يكفوا عن دعم الخارجين فى وجه الأنظمة، وقال: «لم أجد من يقومنى ويعلمنى طريق الصواب أو يقول لى أن الخروج على الحاكم خطأ خلاف الشيخ محمد سعيد رسلان، الذى أشفى غليلى فى ذلك الأمر دون خشية لوم اللائمين، فقد كنت أتابع رجال الأزهر وهم يحرمون الخروج على الرئيس الأسبق مبارك، ثم يحلونه فى عهد مرسى، ثم يعودون إلى التحريم فى عهد الرئيس السيسى»، وأطالبهم بأن يكونوا صادقين مع أنفسهم وأن يقولوا كلمة حق فى هؤلاء الإخوان المفسدين بعيدا عن فكر التشيع، وأن يكون رجالهم فى المساجد على مستوى الأحداث التى نريد أن نتعلمها ونتفادى الأكاذيب والتدليس فيها.

شاب آخر وهو إبراهيم، ما زال تحت محاولات الإقناع، لم يتجاوز من العمر العشرين عاما ساقته الأزمة المالية وظروف زواجه إلى الانضمام إلى الجماعة الإرهابية من أجل الحصول على الأموال، التى تساعده فى الحياة.
الشاب بات متصدرا المشهد فى تظاهرات طلاب جامعة الأزهر، وسبق له أن فصل العام الماضى، ليخرج إلى الساحة باحثا عن مصدر رزق جديد يعينه على متاعب الحياة، فشلت محاولات الأهل فى إثنائه عن المشاركة مع تلك الجماعات الإرهابية والابتعاد عن التظاهر حفاظا على وليدته، التى لم تكد تكمل ربيعها الأول، زوجته التى تنتمى إلى أسرة ذات ميول إخوانية داعمه الأكبر فى أن يبتعد عن أبويه الكافرين على حد رؤيتهم.

عاد الشاب مصابا فى أحداث المطرية بإصابة فى الرأس، جعلته طريح الفراش لا يقوى على فعل شيء، ليقوى أناس آخرون على دعمه فى الاستمرار مع الجماعة، إلا أن المشهد قد يجد صعوبة، نظراً لتكتل أهل زوجته فى دعمه وإبعاده عن السلفيين الذين ربما ينجحوا يوما ما.


اعترافات شيوخ السلفية

الشيخ وليد أحد تلاميذ الشيخ محمد سعيد رسلان والمشرف الأول على عملية التجنيد يقول: «نجد فى هؤلاء الشباب تربة خصبة صالحة لأن تكون على النهج القويم، وقلما تجد من الشباب من يبحث عن الطريق الصحيح للدين فى وقتنا هذا، فأغلب شباب هذا الجيل لا يجد من أئمة وزارة الأوقاف إلا من هم إخوان الفكر والنهج، الذين يبثون سمومهم فوق المنابر على مرأى ومسمع من الدولة ووزير الأوقاف، الذى هو ابن من أبناء الجمعية الشرعية الإخوانية».

وتابع: «الإخوان تلعب على حماس الشباب الذين لم تنضبط عندهم الحماسة بضوابط الدين، هناك تقصير من مشايخ المساجد وأئمة الأوقاف والمتصدرين للدعوة بتوعية الشباب، وتربيتهم على معتقد أهل السنة الذى ربى عليه رسولنا الكريم صحابته رضوان الله عليهم، أصول العقيدة ومنها معاملة الحكام وإن كانوا ظالمين أو فاسقين».

وأوضح، أن دعوة الإخوان شيعية تسعى لإدخال فكرهم إلى البلاد، ويصدق ذلك قول وزير الخارجية الإيرانى الأسبق حينما أشار إلى أن الشعب المصرى متعطش لمعرفة الفكر الشيعى، لكن أحال بين هذا الفكر مبارك ونظامه.

وشدد على أن واجب المرحلة يقتضى أن يتركز الأمر على معاملة الحكام وإن أخطأوا من منظور دينى، فالجماعة تكفر باسم الدين مستندة إلى أخطاء الحكام، ومنها ما هو حقيقى ومنها ما هو مدلس، يحتاج إلى من يبلور المسألة للشباب بطريق مباشر أو غير مباشر، مفضيا على الحاكم صفة التكفير وعمل أبحاث يتم من خلالها بتر النصوص للاستدلال على صحة الخروج على الحكام وتكفيرهم، إما بتكفير مادى ملموس أو معنوى كان يقول بأنه موالى للكفار، نحتاج فهم معنى العقود والمواثيق.

مشايخ الأوقاف لا يفعلون شيئا فى المساجد الآن، ولا يعرفون من أمور الدين ما يعين الناس فى الحفاظ على مقدراتهم، وأحيانا يتركون المنابر لمن يدفعون لهم أجور يومهم ويذهبون دون عمل، ليصعد بديلا لهم من هم أصحاب فكر منحرف وضلال، ليروجوا أكاذيبهم ويدخلوا للناس من منطلق الغلاء، وأغلب الناس يعيشون الآن حالة من عدم الرضا، وإغرائهم بالتبرعات واستغلالهم فى الوقوف بجوار مرشحيهم فى الانتخابات.

ويضيف لا نستطيع أن ننكر أن الأصل فى الشريعة أن يكون هناك حكم بما أنزل الله، لكن إذا حدث خلل هناك ضوابط لمحاسبة الإمام دون قتال وما يحدث، شيخ الأزهر يهنئ الناس بالثورة المجيدة مع علمه أنها أتت بالضياع وسلب الأموال والقتل، كما أنه لم يدن الإخوان بكلمة ولم يمتدحهم ولم يقول فيهم ما يحدد موقف الإسلام من الفوضى والتخريب الذى يعملون على ترسيخه، فلم نسمع عن انتماء أحد منهم لتراب هذا الوطن، أو مشاركته فى الجيش من أجل الدفاع عن الوطن، بل إنهم يفضلون جيش الصهاينة بزعم أنه جيش أهل كتاب، بينما جيشنا كافر مرتد ونحن نرهن أنفسنا لتصحيح فكر الإخوان المنحرف. وحول الكتب التى ساعدته فى توصيل محمود للفكر السلفى، قال الشيخ وليد: ساعدنى فى ذلك عدد من الكتب التى كتبها السلف الصالح، وفى مقدمتها «أصول السنة» التى كتبها إمام أهل السنة أحمد بن حنبل، والذى يقول فيه بالسمع والطاعة للحاكم وإن فجر وأن يدان للمؤسسات وإن كانت ظالمة، مشيرا إلى أن هناك عددا من الكتب التى كتبها رجال المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، إضافة إلى كتب المتأخرين وفى مقدمتهم كتاب «حقيقة دعوة الإخوان المسلمين» للعلامة ربيع بن هادى، «النقل الأمين لبيان عقيدة الولاء والبراء عند الإخوان المسلمين» لأبى العباس منصور بن عبده المجيدى.

الطريق الذى سلكته الجماعة السلفية فى إقناع شباب الإخوان تبدأ من كتاب الإمام أحمد بن حنبل فى تفنيد مسلك الخروج على الحكام والطاعة والسمع مهما بلغ تجبرهم، مؤكدين أن الإسلام أتى لحماية المسلمين وحقن دماءهم وليس استغلالها للوصول إلى السلطة، موضحين أن الحاكم المتغلب يصح أن يكون من أهل البيعة، والخروج عليه كفر وردة إلى عصور الجاهلية.

من النسخة الورقية